المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[باب ما جاء في الرؤيا] - مرقاة الصعود إلى سنن أبي داود - جـ ٣

[الجلال السيوطي]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الأطعمة

- ‌[باب ما جاء في إجابة الدّعوة]

- ‌[باب في كم تستحب الوليمة

- ‌[باب ما جاء في الضّيافة]

- ‌[باب نسخ الضيف يأكل من مال غيره]

- ‌[باب في طعام المتباريين]

- ‌[باب الرَّجُلِ يُدْعَى فَيَرَى مَكْرُوهًا]

- ‌[باب إذا حضرت الصلاة والعَشَاء]

- ‌[باب ما جاء في الأكل متّكئا]

- ‌[باب ما جاء في الأكل من أعلى الصحفة]

- ‌[باب في أكل اللحم]

- ‌[باب في أكل الدّباء]

- ‌[باب في كراهية التّقذّر للطعام]

- ‌[باب في أكل الأرنب]

- ‌[باب في أكل الضبّ]

- ‌[باب في أكل حشرات الأرض]

- ‌[باب النهي عن أكل السباع]

- ‌[باب في أكل لحوم الحمر الأهلية]

- ‌[باب في أكل الطافي من السمك]

- ‌[باب في المضطرّ إلى الميتة]

- ‌[باب في أكل الثوم]

- ‌[باب في الجمع بين لونين في الأكل]

- ‌[باب في الأكل في آنية أهل الكتاب]

- ‌[باب في دواب البحر]

- ‌[باب في اللقمة تسقط]

- ‌[باب في الخادم يأكل مع المولى]

- ‌[باب ما يقول الرجل إذا طعم]

- ‌[باب في غسل اليد من الطعام]

- ‌كتاب الطب

- ‌[باب في الرّجل يتداوى]

- ‌[باب في الحمية]

- ‌[باب في الحجامة]

- ‌[باب متى تستحبّ الحجامة]

- ‌[باب في الكيّ]

- ‌[باب في السعوط]

- ‌[باب في النّشرة]

- ‌[باب في الترياق]

- ‌[باب في الأدوية المكروهة]

- ‌[باب في تمرة العجوة]

- ‌[باب في العلاق]

- ‌[باب في الغيل]

- ‌[باب في تعليق التمائم]

- ‌[باب ما جاء في الرّقى]

- ‌[باب كيف الرّقى]

- ‌[باب في النجوم]

- ‌[باب في الخطّ وزجر الطير]

- ‌[باب في الطّيرة]

- ‌كتاب العتق

- ‌[باب في المكاتب يؤدّي بعض كتابته فيعجز أو يموت]

- ‌[باب في بيع المكاتب إذا فسخت الكتابة]

- ‌[باب من ذكر السعاية في هذا الحديث] (2)

- ‌[باب فيمن روى أنّه لا يُسْتَسعى]

- ‌[باب في عتق أمّهات الأولاد]

- ‌[باب فيمن أعتق عبدًا وله مال]

- ‌[باب في عتق ولد الزّنا]

- ‌[باب في ثواب العتق]

- ‌كتاب الحروف

- ‌[باب]

- ‌كتاب الحمّام

- ‌[باب النهي عن التّعرّي]

- ‌[باب ما جاء في التّعرّي]

- ‌كتاب اللّباس

- ‌[باب فيما يُدْعى لمن لبس ثوبا جديدا]

- ‌[باب ما جاء في القميص]

- ‌[باب في لبس الشّهرة]

- ‌[باب في لبس الصّوف والشَّعر]

- ‌[باب ما جاء في الخزّ]

- ‌[باب ما جاء في لبس الحرير]

- ‌[باب من كرهه]

- ‌[باب الرّخصة في العَلَم وخيط الحرير]

- ‌[باب في الحرير للنساء]

- ‌[باب في الحمرة]

- ‌[باب في الهدب]

- ‌[باب في العمائم]

- ‌[باب في لبسة الصّمّاء]

- ‌[باب في حلّ الإزار]

- ‌[باب في التقنّع]

