المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ منهاج السورة - التفسير المأمون على منهج التنزيل والصحيح المسنون - جـ ٨

[مأمون حموش]

فهرس الكتاب

- ‌60 - سورة الممتحنة

- ‌موضوع السورة

- ‌ منهاج السورة

- ‌دروس ونتائج وأحكام

- ‌61 - سورة الصف

- ‌فضائلها وما ورد في ذكرها:

- ‌موضوع السورة

- ‌ منهاج السورة

- ‌دروس ونتائج وأحكام

- ‌62 - سورة الجمعة

- ‌فضائلها وما ورد في ذكرها:

- ‌موضوع السورة

- ‌ منهاح السورة

- ‌آداب خاصة بيوم الجمعة:

- ‌الأدب الأول: الغُسْل لصلاة الجمعة:

- ‌الأدب الثاني: التبكير لصلاة الجمعة:

- ‌الأدب الثالث: لبس أحسن الثياب والتسوك والتماس أجمل الطيب:

- ‌ما يستحب من الأذكار والأدعية يوم الجمعة:

- ‌أولًا: الإكثار من الصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ثانيًا: قراءة سورة الكهف:

- ‌ثالثًا: الإكثار من الدعاء رجاء مصادفة ساعة الإجابة:

- ‌دروس ونتائج وأحكام

- ‌63 - سورة المنافقون

- ‌موضوع السورة

- ‌ منهاج السورة

- ‌دروس ونتائج وأحكام

- ‌64 - سورة التغابن

- ‌موضوع السورة

- ‌ منهاج السورة

- ‌دروس ونتائج وأحكام

- ‌65 - سورة الطلاق

- ‌موضوع السورة

- ‌ منهاج السورة

- ‌دروس ونتائج وأحكام

- ‌66 - سورة التحريم

- ‌موضوع السورة

- ‌ منهاج السورة

- ‌أسباب نزول هذه الآيات:

- ‌دروس ونتائج وأحكام

- ‌67 - سورة الملك

- ‌ذكر ما جاء في فضلها من أحاديث:

- ‌موضوع السورة

- ‌ منهاج السورة

- ‌دروس ونتائج وأحكام

- ‌68 - سورة القلم

- ‌موضوع السورة

- ‌ منهاج السورة

- ‌دروس ونتائج وأحكام

- ‌69 - سورة الحاقة

- ‌موضوع السورة

- ‌ منهاج السورة

- ‌دروس ونتائج وأحكام

- ‌70 - سورة المعارج

- ‌موضوع السورة

- ‌ منهاج السورة

- ‌دروس ونتائج وأحكام

- ‌71 - سورة نوح

- ‌موضوع السورة

- ‌ منهاج السورة

- ‌دروس ونتائج وأحكام

- ‌72 - سورة الجن

- ‌موضوع السورة

- ‌ منهاج السورة

- ‌دروس ونتائج وأحكام

- ‌73 - سورة المزمل

- ‌موضوع السورة

- ‌ منهاج السورة

- ‌دروس ونتائج وأحكام

- ‌74 - سورة المدثر

- ‌موضوع السورة

- ‌ منهاج السورة

- ‌دروس ونتائج وأحكام

- ‌75 - سورة القيامة

- ‌موضوع السورة

- ‌ منهاج السورة

- ‌دروس ونتائج وأحكام

- ‌76 - سورة الإنسان

- ‌موضوع السورة

- ‌ منهاج السورة

- ‌دروس ونتائج وأحكام

- ‌77 - سورة المرسلات

- ‌الأحاديث الواردة في ذكرها:

- ‌موضوع السورة

- ‌ منهاج السورة

- ‌دروس ونتائج وأحكام

- ‌78 - سورة النبأ

- ‌موضوع السورة

- ‌ منهاج السورة

- ‌دروس ونتائج وأحكام

- ‌79 - سورة النازعات

- ‌موضوع السورة

- ‌ منهاج السورة

- ‌دروس ونتائج وأحكام

- ‌80 - سورة عبس

- ‌سبب نزول السورة:

- ‌موضوع السورة

- ‌ منهاج السورة

- ‌دروس ونتائج وأحكام

- ‌81 - سورة التكوير

- ‌ما ورد في ذكرها:

