المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[باب في خبر ابن صائد] - مرقاة الصعود إلى سنن أبي داود - جـ ٣

[الجلال السيوطي]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الأطعمة

- ‌[باب ما جاء في إجابة الدّعوة]

- ‌[باب في كم تستحب الوليمة

- ‌[باب ما جاء في الضّيافة]

- ‌[باب نسخ الضيف يأكل من مال غيره]

- ‌[باب في طعام المتباريين]

- ‌[باب الرَّجُلِ يُدْعَى فَيَرَى مَكْرُوهًا]

- ‌[باب إذا حضرت الصلاة والعَشَاء]

- ‌[باب ما جاء في الأكل متّكئا]

- ‌[باب ما جاء في الأكل من أعلى الصحفة]

- ‌[باب في أكل اللحم]

- ‌[باب في أكل الدّباء]

- ‌[باب في كراهية التّقذّر للطعام]

- ‌[باب في أكل الأرنب]

- ‌[باب في أكل الضبّ]

- ‌[باب في أكل حشرات الأرض]

- ‌[باب النهي عن أكل السباع]

- ‌[باب في أكل لحوم الحمر الأهلية]

- ‌[باب في أكل الطافي من السمك]

- ‌[باب في المضطرّ إلى الميتة]

- ‌[باب في أكل الثوم]

- ‌[باب في الجمع بين لونين في الأكل]

- ‌[باب في الأكل في آنية أهل الكتاب]

- ‌[باب في دواب البحر]

- ‌[باب في اللقمة تسقط]

- ‌[باب في الخادم يأكل مع المولى]

- ‌[باب ما يقول الرجل إذا طعم]

- ‌[باب في غسل اليد من الطعام]

- ‌كتاب الطب

- ‌[باب في الرّجل يتداوى]

- ‌[باب في الحمية]

- ‌[باب في الحجامة]

- ‌[باب متى تستحبّ الحجامة]

- ‌[باب في الكيّ]

- ‌[باب في السعوط]

- ‌[باب في النّشرة]

- ‌[باب في الترياق]

- ‌[باب في الأدوية المكروهة]

- ‌[باب في تمرة العجوة]

- ‌[باب في العلاق]

- ‌[باب في الغيل]

- ‌[باب في تعليق التمائم]

- ‌[باب ما جاء في الرّقى]

- ‌[باب كيف الرّقى]

- ‌[باب في النجوم]

- ‌[باب في الخطّ وزجر الطير]

- ‌[باب في الطّيرة]

- ‌كتاب العتق

- ‌[باب في المكاتب يؤدّي بعض كتابته فيعجز أو يموت]

- ‌[باب في بيع المكاتب إذا فسخت الكتابة]

- ‌[باب من ذكر السعاية في هذا الحديث] (2)

- ‌[باب فيمن روى أنّه لا يُسْتَسعى]

- ‌[باب في عتق أمّهات الأولاد]

- ‌[باب فيمن أعتق عبدًا وله مال]

- ‌[باب في عتق ولد الزّنا]

- ‌[باب في ثواب العتق]

- ‌كتاب الحروف

- ‌[باب]

- ‌كتاب الحمّام

- ‌[باب النهي عن التّعرّي]

- ‌[باب ما جاء في التّعرّي]

- ‌كتاب اللّباس

- ‌[باب فيما يُدْعى لمن لبس ثوبا جديدا]

- ‌[باب ما جاء في القميص]

- ‌[باب في لبس الشّهرة]

- ‌[باب في لبس الصّوف والشَّعر]

- ‌[باب ما جاء في الخزّ]

- ‌[باب ما جاء في لبس الحرير]

- ‌[باب من كرهه]

- ‌[باب الرّخصة في العَلَم وخيط الحرير]

- ‌[باب في الحرير للنساء]

- ‌[باب في الحمرة]

- ‌[باب في الهدب]

- ‌[باب في العمائم]

- ‌[باب في لبسة الصّمّاء]

- ‌[باب في حلّ الإزار]

- ‌[باب في التقنّع]

- ‌[باب ما جاء في إسبال الإزار]

- ‌[باب ما جاء في الكبر]

- ‌[باب في قدر موضع الإزار]

- ‌[باب لباس النساء]

- ‌[باب في قوله تعالى: {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ}]