- ‌[باب ما جاء في إسبال الإزار]

- ‌[باب ما جاء في الكبر]

- ‌[باب في قدر موضع الإزار]

- ‌[باب لباس النساء]

- ‌[باب في قوله تعالى: {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ}]

- ‌[باب في قوله تعالى: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ}]

- ‌[باب في العبد ينظر إلى شعر مولاته]

- ‌[باب في قوله تعالى: {غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ}]

- ‌[باب في الاختمار]

- ‌[باب في لباس القباطي للنساء]

- ‌[باب في أهب الميّتة]

- ‌[باب في جلود النمور والسباع]

- ‌[باب في الانتعال]

- ‌[باب في الفُرُش]

- ‌[باب في اتّخاذ الستور]

- ‌[باب في الصليب في الثوب]

- ‌[باب في الصور]

- ‌كتاب التّرجل

- ‌[باب النَّهْي عَنْ كَثير مِن الإِرْفَاه]

- ‌[باب في صلة الشعر]

- ‌[باب ما جاء في المرأة تتطيب للخروج]

- ‌[باب في الخلوق للرّجال]

- ‌[باب ما جاء في الشّعر]

- ‌[باب في تطويل الجمّة]

- ‌[باب في أخذ الشارب]

- ‌[باب في الخضاب]

- ‌[باب ما جاء في خِضاب السواد]

- ‌[باب ما جاء في الانتفاع بالعاج]

- ‌كتاب الخاتم

- ‌[باب ما جاء في اتّخاذ الخاتم]

- ‌[باب ما جاء في ترك الخاتم]

- ‌[باب ما جاء في خاتم الذهب]

- ‌[باب ما جاء في خاتم الحديد]

- ‌[باب ما جاء في التَّختّم في اليمين أو اليسار]

- ‌[باب ما جاء في ربط الأسنان بالذهب]

- ‌[باب ما جاء في الذهب للنساء]

- ‌كتاب الفتن

- ‌[باب ذكر الفتن ودلائلها]

- ‌[باب في النهي عن السعي في الفتنة]

- ‌[باب في كفّ اللسان]

- ‌[باب ما يرخّص فيه من البداوة في الفتنة]

- ‌[باب في تعظيم قتل المؤمن]

- ‌[باب ما يرجى في القتل]

- ‌كتاب المهدي

- ‌[باب]

- ‌كتاب الملاحم

- ‌[باب ما يذكر في قَرْن المائة]

- ‌ فائدة:

- ‌‌‌ فائدة:

- ‌ فائدة:

- ‌[باب في أمارات الملاحم]

- ‌[باب في تواتر الملاحم]

- ‌[باب في تداعي الأمم على الإسلام]

- ‌[باب في المعقل من الملاحم]

- ‌[باب في النهي عن تهييج الترك والحبشة]

- ‌[باب في قتال الترك]

- ‌[باب في ذكر البصرة]

- ‌[باب النهي عن تهييج الحبشة]

- ‌[باب أمارات الساعة]

- ‌[باب حسر الفرات عن كنز]

- ‌[باب خروج الدجّال]

- ‌[باب في خبر الجسَّاسة]

- ‌[باب في خبر ابن صائد]

- ‌[باب الأمر والنهي]

- ‌[باب قيام الساعة]

- ‌كتاب الحدود

- ‌[باب الحكم فيمن ارتدّ]

- ‌[باب الحكم فيمن سبّ النبيّ صلى الله عليه وسلم

- ‌[باب ما جاء في المحاربة]

- ‌[باب في الحدّ يشفع فيه]

- ‌[باب العفو عن الحدود ما لم تبلغ السلطان]

- ‌[باب في صاحب الحدّ يجيء فيقرّ]

- ‌[باب في التلقين في الحدّ]

- ‌[باب في الرجل يعترف بحدّ ولا يسمّيه]

- ‌[باب ما يقطع فيه السارق]

- ‌[باب ما لا قطع فيه]

- ‌[باب في المجنون يسرق أو يصيب حدًّا]