- ‌موضوع السورة

- ‌ منهاج السورة

- ‌دروس ونتائج وأحكام

- ‌82 - سورة الانفطار

- ‌موضوع السورة

- ‌ منهاج السورة

- ‌ دروس ونتائج وأحكام

- ‌83 - سورة المطففين

- ‌ما ورد في ذكرها:

- ‌موضوع السورة

- ‌ منهاج السورة

- ‌دروس ونتائج وأحكام

- ‌84 - سورة الإنشقاق

- ‌الأحاديث الواردة في ذكرها:

- ‌موضوع السورة

- ‌ منهاج السورة

- ‌دروس ونتائج وأحكام

- ‌85 - سورة البروج

- ‌موضوع السورة

- ‌ منهاج السورة

- ‌دروس ونتائج وأحكام

- ‌86 - سورة الطارق

- ‌موضوع السورة

- ‌ منهاج السورة

- ‌دروس ونتائج وأحكام

- ‌87 - سورة الأعلى

- ‌فضائلها وما ورد في ذكرها:

- ‌موضوع السورة

- ‌ منهاج السورة

- ‌دروس ونتائج وأحكام

- ‌88 - سورة الغاشية

- ‌فضائلها وما ورد في ذكرها:

- ‌موضوع السورة

- ‌ منهاج السورة

- ‌دروس ونتائج وأحكام

- ‌89 - سورة الفجر

- ‌موضوع السورة

- ‌ منهاج السورة

- ‌دروس ونتائج وأحكام

- ‌90 - سورة البلد

- ‌موضوع السورة

- ‌ منهاج السورة

- ‌دروس ونتائج وأحكام

- ‌91 - سورة الشمس

- ‌فضائلها وما ورد في ذكرها:

- ‌موضوع السورة

- ‌ منهاج السورة

- ‌دروس ونتائج وأحكام

- ‌92 - سورة الليل

- ‌فضائلها وما ورد في ذكرها:

- ‌موضوع السورة

- ‌ منهاج السورة

- ‌دروس ونتائج وأحكام

- ‌93 - سورة الضحى

- ‌موضوع السورة

- ‌ منهاج السورة

- ‌دروس ونتائج وأحكام

- ‌94 - سورة الشرح

- ‌موضوع السورة

- ‌ منهاج السورة

- ‌دروس ونتائج وأحكام

- ‌95 - سورة التين

- ‌فضائلها وما ورد في ذكرها:

- ‌موضوع السورة

- ‌ منهاج السورة

- ‌دروس ونتائج وأحكام

- ‌96 - سورة العلق

- ‌موضوع السورة

- ‌ منهاج السورة

- ‌دروس ونتائج وأحكام

- ‌97 - سورة القدر

- ‌موضوع السورة

- ‌ منهاج السورة

- ‌فضائل ليلة القدر وما ورد في تعيينها من أحاديث:

- ‌دروس ونتائج وأحكام

- ‌98 - سورة البينة

- ‌فضائلها وما ورد في ذكرها:

- ‌موضوع السورة

- ‌ منهاج السورة

- ‌دروس ونتائج وأحكام

- ‌99 - سورة الزلزلة

- ‌موضوع السورة

- ‌ منهاج السورة

- ‌دروس ونتائج وأحكام

- ‌100 - سورة العاديات

- ‌موضوع السورة

- ‌ منهاج السورة

- ‌دروس ونتائج وأحكام

- ‌101 - سورة القارعة

- ‌موضوع السورة

- ‌ منهاج السورة

- ‌دروس ونتائج وأحكام

- ‌102 - سورة التكاثر

- ‌موضوع السورة

- ‌ منهاج السورة

- ‌دروس ونتائج وأحكام

- ‌103 - سورة العصر

- ‌موضوع السورة

- ‌ منهاج السورة

- ‌دروس ونتائج وأحكام

- ‌104 - سورة الهمزة

- ‌موضوع السورة

- ‌ منهاج السورة

- ‌دروس ونتائج وأحكام

- ‌105 - سورة الفيل

- ‌موضوع السورة

- ‌ منهاج السورة

- ‌دروس ونتائج وأحكام

- ‌106 - سورة قريش

- ‌فضائلها وما ورد في ذكرها:

- ‌موضوع السورة

- ‌ منهاج السورة

- ‌دروس ونتائج وأحكام

- ‌107 - سورة الماعون

- ‌موضوع السورة

- ‌ منهاج السورة

- ‌دروس ونتائج وأحكام

- ‌108 - سورة الكوثر

- ‌فضائلها وما ورد في ذكرها:

