الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أول أيام وجوده، يوم حللت بدار الهجرة، وهو مسجد قباء، كما في البخاري. والتّقوى: ما يرضي الله ويبقي من سخطه. {أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ} أجدر بأن تقوم فيه. {فِيهِ رِجالٌ} هم الأنصار.
{يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ} أي يثيبهم.
{عَلى تَقْوى} مخافة من الله. {وَرِضْوانٍ} ورجاء رضوان منه وهذا مثال مسجد قباء.
{عَلى شَفا} طرف أو حرف أو حدّ. {جُرُفٍ} جانب الوادي ونحوه. {هارٍ} مشرف على السقوط. {فَانْهارَ بِهِ} سقط مع بانيه. {فِي نارِ جَهَنَّمَ} وهذا تمثيل للبناء على غير التقوى بما يؤول إليه، وهو مثال مسجد الضّرار.
{رِيبَةً} شكّا وحيرة. {تَقَطَّعَ} تنفصل وتنفرق قلوبهم أجزاء، بأن يموتوا. {وَاللهُ عَلِيمٌ} بخلقه. {حَكِيمٌ} في صنعه بهم.
سبب النزول:
نزول آية {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا} :
قال المفسّرون: إن بني عمرو بن عوف وهم من الأوس اتّخذوا مسجد قباء
(1)
، وبعثوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأتيهم، فأتاهم فصلّى فيه، فحسدهم إخوانهم بنو غنم بن عوف وهم من الخزرج، وقالوا: نبي مسجدا، ونبعث إلى النّبي صلى الله عليه وسلم يأتينا فيصلّي لنا فيه، كما صلّى في مسجد إخواننا، ويصلّي فيه أبو عامر الراهب إذا قدم من الشّام؛ فأتوا النّبي صلى الله عليه وسلم، وهو يتجهّز إلى تبوك، فقالوا: يا رسول الله، قد بنينا مسجدا لذي الحاجة، والعلّة، والليلة المطيرة، ونحبّ أن تصلّي لنا فيه وتدعو بالبركة.
فقال النّبي صلى الله عليه وسلم: «إنّي على سفر وحال شغل، فلو قدمنا لآتيناكم، وصلّينا لكم فيه» .
(1)
لما هاجر النّبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، نزل أولا قباء على كلثوم بن الهدم شيخ بني عمرو بن عوف، وهم بطن من الأوس. وقباء: قرية على ميلين جنوب المدينة، وأقام بها رسول الله صلى الله عليه وسلم من الاثنين إلى الجمعة، وأسس مسجد قباء.
فلما انصرف النّبي صلى الله عليه وسلم من تبوك أتوه وقد فرغوا منه، وصلّوا فيه الجمعة والسبت والأحد، فدعا بقميصه ليلبسه ويأتيهم، فنزل عليه القرآن بخبر مسجد الضّرار.
فدعا النّبي صلى الله عليه وسلم مالك بن الدّخشم، ومعن بن عدي، وعامر بن السّكن، ووحشيا قاتل حمزة، فقال:«انطلقوا إلى هذا المسجد الظالم أهله، فاهدموه وأحرقوه» .
فخرجوا مسرعين، وأخرج مالك بن الدّخشم من منزله شعلة نار، ونهضوا فأحرقوا المسجد وهدموه، وكان الذين بنوه اثني عشر رجلا.
وأما أبو عامر الراهب: فهو رجل من الخزرج، كان قد تنصّر، وكان له منزلة كبيرة في أهل الكتاب، فلما قدم النّبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة مهاجرا، واجتمع عليه المسلمون، وعلت كلمة الإسلام، خرج فارّا إلى مكة، وألّب المشركين على المسلمين في وقعة أحد. ولما فرغ الناس من الموقعة فرّ إلى هرقل ملك الرّوم يستنصره، فوعده وحباه.
وكتب أبو عامر إلى جماعة من قومه من أهل النّفاق: أنه سيقدم بجيش يقاتل به محمدا ويغلبه، وأمرهم أن يتّخذوا له معقلا يأوي إليه من يقوم من عنده لأداء كتبه، ويكون مرصدا له إذا قدم عليهم بعد ذلك.
والخلاصة: أن هذا المسجد بناه اثنا عشر رجلا من المنافقين، بمشورة أبي عامر الرّاهب، ولقي هوى في نفوس أبناء عمّ بني عمرو بن عوف، لينافسوهم على تأسيس مسجد قباء، ومضاهاتهم به، وليكون مقرّا لأبي عامر إذا قدم، ليكون إمامهم فيه.