- ‌[باب في الغلام يصيب الحدّ]

- ‌[باب الرجل يسرق في الغزو أيقطع

- ‌[باب في السارق يسرق مرارًا]

- ‌[باب بيع المملوك إذا سرق]

- ‌[باب رجم ماعز بن مالك]

- ‌[باب المرأة التي أمر النبيّ صلى الله عليه وسلم برجمها من جهينة]

- ‌[باب في رجم اليهوديين]

- ‌[باب في الرجل يزني بجارية امرأته]

- ‌[باب في الأمة تزني ولم تحصن]

- ‌[باب في إقامة الحدّ علي المريض]

- ‌[باب الحدّ في الخمر]

- ‌[باب إذا تتابع في شرب الخمر]

- ‌كتاب الدّيات

- ‌[باب الإمام يأمر بالعفو في الدم]

- ‌[باب فيمن سقى رجلًا سمًّا أو أطعمه فمات أيقاد منه

- ‌[باب من قتل عبده أو مثّل به أيقاد منه

- ‌[باب القسامة]

- ‌[باب يقاد من القاتل]

- ‌[باب أيقاد المسلم بالكافر]

- ‌[باب العامل يصاب على يديه خطأ]

- ‌[باب القود من الضربة وقصّ الأمير من نفسه]

- ‌[باب عفو النساء عن الدّم]

- ‌[باب من قتل في عمّيًا بين القوم]

- ‌[باب الدية كم هي

- ‌[باب دية الخطأ شبه العمد]

- ‌[باب ديات الأعضاء]

- ‌[باب دية الجَنين]

- ‌[باب في دية المكاتب]

- ‌[باب في الرجل يقاتل الرجل فيدفعه عن نفسه]

- ‌[باب فيمن تطبّب ولا يعلم منه طبّ فأَعْنَتَ]

- ‌[باب في الدابة تنفح برجلها]

- ‌[باب العجماء والمعدن والبئر جبار]

- ‌[باب في النار تعدّى]

- ‌[باب في جناية العبد يكون للفقراء]

- ‌[باب القصاص من السنّ]

- ‌كتاب السُّنَّة

- ‌[باب شرح السُّنَّة]

- ‌[باب مجانبة أهل الأهواء وبغضهم]

- ‌[باب النهي عن الجدال في القرآن]

- ‌[باب في لزوم السنة]

- ‌[باب في الخلفاء]

- ‌[باب في فضل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌[باب النهي عن سبّ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌[باب في استخلاف أبي بكر رضي الله عنه]

- ‌[باب في التخيير بين الأنبياء عليهم الصّلاة والسّلام]

- ‌[باب في ردّ الإرجاء]

- ‌[باب الدليل علي زيادة الإيمان ونقصانه]

- ‌[باب في القدر]

- ‌[باب في ذراري المشركين]

- ‌[باب في الجهمية]

- ‌[باب في الرؤية]

- ‌[باب في الردّ على الجهميّة]

- ‌[باب في ذكر البعث والصّور]

- ‌[باب في الحوض]

- ‌[باب في المسألة في القبر وعذاب القبر]

- ‌[باب في قتل الخوارج]

- ‌[باب في قتال الخوارج]

- ‌كتاب الأدب

- ‌[باب في الحلم وأخلاق النبيّ صلى الله عليه وسلم

- ‌[باب في الوقار]

- ‌[باب من كظم غيظًا]

- ‌[باب ما يقال عند الغضب]

- ‌[باب في حسن العشرة]

- ‌[باب في الحَياء]

- ‌[باب في حسن الخلق]

- ‌[باب في كراهية التّمادح]

- ‌[باب في الرِّفق]

- ‌[باب في شكر المعروف]

- ‌[باب في الجلوس في الطرقات]

- ‌[باب في الجلوس بين الظلّ والشّمس]

- ‌[باب في التحلّق]

- ‌[باب في الجلوس وسط الحلقة]

- ‌[باب من يؤمر أن يجالس]

- ‌[باب في كراهية المِراء]

