الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3 -
{ما منعك أن تسجد} [ص: 75].
فقد ترددت مشتقات السجود في الأعراف في هذه القصة وحدها أربع مرات، وفي سورة (ص) ثلاث مرات. فناسب ذلك أن يؤكد السجود في الأعراف دون (ص) والله أعلم.
إذن
إذن جواب وجزاء (1). يقول الرجل: سأزورك، فتقول: إذن أحسن إليك، فأنت أجبته وجعلت إحسانك إليه جزاء لزيارته، فالإحسان مشروط بالزيادة، فكانت (إذن) هنا جوابا وجزاء.
جاء في (المفصل): " يقول الرجل: أنا آتيك، فتقول: أذن أكرمك، فهذا الكلام، قد أجبته به وصيرت أكرامك جزاء له على إتيانه.
وقال الزجاج: تأويلها أن كان الأمر كما ذكرت فإني أكرمك (2). وقد تتمحض للجواب فلا يكون فيها مجازاة، وذلك نحو أن يقال لك: أنا أحبك، فتقول: إذن أظنك صادقا، فلا مجازاة هنا (3).
وينتصب بعدها الفعل المضارع بشرط تصديرها واستقباله واتصالها بالفعل (4).
ومعنى التصدير أن تقع في اول الجملة، نحو قولك لمن قال لك: سأزورك، إذن أكرمك، بالنصب لا غير لأنها وقعت في أول الكلام، وكان الكلام مبنيا عليها.
(1) كتاب سيبويه 2/ 312
(2)
المفصل 2/ 216
(3)
المغنى 1/ 20
(4)
انظر المغني 1/ 21
فإذا لم يعتمد الكلام عليها، بل كان ما بعدها من تمام من قبلها الغيت، وذلك في ثلاثة مواضع (1).
الأول: أن يكون ما بعدها خبرا لما قبلها، نحو (أنا إذن أكرمك) و (إني إذن أحسن إليك) فهنا يجب رفع الفعل لفوات التصدير، وذلك أن الفعل فيهما معتمد على ما قبلها فهو خبر لهما، ووقعت (إذن) معترضة بين المبتدأ والخبر (2). كأنك قلت: أنا أكرمك إذن.
الثاني: أن يكون جزاء للشرط الذي قبلها، نحو (إن تأتني إذن أكرمك) فأكرمك مجزوم لأنه جواب الشرط، وهي معترضة بين الشرط والجواب، وليس الكلا معتمدا عليها.
الثالث: أن يكون جوابا للقسم الذي قبلها، نحو (والله إذن لأخرجن) فـ (لأخرجن) جواب القسم وهي معترضة بين القسم والجواب، وقد بني الكلام على القسم، وكذلك قولك (والله إذن لا أخرج) بالرفع فلا يجوز النصب هنا لأنه جواب للقسم بخلاف ما إذا قدمتها فقلت (إذن والله أكرمك) فإن الفعل ينتصب بعدها، وذلك لأن الكلام مبني عليها، وكان اليمين معترضا.
جاء في (كتاب سيبويه): " ومن ذلك أيضا قولك (إن تأتني إذن آتك) لأن الفعل ههنا معتمد على ما قبل (إذن) .. ومن ذلك أيضا (والله إذن لا أفعل) من قبل أن (أفعل) معتمد عى اليمين، و (إذن) لغو وليس الكلام ههنا بمنزلته، إذا كانت (إذن) في أوله لأن اليمين ههنا الغالبة، ألا ترى أنك تقول إذا كانت إذن مبتدأة (إذن والله أفعل) لأن الكلام على إذن، و (والله) لا يعمل شيئا.
ولو قلت: (والله إذن أفعل) تريد أن تخبر أنك فاعل، لم يجز كما لا يجوز (والله أذهب إذن) إذا أخبرت أنك فاعل، فقبح هذا يدلك على أن الكلام معتمد على اليمين (3).
(1) انظر شرح الرضي على الكافية 2/ 264 - 265، المفصل 2/ 216
(2)
انظر شرح شذور الذهب 290
(3)
كتاب سيبويه 1/ 411 - 412
وجاء في (المقتضب): "والموضع الذي لا تكون فيه عاملة البتة قولك: (إن تأتني إذن آتك) لأنها داخلة بين معمول ومعمول فيه.
وكذلك إن كانت في القسم، بين المقسم به والمقسم عليه، نحو قولك (والله إذن لا أكرمك، ) لأن الكلام معتمد على القسم، فإن قدمتها كان الكلام معتمدا عليها، فكان القسم لغوا نحو (إذن والله أضربك) لأنك تريد (إذن أضربك والله).
