الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
معنى الآيات:
وتجاوزنا ببني إسرائيل البحر بقدرتنا وحفظنا، فلحقهم فرعون وجنوده ظلما وعدوا، أي باغين وعادين عليهم، أو للبغي والعدوان، والفتك بهم، أو إعادتهم إلى مصر ليعذبوهم سوء العذاب ويستعبدوهم كما كانوا يفعلون.
فلما أشرف على الغرق، قال: آمنت بأنه لا إله بحق إلا الله الذي آمنت به بنو إسرائيل، وأنا من المسلمين أي المنقادين المذعنين لأمره.
وكرر فرعون بهذه العبارة المعنى الواحد ثلاث مرات، في ثلاث عبارات، حرصا منه على القبول، ومع ذلك لم يقبل منه إيمانه حيث أخطأ وقته، وقاله عند الإكراه والاضطرار، وحين لم يبق له اختيار قط. ويلاحظ أن المرة الواحدة كانت كافية في حال الاختيار.
فردّ الله تعالى عليه على لسان جبريل، أو بإلهام من الله تعالى نفسه بقوله:
{آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ} أي أتؤمن الساعة في وقت الاضطرار حين أدركك الغرق، وأيست من نفسك، وقد عصيت الله قبل هذا، وكنت من الضالين المضلين عن الإيمان، كقوله تعالى:{الَّذِينَ كَفَرُوا، وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ، زِدْناهُمْ عَذاباً فَوْقَ الْعَذابِ بِما كانُوا يُفْسِدُونَ} [النحل 88/ 16].
{فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ..} . أي فاليوم نرفعك على مكان مرتفع من الأرض، وننقذك بجسدك الذي لا روح فيه، أو ببدنك كاملا سويا لم ينقص منه شيء ولم يتغير من الارتماء في قعر البحر؛ لتكون لبني إسرائيل دليلا أو علامة على موتك وهلاكك وكان في أنفسهم أن فرعون أعظم شأنا من أن يغرق، ولتكون عبرة لمن بعدك من الناس يعتبرون بك، فينزجرون عن الكفر والفساد في الأرض وادعاء الربوبية.
وفي هذا دليل على كمال قدرة الله تعالى وعلمه وإرادته.
{وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النّاسِ..} . أي وإن أكثر الناس لغافلون عن حججنا وأدلتنا على أن العبادة لله وحده، فلا يتعظون بها ولا يعتبرون بها، لعدم تفكرهم في أسبابها ونتائجها. وفي الآية دلالة على ذم الغفلة وعدم التفكر في أسباب الحوادث وعواقبها.
وقد كان هلاكهم يوم عاشوراء من شهر المحرم،
كما أخرجه البخاري عن ابن عباس قال: قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة واليهود تصوم يوم عاشوراء، فقال:
«ما هذا اليوم الذي تصومونه؟» فقالوا: هذا يوم ظهر فيه موسى على فرعون، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه:«أنتم أحق بموسى منهم، فصوموه» .
ثم أخبر الله تعالى بالمناسبة عما أنعم به على بني إسرائيل من النعم الدينية والدنيوية فقال: {وَلَقَدْ بَوَّأْنا بَنِي إِسْرائِيلَ..} . أي ولقد أنزلنا بني إسرائيل منزلا صالحا مرضيا، وهو منزلهم سابقا في مصر، ولاحقا في فلسطين، ورزقناهم من الطيبات أي اللذائذ المستطابة المباحة فيها، وأنعمنا عليهم فيها بكثير من الخيرات من الثمار والغلال والأنعام وصيود البر والبحر.
لقد وعدهم الله على لسان إبراهيم وإسحاق ويعقوب أرض فلسطين في الماضي، ولكن لما كفروا بالأنبياء، وعلى التخصيص عيسى ومحمد عليهما السلام، نزعها الله منهم. فليس لهم أي حق ديني بعدئذ في الاستيطان بأرض فلسطين بعد بغيهم وعدوانهم وكفرهم برسالات الله تعالى.
وللعلماء في تحديد المراد ببني إسرائيل قولان: الأول-أنهم اليهود الذين كانوا في زمن موسى عليه السلام، وعلى هذا يكون مبوأ الصدق مصر والشام، والطيبات منافع تلك البلاد ووراثة بني إسرائيل ما كان تحت أيدي قوم فرعون، وأن التوراة هي العلم الذي أدى إلى الاختلاف بينهم.. والقول الثاني-هم اليهود