- ‌موضوع السورة

- ‌ منهاج السورة

- ‌دروس ونتائج وأحكام

- ‌109 - سورة الكافرون

- ‌فضائلها وما ورد في ذكرها:

- ‌موضوع السورة

- ‌ منهاج السورة

- ‌دروس ونتائج وأحكام

- ‌110 - سورة النصر

- ‌فضائلها وما ورد في ذكرها:

- ‌موضوع السورة

- ‌ منهاج السورة

- ‌دروس ونتائج وأحكام

- ‌111 - سورة المسد

- ‌أسباب النزول:

- ‌موضوع السورة

- ‌ منهاج السورة

- ‌دروس ونتائج وأحكام

- ‌112 - سورة الإخلاص

- ‌فضائلها وما ورد في ذكرها:

- ‌موضوع السورة

- ‌ منهاج السورة

- ‌دروس ونتائج وأحكام

- ‌113 - سورة الفلق

- ‌فضائل المعوذتين وما ورد في ذكرهما:

- ‌موضوع السورة

- ‌ منهاج السورة

- ‌دروس ونتائج وأحكام

- ‌114 - سورة الناس

- ‌موضوع السورة

- ‌ منهاج السورة

- ‌دروس ونتائج وأحكام

الفصل: ‌ منهاج السورة

‌105 - سورة الفيل

وهي سورة مكية، وعدد آياتها (5).

‌موضوع السورة

قصة أصحاب الفيل

-‌

‌ منهاج السورة

-

1 -

امتنان اللَّه تعالى على قريش إذ نصرهم يوم الفيل وهم مشركون. فما لهم لا يؤمنون!

2 -

رَدُّ اللَّه كيد الكافرين بكيدهم حين أرادوا تخريب البيت الحرام، ومكره تعالى بهم وإنزال انتقامه الموجع بأصحاب الفيل البغاة اللئام.

3 -

جعلهم كورق الزرع إذا أكلته الدواب، وعبرة للناس على مرّ الزمان.

ص: 557

بسم الله الرحمن الرحيم

1 -

5. قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ (1) أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ (2) وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ (3) تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ (4) فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ (5)}.

في هذه الآيات: ذِكْرُ قصة أصحاب الفيل، الذين تطاولوا في البغي فحصدهم اللَّه بالطير الأبابيل، ترميهم بالحجارة فصاروا كورق الزرع المأكول.

وقصة أصحاب الفيل كما رواها ابن إسحاق رحمه الله: كان ذو نواس آخرَ ملوك حمير مشركًا قتَلَ أصحاب الأخدود وكانوا نصارى حوالي عشرين ألفًا، لم يفلت منهم إلا دوس ذو ثعلبان، فاستغاث بقيصر ملك الشام فكتب للنجاشي ملك الحبشة فبعث معه أميرين أرياط وأبرهة في جيش كثيف فدخلوا اليمن واستلبوا ملك حمير وهلك ذو نواس غريقًا في البحر. واستقل الحبشة بملك اليمن وعليهم أميران أرياط وأبرهة فاختلفا وتقاتلا كل معه جيش. فقال أحدهما للآخر:(إنه لا حاجة بنا إلى اصطلام الجيشين بيننا ولكن ابْرُزْ إليّ وأبرز إليك فأيهما قتل الآخر استقل بالملك). فتبارزا فحمل أرياط على أبرهة فضربه بالسيف فشرم أنفه وفمه وشق وجهه، فحمل عتودة مولى أبرهة على أرياط فقتله ورجع أبرهة جريحًا.

فكتب إليه النجاشي يتوعده بما فعل، فاستعطفه فرضي، قد حلف ليطأن بلاده ويجزن ناصيتَه فترقق وبعث بهدايا وتحف وجراب من تراب اليمن وجز ناصيته ليطأها فيبر قسمه، فَأُعجب النجاشي. ثم أرسل أبرهة للنجاشي يقول:(إني سأبني لك كنيسة باليمن لا مثيل لها).