- ‌[باب في قوله تعالى: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ}]

- ‌[باب في العبد ينظر إلى شعر مولاته]

- ‌[باب في قوله تعالى: {غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ}]

- ‌[باب في الاختمار]

- ‌[باب في لباس القباطي للنساء]

- ‌[باب في أهب الميّتة]

- ‌[باب في جلود النمور والسباع]

- ‌[باب في الانتعال]

- ‌[باب في الفُرُش]

- ‌[باب في اتّخاذ الستور]

- ‌[باب في الصليب في الثوب]

- ‌[باب في الصور]

- ‌كتاب التّرجل

- ‌[باب النَّهْي عَنْ كَثير مِن الإِرْفَاه]

- ‌[باب في صلة الشعر]

- ‌[باب ما جاء في المرأة تتطيب للخروج]

- ‌[باب في الخلوق للرّجال]

- ‌[باب ما جاء في الشّعر]

- ‌[باب في تطويل الجمّة]

- ‌[باب في أخذ الشارب]

- ‌[باب في الخضاب]

- ‌[باب ما جاء في خِضاب السواد]

- ‌[باب ما جاء في الانتفاع بالعاج]

- ‌كتاب الخاتم

- ‌[باب ما جاء في اتّخاذ الخاتم]

- ‌[باب ما جاء في ترك الخاتم]

- ‌[باب ما جاء في خاتم الذهب]

- ‌[باب ما جاء في خاتم الحديد]

- ‌[باب ما جاء في التَّختّم في اليمين أو اليسار]

- ‌[باب ما جاء في ربط الأسنان بالذهب]

- ‌[باب ما جاء في الذهب للنساء]

- ‌كتاب الفتن

- ‌[باب ذكر الفتن ودلائلها]

- ‌[باب في النهي عن السعي في الفتنة]

- ‌[باب في كفّ اللسان]

- ‌[باب ما يرخّص فيه من البداوة في الفتنة]

- ‌[باب في تعظيم قتل المؤمن]

- ‌[باب ما يرجى في القتل]

- ‌كتاب المهدي

- ‌[باب]

- ‌كتاب الملاحم

- ‌[باب ما يذكر في قَرْن المائة]

- ‌ فائدة:

- ‌‌‌ فائدة:

- ‌ فائدة:

- ‌[باب في أمارات الملاحم]

- ‌[باب في تواتر الملاحم]

- ‌[باب في تداعي الأمم على الإسلام]

- ‌[باب في المعقل من الملاحم]

- ‌[باب في النهي عن تهييج الترك والحبشة]

- ‌[باب في قتال الترك]

- ‌[باب في ذكر البصرة]

- ‌[باب النهي عن تهييج الحبشة]

- ‌[باب أمارات الساعة]

- ‌[باب حسر الفرات عن كنز]

- ‌[باب خروج الدجّال]

- ‌[باب في خبر الجسَّاسة]

- ‌[باب في خبر ابن صائد]

- ‌[باب الأمر والنهي]

- ‌[باب قيام الساعة]

- ‌كتاب الحدود

- ‌[باب الحكم فيمن ارتدّ]

- ‌[باب الحكم فيمن سبّ النبيّ صلى الله عليه وسلم

- ‌[باب ما جاء في المحاربة]

- ‌[باب في الحدّ يشفع فيه]

- ‌[باب العفو عن الحدود ما لم تبلغ السلطان]

- ‌[باب في صاحب الحدّ يجيء فيقرّ]

- ‌[باب في التلقين في الحدّ]

- ‌[باب في الرجل يعترف بحدّ ولا يسمّيه]

- ‌[باب ما يقطع فيه السارق]

- ‌[باب ما لا قطع فيه]

- ‌[باب في المجنون يسرق أو يصيب حدًّا]

- ‌[باب في الغلام يصيب الحدّ]

- ‌[باب الرجل يسرق في الغزو أيقطع

- ‌[باب في السارق يسرق مرارًا]

- ‌[باب بيع المملوك إذا سرق]

- ‌[باب رجم ماعز بن مالك]

- ‌[باب المرأة التي أمر النبيّ صلى الله عليه وسلم برجمها من جهينة]

- ‌[باب في رجم اليهوديين]

- ‌[باب في الرجل يزني بجارية امرأته]

- ‌[باب في الأمة تزني ولم تحصن]