- ‌[باب الهدى في الكلام]

- ‌[باب في الخطبة]

- ‌[باب في تنزيل الناس منازلهم]

- ‌[باب في جلوس الرّجل]

- ‌[باب في الجِلْسة المكروهة]

- ‌[باب في التّناجي]

- ‌[باب كراهية أن يقوم الرجل من مجلسه ولا يذكر الله]

- ‌[باب في كفّارة المجلس]

- ‌[باب في الحذر من الناس]

- ‌[باب في هَدْي الرَّجل]

- ‌[باب في الرّجل يضع إحدى رجليه على الأخرى]

- ‌[باب في نَقْل الحديث]

- ‌[باب في القَتَّات]

- ‌[باب في الغِيبة]

- ‌[باب في النهي عن التجسّس]

- ‌[باب في المؤاخاة]

- ‌[باب في الانتصار]

- ‌[باب في الحسد]

- ‌[باب فيمن دعا على من ظلمه]

- ‌[باب فيمن يهجر أخاه المسلم]

- ‌[باب في الظنّ]

- ‌[باب في النصيحة والحياطة]

- ‌[باب في إصلاح ذات البين]

- ‌[باب كراهية الغناء والزّمر]

- ‌[باب في اللّعب بالبنات]

- ‌[باب في الأرجوحة]

- ‌[باب في اللعب بالحمام]

- ‌[باب في الرَّحمة]

- ‌[باب في النصيحة]

- ‌[باب في تغيير الأسماء]

- ‌[باب في تغيير الاسم القبيح]

- ‌[باب في الرجل يتكنّى وليس له ولد]

- ‌[باب في قول الرّجل: زَعموا]

- ‌[باب في الكرم وحفظ المنطق]

- ‌[باب لا يقال: خبثت نفسي]

- ‌[باب في صلاة العتمة]

- ‌[باب ما روي في الترخيص في ذلك]

- ‌[باب في المتشبّع بما لم يعط]

- ‌[باب ما جاء في المزاح]

- ‌[باب ما جاء في المتشدّق في الكلام]

- ‌[باب ما جاء في الشّعر]

- ‌[باب ما جاء في الرؤيا]

- ‌‌‌ فائدة:

- ‌ فائدة:

- ‌[باب ما جاء في التثاؤب]

- ‌[باب في العطاس]

- ‌[باب كيف تشميت العاطس]

- ‌[باب كم مرّة يشمّت العاطس]

- ‌[باب فيمن يعطس ولا يحمد الله]

- ‌[باب في الرجل ينبطح على بطنه]

- ‌[باب في النوم على سطح غير محجّر]

- ‌[باب في النوم على طهارة]

- ‌[باب ما يقول عند النوم]

- ‌[باب في التسبيح عند النوم]

- ‌[باب ما يقول إذا أصبح]

- ‌[باب ما يقول الرجل إذا رأى الهلال]

- ‌[باب ما يقول الرجل إذا خرج من بيته]

- ‌[باب مَا يَقُولُ الرَّجُلُ إِذَا دَخَلَ بَيْتَهُ]

- ‌[باب ما يقول إذا هاجت الريح]

- ‌[باب ما جاء في المطر]

- ‌[باب ما جاء في الدّيك والبهائم]

- ‌[باب في الصبي يولد فيؤذن في أذنه]

- ‌[باب في ردّ الوسوسة]

- ‌[باب في التفاخر بالأحساب]

- ‌[باب في العصبيّة]

- ‌[باب في الدالّ على الخير]

- ‌[باب في الهَوَى]

- ‌[باب في برّ الوالدين]

- ‌[باب فِي فَضْلِ مَنْ عَالَ يَتَامَى]

- ‌[باب في من ضمّ يتيمًا]

- ‌[باب في حقّ الجوار]

- ‌[باب في حقّ المملوك]

- ‌[باب فيمن خبّب مملوكًا على مولاه]

- ‌[باب في الاستئذان]

- ‌[باب كيف الاستئذان]

- ‌[باب كم مرّة يسلّم الرجل في الاستئذان]