فبناها بصنعاء رفيعة البناء عالية مزخرفة سمتها العرب "القليس" لارتفاعها، لأن الناظر لها تكاد تسقط قلنسوته من ارتفاعها. وعزم أبرهة أن يصرف حج العرب لها بدل مكة، فكرهت العرب العدنانية والقحطانية وغضبت قريش. قيل: بعثوا فتى ليلًا

ص: 558

فأحدث فيها فرأى السدنة ذلك وأعلموا أبرهة فأقسم ليسيرن إلى بيت مكة فيخربنه حجرًا حجرًا.

وذكر مقاتل بن سليمان: (أن فتية من قريش دخلوها فأجّجوا فيها نارًا وكان يومًا فيه هواء شديد فاحترقت وسقطت إلى الأرض).

فسار أبرهة في جيش عرمرم، واستصحب معه فيلًا عظيمًا كبير الجثة، لم يُرَ مثله يقال له "محمود" ومعه ثمانية أفيال غيره أو اثنا عشر -أخرى- ليجعل السلاسل في أركان الكعبة ثم توضع في عنق الفيل فيُزجَر ليُلقى الحائط جملة واحدة. وسمعت العرب فخرج رجل من أشراف اليمن -وهو ذو نفر- فدعا قومه لجهاد أبرهة وحماية بيت اللَّه فأجابوه وقاتلوا أبرهة، لكنهم هزموا وأسر "ذو نفر" فاستصحبه معه، فلما وصل أرض خثعم اعترض له "نفيل بن حبيب الخثعمي" في قومه فقاتلوه فهزمهم أبرهة وأُسر نفيل، فأراد قتله، ثم عفا عنه، واستصحبه ليدله في بلاد الحجاز. فلما اقترب من الطائف خرج له أهلها ثقيف وصانعوه خوفًا على بيتهم المسمى "اللات" فأكرمهم وبعثوا معه دليلًا "أبو رغال". فلما وصل أبرهة "المغمس" قرب مكة نزل به وأغار جيشه على سرح أهل مكة من الإبل فأخذوها وفيها مئتا بعير لعبد المطلب.

ثم بعث -أي أبرهة- حناطة الحميري يأتيه بأشراف مكة يخبرهم ما جاء لقتالهم إلا إن صدوه عن البيت، فدُلّ على عبد المطلب فأخبره، فقال عبد المطلب:(واللَّه ما نريد حربه وما لنا بذلك من طاقة، هذا بيت اللَّه الحرام وبيت خليله إبراهيم فإن يمنعه منه فهو بيته وحرمه).

فأقى معه أبرهة، وكان عبد المطلب رجلًا جسيمًا حسن المنظر، فنزل أبرهة عن سريره وجلس معه على البساط وقال لترجمانه:(قل له ما حاجتك؟ ) فقال: (إن حاجتي أن يردّ عليّ الملك مئتي بعير أصابها لي). فقال أبرهة لترجمانه: (قل له: قد كنتَ أعجبتني حين رأيتك، ثم قد زهدت فيك حين كلمتني، أتكلمني في مئتي بعير أصبتها لك، وتترك بيتًا هو دينك ودين آبائك قد جئت لهدمه لا تكلمني فيه؟ ). فقال له عبد المطلب: (إني أنا رب الإبل وإن للبيت ربًا سيمنعه). قال: (ما كان ليمتنع مني). قال: (أنت وذاك).

فرجع يأمر أهل مكة التحصن برؤوس الجبال، ثم قام عبد المطلب وأخذ بحلقة باب الكعبة هو ونفر من قريش يدعون اللَّه ويستنصرونه على أبرهة.

ص: 559

قال ابن إسحاق: (ثم أرسل عبد المطلب حلقة الباب ثم خرجوا إلى رؤوس الجبال).

فلما أصبح أبرهة تهيأ وهيأ فيله "محمودًا" وجيشه، فلما وجهوا الفيل نحو مكة، أقبل نفيل بن حبيب وأخذ بأذن الفيل وقال:(ابرك محمود، وارجع راشدًا من حيث جئت فإنك في بلد اللَّه الحرام).

فبرك ومضى نفيل يشتد في صعود الجبل، وضربوا الفيل ليقوم فأبى، فوجهوه راجعًا إلى اليمن فقام يهرول، ووجهوه إلى الشام ففعل مثل ذلك، ثم وجهوه إلى المشرق ففعل كذلك، ووجهوه إلى مكة فبرك. فبعث اللَّه طيرًا من البحر أمثال الخَطاطيف، مع كل طير ثلاثة أحجار: حجر بمنقاره، وحجران برجليه، فحلقت عليهم وأرسلت تلك الأحجار فهلكوا.