- ‌[باب في إقامة الحدّ علي المريض]

- ‌[باب الحدّ في الخمر]

- ‌[باب إذا تتابع في شرب الخمر]

- ‌كتاب الدّيات

- ‌[باب الإمام يأمر بالعفو في الدم]

- ‌[باب فيمن سقى رجلًا سمًّا أو أطعمه فمات أيقاد منه

- ‌[باب من قتل عبده أو مثّل به أيقاد منه

- ‌[باب القسامة]

- ‌[باب يقاد من القاتل]

- ‌[باب أيقاد المسلم بالكافر]

- ‌[باب العامل يصاب على يديه خطأ]

- ‌[باب القود من الضربة وقصّ الأمير من نفسه]

- ‌[باب عفو النساء عن الدّم]

- ‌[باب من قتل في عمّيًا بين القوم]

- ‌[باب الدية كم هي

- ‌[باب دية الخطأ شبه العمد]

- ‌[باب ديات الأعضاء]

- ‌[باب دية الجَنين]

- ‌[باب في دية المكاتب]

- ‌[باب في الرجل يقاتل الرجل فيدفعه عن نفسه]

- ‌[باب فيمن تطبّب ولا يعلم منه طبّ فأَعْنَتَ]

- ‌[باب في الدابة تنفح برجلها]

- ‌[باب العجماء والمعدن والبئر جبار]

- ‌[باب في النار تعدّى]

- ‌[باب في جناية العبد يكون للفقراء]

- ‌[باب القصاص من السنّ]

- ‌كتاب السُّنَّة

- ‌[باب شرح السُّنَّة]

- ‌[باب مجانبة أهل الأهواء وبغضهم]

- ‌[باب النهي عن الجدال في القرآن]

- ‌[باب في لزوم السنة]

- ‌[باب في الخلفاء]

- ‌[باب في فضل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌[باب النهي عن سبّ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌[باب في استخلاف أبي بكر رضي الله عنه]

- ‌[باب في التخيير بين الأنبياء عليهم الصّلاة والسّلام]

- ‌[باب في ردّ الإرجاء]

- ‌[باب الدليل علي زيادة الإيمان ونقصانه]

- ‌[باب في القدر]

- ‌[باب في ذراري المشركين]

- ‌[باب في الجهمية]

- ‌[باب في الرؤية]

- ‌[باب في الردّ على الجهميّة]

- ‌[باب في ذكر البعث والصّور]

- ‌[باب في الحوض]

- ‌[باب في المسألة في القبر وعذاب القبر]

- ‌[باب في قتل الخوارج]

- ‌[باب في قتال الخوارج]

- ‌كتاب الأدب

- ‌[باب في الحلم وأخلاق النبيّ صلى الله عليه وسلم

- ‌[باب في الوقار]

- ‌[باب من كظم غيظًا]

- ‌[باب ما يقال عند الغضب]

- ‌[باب في حسن العشرة]

- ‌[باب في الحَياء]

- ‌[باب في حسن الخلق]

- ‌[باب في كراهية التّمادح]

- ‌[باب في الرِّفق]

- ‌[باب في شكر المعروف]

- ‌[باب في الجلوس في الطرقات]

- ‌[باب في الجلوس بين الظلّ والشّمس]

- ‌[باب في التحلّق]

- ‌[باب في الجلوس وسط الحلقة]

- ‌[باب من يؤمر أن يجالس]

- ‌[باب في كراهية المِراء]

- ‌[باب الهدى في الكلام]

- ‌[باب في الخطبة]

- ‌[باب في تنزيل الناس منازلهم]

- ‌[باب في جلوس الرّجل]

- ‌[باب في الجِلْسة المكروهة]

- ‌[باب في التّناجي]

- ‌[باب كراهية أن يقوم الرجل من مجلسه ولا يذكر الله]

- ‌[باب في كفّارة المجلس]

- ‌[باب في الحذر من الناس]

- ‌[باب في هَدْي الرَّجل]

- ‌[باب في الرّجل يضع إحدى رجليه على الأخرى]

- ‌[باب في نَقْل الحديث]

- ‌[باب في القَتَّات]

- ‌[باب في الغِيبة]

- ‌[باب في النهي عن التجسّس]

- ‌[باب في المؤاخاة]

