الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
البلاغة:
{أَتَقُولُونَ عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ} استفهام يراد به التوبيخ والتقريع على اختلافهم وجهلهم.
المفردات اللغوية:
{قالُوا} أي اليهود والنصارى والمشركون الذين زعموا أن الملائكة بنات الله {اِتَّخَذَ اللهُ وَلَداً} أي تبناه، والولد يستعمل مفردا وجمعا {سُبْحانَهُ} رد الله عليهم بقوله:{سُبْحانَهُ} أي تنزيها وتقديسا له عن التبني، فإنه لا يصح إلا ممن يتصور له الولد، والمراد التعجب من كلمتهم الحمقاء {هُوَ الْغَنِيُّ} عن كل أحد، وإنما يطلب الولد من يحتاج إليه، وهو علة لتنزيهه، فإن اتخاذ الولد مسبب عن الحاجة.
{لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ} ملكا وخلقا وعبيدا، وهو تقرير لغناه {إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطانٍ بِهذا} أي ما عندكم من حجة وبرهان على هذا الذي تقولونه {أَتَقُولُونَ عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ} توبيخ وتقريع على قولهم.
{يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ} بنسبة الولد وإضافة الشريك إليه {لا يُفْلِحُونَ} لا يسعدون، فلا ينجون من النار، ولا يفوزون بالجنة {مَتاعٌ} أي لهم متاع قليل {فِي الدُّنْيا} يتمتعون به طوال حياتهم {ثُمَّ إِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ} بالموت فيلقون الشقاء المؤبد {ثُمَّ نُذِيقُهُمُ} بعد الموت {بِما كانُوا يَكْفُرُونَ} بسبب كفرهم.
المناسبة:
بعد أن حكى الله تعالى أفعال المشركين باتخاذ الأوثان والأصنام شفعاء، وردّ عليهم ردا مقنعا، ذكر هنا نوعا آخر من أباطيلهم وهو نسبة الولد إلى الله تعالى، وهذا يشمل المشركين القائلين بأن الملائكة بنات الله، واليهود القائلين بأن عزيزا ابن الله، والنصارى القائلين بأن المسيح عيسى ابن الله.
التفسير والبيان:
موضوع الآيات: الإنكار على المشركين واليهود والنصارى الذي ادعوا أن الله تعالى ولدا.
والمعنى: وقال المشركون: الملائكة بنات الله، وقالت اليهود: عزير ابن الله، وقالت النصارى: المسيح ابن الله.
{سُبْحانَهُ} تنزه وتقدس الله عن التبني، والمراد التعجب من كلامهم الباطل، فإن التبني لا يصح إلا ممن يتصور له الولد، والله لا والد له ولا ولد.
{هُوَ الْغَنِيُّ} علة لتنزيهه، أي أن الله هو الغني بذاته عن كل ما سواه، وكل شيء فقير إليه، ولا حاجة له للولد، وإن اتخاذ الولد ناشئ عن الحاجة.
{لَهُ ما فِي السَّماواتِ.} . فكيف يكون له ولد مما خلق؟ وكل شيء مملوك له وعبد له، وهو خالق السموات والأرضين وكل ما فيهما، لا يشبهه أحد من خلقه، ولا يحتاج إلى أحد من خلقه، بل الكل محتاج إليه، وكل ما في السموات وما في الأرض له ملكا وخلقا وعبيدا، وتصريفا، لا يشاركه في ذلك أحد، فكيف بالموجد الخالق واهب الحياة وحوائجها يتخذ ولدا موجودا مخلوقا موهوبا له، محتاجا إليه في كل شيء مادي كالرزق ومعنوي كالإعانة والنصرة والإعزاز؟!.
{إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطانٍ بِهذا} أي ليس عندكم دليل على ادعائكم وما تقولونه من الكذب والبهتان.
{أَتَقُولُونَ عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ} أي أتقولون على الله قولا لا حقيقة له، وتنسبون إليه تعالى مالا يصح عقلا وواقعا نسبته إليه. وهذا استفهام يراد به التوبيخ والتقريع، أو الإنكار والوعيد الأكيد، والتهديد الشديد. قال البيضاوي: وفي هذا دليل على أن كل قول لا دليل عليه فهو جهالة، وأن العقائد لا بد لها من دليل قاطع، وأن التقليد فيها غير سائغ.
ونظير الآية قوله تعالى: {وَقالُوا: اِتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً. لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدًّا. تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ، وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ، وَتَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا. أَنْ دَعَوْا