- ‌[باب الرجل يستأذن بالدّق]

- ‌[باب في الرجل يدعى أيكون ذلك إذنه]

- ‌[باب في إفشاء السّلام]

- ‌[باب من أولى بالسلام]

- ‌[باب في السلام على الصبيان]

- ‌[باب في السلام على النساء]

- ‌[باب في السلام على أهل الذمّة]

- ‌[(باب) (1) في المصافحة]

- ‌[باب في المعانقة]

- ‌[باب ما جاء في القيام]

- ‌[باب في قُبْلة الرّجل ولده]

- ‌[باب في قبلة الجسد]

- ‌[باب في قبلة الرِّجْل]

- ‌[باب في قيام الرجل للرجل]

- ‌[باب ما جاء في البناء]

- ‌[باب في اتّخاذ الغُرَف]

- ‌[باب في قطع السّدر]

- ‌[باب في إماطة الأذى عن الطريق]

- ‌[باب في قتل الحيّات]

- ‌[باب في قتل الأوزاغ]

- ‌[باب في قتل الذرّ]

- ‌[باب في الخذف]

- ‌[باب ما جاء في الختان]

- ‌[باب في الرّجل يسبّ الدّهر]

الفصل: ‌[باب ما جاء في الرؤيا]

(وإنَّ من القول عيالًا) قال الخطّابي: هكذا رواه أبو داود، ورواه غيره:"عَيَلا"، قال الأزهري: من قولك عُلت الضالَّة أعيل عَيْلا وعَيَلا إذا لم تدر أيّ جهة تبغيها، قال أبو زيد. كأنَّه لم يهتد إلى من يطلب علمه، فعرضه على من لا يريده.

(إنّ روح القدس) أي: جبريل.

(نافح) أي: دافع.

***

[باب ما جاء في الرؤيا]

(رؤيا المؤمن جزء من ستّة وأربعين جزءًا من النُّبوَّة) قال الخطّابي: معنى هذا الكلام تحقيق أمر الرّؤيا وتأكيده، وقال بعضهم: معناه: أن الرّؤيا تجيء على موافقة النُّبوَّة لا أنَّها جزء باق من النُّبوَّة، وقال آخر: معناه أنَّها جزء من أجزاء علم النُّبوَّة، وعلم النُّبوَّة باق، والنُّبوَّة غير باقية بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ذهبت النُّبوَّة وبقيت المبشرات الرُّؤيا الصالحة.

ص: 1270

وقال التّاج بن مكتوم في تذكرته: قد أبدى بعض شارحي الحديث المتكلِّمين على معانيه في ذلك معنًى حسنًا، وهو أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم أقام يوحى إليه في المنام ستّة أشهر، وأقام بعد ذلك يوحى إليه في اليقظة ثلاثًا وعشرين سنة، وستّة أشهر من ستة وأربعين جزءًا من ثلاث وعشرين سنة.

قال: وهذا المعنى حسن التنزيل على هذا اللفظ، وأقرب مأخذًا ممّا قيل في ذلك.

(إذا اقترب الزّمان) قيل المراد قرب زمان السَّاعة ودنوّ وقتها، وقيل المراد اعتداله واستواء اللَّيل والنهار، والمعبّرون يزعمون أنّ أصدق الرّؤيا ما كان في أيَّام الرَّبيع ووقت اعتدال اللَّيل والنَّهار، وقال الفارسي في مجمع الغرائب: يحتمل أنَّه عبارة عن قرب الأجل، وهو أنّ يطعن المؤمن في السن ويبلغ أوان الكهولة والمشيب، فإنَّ رؤياه أصدق لاستكماله تمام الحلم والأناة وقوَّة النَّفس.

ص: 1271

(الرؤيا على رجل طائر) قال الخطّابي: هذا مَثَل، ومعناه أنَّها لا يستقرّ قرارها ما لم تعبَّر.

