المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[باب في المجنون يسرق أو يصيب حدا] - مرقاة الصعود إلى سنن أبي داود - جـ ٣

[الجلال السيوطي]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الأطعمة

- ‌[باب ما جاء في إجابة الدّعوة]

- ‌[باب في كم تستحب الوليمة

- ‌[باب ما جاء في الضّيافة]

- ‌[باب نسخ الضيف يأكل من مال غيره]

- ‌[باب في طعام المتباريين]

- ‌[باب الرَّجُلِ يُدْعَى فَيَرَى مَكْرُوهًا]

- ‌[باب إذا حضرت الصلاة والعَشَاء]

- ‌[باب ما جاء في الأكل متّكئا]

- ‌[باب ما جاء في الأكل من أعلى الصحفة]

- ‌[باب في أكل اللحم]

- ‌[باب في أكل الدّباء]

- ‌[باب في كراهية التّقذّر للطعام]

- ‌[باب في أكل الأرنب]

- ‌[باب في أكل الضبّ]

- ‌[باب في أكل حشرات الأرض]

- ‌[باب النهي عن أكل السباع]

- ‌[باب في أكل لحوم الحمر الأهلية]

- ‌[باب في أكل الطافي من السمك]

- ‌[باب في المضطرّ إلى الميتة]

- ‌[باب في أكل الثوم]

- ‌[باب في الجمع بين لونين في الأكل]

- ‌[باب في الأكل في آنية أهل الكتاب]

- ‌[باب في دواب البحر]

- ‌[باب في اللقمة تسقط]

- ‌[باب في الخادم يأكل مع المولى]

- ‌[باب ما يقول الرجل إذا طعم]

- ‌[باب في غسل اليد من الطعام]

- ‌كتاب الطب

- ‌[باب في الرّجل يتداوى]

- ‌[باب في الحمية]

- ‌[باب في الحجامة]

- ‌[باب متى تستحبّ الحجامة]

- ‌[باب في الكيّ]

- ‌[باب في السعوط]

- ‌[باب في النّشرة]

- ‌[باب في الترياق]

- ‌[باب في الأدوية المكروهة]

- ‌[باب في تمرة العجوة]

- ‌[باب في العلاق]

- ‌[باب في الغيل]

- ‌[باب في تعليق التمائم]

- ‌[باب ما جاء في الرّقى]

- ‌[باب كيف الرّقى]

- ‌[باب في النجوم]

- ‌[باب في الخطّ وزجر الطير]

- ‌[باب في الطّيرة]

- ‌كتاب العتق

- ‌[باب في المكاتب يؤدّي بعض كتابته فيعجز أو يموت]

- ‌[باب في بيع المكاتب إذا فسخت الكتابة]

- ‌[باب من ذكر السعاية في هذا الحديث] (2)

- ‌[باب فيمن روى أنّه لا يُسْتَسعى]

- ‌[باب في عتق أمّهات الأولاد]

- ‌[باب فيمن أعتق عبدًا وله مال]

- ‌[باب في عتق ولد الزّنا]

- ‌[باب في ثواب العتق]

- ‌كتاب الحروف

- ‌[باب]

- ‌كتاب الحمّام

- ‌[باب النهي عن التّعرّي]

- ‌[باب ما جاء في التّعرّي]

- ‌كتاب اللّباس

- ‌[باب فيما يُدْعى لمن لبس ثوبا جديدا]

- ‌[باب ما جاء في القميص]

- ‌[باب في لبس الشّهرة]

- ‌[باب في لبس الصّوف والشَّعر]

- ‌[باب ما جاء في الخزّ]

- ‌[باب ما جاء في لبس الحرير]

- ‌[باب من كرهه]

- ‌[باب الرّخصة في العَلَم وخيط الحرير]

- ‌[باب في الحرير للنساء]

- ‌[باب في الحمرة]

- ‌[باب في الهدب]

- ‌[باب في العمائم]

- ‌[باب في لبسة الصّمّاء]

- ‌[باب في حلّ الإزار]

- ‌[باب في التقنّع]

- ‌[باب ما جاء في إسبال الإزار]

- ‌[باب ما جاء في الكبر]

- ‌[باب في قدر موضع الإزار]

- ‌[باب لباس النساء]