- ‌[باب في الانتصار]

- ‌[باب في الحسد]

- ‌[باب فيمن دعا على من ظلمه]

- ‌[باب فيمن يهجر أخاه المسلم]

- ‌[باب في الظنّ]

- ‌[باب في النصيحة والحياطة]

- ‌[باب في إصلاح ذات البين]

- ‌[باب كراهية الغناء والزّمر]

- ‌[باب في اللّعب بالبنات]

- ‌[باب في الأرجوحة]

- ‌[باب في اللعب بالحمام]

- ‌[باب في الرَّحمة]

- ‌[باب في النصيحة]

- ‌[باب في تغيير الأسماء]

- ‌[باب في تغيير الاسم القبيح]

- ‌[باب في الرجل يتكنّى وليس له ولد]

- ‌[باب في قول الرّجل: زَعموا]

- ‌[باب في الكرم وحفظ المنطق]

- ‌[باب لا يقال: خبثت نفسي]

- ‌[باب في صلاة العتمة]

- ‌[باب ما روي في الترخيص في ذلك]

- ‌[باب في المتشبّع بما لم يعط]

- ‌[باب ما جاء في المزاح]

- ‌[باب ما جاء في المتشدّق في الكلام]

- ‌[باب ما جاء في الشّعر]

- ‌[باب ما جاء في الرؤيا]

- ‌‌‌ فائدة:

- ‌ فائدة:

- ‌[باب ما جاء في التثاؤب]

- ‌[باب في العطاس]

- ‌[باب كيف تشميت العاطس]

- ‌[باب كم مرّة يشمّت العاطس]

- ‌[باب فيمن يعطس ولا يحمد الله]

- ‌[باب في الرجل ينبطح على بطنه]

- ‌[باب في النوم على سطح غير محجّر]

- ‌[باب في النوم على طهارة]

- ‌[باب ما يقول عند النوم]

- ‌[باب في التسبيح عند النوم]

- ‌[باب ما يقول إذا أصبح]

- ‌[باب ما يقول الرجل إذا رأى الهلال]

- ‌[باب ما يقول الرجل إذا خرج من بيته]

- ‌[باب مَا يَقُولُ الرَّجُلُ إِذَا دَخَلَ بَيْتَهُ]

- ‌[باب ما يقول إذا هاجت الريح]

- ‌[باب ما جاء في المطر]

- ‌[باب ما جاء في الدّيك والبهائم]

- ‌[باب في الصبي يولد فيؤذن في أذنه]

- ‌[باب في ردّ الوسوسة]

- ‌[باب في التفاخر بالأحساب]

- ‌[باب في العصبيّة]

- ‌[باب في الدالّ على الخير]

- ‌[باب في الهَوَى]

- ‌[باب في برّ الوالدين]

- ‌[باب فِي فَضْلِ مَنْ عَالَ يَتَامَى]

- ‌[باب في من ضمّ يتيمًا]

- ‌[باب في حقّ الجوار]

- ‌[باب في حقّ المملوك]

- ‌[باب فيمن خبّب مملوكًا على مولاه]

- ‌[باب في الاستئذان]

- ‌[باب كيف الاستئذان]

- ‌[باب كم مرّة يسلّم الرجل في الاستئذان]

- ‌[باب الرجل يستأذن بالدّق]

- ‌[باب في الرجل يدعى أيكون ذلك إذنه]

- ‌[باب في إفشاء السّلام]

- ‌[باب من أولى بالسلام]

- ‌[باب في السلام على الصبيان]

- ‌[باب في السلام على النساء]

- ‌[باب في السلام على أهل الذمّة]

- ‌[(باب) (1) في المصافحة]

- ‌[باب في المعانقة]

- ‌[باب ما جاء في القيام]

- ‌[باب في قُبْلة الرّجل ولده]

- ‌[باب في قبلة الجسد]

- ‌[باب في قبلة الرِّجْل]

- ‌[باب في قيام الرجل للرجل]

- ‌[باب ما جاء في البناء]

- ‌[باب في اتّخاذ الغُرَف]

- ‌[باب في قطع السّدر]

- ‌[باب في إماطة الأذى عن الطريق]

- ‌[باب في قتل الحيّات]

- ‌[باب في قتل الأوزاغ]

- ‌[باب في قتل الذرّ]