وقال في النهاية: أي: أنَّها على رِجْل قَدَرٍ جَارٍ، وقَضاءٍ ماضٍ من خير أو شرّ، وأنَّ ذلك هو الذي قسّمه الله لصَاحبها، من قولهم اقتسموا دارًا فطار سهم فلان في ناحيتها، أي: وقع سهمه وخرج، وكل حركة من كلمة أو شيء يجري لك فهو طائر، والمراد أنَّ الرؤيا هي التي يعبَّر بها (1) المعبّر الأوّل، فكأنّها كانت على رجل طائر فسقطت ووقعت حيث عبَّرت، كما يسقط الذي يكون على رجل الطائر بأدنى حركة.

(ولا تقصَّها إلّا على وادّ) بتشديد الدّال، اسم فاعل من الودّ.

(أو ذي رأي) قال الخطّابي: قال أبو إسحاق الزَّجاج: الوادّ لا يحب أنّ يستقبلك في تفسيرها إلَّا بما تحبّ، وإن لم يكن عالمًا بالعبارة، ولم يعجل لك بما يغمّك، لأنَّ تعبيرها يزيلها عما جعلها الله عليه، وأمَّا ذو الرأي فمعناه ذو العلم بعبارتها، فهو يخبرك بحقيقة تفسيرها، أو بأقرب ما يعلم منها، فلعلّه أنّ يكون في تفسيره موعظة تردعك عن قبيح أنت عليه، أو يكون فيها بُشرى فتشكر الله تعالى على النّعمة فيها.

(الرؤيا من الله والحلم) بضمّ الحاء وسكون اللَّام.

(من الشيطان) قال الزركشي: هذا تصرَّف شرعي بتخصيص الرُّؤيا بما يراه من الخير، والحلم من الشرّ، وإن كانا في أصل اللغة لما يراه النائم.

(1) في ب: "عنها".

ص: 1272

وقال في النّهاية: الرّؤيا والحلم عبارة عمّا يراه النائم في نومه من الأشياء، لكن غلبت الرّؤيا على ما يراه من الخير والشيء الحسن، وغلب الحلم على ما يراه من الشرّ والشيء القبيح، ويستعمل كلّ واحد منهما موضع الآخر، قال: وتضمّ لام الحلم وتسكن.

وقال ابن الجوزي: الرّؤيا والحلم واحد، غير أنَّ صاحب الشّرع خصَّ الخير باسم الرّؤيا، والشرّ باسم الحلم.

(فإذا رأى أحدكم شيئًا يكرهه فلينفث عن يساره) قال عياض: أمر به طردًا للشيطان الذي حضر الرّؤيا المكروهة، تحقيرًا له واستقذارًا، وخصَّت بها اليسار لأنَّها محلّ الأقذار ونحوها.

(ثمَّ ليتعوّذ من شرِّها) قال الحافظ ابن حجر: ورد في صفة التعوّذ من شرِّ الرّؤيا أثر صحيح، أخرجه سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد الرزاق بأسانيد صحيحة عن إبراهيم (1) النخعي قال: إذا رأى أحدكم في منامه ما يكره، فليقل إذا استيقظ: أعوذ بما عاذت به ملائكة الله ورسله من شرّ رؤياي هذه أن يصيبني فيها ما أكره في ديني ودنياي.

(من رآني في المنام فسيراني في اليقظة) بفتح القاف، قال الشّيخ أكمل الدّين في شرح المشارق: هو بالنسبة إلى الإخبار بالغيب يكون بشرى لرؤيتهم إياه عليه الصلاة والسلام يوم القيامة وهو تأويله، وسمّى ذلك يقظة لأنَّها هي اليقظة الحقيقية، وذلك لا ينافي أنّ يكون تأويله بالنسبة إلى أمر الدنيا، حصول خير ودين وغير ذلك ممّا يأوّل به.

(1) في ب: "أبي هريرة".