- ‌[باب في قوله تعالى: {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ}]

- ‌[باب في قوله تعالى: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ}]

- ‌[باب في العبد ينظر إلى شعر مولاته]

- ‌[باب في قوله تعالى: {غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ}]

- ‌[باب في الاختمار]

- ‌[باب في لباس القباطي للنساء]

- ‌[باب في أهب الميّتة]

- ‌[باب في جلود النمور والسباع]

- ‌[باب في الانتعال]

- ‌[باب في الفُرُش]

- ‌[باب في اتّخاذ الستور]

- ‌[باب في الصليب في الثوب]

- ‌[باب في الصور]

- ‌كتاب التّرجل

- ‌[باب النَّهْي عَنْ كَثير مِن الإِرْفَاه]

- ‌[باب في صلة الشعر]

- ‌[باب ما جاء في المرأة تتطيب للخروج]

- ‌[باب في الخلوق للرّجال]

- ‌[باب ما جاء في الشّعر]

- ‌[باب في تطويل الجمّة]

- ‌[باب في أخذ الشارب]

- ‌[باب في الخضاب]

- ‌[باب ما جاء في خِضاب السواد]

- ‌[باب ما جاء في الانتفاع بالعاج]

- ‌كتاب الخاتم

- ‌[باب ما جاء في اتّخاذ الخاتم]

- ‌[باب ما جاء في ترك الخاتم]

- ‌[باب ما جاء في خاتم الذهب]

- ‌[باب ما جاء في خاتم الحديد]

- ‌[باب ما جاء في التَّختّم في اليمين أو اليسار]

- ‌[باب ما جاء في ربط الأسنان بالذهب]

- ‌[باب ما جاء في الذهب للنساء]

- ‌كتاب الفتن

- ‌[باب ذكر الفتن ودلائلها]

- ‌[باب في النهي عن السعي في الفتنة]

- ‌[باب في كفّ اللسان]

- ‌[باب ما يرخّص فيه من البداوة في الفتنة]

- ‌[باب في تعظيم قتل المؤمن]

- ‌[باب ما يرجى في القتل]

- ‌كتاب المهدي

- ‌[باب]

- ‌كتاب الملاحم

- ‌[باب ما يذكر في قَرْن المائة]

- ‌ فائدة:

- ‌‌‌ فائدة:

- ‌ فائدة:

- ‌[باب في أمارات الملاحم]

- ‌[باب في تواتر الملاحم]

- ‌[باب في تداعي الأمم على الإسلام]

- ‌[باب في المعقل من الملاحم]

- ‌[باب في النهي عن تهييج الترك والحبشة]

- ‌[باب في قتال الترك]

- ‌[باب في ذكر البصرة]

- ‌[باب النهي عن تهييج الحبشة]

- ‌[باب أمارات الساعة]

- ‌[باب حسر الفرات عن كنز]

- ‌[باب خروج الدجّال]

- ‌[باب في خبر الجسَّاسة]

- ‌[باب في خبر ابن صائد]

- ‌[باب الأمر والنهي]

- ‌[باب قيام الساعة]

- ‌كتاب الحدود

- ‌[باب الحكم فيمن ارتدّ]

- ‌[باب الحكم فيمن سبّ النبيّ صلى الله عليه وسلم

- ‌[باب ما جاء في المحاربة]

- ‌[باب في الحدّ يشفع فيه]

- ‌[باب العفو عن الحدود ما لم تبلغ السلطان]

- ‌[باب في صاحب الحدّ يجيء فيقرّ]

- ‌[باب في التلقين في الحدّ]

- ‌[باب في الرجل يعترف بحدّ ولا يسمّيه]

- ‌[باب ما يقطع فيه السارق]

- ‌[باب ما لا قطع فيه]

- ‌[باب في المجنون يسرق أو يصيب حدًّا]

- ‌[باب في الغلام يصيب الحدّ]

- ‌[باب الرجل يسرق في الغزو أيقطع

- ‌[باب في السارق يسرق مرارًا]

- ‌[باب بيع المملوك إذا سرق]

- ‌[باب رجم ماعز بن مالك]

- ‌[باب المرأة التي أمر النبيّ صلى الله عليه وسلم برجمها من جهينة]

- ‌[باب في رجم اليهوديين]

- ‌[باب في الرجل يزني بجارية امرأته]