فالذي تلغيه لا يكون مقدما، إنما يكون في أضعاف الكلام، ألا ترى أنك لا تقول (ظننت زيد منطلق) لأنك إذا قدمت الظن، فإنما تبني كلامك على الشك (1).
فهي - كما ترى - نظيرة (ظننت) وأخواتها، فكما أن (ظننت) إذا أعتمد الكلام عليها، أعملت، وإذا لم يبن الكلام عليها ألغيت كذلك (إذن) إذا اعتمد الكلام عليها اعملت، وإذا لم يعتمد الكلام عليها الغيت.
فإذا وقعت في أول الكلام، كان الكلام مبنيا عليها، وإذا توسطت أو تأخرت، كانت معترضة ملغاة. جاء في (المقتضب): " اعلم أن (إذن) في عوامل الأفعال كـ (ظننت) في عوامل الأسماء، لأنها تعمل وتلغى كـ (ظننت) ألا ترى أنك تقول:(ظننت زيدًا قائمًا) و (زيد ظننت قائم) إذا أردت: زيد قائم في ظني، وكذلك (إذن) إذا أعتمد الكلام عليها نصب بها، وإذا كانت بين كلامين أحدهما في الآخر عامل الغيت، ولا يجوز أن تعمل في هذا الموضع، كما تعمل (ظننت) إذا قلت (زيدا ظننت قائمًا) لأن عوامل الأفعال لا يجوز فيها التقديم والتأخير، لأنها لا تتصرف (2).
فإن كان ما قبلها واوا أو فاء، جاز نصب الفعل بعدها ورفعه باعتبارين مختلفين، وذلك نحو قولك (أنا أزورك وإذن أنفعك) فهنا يجوز في (أنفعك) الرفع والنصب،
(1) المقتضب 2/ 11
(2)
المقتضب 2/ 10، وانظر كتاب سيبويه 1/ 410 - 411
فالرفع على أنه معطوف على (أزورك) الذي هو الخبر وكانت (إذن) معترضة كأنك قلت: أنا أزورك، وأنفعك إذن، أو على أنك تنفعه الآن في المستقبل أي أنك قائم بنفعه، لأنها لا ينتصب الفعل بعدها إلا إذا كان مستقبلا.
والنصب على أنه جملة مستأنفة وليست خبرا، بل هي جملة مصدرة بإذن تنوي، بها نفعة في المستقبل.
جاء في (شرح ابن يعيش): " أن يكون ما قبلها واوا أو فاء فيجوز أعمالها والغاؤها وذلك قولك (زيد يقوم وإذن يذهب) فيجوز ههنا الرفع والنصب باعتبارين، مختلفين، وذلك أنك إن عطفت (وإذن يذهب) على (يقوم) الذي هو الخبر، الغيت (إذن) من العمل وصار بمنزلة الخبر، لأن ما عطف على شيء صار واقعا موقعه، فكأنك قلت (زيد إذن يذهب) فيكون قد اعتمد ما بعدها على ما قبلها لأنه خبر المبتدأ، وإن عطفته على الجملة الأولى كانت الواو كالمستأنفة، وصار في حكم ابتداء كلام، فأعمل لذلك ونصب به (1).
ونحوه قولك: (إن تأتني آتك وإذن أكرمك) فإن شئت رفعت (أكرمك)، وإن شئت نصبته وإن شئت جزمته وذلك بحسب المعنى والقصد فالجزم على أنه معطوف على الجواب فهو جواب مثله، والمعنى أن تأتني آتك وأكرمك، إذن فالاتيان والإكرام مشروطن باتيانه هو، وإن نصبت فليس على أنه عطف على الجواب، بل على أنه جملة مستقلة، والعنى أنه سيكرمه في المستقبل، وليس ذلك متربطا بالجواب، والمعنى أنك أن تأتني آتك، ثم أخبرته بأنك ستكرمه في المستقبل ونحوه أن تقول:(من يعن ذا حاجة يعنه الله وإذن أعينك) فـ (إذن أعينك) لا تصلح جوابا للشرط، إذ لا يصح أن يقال: من يعن ذا حاجة إذن أعينك، فهي مستأنفة، وحكم الفعل بعدها النصب، ونحوه (خالد سيأتي وإذن أصرفك) لأن (أصرفك) لا يصح أن يكون خبرا عن (خالد).
(1) شرح ابن يعيش 7/ 16
ونحوه (كلما زرته أحسن وفادتي وإذن أكرمه) فإن جملة (إذن أكرمه) فإن جملة (إذن أكرمه) لا تصلح جوابا لكلما لأن جوابها ماض، والمعنى ليس عليها أيضا.
