الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أحد، ولا خطّ بيمينه شيئا من الكلام، لا يستطيع أن يأتي بمثل هذا القرآن المعجز لكم ولكل العلماء، فأنتم وغيركم من الإنس والجن لم تستطيعوا معارضته.
وهذه إشارة إلى أن القرآن معجز خارق للعادة؛ لأنه كلام الله، وليس كلام بشر، بدليل أنكم فرسان البلاغة والفصاحة وأساطين البيان، ولم تأتوا بسورة من مثله؛ لأن فصاحته بذّت فصاحة كل منطيق، وعلا عن كل منثور ومنظوم، واحتوى على قواعد الأصول والفروع، وأعرب عن قصص الأولين، وأخبر عن مغيبات المستقبل، وجاء مطابقا للعلوم الصحيحة والنظريات العلمية الثابتة:
{قُلْ: لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ، وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً} [الإسراء 88/ 17].
فلا أحد أظلم من رجلين: أحدهما-من افترى على الله الكذب بنسبة الشريك أو الولد إليه، أو بتبديل كلامه على النحو الذي اقترحتموه، أو بالتقول على الله والزعم أن الله أرسله ولم يكن كذلك. والثاني-من كذّب بآيات الله البينة، فكفر بها، ثم علل تعالى ذلك بقوله:{إِنَّهُ لا يُفْلِحُ..} . أي إنه لا يفوز المجرمون، أي الكافرون في الآخرة، فالمقصود من قوله:{فَمَنْ أَظْلَمُ..} . نفي الكذب عن نفسه. والمقصود بقوله: {أَوْ كَذَّبَ بِآياتِهِ} إلحاق الوعيد الشديد بهم حيث كذبوا بآيات الله.
فقه الحياة أو الأحكام:
يستنبط من الآيات ما يأتي:
1 -
التسجيل الواضح الفاضح لكلام المشركين المطالبين إما الإتيان بغير القرآن وإما تبديله، والفرق بينهما أن الإتيان بغيره قد يجوز أن يكون معه غيره، وأما التبديل فلا يجوز أن يكون معه غيره. وسبب هذا الطلب إما السخرية والاستهزاء، وإما التجربة والامتحان.
ومضمون الأمرين: إما إسقاط ما في القرآن من عيب آلهتهم وتسفيه أحلامهم، وإما تحويل الوعد وعيدا، والوعيد وعدا، والحلال حراما والحرام حلالا، وإما إسقاط ما فيه من ذكر البعث والنشور. ويصح إرادة كل هذه الأشياء.
2 -
رفض مطالب المشركين، وإعلان كون القرآن كلام الله، وأن مهمة الرسول صلى الله عليه وسلم مقصورة على تبليغ ما يوحى إليه، واتباع ما يتلوه عليهم من وعد ووعيد، وتحريم وتحليل، وأمر ونهي.
3 -
الموقف الثابت من عدم التبديل والتغيير لشريعة القرآن، والإصرار على العمل بالقرآن إنما هو بسبب التعرض لعذاب عظيم يوم القيامة.
4 -
المقصود من إنزال القرآن تبليغه إلى جميع الناس، ولا سيما المشركون، ولولا أن تكون مشيئة الله ذلك لما أنزله، ولما أمر بتلاوته عليهم، ولما أخبرهم بمضمونه.
5 -
القرآن كلام الله بدليل إعجازه من حيث النظم والأسلوب والمبنى، ومن حيث المعاني التي اشتمل عليها، وبدليل كون المبلّغ له أمّيا لم يقرأ ولم يكتب ولم يتعلم من أحد، وبدليل التحدي لمعارضته والإتيان بمثله أو بأقصر سورة من مثله.
6 -
لا أحد أظلم ولا أعتى ولا أشد إجراما ممن افترى على الله الكذب، وبدّل كلامه وأضاف شيئا إليه مما لم ينزله، وكذلك لا أحد أظلم منكم أيها المشركون والكفار إذا أنكرتم القرآن وافتريتم على الله الكذب، وقلتم: ليس هذا كلامه.
7 -
لا فوز ولا فلاح للمجرمين الكافرين، والاجرام مصيره الخيبة حتما.