- ‌[باب في الأمة تزني ولم تحصن]

- ‌[باب في إقامة الحدّ علي المريض]

- ‌[باب الحدّ في الخمر]

- ‌[باب إذا تتابع في شرب الخمر]

- ‌كتاب الدّيات

- ‌[باب الإمام يأمر بالعفو في الدم]

- ‌[باب فيمن سقى رجلًا سمًّا أو أطعمه فمات أيقاد منه

- ‌[باب من قتل عبده أو مثّل به أيقاد منه

- ‌[باب القسامة]

- ‌[باب يقاد من القاتل]

- ‌[باب أيقاد المسلم بالكافر]

- ‌[باب العامل يصاب على يديه خطأ]

- ‌[باب القود من الضربة وقصّ الأمير من نفسه]

- ‌[باب عفو النساء عن الدّم]

- ‌[باب من قتل في عمّيًا بين القوم]

- ‌[باب الدية كم هي

- ‌[باب دية الخطأ شبه العمد]

- ‌[باب ديات الأعضاء]

- ‌[باب دية الجَنين]

- ‌[باب في دية المكاتب]

- ‌[باب في الرجل يقاتل الرجل فيدفعه عن نفسه]

- ‌[باب فيمن تطبّب ولا يعلم منه طبّ فأَعْنَتَ]

- ‌[باب في الدابة تنفح برجلها]

- ‌[باب العجماء والمعدن والبئر جبار]

- ‌[باب في النار تعدّى]

- ‌[باب في جناية العبد يكون للفقراء]

- ‌[باب القصاص من السنّ]

- ‌كتاب السُّنَّة

- ‌[باب شرح السُّنَّة]

- ‌[باب مجانبة أهل الأهواء وبغضهم]

- ‌[باب النهي عن الجدال في القرآن]

- ‌[باب في لزوم السنة]

- ‌[باب في الخلفاء]

- ‌[باب في فضل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌[باب النهي عن سبّ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌[باب في استخلاف أبي بكر رضي الله عنه]

- ‌[باب في التخيير بين الأنبياء عليهم الصّلاة والسّلام]

- ‌[باب في ردّ الإرجاء]

- ‌[باب الدليل علي زيادة الإيمان ونقصانه]

- ‌[باب في القدر]

- ‌[باب في ذراري المشركين]

- ‌[باب في الجهمية]

- ‌[باب في الرؤية]

- ‌[باب في الردّ على الجهميّة]

- ‌[باب في ذكر البعث والصّور]

- ‌[باب في الحوض]

- ‌[باب في المسألة في القبر وعذاب القبر]

- ‌[باب في قتل الخوارج]

- ‌[باب في قتال الخوارج]

- ‌كتاب الأدب

- ‌[باب في الحلم وأخلاق النبيّ صلى الله عليه وسلم

- ‌[باب في الوقار]

- ‌[باب من كظم غيظًا]

- ‌[باب ما يقال عند الغضب]

- ‌[باب في حسن العشرة]

- ‌[باب في الحَياء]

- ‌[باب في حسن الخلق]

- ‌[باب في كراهية التّمادح]

- ‌[باب في الرِّفق]

- ‌[باب في شكر المعروف]

- ‌[باب في الجلوس في الطرقات]

- ‌[باب في الجلوس بين الظلّ والشّمس]

- ‌[باب في التحلّق]

- ‌[باب في الجلوس وسط الحلقة]

- ‌[باب من يؤمر أن يجالس]

- ‌[باب في كراهية المِراء]

- ‌[باب الهدى في الكلام]

- ‌[باب في الخطبة]

- ‌[باب في تنزيل الناس منازلهم]

- ‌[باب في جلوس الرّجل]

- ‌[باب في الجِلْسة المكروهة]

- ‌[باب في التّناجي]

- ‌[باب كراهية أن يقوم الرجل من مجلسه ولا يذكر الله]

- ‌[باب في كفّارة المجلس]

- ‌[باب في الحذر من الناس]

- ‌[باب في هَدْي الرَّجل]

- ‌[باب في الرّجل يضع إحدى رجليه على الأخرى]

- ‌[باب في نَقْل الحديث]

- ‌[باب في القَتَّات]

- ‌[باب في الغِيبة]

