الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المفردات اللغوية:
{أَوْلِياءَ اللهِ} أي أحبابه وأصفياؤه والمقرّبون إليه، الذين يتولونه بالطاعة ويتولاهم بالكرامة، هم المؤمنون المتقون كما فسرتهم الآية، فكل من كان تقيا كان لله وليا. {وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} بفوات مأمول.
{وَكانُوا يَتَّقُونَ} الله بامتثال أمره ونهيه {الْبُشْرى} الخبر السارّ، وهي ما بشّر الله به المتقين في كتابه وعلى لسان نبيه صلى الله عليه وسلم، وما يريهم في الرؤيا الصالحة، كما في حديث صححه الحاكم:
يراها الرجل أو ترى له، وما يسنح لهم من المكاشفات، وبشرى الملائكة عند النزع {وَفِي الْآخِرَةِ} الجنة والثواب وتلقي الملائكة إياهم مسلّمين مبشرين بالفوز والكرامة. {لا تَبْدِيلَ لِكَلِماتِ اللهِ} لا خلف لمواعيده {ذلِكَ} المذكور.
المناسبة:
بعد أن أبان الله تعالى إحاطة علمه بأعمال العباد وبجميع الكائنات ليكون ذلك باعثا لهم على الشكر والعبادة، ذكر حال الشاكرين المتقين الذين حسن جزاؤهم في الآخرة.
التفسير والبيان:
إن أولياء الله الذين يتولونه بالطاعة والعبادة، ويتولاهم بالكرامة هم الذين آمنوا بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وكانوا يتقون الله بامتثال أوامره واجتناب نواهيه، فكل من كان تقيا كان لله وليا. وأولياء الله هم الذين جمعوا بين الإيمان الصحيح والتقوى. فلا خوف عليهم في الدنيا من مكروه يتوقع، كما قال تعالى:{فَلا تَخافُوهُمْ وَخافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [آل عمران 175/ 3] أي لا تخافوا أولياء الشيطان وأنصاره.
ولا خوف عليهم في الآخرة مما يخاف منه الكفار والعصاة من أهوال الموقف وعذاب القيامة، كما قال تعالى:{لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ} [الأنبياء 103/ 21].
ولا هم يحزنون في الدنيا من فوات مأمول، ولحوق مكروه، وذهاب محبوب؛ لأنهم يؤمنون بالقضاء والقدر، ويبتغون رضوان الله، كما لا يحزنون في الآخرة من مخاوف القيامة.
روى البزار عن ابن عباس قال: قال رجل: يا رسول الله، من أولياء الله؟ قال:«الذين إذا رؤوا ذكر الله» .
ولهم البشرى في الحياة الدنيا بالنصر والاستخلاف في الأرض ما داموا على شرع الله ودينه، يقيمون الصلاة، ويؤتون الزكاة، ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، كما قال تعالى:{وَلَيَنْصُرَنَّ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} .
{الَّذِينَ إِنْ مَكَّنّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقامُوا الصَّلاةَ، وَآتَوُا الزَّكاةَ، وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ، وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ، وَلِلّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ} [الحج 41/ 22] وقال سبحانه: {وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ} [النور 55/ 24].
ومن بشائر الدنيا لهم الرؤيا الصالحة، روى أحمد والحاكم عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله:{لَهُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ} قال: «هي الرؤيا الصالحة، يراها المسلم أو ترى له» .
ومن البشائر بشرى الملائكة لهم بحسن الحال وبالدرجة الرفيعة عند النزع:
{الَّذِينَ تَتَوَفّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ: سَلامٌ عَلَيْكُمْ} [النحل 32/ 16].
ولهم البشرى في الحياة الآخرة بحسن الثواب والنعيم المقيم في الجنة، كما قال تعالى:
{يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوانٍ وَجَنّاتٍ لَهُمْ فِيها نَعِيمٌ مُقِيمٌ} [التوبة 21/ 9].
وتلقي الملائكة لهم يبشرونهم بالجنة، كما قال تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ قالُوا:}
{رَبُّنَا اللهُ، ثُمَّ اسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلاّ تَخافُوا وَلا تَحْزَنُوا، وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ. نَحْنُ أَوْلِياؤُكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ، وَلَكُمْ فِيها