- ‌[باب في الخذف]

- ‌[باب ما جاء في الختان]

- ‌[باب في الرّجل يسبّ الدّهر]

الفصل: ‌[باب في خبر ابن صائد]

فإنّه فصل في هذا المقام. وقال البيهقي في حديث فاطمة: إن الدجّال الأكبر الذي يخرج في آخر الزمان غير ابن صياد، وكان ابن صياد واحد الدجّالين الكذابين الذين أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بخروجهم، وقد خرج أكثرهم، وكأنَّ الذين يجزمون بأنَّ ابن صياد هو الدجّال لم يسمعوا بقصة تميم، وإلَّا فالجمع بينهما بعيد جدًّا، إذ كيف يلتئم أن يكون من كان في أثناء الحياة النبوية شبه المحتلم ويجتمع به النبيّ صلى الله عليه وسلم ويسأله، أن يكون في آخرها شيخًا مسجونًا في جزيرة من جزائر البحر موثقًا (1) بالحديد، يستفهم في خبر النبي صلى الله عليه وسلم هل خرج أو لا، فالأولى أن يحمل على عدم الاطّلاع، أمّا عمر فيحتمل أن يكون ذلك منه قبل أن يسمع قصّة تميم، ثمّ لمَّا سمعها لم يعد إلى الحلف المذكور، وأما جابر فشهد حلفه (2) عند النبيّ صلى الله عليه وسلم، فاستصحب ما كان اطّلع عليه من عمر بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم. انتهى.

***

[باب في خبر ابن صائد]

(1) في ب: "موثوقا".

(2)

في أ: "خلقه".

ص: 1097

(عن ابن عمر أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم مرَّ بابن صياد)(1) الحديث قال الخطّابي: اختلف الناس في أمر ابن صيّاد، وأشكل أمره حتى قيل فيه كلّ قول، وقد سئل عن هذا فقيل؟ كيف يقارّ (2) رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلًا يدّعي النبوة كاذبًا، ويتركه بالمدينة يساكنه في داره ويجاوره فيها، وما معنى ذلك، وما وجه امتحانه إياه بما جاء به من آية الدخان، وقوله بعد ذلك اخسأ فلن تعدو قدرك، قال: والذي عندي أنَّ هذه القصة إنّما جرت معه أيَّام مهادنة رسول الله صلى الله عليه وسلم اليهود وحلفائهم، وذلك أنَّه بعد مقدمه المدينة كتب بينه وبين اليهود كتابًا صالحهم فيه على أن لا يهاجوا، وأن يتركوا على أمرهم، وكان ابن صياد منهم أو دخيلًا (3) فيهم، وكان بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم خبره وما يدّعيه من الكهانة وما يتعاطاه من الغيب، فامتحنه صلى الله عليه وسلم بذلك ليزور به أمره ويخبر شأنه، فلمَّا كلَّمه علم أنَّه مبطل وأنَّه من جملة السَّحرة أو الكهنة، أو ممَّن يأتيه رئي من الجنّ، أو يتعاهده شيطان فيلقي على لسانه بعض ما يتكلَّم به،

(1) في سنن أبي داود المطبوع: "صائد".

(2)

كذا في الأصل، وفي معالم السنن:"يقرّ".

(3)

في أ: "رجلا".

ص: 1098

فلمَّا سمع منه قول الدخّ زبره وقال (اخسأ فلن تعدو قدرك) يريد أنَّ ذلك شيء اطّلع عليه الشيطان، فألقاه إليه وأجراه على لسانه، وليس ذلك من قبل الوحي السماوي إذ لم يكن له قدر الأنبياء الذين يوحى إليهم علم الغيب، ولا درجة الأولياء الذين يلهمون العلم ويصيبون بنور قلوبهم، وإنَّما كانت له تارات يصيب في بعض ويخطئ في بعض وذلك معنى قوله:(يأتيني صادق وكاذب) فقال له عند ذلك: (قد خلط عليك).

والجملة من أمره أنَّه كان فتنة امتحن الله به عباده المؤمنين، ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حيّ عن بينة، وقد امتحن قوم موسى عليه السلام في زمانه بالعجل، فافتتن به قوم وهلكوا، ونجا من هداه الله وعصمه منهم.