ص: 1273

قال: وقوله: (أو لكأنّما رآني في اليقظة) شكّ من الراوي ومعناه غير الأوّل، لأنَّه تشبيه وهو صحيح لأنَّ ما رآه في النّوم مثالي وما يرى في عالم الحسّ حسّي فهو تشبيه خيالي بحسّي. قال: وقوله: (ولا يتمثّل الشيطان بي) استئناف، فكأنّ سائلًا قال: وما سبب ذلك؟ فقال: لا يتمثَّل الشيطان بي، يعني ليس ذلك المنام من قبيل القسم الثاني وهو أن يمثّل الشيطان في خيال الرائي ما شاء من التخيّلات.

قال: وهل هذا (المعنى مختصّ)(1) بالنبي صلى الله عليه وسلم أو لا؟ قال بعضهم: رؤية الله تعالى ورؤية الملائكة والأنبياء عليهم الصلاة والسلام، ورؤية الشمس والقمر، والنجوم المضيئة والسحاب الذي فيه الغيث، لا يتمثّل الشيطان بشيء منها، وذكر المحقِّقون أنَّه خاصّ به صلى الله عليه وسلم، وقالوا في ذلك أنَّه صلى الله عليه وسلم وإن ظهر بجميع (2) أحكام أسماء الحقّ وصفاته تخلّقًا وتحقّقًا، فإن من مقتضى مقام رسالته وإرشاده للخلق ودعوتهم إيّاهم إلى الحق الذي أرسله إليهم، هو أنّ يكون الأظهر فيه حكمًا وسلطنة (3) من صفات الحقّ وأسمائه صفة الهداية والاسم الهادي، كما أخبر الحقّ تعالى عن ذلك بقوله:{وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} ، فهو عليه الصلاة والسلام صورة الاسم الهادي ومظهر صفة الهادي، والشيطان مظهر الاسم المضلّ والظاهر بصفة الضّلالة (4)، فهما ضدّان، ولا يظهر أحدهما بصورة (5) الآخر، فالنبيّ صلى الله عليه وسلم خلقه الله للهداية، فلو ساغ ظهور إبليس بصورته زال الاعتماد بكلّ ما يبديه الحقّ ويظهره لمن شاء هدايته به، فلهذه الحكمة عصم الله صورة النبي صلى الله عليه وسلم من أنْ يظهر بها شيطان.

فإن قيل: عظمة الحقّ سبحانه أتمّ من عظمة كلّ عظيم، فكيف

(1) في أ: "معنى يختصّ".

(2)

في ج: "في جميع".

(3)

في ب: "سلطة".

(4)

في أ: "الدلالة".

(5)

في ج: "بصفة".

ص: 1274

اعتاص على إبليس أنّ يظهر بصورة النبي صلى الله عليه وسلم، ثم إنَّ اللَّعين قد ترآى لكثيرين وخاطبهم بأنَّه الحقّ طلبًا لإضلالهم، وقد أضلّ جماعة بمثل هذا حتى ظنّوا أنَّهم رأوا الحقّ وسمعوا خطابه؟

فالجواب من وجهين؛ أحدهما: أنّ كلّ عاقل يعلم أنّ الحق ليست له صورة معيّنة توجب الإشباه بخلاف النبي صلى الله عليه وسلم فإنّه ذو صورة معيّنة معلومة مشهودة، والثاني: أنّ من مقتضى (حكم الحقّ)(1) أنَّه يضلّ من يشاء ويهدي من يشاء، بخلاف النبي صلى الله عليه وسلم فإنّه مقيّد بصفة الهداية وظاهر بصورتها، فوجب عصمة صورته من أنّ يظهر بها الشيطان لبقاء الاعتماد وظهور حكم الهداية فيمن (شاء)(2) الله هدايته به عليه الصلاة والسلام. انتهى.

