الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وآخر دعائهم الذي هو التسبيح: الحمد لله رب العالمين، وهو أيضا أول ثناء على الله حين دخول الجنة:{وَقالُوا: الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ، وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ، فَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ} [الزمر 74/ 39] وهو كذلك آخر كلام الملائكة: {وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ، يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ، وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ، وَقِيلَ: الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ} [الزمر 75/ 39].
قال ابن كثير: وفي هذا دلالة على أنه تعالى هو المحمود أبدا، المعبود على طول المدى، ولهذا حمد نفسه عند ابتداء خلقه واستمراره، وعند ابتداء تنزيل كتابه، حيث يقول تعالى:{الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ} [الأنعام 1/ 6]{الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلى عَبْدِهِ الْكِتابَ} [الكهف 1/ 18].
فقه الحياة أو الأحكام:
دلت الآيات على الأحكام التالية:
1 -
للكافرين الجاحدين عذاب النار بسبب ما اكتسبوا أو اقترفوا من الكفر والتكذيب والمعاصي. وقد وصفهم الله تعالى بصفات أربع هي:
الأولى-إن الذين لا يرجون لقاءنا، أي لا يخافون عقابا ولا يرجون ثوابا.
الثانية-ورضوا بالحياة الدنيا، أي رضوا بها عوضا من الآخرة، فعملوا لها.
الثالثة-واطمأنوا بها، أي فرحوا بها وسكنوا إليها.
الرابعة-والذين هم عن آياتنا غافلون، أي لا يعتبرون ولا يتفكرون بأدلتنا.
2 -
للمؤمنين المحقين العاملين الأعمال الصالحة جنات النعيم، تجري من تحتهم أي من تحت بساتينهم أو أسرّتهم الأنهار، يمجدون فيها الله تعالى بقولهم:
{سُبْحانَكَ اللهُمَّ} ويحمدون ربهم بقولهم: {الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ} والفرحة تغمرهم، والبهجة تملأ قلوبهم، والسعادة ترفرف بأجنحتها عليهم، تحية الله لهم، أو تحية الملك أو تحيتهم لبعضهم: سلام.
3 -
التسبيح والحمد والتهليل قد يسمّى دعاء،
روى مسلم والبخاري عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول عند الكرب: «لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله ربّ السموات وربّ الأرض ورب العرش الكريم» قال الطبري: كان السلف يدعون بهذا الدعاء، ويسمّونه دعاء الكرب. وهذا الدعاء الصادر من أهل الجنة ليس بعبادة إذ لا تكليف في الجنة، إنما يلهمون به، فينطقون به تلذذا بلا كلفة.
4 -
من السنة لمن بدأ بالأكل أو الشرب أن يسمّي الله عند أكله وشربه، ويحمده عند فراغه، اقتداء بأهل الجنة.
ورد في صحيح مسلم عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلة، فيحمده عليها، أو يشرب الشّربة، فيحمده عليها» .
5 -
يستحب للداعي أن يقول في آخر دعائه، كما قال أهل الجنة:{وَآخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ} .
6 -
الإيمان والعمل الصالح طريق الإنسان إلى الجنة. والله يهدي أي يسدد ويرشد بسبب الإيمان إلى طريق الاستقامة المؤدي إلى الثواب على الأعمال.
ويجوز أن يريد الله تعالى بقوله: {يَهْدِيهِمْ} أي في الآخرة بنور إيمانهم إلى طريق الجنة، كقوله تعالى:{يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ يَسْعى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِمْ} [الحديد 12/ 57] ومنه
الحديث: «إن المؤمن إذا خرج من