وقد اختلفت الرّوايات في أمره وفيما كان من شأنه بعد كبره، فروي أنَّه قد تاب عن ذلك القول ثمَّ إنَّه مات بالمدينة، وإنَّهم لمَّا أرادوا الصلاة عليه كشفوا عن وجهه حتى رآه الناس وقيل لهم "اشهدوا".

(وعن جابر قال: فقدنا ابن صيَّاد يوم الحرَّة) وهذا خلاف رواية من روى أنَّه مات بالمدينة. انتهى.

وقال القرطبي في التذكرة: الصَّحيح أن ابن صياد هو الدجّال لحلف جابر وابن عمر أنَّ ابن صيّاد الدجّال، وقد استدلّ من قال إنّ الدجّال ليس ابن صيّاد بحديث الجسَّاسة وما كان في معناه، والصَّحيح خلافه، ولا يبعد أن يكون بالجزيرة ذلك الوقت ويكون بين أظهر الصحابة في وقت آخر إلى أن فقدوه يوم الحرّة. انتهى.

قال الحافظ ابن حجر: ويؤيّده ما أخرجه أبو نعيم في تاريخ أصبهان عن حسَّان بن عبد الرَّحمن عن أبيه قال: لما افتتحنا أصبهان كان بين عسكرنا وبين اليهود فرسخ، فكنَّا نأتيها فنمتار منها، فأتيتها يومًا فإذا اليهود يزفّون ويضربون فسألت صديقًا لي منهم، فقال: مَلكنا الذي نستفتح به على العرب يدخل، فبتّ عنده على سطح، فصليت الغداة فلمَّا طلعت الشمس إذا الوهج من قبل العسكر، فنظرت فإذا رجل عليه قبّة من ريحان

ص: 1099

واليهود يزفّون ويضربون، فنظرت فإذا هو ابن صيّاد فدخل المدينة فلم يعد حتى الساعة. وفي مسند أحمد بسند صحيح عن أنس أنّ الدَّجال يخرج من يهودية أصبهان وهي قرية من قراها سمّيت يهودية لأنَّها كانت تختصّ بسكنى اليهود.

(وخبّأ له {يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ}) قال أبو موسى المديني: السرّ في كونه صلى الله عليه وسلم خبَّأ له هذه الآية، الإشارة إلى أن عيسى يقتله بجبل الدّخان.

(قال ابن صياد: هو الدّخ) بضمّ المهملة بعدها معجمة، في مسند أحمد من حديث أبي ذر "فأراد أن يقول الدّخان فلم يستطع فقال الدّخ" فقيل كان في لسانه شيء، وقيل إنَّه اندهش فلم يقع من لفظ الدّخان إلَّا على بعضه. وحكى الخطّابي أن الآية كانت حينئذٍ مكتوبة في يدّ النبي صلى الله عليه وسلم فلم يهتد ابن صياد منها إلَّا لهذا القدر الناقص على طريقة الكهنة، قال: ويحتمل أن يكون خبَّأها له في ضميره، وعلى هذا فيقال كيف اطلع ابن صياد أو شيطان على ما في الضمير؟ ويجاب باحتمال أنْ يكون النبي صلى الله عليه وسلم تحدَّث مع نفسه أو أصحابه بذلك قبل أن يختبره، فاسترق الشيطان ذلك أو بعضه.

ووهم من فسَّر قوله الدّخ بنبت يكون بين البساتين، وأشدّ وهمًا منه وقع عند الحاكم الزّخ بالزاي المفتوحة بدل الدّال، وفسَّره بالجماع، واتَّفق الأئمة على تغليطه.

(اخسأ فلن تعدو قدرك) أي: لن تتجاوز ما قدّر الله فيك، أو مقدور (1) أمثالك من الكهّان.

(1) في ج: "مقدار".

ص: 1100

(رأيت جابر بن عبد الله يحلف بالله أنّ ابن صيّاد (1) الدّجال، فقلت: تحلف بالله؟ قال: إنّي سمعت عمر يحلف على ذلك عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم ينكر عليه) (2) قال البيهقي: ليس في حديث جابر أكثر من سكوت النبي صلى الله عليه وسلم على حلف عمر، فيحتمل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم كان موقوفًا في أمره، ثمّ جاء الثَبت من الله تعالى بأنَّه غيره على ما تقتضيه قصَّة تميم.