- ‌[باب في النهي عن التجسّس]

- ‌[باب في المؤاخاة]

- ‌[باب في الانتصار]

- ‌[باب في الحسد]

- ‌[باب فيمن دعا على من ظلمه]

- ‌[باب فيمن يهجر أخاه المسلم]

- ‌[باب في الظنّ]

- ‌[باب في النصيحة والحياطة]

- ‌[باب في إصلاح ذات البين]

- ‌[باب كراهية الغناء والزّمر]

- ‌[باب في اللّعب بالبنات]

- ‌[باب في الأرجوحة]

- ‌[باب في اللعب بالحمام]

- ‌[باب في الرَّحمة]

- ‌[باب في النصيحة]

- ‌[باب في تغيير الأسماء]

- ‌[باب في تغيير الاسم القبيح]

- ‌[باب في الرجل يتكنّى وليس له ولد]

- ‌[باب في قول الرّجل: زَعموا]

- ‌[باب في الكرم وحفظ المنطق]

- ‌[باب لا يقال: خبثت نفسي]

- ‌[باب في صلاة العتمة]

- ‌[باب ما روي في الترخيص في ذلك]

- ‌[باب في المتشبّع بما لم يعط]

- ‌[باب ما جاء في المزاح]

- ‌[باب ما جاء في المتشدّق في الكلام]

- ‌[باب ما جاء في الشّعر]

- ‌[باب ما جاء في الرؤيا]

- ‌‌‌ فائدة:

- ‌ فائدة:

- ‌[باب ما جاء في التثاؤب]

- ‌[باب في العطاس]

- ‌[باب كيف تشميت العاطس]

- ‌[باب كم مرّة يشمّت العاطس]

- ‌[باب فيمن يعطس ولا يحمد الله]

- ‌[باب في الرجل ينبطح على بطنه]

- ‌[باب في النوم على سطح غير محجّر]

- ‌[باب في النوم على طهارة]

- ‌[باب ما يقول عند النوم]

- ‌[باب في التسبيح عند النوم]

- ‌[باب ما يقول إذا أصبح]

- ‌[باب ما يقول الرجل إذا رأى الهلال]

- ‌[باب ما يقول الرجل إذا خرج من بيته]

- ‌[باب مَا يَقُولُ الرَّجُلُ إِذَا دَخَلَ بَيْتَهُ]

- ‌[باب ما يقول إذا هاجت الريح]

- ‌[باب ما جاء في المطر]

- ‌[باب ما جاء في الدّيك والبهائم]

- ‌[باب في الصبي يولد فيؤذن في أذنه]

- ‌[باب في ردّ الوسوسة]

- ‌[باب في التفاخر بالأحساب]

- ‌[باب في العصبيّة]

- ‌[باب في الدالّ على الخير]

- ‌[باب في الهَوَى]

- ‌[باب في برّ الوالدين]

- ‌[باب فِي فَضْلِ مَنْ عَالَ يَتَامَى]

- ‌[باب في من ضمّ يتيمًا]

- ‌[باب في حقّ الجوار]

- ‌[باب في حقّ المملوك]

- ‌[باب فيمن خبّب مملوكًا على مولاه]

- ‌[باب في الاستئذان]

- ‌[باب كيف الاستئذان]

- ‌[باب كم مرّة يسلّم الرجل في الاستئذان]

- ‌[باب الرجل يستأذن بالدّق]

- ‌[باب في الرجل يدعى أيكون ذلك إذنه]

- ‌[باب في إفشاء السّلام]

- ‌[باب من أولى بالسلام]

- ‌[باب في السلام على الصبيان]

- ‌[باب في السلام على النساء]

- ‌[باب في السلام على أهل الذمّة]

- ‌[(باب) (1) في المصافحة]

- ‌[باب في المعانقة]

- ‌[باب ما جاء في القيام]

- ‌[باب في قُبْلة الرّجل ولده]

- ‌[باب في قبلة الجسد]

- ‌[باب في قبلة الرِّجْل]

- ‌[باب في قيام الرجل للرجل]

- ‌[باب ما جاء في البناء]

- ‌[باب في اتّخاذ الغُرَف]

- ‌[باب في قطع السّدر]

- ‌[باب في إماطة الأذى عن الطريق]

- ‌[باب في قتل الحيّات]

- ‌[باب في قتل الأوزاغ]

- ‌[باب في قتل الذرّ]

- ‌[باب في الخذف]

- ‌[باب ما جاء في الختان]

- ‌[باب في الرّجل يسبّ الدّهر]

الفصل: ‌[باب في المجنون يسرق أو يصيب حدا]

(لا قطع في ثمر) قال الخطّابي: تأوَّله الشافعي على ما كان معلّقًا في النخل قبل أن يجدّ ويحرز (ولا كثر) بفتح الكاف والمثلّثة، جمار النخل، قال في النهاية: هو شحمه الذي في وسط النخلة.

