المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وشؤم مشاهدتهم. وفي تقديم التّوكل على الدّعاء تنبيه على أن - التفسير المنير - الزحيلي - جـ ١١

[وهبة الزحيلي]

فهرس الكتاب

- ‌مؤاخذة المتخلفين الأغنياء بغير عذر

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌اعتذار المنافقين المتخلفين عن غزوة تبوك وحلفهم الأيمان الكاذبة

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌كفر‌‌ الأعرابونفاقهم وإيمانهم

- ‌ الأعراب

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌نزول الآية (97):

- ‌نزول الآية (99):

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌أصناف الناس في المدينة وما حولها

- ‌ الْأَعْرابِ

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌أخذ الصدقة وقبول التوبة والأمر بالعمل الصالح

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة وتعيين المراد بالصدقة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الثلاثة الذين خلّفوا عن التوبة عليهم

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌مسجد الضّرار (مسجد المنافقين) ومسجد التّقوى (مسجد قباء)

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌صفات المؤمنين الصادقين الكمّلوهم المجاهدون التائبون العابدون

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الاستغفار للمشركين وشرط المؤاخذة (العقاب) على الذنوب

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌التوبة على أهل تبوك وعلى الثلاثة المخلفين والصدق

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌الصفة الأولى:

- ‌‌‌والصفة الثانية:

- ‌والصفة الثانية:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌فرضية الجهاد على أهل المدينة و‌‌الأعرابوثوابه

- ‌الأعراب

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الجهاد فرض كفاية وطلب العلم فريضة

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌السياسة الحربية في قتال الكفار

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌موقف المنافقين من سور القرآن

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌صفات الرسول صلى الله عليه وسلم ذات الصلة بأمته

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌سورة يونس عليه السلام

- ‌تسميتها:

- ‌موضوعها:

- ‌مناسبتها لما قبلها:

- ‌ما اشتملت عليه السورة:

- ‌قضية إنزال الوحي إلى النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الله خالق السموات والأرض وعلى الخلق عبادته

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌إثبات البعث والجزاء

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌إثبات القدرة الإلهية في الكونبالشمس والقمر واختلاف الليل والنهار

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌المؤمنون والكافرون وجزاء كلّ

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌استعجال الإنسان الخير دائما والشرّ حال الغضب

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌سنة الله في إهلاك الأمم الظالمة الكافرة واستخلاف خلائف بعدهم

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌مطالبة المشركين بقرآن آخر أو بتبديل بعض آياته

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌عبادة الأصنام وادعاء شفاعتها

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الأصل في الناس جميعا كونهم على الدين الحق

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌طلب المشركين إنزال آية كونية

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌عادة الكفار المكر واللجاج والعناد وعدم الإنصاف

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌مثل الحياة الدنيا في سرعة زوالها وفنائها

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الترغيب في الجنة ووصف حال المحسنين والمسيئين في الآخرة

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌حشر الخلائق وتبرؤ الشركاء من المشركين ومن عبادتهم

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌إثبات التوحيد بثبوت الربوبية لدى المشركين

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌إثبات البعث

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌القرآن كلام الله وتحدي العرب به

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌انقسام المشركين إلى فريقين حول الإيمان بالقرآن والنبي

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌زوال الدنيا سريع

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌تعذيب المشركين في الدنيا والآخرة

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌مقاصد القرآن الكريم

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الإنكار على المشركين بالتحليل والتحريم للأنعام

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌إحاطة علم الله تعالى بجميع شؤون العباد وأعمالهموبكل الكائنات

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌أولياء الله-أوصافهم وجزاؤهم

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌العزة والملك لله تعالىوفائدة جعله الليل والنهار

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الإشراك بنسبة الولد لله تعالى

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌قصة نوح عليه السلام مع قومه

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌عادة الأمم في تكذيب الأنبياء

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌قصة موسى عليه السلام مع فرعون

- ‌1 -الحوار بين موسى وفرعون

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌والخلاصة:

- ‌2 -إحضار فرعون السّحرة لمقاومة دعوة موسى

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌3 -إيمان طائفة من بني إسرائيل بدعوة موسى

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌4 -دعاء موسى على فرعون وملئه

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌5 -إغراق فرعون وجنوده وإنجاء بني إسرائيل

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌معنى الآيات:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌تأكيد صدق القرآن فيما قال ووعد وأوعد

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌قصة يونس عليه السلام مع قومه

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌أضواء من التاريخ:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌فرضية النظر والتفكير وإنذار المهملين

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌إخلاص العبادة لله تعالى ونبذ الشرك

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الإسلام دين الحق ووجوب اتباعه

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

الفصل: وشؤم مشاهدتهم. وفي تقديم التّوكل على الدّعاء تنبيه على أن

وشؤم مشاهدتهم. وفي تقديم التّوكل على الدّعاء تنبيه على أن الدّاعي ينبغي أن يتوكّل أولا لتجاب دعوته.

{أَنْ تَبَوَّءا} اتّخذا مباءة ومسكنا يسكنون فيها أو يرجعون إليها للعبادة. {وَاجْعَلُوا} أنتما وقومكما. {بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً} مصلّى أو مساجد تصلّون فيها لتأمنوا من الخوف، وكان فرعون منعهم من الصّلاة. {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ} أتّموها فيها حتى لا يؤذيهم الكفرة ويفتنوهم عن دينهم.

{وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} بالنّصر في الدّنيا والجنّة في الآخرة.

وإنما ثنّى ضمير {تَبَوَّءا} أولا؛ لأن التبوء للقوم واتّخاذ المعابد مما يتعاطاه رؤوس القوم بتشاور، ثم جمع في قوله:{وَاجْعَلُوا} لأن جعل البيوت مساجد والصّلاة فيها مما ينبغي أن يفعله كل أحد، ثم أفرد بقوله:{وَبَشِّرِ} لأن البشارة في الأصل وظيفة صاحب الشّريعة.

‌المناسبة:

أبان الله تعالى أنه بالرّغم من مشاهدة المعجزات الباهرة على يد موسى عليه السلام، فإنه لم يؤمن به من بني إسرائيل إلا طائفة من شبّان قومه، توطئة لإخراجهم من أرض مصر. وفي ذلك تسلية للنّبي محمد صلى الله عليه وسلم؛ لأنه كان يغتم بسبب إعراض القوم عنه واستمرارهم على الكفر، فله بسائر الأنبياء أسوة.

‌التفسير والبيان:

هذا هو الفصل الثالث من قصة موسى عليه السلام.

يخبر الله تعالى أنه لم يؤمن بموسى عليه السلام في أول أمره، مع ما جاء به من الآيات البيّنات والحجج القاطعات، إلا قليل من قومه بني إسرائيل، وهم طائفة من الشباب، على وجل وخوف من فرعون وملئه أن يردوهم إلى ما كانوا عليه من الكفر؛ لأن فرعون كان جبارا عنيدا، مسرفا في التّمرد والعتوّ متجاوزا الحدّ في الظلم والفساد، شديد البطش والفتك، حتى إنه ادّعى الرّبوبية واسترقّ أسباط الأنبياء، وكانت له سطوة ومهابة تخاف رعيته منه خوفا شديد. فالضمير في

ص: 244

{قَوْمِهِ} عائد إلى بني إسرائيل قوم موسى، لأن الضمير يعود إلى أقرب المذكورين. وهذا قول مجاهد.

وقيل: الضمير في {قَوْمِهِ} لفرعون، والذّرّية: مؤمن آل فرعون، وآسية امرأته، وخازنه، وامرأة خازنه، وماشطته. وهذا قول ابن عباس.

وضمير {مَلائِهِمْ} يعود إلى فرعون بمعنى آل فرعون، أو على ما هو المعتاد في ضمير العظماء.

والذّرّية: أولاد الذين أرسل إليهم موسى.