وقال الحافظ ابن حجر: اختلف في معنى قوله: "فسيراني في اليقظة"، فقيل فسيرى تفسير ما رأى في اليقظة لأنَّه حقّ وغيب ألقي فيه، وقيل معناه فسيراني في القيامة، وتعقب بأنَّه لا فائدة في هذا التخصيص لأن كلّ أمته يرونه يوم القيامة، من رآه منهم في النوم ومن لم يره، وأجاب القاضي عياض بأنّ المراد رؤية خاصّة من القرب منه أو نحو ذلك من الخصوصيات، قال: ولا يبعد أنّ يعاقب الله بعض المذنبين يوم القيامة بمنع رؤية نبيّه صلى الله عليه وسلم مدّة، وقال ابن التّين: المراد من آمن به في حياته ولم يره لكونه حينئذٍ غائبًا عنه، فيكون مبشرًا له أنَّه لا بد أنّ يراه في اليقظة قبل موته، وقال المازري: إن كان المحفوظ: "فكأنّما رآني في اليقظة" فمعناه ظاهر، وإن كان المحفوظ:"فسيراني في اليقظة" احتمل أنّ يكون أراد أهل عصره ممَّن لم يهاجر إليه، فإنَّه إذا رآه في المنام جعل ذلك علامة على أنَّه يراه بعد ذلك في اليقظة، وأوحى الله بذلك إليه صلى الله عليه وسلم، وقال قوم هو على ظاهره، فمن رآه في الصوم فلا بد أنّ يراه في اليقظة بعيني رأسه، وقيل: بعيني في قلبه، حكاهما القاضي أبو بكر بن العربي. وذكر ابن أبي جمرة عن ابن عباس أو غيره أنَّه رأى النبيّ صلى الله عليه وسلم في النَّوم فبقي بعد أنّ استيقظ متفكّرًا

(1) في أ: "الحكم".

(2)

في أ: "سأل".

ص: 1275

في هذا الحديث، فدخل على بعض أمّهات المؤمنين، لعلَّها خالته ميمونة، فأخرجت له المرآة التي كانت للنبي صلى الله عليه وسلم فنظر فيها صورة النبي صلى الله عليه وسلم ولم ير صورة نفسه. ونقل عن جماعة من الصالحين أنّهم رأوا النبي صلى الله عليه وسلم في المنام ثمّ رأوه بعد ذلك في اليقظة وسألوه عن أشياء كانوا منها متخوّفين، فأرشدهم إلى (طريق تفريجها)(1) فجاء الأمر كذلك، وهذا نوع من كرامات الأولياء.

قلت: وأكثر من يقع له ذلك إنّما يقع له قرب موته، أو عند الاحتضار، ويكرم الله به من يشاء قبل ذلك، وقد نصّ على وقوع ذلك كرامة للأولياء خلق من الأئمّة؛ منهم: حجّة الإسلام الغزالي، والقاضي أبو بكر بن العربي، والشيخ عزّ الدّين بن عبد السلام، قال الغزالي: ليس المراد أنّه يرى جسمه وبدنه، بل مثالًا له صار ذلك المثال آلة يتأدّى بها المعنى الذي في نفسه، قال: والآلة تارة تكون حقيقيّة، وتارة تكون خياليّة، والنفس غير المثال المتخيّل، فما رآه من الشكل ليس هو روح المصطفى ولا شخصه، بل هو مثال له على التحقيق. قال: ومثل ذلك من يرى الله تعالى في المنام، فإنّ ذاته منزّهة عن الشكل والصورة، ولكن تنتهي تعريفاته إلى العبد بواسطة مثال محسوس من نور أو غيره، ويكون ذلك المثال حقًّا في كونه واسطة في التعريف، فيقول الرّائي: رأيت الله تعالى في المنام، لا يعني أنّي رأيت ذات الله (كما يقول)(2) في حق غيره.

وقال القاضي أبو بكر بن العربي: رؤية النبي صلى الله عليه وسلم بصفته المعلومة (إدراك)(3) على الحقيقة، ورؤيته على غير صفته إدراك للمثال. وقال النووي: قال عياض: يحتمل أنّ يكون المراد بالحديث من رآه على صورته المعروفة في حياته، قال النووي: وهذا ضعيف، بل الصّحيح أنه يراه حقيقة، سواء كانت على صفته المعروفة أو غيرها.

(1) في ج: "طريقه".

(2)

في أ: "كما يقوله الرائي".

(3)

في أ: "إذ ذاك".

ص: 1276