الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حيث إنه لم يكن له شريكا في المعنى فانتصب لذلك، وهذا القول أقرب إلى المعنى من القولين ال
أو
لين كما هو ظاهر.
أو
الأصل في (أو) أن تكون لأحد الشيئين، أو الأشياء نحو (هو يقرأ أو ينام) أي يفعل أحد هذين الشيئين، وهي حرف عطف يتبع المعطوف بها المعطوف عليه، نحو (لن أذهب إليه أو أخبره) أي لن أفعل أحد هذين الشيئين.
وينصبون بعدها الفعل على إرادة معنى آخر غير معنى الأول، من حيث إنه لم يكن له شريكًا في الشك، بل على إرادة انه محقق الوقوع أو راجحه تقول:(سألزمه أو يكتب لي في امري)، فإن معنى هذه العبارة بالعطف، سيكون أحد هذين الأمرين، ومعناها بالنصب، سألزمه حتى يكتب لي في امري أي تبقي ملازمتي له حتى تحصل الكتابة.
وهم يقدرون معناها إذا انتصب الفعل بعدها بـ (حتى) و (إلا أن) نحو: (لا لزمتك أو تقضيني حقي) و (لأضربنك أو تسبقني) فالمعنى لا لزمتك إلا أن تقضيني حقي ولأضربتك إلا ان تسبقني (1). ومنه قوله:
وكنت إذا غمزت قناة قوم
…
كسرت كعوبها أو تستقيما
أي: ألا أن تستقيم، ولا يصح تقدير (حتى) في البيت.
ومما يقدر بـ (حتى) قوله:
لاستسهلن الصعب أو أدرك المنى
…
فما إنفادت الآمال إلا لصابر
أي حتى أدرك المنى (2).
(1) انظر كتاب سيبويه 1/ 427، شرح الأشموني 3/ 294 - 295
(2)
شرح الأشموني 3/ 295
ويجوز رفع الفعل بعدها على الاستئناف، نحو (لن أذهب إليه أو أخبره) بالرفع، أي:(أو أنا أخبره)، والمعنى أنك نفيت الذهاب إليه، وأثبت الأخبار، فأضرب عن الأول وذكرت أنك تخبره.
جاء في (المفصل): " وقال سيبويه في قول امرئ القيس:
فقلت له لا تبك عينك إنما
…
نحاول ملكا أو نموت فنعذرا
ولو رفعت لكان عربيا جائزا على وجهين:
على أن تشرك بين الأول والآخر، كأنك قلت إنما نحاول ملكًا إو إنما نموت، وعلى أن يكون مبتدأ مقطوعا من الأول يعني أو نحن ممن يموت (1).
وجاء في (شرح الرضي على الكافية): " إن معنى (أو) في الأصل أحد الشيئين أو الأشياء نحو (زيد يقوم أو يقعد) أي يعمل أحد الشيئين، ولابد له من أحدهما، فإن قصدت مع إفادة هذا المعنى الذي هو لزوم أحد الأمرين التنصيص على حصول أحدهما عقيب الآخر، وإن الفعل يمتد إلى حصول الثاني، نصبت ما بعد (أو)، فسيبويه يقدره بـ (إلا) وغيره بـ (إلى) والعنيان يرجعان إلى شيء واحد (2).
وقال ابن الناظم: فإن قلت: فلم نصبوا الفعل بعد (أو)، حتى أحتاجوا إلى هذا التأويل؟
قلت: ليفرقوا بين (أو) التي تقتضي مساواة ما قبلها لما بعدها في الشك فيه، وبين (أو) التي تقتضي مخالفة ما قبلها لما بعدها في ذلك، فإنهم كثيرا ما يعطفون الفعل المضاع على مثله بـ (أو) في مقام الشك في الفعلين تارة، وفي مقام الشك في الثاني منهما أخرى ففط، فإذا أرادوا بيان المعنى الأول رفعوا ما بعد (أو)، فقالوا (أفعل كذا
(1) المفصل 2/ 140، وانظر كتاب سيبويه 1/ 427، وليس في النسخة المطبوعة عبارة " كأنك قلت: إنما نحاول ملكا أو إنما نموت"
(2)
شرح الرضي 2/ 276
أو أترك) ليؤذن لرفع بأن ما قبل (أو) مثل ما بعدا في الشك، وإذا أردوا بيان المعنى الثاني نصبوا ما بعد (أو) فقالوا:(لا نتظرنه أو يجيء) و (لأقتلن الكافر أو يسلم) ليؤذن النصب بأن ما قبل (او) ليس مثل ما بعدها، في الشك لكونه محقق الوقوع أو راجحه (1).
وجاء في (معاني القرآن) للفراء: " ومن العرب من ينصب ما بعد (أو) ليؤذن نصبه بالإنقطاع عما قبله وقال الشاعر:
لتقعدن مقعد القصي
…
مني ذي القاذورة المقلي
أو تحلفي بربك العلي
…
أني أبو ذيالك الصبي
فنصب (تحلفي) لأنه أراد إلا أن تحلفي ..
وأنت قائل في الكلام (لست لأبي أن لم أقتلك أو تسبقني في الأرض) فتنصب (تسبقني) وتجزمها، كأن الجزم في جواب: لست لأبي أن لم يكن أحد هذين، والنصب على أن آخره منقطع عن أوله، كما قالوا:(لا يسعني شيء ويضيق عنك) فلم يصلح أن ترد (لا) على (ويضيق) فعلم أنها منقطعة من معناها (2).
من هذا يتبين أن ما بعد (أو) له ثلاثة أحوال:
1 -
العطف وهو أن يكون ما بعد (أو) مثل ما قبلها في الشك أي هما بمنزلة واحدة، وحكمه الاتباع نحو (لست لأبي إن لم أضربك أو أشتمك أمام الناس)، أي لست لأبي إن لم أفعل أحد هذين، ونحو (لا أضربك أو أشتمك) أي: لا أفعل أحد هذين الشيئين. فالفعلان منفيان.
2 -
مخالفة ما بعدها لما قبالها فلا يشتركان في الشك بل يكون معنى (أو)(إلا أن) أو (حتى) وحكم الفعل بعدها النصب نحو (سأهجرك أو تكلمه في أمري) والمعنى سيستمر هجري لك حتى تكلمه في أمري، فقد جعلت الكلام سببا لعدم الهجر،
(1) شرح ألفية ابن مالك 278
(2)
معاني القرآن 2/ 70 - 71