***

[باب في المجنون يسرق أو يصيب حدًّا]

(رفع القلم على ثلاثة) قال الشيخ تقيّ الدّين السبكي في الكتاب الذي ألَّفه في شرح هذا الحديث ويسمَّى "إبراز الحكم من حديث رفع القلم": كذا وقع في جميع الرّوايات "عن ثلاثة"، ويقع في بعض كتب الفقهاء "عن ثلاث" بغير هاء، ولا وجه له، وصواب الحديث كما ورد في سؤالات ابن الجنيد عن يحيى بن معين قال: ليس يروي هذا الحديث أحد إلَّا حماد بن سلمة عن حماد، قال السبكي: وقوله "رفع القلم" هل هو حقيقة أو مجاز؟ فيه احتمالان:

ص: 1121

أحدهما: وهو المنقول المشهور أنَّه مجاز لم يرد فيه حقيقة القلم ولا الرفع، إنَّما هو كناية عن عدم التكليف، ووجه الكناية فيه أنَّ التكليف يلزم منه الكتابة ولهذا يعبّر بالكتابة (1) عنه كقوله تعالى:{كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ} ، وكقوله صلى الله عليه وسلم:"خمس صلوات في اليوم والليلة كتبهنّ الله على العباد"، ويلزم من الكتابة القلم، لأنَّه آلة لها فالقلم لازم التكليف، وانتفاء اللازم يدلّ على انتفاء ملزومه، فلذلك كنى بنفي القلم عن نفي الكتابة وهي من أحسن الكنايات، وأتى بلفظ الرفع إشعارًا بأنّ التكليف لازم لبني آدم إلَّا هؤلاء الثلاثة، وأنَّ صفة الوضع أمر ثابت للقلم لا ينفكّ عن غير هذه الثلاثة موضوعًا عليه حتى يرفع، ولو لم يوضع أو لم يكتب على ثلاثة لم يكن فيه إشعار بذلك، وأنَّه في أصله متصف بالوضع والجريان على كلّ مخلوق من العالمين وهذه فائدة جليلة، فاستعمل الرفع في موضع عدم الوضع بطريق المجاز، واستعمال عدم وضع القلم في موضع عدم الكتابة بطريق المجاز، وعدم الكتابة مجاز في عدم التكليف والوضع الذي أشعر به لفظ الرفع مجاز أيضًا بالنسبة إلى هؤلاء الثلاثة إذ لم يتقدَّم في حقهم إلَّا بطريق القوة لا بطريق الفعل.

الاحتمال الثاني: أن يراد حقيقة القلم الذي ورد فيه الحديث: "أوّل ما خلق الله القلم فقال له اكتب، فكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة"، فأفعال العباد كلّها حسنها وسيئها، يجري به ذلك القلم، ويكتبه حقيقة، وثواب الطاعات وعقاب السيئات يكتبه حقيقة، وقد خلق لذلك وأمر بكتبه وصار موضوعًا على اللوح المحفوظ ليكتب ذلك فيه جاريًا به إلى يوم القيامة، وقد كتب ذلك وفرغ منه وحفظ، وفعل الصبي والمجنون والنائم لا إثم فيه، فلا يكتب القلم إثمه ولا التكليف به، فحكم الله بأنَّ القلم لا يكتب ذلك من بين سائر الأشياء رفع للقلم الموضوع للكتابة، والرَّفع فعل الله تعالى، فالرفع في نفسه حقيقة والقلم حقيقة والمجاز في شيء واحد وهو أنّ القلم لم يكن موضوعًا على هؤلاء الثلاثة إلَّا بالقوة والنهي

(1) في ب: "بالكناية".