والرفع على أنها ملغاة والمعنى (أن تأتني آتك وأنا أكرمك إذن) فليس هو من باب العطف على الجواب، بل هو استئناف، ونظيره قوله تعالى:{وإن يقاتلوكم يولوكم الأدبار ثم لا ينصرون} [آل عمران: 111]، فلم يجزم (ينصرون) لأنه ليس معطوفا على الجواب، بل هو إخبار جديد، ليس مشروطا بالمقاتلة فكأنه قال: ثم أخبركم أنهم لا ينصرون أو يكون على إرادة الحال، لا إستقبال، والمعنى أنا قائم بإكرامك الآن.
جاء في (الكتاب): " ويقول (إن تأتني آتك وإذن أكرمك) إذا جعلت الكلام على اوله ولم تقطعه وعطفته على الأول، وإن جعلته مستقبلا نصبت، وإن شئت رفعته على قول من ألغي وهذا قول يونس وهو حسن لأنك إذا قطعته من الأول فهو بمنزلة قولك (فإذن أفعل) إذا كانت مجيبا رجلا"(1).
وجاء في (المقتضب): " واعلم أنها إذا وقعت بعد واو او فاء صلح الأعمال فيها والإلغاء لما أذكره لك، وذلك قولك (أن تأتني آتك وإذن أكرمك) إن شئت رفعت، وإن شئت نصبت، وإن شئت جزمت.
أما الجزم فعلى العطف على آتك والغاء (إذن) والنصب على إعمال (إذن) والرفع على قولك (وأنا أكرمك) ثم أدخلت (إذن) بين الابتداء والفعل فلم تعمل شيئا (2).
ومعنى استقباله أن الفعل المضارع لا ينتصب بعدها إلا إذا كان مستقبلا، شأن بقية النواصب، فإن كان للحال لم ينتصب، وذلك نحو (إذن أكتب) إذا كانت الكتابة في الحال و (إذن أظنك صادقا).
جاء في (كتاب سيبويه): " وتقول إذا حدثت بالحديث (إذن أظنه فاعلا) و (إذن أخالك كاذبا) وذلك لأنك تخبر أنك تلك الساعة في حال ظن وخيلة، فخرجت من باب
(1) كتاب سيبويه 1/ 412
(2)
المقتضب 2/ 11 - 12
(أن) و (كي) لأن الفعل بعدهما غير واقع وليس في حال حديثك فعل ثابت .. ولوقلت (إذن أظنك) تريد أن تخبره أن ظنك سيقع لنصبت، وكذلك (إذن يضربك) إذا أخبرت أنه في حال ضرب لم ينقطع (1).
وجاء في (المقتضب): " وقد يجوز أن تقول (إذن أكرمك) إذا أخبرت أنك في حال إكرام لأنها إذا كانت للحال خرجت من حروف النصب لأن حروف النصب إنما معناهن مالم يقع (2).
وجاء في (الأصول) لابن السراج: " فإن كان الفعل الذي دخلت عليه (إذن) فعلا حاضرا، لم يجز أن تعمل فيه لأن أخواتها لا يدخلن إلا على المستقبل، وذلك إذا حدثت بحديث فقلت: إذن أظنه فاعلا وإذن أخالك كاذبا، ولك لأنك تخبر عن الحال التي أنت فيها في وقت كلامك، فلا تعمل إذن لأنه موضع لا تعمل فيه أخواتها (3).
وقال ابن الناظم: " فلو كان المضارع بمعنى الحال، وجب رفعه لأن فعل الحال لا يكون إلا مرفوعا، وذلك قولك لمن قال: أنا أحبك، إذن أصدقك (4).
والمقصود باتصالها بالفعل إلا يفصل بينهما فاصل، فلو قلت (إذن عبد الله يكرمك) ارتفع الفعل ولم يجز نصبه (5). وأجيز الفصل بين إذن والفعل المضارع المنصوب بالقسم، نحو (إذن والله أكرمك) والدعاء نحو (إذن رحمك الله أكرمك) والنداء نحو (إذن يازيد أكرمك (6).) ولا النافية (7) نحو (إذن لا أذهب) وقريء (وإذن لا يلبثوا خلافك إلا قليلا)(8).
(1) كتاب سيبويه 1/ 412
(2)
المقتضب 2/ 13
(3)
الأصول 2/ 153 - 154
(4)
شرح الألفية 276
(5)
انظر كتاب سيبويه 1/ 412
(6)
شرح الرضي على الكافية 2/ 263
(7)
المغني 1/ 20
(8)
المفصل 2/ 216