الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثم إن المعنى بـ (أو) إن عليك إما نبيا وإما صديقا وإما شهيدًا، وكل واحد من هؤلاء له من الفضل والشرف ما ينبغي أن تسكن له.
وبالواو يحتمل المعنى أن السكون ينبغي أن يكون لاجتماع الثلاثة، لا أن كل واحد منهم ينبغي أن يتطامن له الجبل.
ونحو ذلك أن تقول: (ابتعد عنه فإنه لا يجالسه إلا لئيم أو مخادع) ومعنى ذلك أنه يجالسه هذان الصنفان من الناس وكل صنف منهما ينبغي أن يبتعد عنه، وإذا قلت ذلك بالواو احتمل أن يكون الذي يجالسه صنفا واحدًا اجتمعت فيه هاتان الخلصتان، واحتمل أن النهي كان لاجتماع الصنفين، لا أن كل صنف ينبغي أن يبتعد عنه فلو كان معه صنف واحد لما كان هذا النهي.
ونحوه قولك: (أصبحنا فإنه ليس معنا إلا فقيه أو ناسك) أي وكل صنف ينبغي أن يصحب، ولو جاء بالواو لاحتمل أنه شخص واحد أجتمع فيه الفقه والنسك، واحتمل أيضا أن يكون معهم شخصان فقط أحدهما فقيه والآخر ناسك.
وأما بـ (أما) فالمعنى أنهم كلهم ما بين فقيه وناسك، واحتمل أيضا أن الصحبة، إنما حسنت لاجتماع الصنفين ولو تفرد صنف لم يكن ثمة أمر بالصحبة، وهذا ظافر، فهي ليست بمعنى الواو تماما.
أم وأو:
يستعمل الناس اليوم، حتى المتأدبون منهم (أم) و (أم) بمعنى واحد، فيقولون (أحضر محمد أو خالد) بمعنى (أحضر محمد أم خالد)؟ ويجيبون عن الاثنين بالتعيين فيقولون:(حضر محمد) أو (حضر خالد) وهذا غير صحيح، وذلك لأن السؤال بـ (أم) يقصد به التعيين ولا يقصد بـ (أو) ذلك، فإنك إذا قلت (أمحمد عندك أم خالد) كان المعنى أيهما عندك؟ ويكون الجواب (محمد) مثلا، وذلك أن السائل يعلم، أن أحدهما عنده ولكن لا يعلم من هو؟
وإذا قال: (أمحمد عندك أو خالد) كان المعنى: أعندك واحد منهما؟ فيكون الجواب (نعم) أو (لا)، وهكذا أبدا يكون تقدير (أم) بـ (أيهما) و (أو) بـ (أحدهما). قال تعالى:{هل ينصرونكم أو ينتصرون} [الشعراء: 93]، وقال:{له تحس منهم من أحد أو تسمع لهم ركزا} [مريم: 98]، وقال:{قال هل يسمعونك إذ تدعون أو ينفعونكم أو يضرون} [الشعراء: 72، 73]، والجواب (لا)، وهكذا أبدًا.
جاء في (شرح الرضي على الكافية): " واعلم أن الفرق بين (أو) و (أم) المتصلة في الاستفهام أن معنى قولك (أزيدا رأيت أم عمرا)؟ أأحدهما رأيت؟ وجوابه: (لا) أو نعم).
ومعنى قولك (أريدا رأيت أم عمرا) أيها رأيت؟ وجوابه بالتعيين، كما تقول:(زيدا) أو تقول: (عمرا). وحيت أشكل عليك الأمر في (أول) و (أم) المتصلة في الاستفهام، فقدر (أو) بـ (أحدهما)، و (أم) بـ (أيهما) تقول:(الحسن أو الحسين أفضل أم ابن الحنفية)؟ والمراد: أأحدهما أفضل من ابن الحنفية، أم ابن الحنفية أفضل من أحدهما؟ والمعنى أيهما أفضل من احدهما وابن الحنفية؟ والجواب أحدهما (1).
وجاء في (شرح ابن يعيش): " والفصل بين (أو) و (أم) في قولك (أزيد عندك أو عمرو) و (أزيد عندك أم عمرو) أنك في الأول لا تعلم كون أحدهما عنده، فأنت تسأل عنه، وفي الثاني تعلم ان أحدهما عنده، إلا أنك لا تعلمه بعينه فأنت تطالبه بالتعيين ..
فقد تبين أن السؤال بـ (أو) معناه (أأحدهما) وبـ (أم) معناه (أيهما) فإذا قال: (أزيد عندك أو عمرو) فأجبت بـ (نعم) علم أن عنده أحدهما، وإذا أراد التعيين وضع مكان (أو) (أم) واستأنف بها السؤال وقال: أزيد عندك أم عمرو؟ فيكون حينئذ الجواب (زيد) أو (عمرو)؟ (2).
(1) شرح الرضي 2/ 418
(2)
شرح ابن يعيش 8/ 98، وانظر الجمل 334، كتاب سيبويه 1/ 487