قال الحافظ ابن حجر: وبه تمسَّك ابن حزم في أنَّ الدجّال غير ابن صياد، وطريقه أصحّ وتكون الصفة التي في ابن صياد وافقت ما في الدجال. وقد تكلَّم ابن دقيق العيد على مسألة التقرير في أوائل شرح الإلمام فقال ما ملخّصه: إذا أخبر شخص بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم عن أمر ليس فيه حكم شرعي، فهل يكون سكوته صلى الله عليه وسلم دليلًا على مطابقة ما في الواقع، كما وقع لعمر في حلفه على أنَّ ابن صيَّاد هو الدجّال فلم ينكر عليه، فهل يدلّ عدم إنكاره على أن ابن صيَّاد هو الدجّال كما فهمه جابر حتى صار يحلف عليه ويستند إلى حلف عمر أو لا يدل؟ فيه نظر، قال: والأقرب عندي أنَّه لا يدلّ، لأنَّ مأخذ المسألة ومناطها هو العصمة من التقرير على باطل، وذلك متوقّف على تحقق البطلان، ولا يكفي فيه عدم توقّف الصحة، إلَّا أنَّ يدّعي مدّع أنّه يكفي في وجوب البيان عدم تحقّق الصّحة فيحتاج إلى دليل وهو عاجز عنه نعم التقرير يسوّغ الحلف على ذلك على عْلبة الظن لعدم توقّف ذلك على العلم، انتهى.

وقد أخرج نعيم بن حماد شيخ البخاري في كتاب العتق من طريق جبير بن نفير وشريح (3) بن عبيد وعمرو بن الأسود وكثير بن مرّة قالوا

(1) في سنن أبي داود المطبوع: "ابن صائد".

(2)

في سنن أبي داود المطبوع: "فلم ينكره رسول الله صلى الله عليه وسلم".

(3)

في ب: "سريج".

ص: 1101

جميعا: "الدجّال ليس هو بإنسان وإنَّما هو شيطان موثّق بسبعين حلقة في بعض جزائر اليمن، لا يعلم من أوثقه سليمان عليه السلام أو غيره، فإذا آن ظهوره قدّ الله محنه كلّ عام حلقة، فإذا أبرز أتته أتان عرض ما بين أذنيها أربعون ذراعًا، فيضع على ظهرها منبرًا من نحّاس ويقعد عليها، ويتبعه قبائل الجنّ يخرجون له خزائن الأرض".

وذكر ابن وصيف المؤرّخ: الدَّجال من ولد شِقّ الكاهن المشهور، قال: ويقال بل هو شق نفسه، أنظره الله وكانت أمّه جنيّة فأخذه سليمان فحبسه في جزيرة من جزائر العرب.

قال الحافظ ابن حجر: وأقرب ما يجمع به بين ما تضمّنه حديث تميم وكون ابن صيَّاد هو الدجّال بعينه هو الذي شاهده تميم موثوقًا، وأنَّ ابن صيّاد شيطان تبدا في صورة الدجّال تلك المدة إلى أن توجّه إلى أصبهان فاستقرّ مع قرينه إلى أن تجيء المدّة التي قدّر الله خروجه فيها. وأخرج أبو نعيم في تاريخ أصبهان عن كعب الأحبار قال: لم ينزل خبر الدجّال في التوراة والإنجيل وإنَّما هو في بعض كتب الأنبياء. قال الحافظ ابن حجر: وأخلق بهذا الخبر أن يكون باطلًا، فإن في الحديث الصَّحيح أن كلّ نبيّ قبل نبيّنا أنذر قومه الدجّال.

قلت: لا منافاة، فلا يلزم من إنذارهم به نزول خبره في التوراة والإنجيل، فهذا القرآن الذي هو أجلّ الكتب قدرًا وأجمعها لكلّ شيء لم ينزل فيه خبر الدجّال صريحًا وإنَّما أنذر به صلى الله عليه وسلم في سنّته، فكذلك يكون الإنذار به من الأنبياء في أحاديثهم دون الكتب المنزلة من الله، وقد ذكر أنّ عدم التصريح به في القرآن لحكمة وهي الاستهانة (1) به والتحقير لشأنه.

(1) في ب يمكن قراءتها: "الأسخرية".

ص: 1102