{وَقالَ مُوسى: يا قَوْمِ، إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ.} . أي وقال موسى لمن آمن من قومه وقد رأى خوفهم من الاضطهاد والتّعذيب: إن كنتم آمنتم أي صدّقتم بالله وبآياته حقّ الإيمان، فعليه توكّلوا واعتمدوا، وبه ثقوا، واطمئنوا لوعده، إن كنتم مسلمين أي إن كنتم مستسلمين لقضاء الله، مذعنين مخلصين له؛ إذ لا يكون الإيمان كاملا إلا إذا صدّقه العمل وهو الإسلام، فالمعلّق بالإيمان وجوب التّوكل، فإنه المقتضي له، ثم شرط في التّوكل الإسلام: وهو أن يسلموا نفوسهم لله بأن يجعلوها له سالمة خالصة، لا حظّ للشيطان فيها، وذلك بأن يعملوا بالأحكام؛ لأن التوكل الصحيح لا يكون مع خلطه بغيره. والخلاصة: أن الإيمان: عبارة عن صيرورة القلب عارفا بأن واجب الوجود لذاته واحد، وأن ما سواه محدث مخلوق تحت تدبيره وقهره وتصرفه. والإسلام: هو الانقياد للتّكاليف الصادرة عن الله تعالى، وإظهار الخضوع وترك التّمرد.

فقالوا على الفور ممتثلين أمره لأنهم كانوا مؤمنين مخلصين: {عَلَى اللهِ تَوَكَّلْنا} وبه وحده استعنا على أعدائنا، ثم دعوا ربّهم قائلين:{رَبَّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظّالِمِينَ} أي بأن تنصرهم علينا وتسلطهم علينا فيفتتن الناس،

ص: 245

ويقولون: لو كان هؤلاء على حقّ لما هزموا أمام فرعون وظلمه، أو موضع فتنة لهم أي عذاب بأن يفتنونا عن ديننا {وَنَجِّنا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكافِرِينَ} أي خلّصنا برحمتك وإحسانك وعفوك من تسلّط الكافرين بك، الظالمين الطّغاة، الذين كفروا الحقّ وستروه، ونحن قد آمنّا بك وتوكّلنا عليك.

وقد دعوا بهذا الدّعاء؛ لأن التّوكل على الله هو أعظم علامات الإيمان لا يكمل إلا بالصّبر على الشّدائد، والدّعاء لا يستجاب إلا مع الطاعة واتّخاذ الأسباب، قال تعالى:{وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق 3/ 65]، وكثيرا ما يقرن الله بين العبادة والتّوكل كقوله:{فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ} [هود 123/ 11]، وقوله تعالى:{قُلْ: هُوَ الرَّحْمنُ آمَنّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنا} [الملك 29/ 67]، وقوله تعالى:{رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلاً} [المزمل 9/ 73]. وأمر الله تعالى المؤمنين أن يكرروا في صلواتهم:

{إِيّاكَ نَعْبُدُ وَإِيّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة 5/ 1].

ثم ذكر الله تعالى سبب إنجائه بني إسرائيل من فرعون وقومه، وكيفية خلاصهم منهم، فقال:{وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى وَأَخِيهِ.} . أي أمرنا موسى وأخاه هارون عليهما السلام أن يتبوأ أي يتّخذا لقومهما بمصر بيوتا تكون مساكن للاعتصام فيها، والأصح أن تكون مساجد وليست منازل مسكونة في رأي أكثر المفسّرين.

وأمرهما مع قومهما أن يجعلوا البيوت مساجد متّجهة نحو القبلة، بأن يصلّوا في بيوتهم؛ لأنهم كانوا خائفين. وقال قتادة والضّحّاك وسعيد بن جبير:

{وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً} أي يقابل بعضها بعضا. قال القرطبي: والقول الأول أصح؛ أي اجعلوا مساجدكم إلى القبلة باتّجاه بيت المقدس، وهو قبلة اليهود إلى اليوم.

ص: 246