الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأما قولك: (نزلت بالوادي غير ذي الزرع) فالوادي المنزول به معرفة والوادي المتروك معرفة، فهنا تكون (غير) معرفة لأن كلا من الواديين معلوم، ونحوه قولك (لقيت رجلا غير خائف ولا وجل) و (لقيت رجلا غير الخائف) و (لقيت الرجل غير الخائف).
وأما (شبيهك) فتتعرف بالإضافة، بخلاف (مثلك) و (شبهك) و (نحوك) وإضرابها، وذلك لأن لفظ (شبيه) يفيد انحصار الشبه في جميع الوجوه، وذلك أنها على وزن (فعيل) وهي تفيد المبالغة كعليم، وسميع فدل على شدة المشابهة واتساعها، فإذا قلت (مررت بالرجل شبيهك) فكأنك قلت: مررت بالرجل الذي يشبهك من جميع الوجوه (1). بخلاف شبهك ومثلك، فإنه يفيد وجها من وجوه المشابهة الكثيرة المتعددة.
وأما: حسبك، وهدك، وشرعك، وكفيك، وكافيك، وناهيك، وأخواتها فهي نكرات لأنها بمعنى الفعل، فقولك (حسبك درهم) معناه (يكفيك درهم) أو ليكفك، وقولك (مررت برجل حسبك من رجل) معناه يكفيك، أو كافيك، وكذا إخواته (2).
الإضافة غير المحضة:
وتشمل
1 -
إضافة اسم الفاعل والمفعول إلى معمولهما إذا كانا دالين على الحال أو الاستقبال نحو (هو ضارب خالد الآن أو غدا) و (هو مضروب الأب الآن أو غدا) فإن كانا للمضي فإضافتهما محضة نحو (هو ضارب خالد أمس).
2 -
إضافة صيغ المبالغة وإضافة الصفة المشبهة مطلقا إلى معمولها، نحو (هو ضراب الرؤوس) و (طويل القامة وحسن الوجه).
3 -
ويلحق بهذه الصفات المنسوب إذا أضيف إلى مرفوعة، نحو (هو عراقي الوطن عربي النسب)، والمصادر إذا كان بمعنى إسم الفاعل أو المفعول، نحو (قيد الأوابد) أي مقيد الأوابد (3).
(1) شرح الرضي 1/ 301، شرح ابن يعيش 2/ 126، المقتضب 4/ 288
(2)
المقتضب 4/ 288، شرح الرضي 1/ 301
(3)
انظر شرح الرضي 1/ 304، شرح ابن يعيش 2/ 119 - 120
والمضاف إضافة غير محضة نكرة، وإن كان مضافًا إلى معرفة كقوله تعالى:{هديا بالغ الكعبة} [المائدة: 95]، فبالغ الكعبة نكرة، ولذا وصف بها النكرة، وكذا (مررت برجل طويل القامة) فطويل القامة نكرة ولذا وصفت بها النكرة.
وهذه الإضافة لا تفيد تعريفا ولا تخصيصا، بخلاف المحضة.
أما أنها لا تفيد تعريفا، فلأنا تصف النكرات، كقولك (مررت برجل حسن الوجه) وأما أنها لا تفيد تخصيصا، فلأن التخصيص كان قبل الإضافة، فقولك (هو ضارب خالدٍ) أصله (هو ضاربٌ خالدًا) ثم أضفته إلى مفعوله، وكذلك (هو حسن الوجه) أصله (هو حسن وجهه) ثم أضفته، فالتخصيص حاصل قبل الإضافة، وهي لم تكسبه تخصيصا جديدًا، وإنما هي تفيد التخفيف أو رفع القبح كما يقول النحاة.
فقولك (هو ضارب خالدٍ) أخف من (هو ضارب خالدا) وذلك لحذف التنوين منه، وأما رفع القبح فنحو (هو حسن الوجه) فإنك أما تقولها برفع الوجه، أو نصبه او جره فإذا رفعت الوجه وقلت (محمد حسن الوجه) لم يكن ثمة ضمير في الخبر يعود على الموصوف (محمد) لأن الخبر أخذ مرفوعه الظاهر، وهو (الوجه) فلا يرفع ضميرًا وظاهرا، وإذا نصبته فقلت (محمد حسن الوجه) كنت أجريت الوصف القاصر، مجري المتعدي، وفي الجر تخلص من هذين (1). إضافة إلى التخفيف بحذف التنوين.
والحق فيما نرى أن ليست الإضافة لأحد هذين الغرضين، وإنما هي لغرض آخر يختلف عن الأعمال، إذ لو كان التخفيف هو الغرض لاستعمال كذلك مطلقا، وامتنع الأعمال في حين نرى الاستعمالين جاريين: الإضافة والأعمال، قال تعالى {وما أنت بتابع قبلتهم} [البقرة: 145]، بالأعمال، وقال:{ربنا إنك جامع الناس ليوم لا ريب فيه} [آل عمران: 9]، بالإضافة.
(1) انظر الأشموني 2/ 241، حاشية الخضري 2/ 5
وقال: {ولا آمين اليت الحرام} [المائدة: 2] بالأعمال، وقال:{والمقيمي الصلاة} [الحج: 35]، و {الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم} [البقرة: 46]، بالإضافة.
فلما لم يخفف دومًا ويقال كذلك بالنسبة إلى الصفة المشبهة في رفع القبح.
والتحقيق أن لكل تعبير غرضا لا يؤديه الآخر، فالأعمال نص في الدلالة على الحال أو الاستقبال، والإضافة ليست نصا في ذلك، فإنك إذا قلت:(أنا ضارب محمدا) كان ذلك دالا على الحدث في الحال أو الاستقبال، قال تعالى:{إني خالق بشرا من طين فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين} [ص: 71 - 72]، فهو للاستقبال، أما الإضافة فليست نصا في هذا المعنى، بل تحتمل المضي والاستمرار والحال، والاستقبال، فإنك إذا قلت (أنا مكرم محمد) احتمل ذلك المضي والحال والاستقبال والاستمرار قال تعالى {فاطر السماوات والأرض} [إبراهيم: 10]، وهو ماض.
وقال: {إن الله فالق الحب والنوى يخرج الحي من الميت ومخرج الميت من الحي ذلكم الله فأني تؤفكون فالق الإصباح} [الأنعام: 95 - 96]، وهو استمرار.
فالإضافة تعبير احتمالي، يحتمل أكثر من معنى، بخلاف الأعمال فإنه تعبير قطعي هذا من جهة. ومن جهة أخرى أنه في الأعمال يكون الوصف ملحوظًا فيه جانب الحدث، وقربه من الفعلية، في حين أنه في الإضافة يكون ملحوظًا فيه جانب الإسمية، وذلك أن الإضافة من خصائص الأسماء.
أما أخذ الفاعل والمفعول، فالأصل فيه للفعل فانت تقول (هذا بائع السمك) بمعنى (يبيع) وتقول:(رأيت محمد آكلا التفاحة) بمعنى: (يأكلها)، فإذا قلت:(هذا بائع السمك وآكل التفاح) بالإضافة دل على الذات كما تقول: (مالك الدار).
وإذا قلت: (هذا كاتب العقود) كان المعني يكتبها، أي يقوم بكتابتها الآن، أو سيقوم بكتابتها، بخلاف (هذا كاتب العقود) فإن المعنى هذا المخصص لها، والموظف فيها،