ص: 1122

لأن يكتب ما يصدر منهم، فسمي منعه من ذلك رفعًا، فمن هذا الوجه يشارك هذا الاحتمال الاحتمال الأوّل، وفيما قبله يفارقه.

(حتى يستيقظ) قال السبكي: هو وقوله: "حتى يبرأ" و"حتى يكبر" غايات مستقبلة، والفعل المغيا بها وهو قوله:"رفع" ماض، والماضي لا يجوز أن تكون غايته مستقبلة، فلا تقول سرت أمس حتى تطلع الشمس غدًا، لأنّ مقتضى كون الفعل ماضيًا كون أجزاء المغيا جميعها ماضية، والغاية طرف المغيا، ويستحيل أن يكون المستقبل ظرفًا (1) للماضي لأنّ الآن (2) فاصل بينهما، والغاية إمّا داخلة في المغيا فتكون ماضية أيضًا، وإمّا خارجة عنه مجاوزة له فيصحّ أن يكون الآن غاية للماضي، وإقا أن تكون منفصلة حتى يكون المنفصل المستقبل عن الماضي غاية له، فكيف قال:"رفع القلم عن الصبي حتى يبلغ"؟ قال: وهذا السؤال أنا حرّكته، وجوابه بالتزام حذف أو مجاز حتى يصحّ الكلام، فيحتمل أن يقدّر رفع (3) القلم عن الصبي فلا يزال مرتفعًا حتى يبلغ، أو فهو مرتفع حتى يبلغ، فيبقى الفعل الماضي على حقيقته والمغيا محذوف، به ينتظم الكلام، ويحتمل أن يقال ذلك في الغاية وهو قوله:"حتى يبلغ" والمعنى حتى بلوغه لأنّ هذا إخبار عن حكم شرعي حكم الله به في الأزل، وأنّه رفع عن كلّ من ثبت له الصّبا في وقت ما حتى بلوغه، فيشمل ذلك من كان صبيًّا وبلغ في الماضي ومن هو صبي الآن ويبلغ في المستقبل ومن يصير صبيًّا ويبلغ بعد ذلك، وهذه الاحتمالات كلّها في التقدير إمّا في التجوّز في الفعل الثاني، أو الفعل الأول أو الحذف، راجعة إلى معنى واحد وهو الحكم برفع القلم إلى الغاية المذكورة، وقد روى ابن ماجه الحديث بلفظ:"يرفع" بصيغة الفعل المضارع فلا يرد السؤال على هذه الرواية.

(وعن الصبيّ) قال السبكي: قال الجوهري: الصبي: الغلام، وقال

(1) في ب: "طرفا".

(2)

في ج: "الأول".

(3)

في أ: "ورفع".

ص: 1123

غيره: الولد في بطن أمّه يسمى جنينًا، فإذا ولد فصبيّ، فإذا فطم فغلام إلى سبع، ثمَّ يصير يافعًا إلى عشر، ثمّ حَزَوّرًا إلى خمسة عشر، والذي يقطع (1) به أنّه يسمّى صبيًّا في هذه الأطوار كلّها إلى البلوغ، وفي الحديث:"أتي النبي صلى الله عليه وسلم بصبيّ لم يأكل الطعام"، ويطلق (2) على ما بعد العشر إلى البلوغ كقوله في هذا الحديث:"وعن الصبي"، قال: ثمَّ إنّ الرّفع يقتضي سبق وضح، وهو صحيح في النائم بلا إشكال، باعتباره (3) وضح عليه قبل نومه، وفي المجنون قبل جنونه إذا سبق له حال تكليف، بخلاف الصبي فإنّه لم يكن القلم موضوعًا عليه حتّى يرفع إذ لا حالة تكليف له قبل ذلك.

قال: وجوابه أنّ هذا غير لازم، ونظيره قول يوسف عليه الصلاة والسلام:{إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} ، وهو لم يكن على تلك الملّة أصلًا، وكذا قول شعيب:{قَدِ افْتَرَيْنَا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُمْ بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللَّهُ مِنْهَا} ، ومعلوم أنّ شعيبًا لم يكن على ملّتهم قطّ، وقد قال الحليمي وتبعه البيهقي: إن الأحكام إنّما نيطت (4) بخمس عشرة سنة من عام الخندق، وقبل ذلك كانت تتعلّق بالتمييز، وإذا ثبت هذا، فيحتمل أن يكون المراد بالحديث انقطاع ذلك الحكم، وبيان أنَّه ارتفع التكليف عن الصبي وإن ميزّ حتى يبلغ، فيصحّ فيه أنَّه رفع بعد الوضح.