قال ابن إسحاق: (جاؤوا بفيلين، فأما محمود فربض، وأما الآخر فشجع فحصب). ففرت بقية الفيلة، وهلك أبرهة أثناء هربه وهلك جنده معه.

يروي مقاتل: (أن قريشًا أصابوا مالًا جزيلًا من أسلابهم وما كان معهم، وأنّ عبد المطلب أصاب يومئذ من الذهب ما ملأ حفرة).

فقصّ اللَّه في القرآن الكريم، يوم جاء الإسلام، هذه القصة، يمتن بها على قريش ويذكرهم فضله عليهم إذ نصرهم وهم مشركون، وقد كانوا تخلوا عن حماية البيت وهربوا صعودًا في الجبال.

قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ} . قال ابن عباس: (ألمْ تسمع؟ ) واللفظ استفهام، والمعنى تقرير. وقيل المعنى: ألم تخْبَر. وقيل: ألمْ تعلم. والخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم، ولكنه عام، فيه امتنان من اللَّه تعالى على قريش فما لهم لا يؤمنون؟

وأصحاب الفيل هم أولئك القوم من النصارى من الأحباش الذين ملكوا اليمن، ثم ساروا يريدون تخريب الكعبة، فلما أقبلوا على مكة أرسل اللَّه عليهم الطير المذكورة في هذه السورة فأهلكتهم، وكان ذلك آية، وقد وقع قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم بأربعين عامًا، وكان بعض الذين شهدوا ذلك أحياء عند البعثة.

وقوله تعالى: {أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ} . أي: ألم يجعل اللَّه تعالى مكرهم وسعيهم في تخريب الكعبة، ضلالًا منهم أدّى بهم إلى الهلاك. قال القرطبي: ({أَلَمْ

ص: 560

يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ} أي: في إبطال وتضييع، لأنهم أرادوا أن يكيدوا قُريشًا بالقتل والسبي، والبيت بالتخريب والهدم).

وقوله تعالى: {وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ} . أي: جماعات متفرقة. وهي طير سود جاءت من قبل البحر فوجًا فوجًا، مع كل طائر ثلاثة أحجار: حجران في رجليه، وحجر في منقاره، لا يصيب شيئًا إلا هشمه.

وعن ابن عباس: (قوله: {وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ} قال: هي التي يتبع بعضها بعضًا). وقال مجاهد: (هي شتى متتابعة مجتمعة). وقال قتادة: (الأبابيل: الكثيرة). وقال ابن زيد: (الأبابيل: المختلفة، تأتي من ها هنا، وتأتي من ها هنا، أتتهم من كل مكان). وقال أبو سلمة: (الأبابيل: الزمر). وعن عبيد بن عمير: (قوله: {طَيْرًا أَبَابِيلَ} قال: سود بحرية، في أظافيرها ومناقيرها الحجارة).

وقوله تعالى: {تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ} . قال ابن عباس: (من طين. قال: طين في حجارة. قال: سجّيل بالفارسية: سنك وكل، حجر وطين). فهي من النوع الشديد الصلب.

وقال قتادة: (كانت مع كل طير ثلاثة أحجار: حجران في رجليه، وحجر في منقاره، فجعلت ترميهم بها). فلا يصيب بها شيئًا إلا هشمه.

وقوله تعالى: {فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ} . قال مجاهد: (ورق الحنطة). وقال قتادة: (هو التَّبْنُ). وقال الضحاك: (كزرع مأكول). وقال ابن زيد: (ورق الزرع وورق البقل، إذا أكلته البهائم فَراثَتْه فصار روثًا).

والمقصود: فجعلهم اللَّه كورق الزرع إذا أكلته الدواب فرمت به من أسفل. أو كورق زرع قد أكلت منه الدواب وبقي منه التبن.

قال ابن جرير: (فجعل اللَّه أصحاب الفيل كزرع أكلته الدواب فراثته، فيبس وتفرقت أجزاؤه. شبَّه تقطع أوصالهم بالعقوبة التي أنزلت بهم، وتفرق آراب أبدانهم بها، بتفرق أجزاء الروث، الذي حدث عن أكل الزرع).

أخرج البخاري في صحيحه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [إن اللَّه حبس عن مكة

ص: 561