الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(أتدري ما الله) إلى آخره قال الخطّابي: هذا الكلام إذا أجري على ظاهره كان فيه نوع من الكيفية، والكيفية عن الله وعن صفاته منفيّة، وليس المراد منه تحقيق هذه الصفة ولا تحديده على هذه الهيئة، وإنّما هو كلام تقريب أريد به تقرير عظمة الله وجلاله سبحانه، من حيث يدركه فهم السامع إذ كان أعرابيًّا جلفًا لا علم له بمعاني ما دقّ من الكلام وبما لطف منه عن درك الإفهام، وفي الكلام حذف وإضمار، فمعنى قوله "أتدري ما الله" أتدري ما عظمة الله وجلاله، وقوله:(وإنّه ليئط) معناه أنّه ليعجز عن جلاله وعظمته حتى يئط به، إذ كان معلومًا أنّ أطيط الرّحل بالرّاكب إنّما يكون لقوّة ما فوقه، ولعجزه عن احتماله، فقرّب بهذا النّوع من التمثيل عنده، معنى عظمة الله وجلاله وارتفاع عرشه، ليعلم أنّ الموصوف بعلوّ الشأن وجلالة القدر وفخامة الذكر، لا يجعل شفيعًا إلى ما هو دونه في القدر، وأسفل منه في الدّرجة، وتعالى الله أن يكون مشبّهًا بشيء أو مكيفًا بصورة خلق، أو مدركًا بحدّ {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (11)} ، وقد ذكر البخاري هذا الحديث في التاريخ ولم يدخله في الجامع الصحيح. انتهى.
***
[باب في الرؤية]
(لا تضامّون في رؤيته) قال الخطّابي: هو من الانضمام، يريد لا تختلفون في رؤيته حتى تجتمعوا للنظر، وينضمّ بعضكم إلى بعض، فيقول واحد هو ذاك، ويقول آخر ليس بذاك، على ما جرت به عادة الناس عند النظر إلى الهلال أوّل ليلة من الشهر، ووزنه تفاعلون وأصله تتضامّون، حذفت منه إحدى التّاءين، وقد رواه بعضهم:"لا تُضامون"، بضم التاء وتخفيف الميم، فيكون معناه على هذه الرّواية: لا يلحقكم ضيم ولا مشقة في رؤيته. وقد يخيّل إلى بعض السامعين أنّ الكاف في قوله: (كما ترون) كاف التشبيه للمرئي، وإنّما هو كاف التشبيه للرؤية، وهو فعل الرّائي، ومعناه ترون ربّكم رؤية ينزاح معها الشكّ وتنتفي معها المرية، كرؤيتكم القمر ليلة البدر لا ترتابون به ولا تمترون فيه.
قال: وقوله: (تضارّون) هو والأوّل سواء في إدغام أحد الحرفين في الآخر وفتح التاء من أوّله، ووزنه تفاعلون، من الضّرار، والضّرار أن يتضارّ
الرجلان عند الاختلاف في الشيء، فيضارّ هذا ذاك وذاك هذا، فيقال قد وقع الضرار بينهما، أي الاختلاف.
(آية ذلك) أي: علامته.
(سمعت أبا هريرة يقرأ هذه الآية: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى
(1) هذا الحديث جاء مقدّمًا في سنن أبي داود المطبوع، وذلك في:"باب في الجهمية".