(حتى يكبر) قال السبكي: ليس فيها من البيان ولا في قوله: "حتى يبلغ" ما في الرواية الثالثة: "حتى يحتلم"، فالتمسّك بها أولى لبيانها وصحّة سندها، وقوله:"حتى يبلغ" مطلق والاحتلام مقيّد فيحمل عليه، فإنّ الاحتلام بلوغ قطعًا، وعدم بلوغ الخمسة عشر ليس ببلوغ قطعًا، قال: وشرط (5) هذا الحمل ثبوت اللفظين عن النبي صلى الله عليه وسلم.

(1) في ب: "نقطع".

(2)

في ج: "فيطلق".

(3)

في أ: "باعتبار".

(4)

في ب: "أنيطت".

(5)

في ب: "وشرطا".

ص: 1124

(أتي عمر بمجنونة قد زنت) الحديث قال الخطّابي: لم يأمر عمر برجم مجنونة مطبق عليها في الجنون ولا يجوز أن يخفى هذا عليه ولا على أحد ممَّن بحضرته، ولكن هذه امرأة كانت تجنّ مرّة وتفيق أخرى، فرأى عمر أن لا يسقط عنها الحدّ لما يصيبها من الجنون إذا كان الزنا منها في حال الإفاقة، ورأى علي أنّ الجنون شبهة يدرأ بها الحدّ عمّن يبتلى به، والحدود تدرأ بالشبهات، ولعلّها قد أصابت ما أصابت وهي في بقيّة من بلائها فوافق اجتهاد عمر اجتهاده في ذلك، فدرأ عنها الحدّ.

ص: 1125

(قال أبو داود: رواه ابن جريج عن القاسم بن زيد عن علي) قال السبكي: هذه الرّواية معلّقة منقطعة، وقد رواها (1) ابن ماجه قال: ثنا محمد بن بشار ثنا روح بن عبادة ثنا ابن جريج أخبرني القاسم بن يزيد عن علي أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يرفع القلم عن الصغير وعن المجنون وعن النائم"، وهذا منقطع لأنّ القاسم بن يزيد لم يدرك عليا. (زاد فيه: والخرف) قال السبكي: يقتضي أنَّه زائد على الثلاثة، وهذا صحيح، والمراد به الشيخ الكبير الذي زال عقله من الكبر، فإن الشيخ الكبير قد يعرض له اختلاط عقل يمنعه من التمييز ويخرجه عن أهلية التكليف ولا يسمّى جنونًا، فإنّ الجنون يعرض من أمراض سوداوية وتقبل العلاج، والخرف بخلاف ذلك، ولهذا لم يقل في الحديث حتى يعقل، لأنّ الغالب أنّه لا يبرأ منه إلى الموت، ولو برأ في بعض الأوقات برجوع عقله تعلّق به التكليف، فسكوته عن الغاية فيه لا يضرّ كما سكت عنها في بعض الرّوايات في المجنون، وهذا الحديث وإن كان منقطعًا (2) لكنّه في معنى المجنون، كما أنّ المغمى عليه في معنى النائم ولا يفوت الحصر بذلك إذا نظرنا إلى المعنى، فهم في الصورة خمسة: الصبي، والنائم، والمغمى عليه، والمجنون، و (الخرف)(3)، وفي المعنى ثلاثة، ولمّا لم يكن النائم في معنى المجنون، لأنّ الجنون يفسد العقل بالكليّة، والنوم شاغل له فقط، فبينهما تباين كثير، لم يجعل في معناه، وعُدّا شيئين وأحكامهما مختلفة، بخلاف الخرف والجنون فإن أحكامهما واحدة وبينهما تقارب، ويظهر أن الخرف رتبة متوسطة بين الإغماء والجنون، وهي إلى الإغماء أقرب.

* * *

(1) في ج: "رواه".

(2)

في أ: "معلّقا".

(3)

غير موجود في ب.

ص: 1126