الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جاء في (شرح ابن يعيش): " وربما أستعملت غاية ينتهي ال
أم
ر عندها كما تكون (إلى) كذلك، وذلك نحو قولك (أن فلانا ليصوم الأيام حتى يوم الفطر) والمراد أنه يصوم الأيام إلى يوم الفطر، ولا يجوز فيه على هذا إلا الجر، لأن معنى العطف قد زال لاستعمالها استعمال إلى، فلا يجوز أن ينتصب يوم الفطر لأنه لم يصمه فلا يعمل الفعل فيما لم يفعله، وكذلك إذا خالف الإسم الذي بعدها ما قبلها (1).
أم:
أم على ضربين: متصلة ومنقطعة.
فالمتصلة تنحصر في نوعين:
الأول: أن تتقدم عليها همزة يطلب بها وبـ (أم) التعيين، نحو:(أخاك عندك أم محمد؟ ) أي أيهما عندك؟ والمتكلم يعلم أن واحدا منهما عنده، لا بعينه، ويطلب بسؤاله التعيين وهذا الهمزة بمعنى (أي) ونحو (أضربت أخاك أم زوجته) أي: أي ذلك فعلت؟
فإن كان الأمر على غير دعواه فالجواب في الأولى: ليس عندي واحد منهما، وفي الثانية: لم أفعل واحدا منهما، أو تقول: عندي محمد، أو كلاهما عندي، وفي الثانية: فعلت كليهما.
جاء في (كتاب سيبويه): " وذلك قولك: أزيد عندك أم عمرو؟ و (أزيدا لقيت أم بشرا؟ ) فأنت الآن مدع أن عنده أحدهما .. ألا أن علمك قد استوى فيهما (2).
الثاني: أن تتقدم عليها همزة التسوية، وهي الواقعة، بعد (سواء)، و (ما أبالي) وما في معناها، نحو {سواء عليهم أنذرتهم أم لم تنذرهم} [البقرة: 6]، ونحو (ما أبالي أأقبلت أم أدبرت)(3).
(1) شرح ابن يعيش 8/ 16، وانظر الأصول 1/ 519، الصبان 3/ 97
(2)
كتاب سيبويه 1/ 482 - 483
(3)
انظر شرح الرضي على الكافية 2/ 413، المقتضب 3/ 286 ـ، المغني 1/ 41
وإنما سميت هذه الهمزة متصلة لأن ما قبلها لا يستغني عما بعدها، وذلك أنها وقعت بين شيئين، أو أشياء لا يكفي بأحدها، فإن طلب التعيين لا يتحقق إلا بأكثر من واحد وكذلك التسوية.
وتسمى (معادلة) لمعادلتها الهمزة في التسوية أو الإستفهام (1).
والمنقطعة:
وتقع بين جملتين مستقلتين وتفيد الإضراب عن الكلام الأول، ومعناها في الغالب (بل) والهمزة الاستفهامية نحو (أن هذا القادم محمد أم خالد) أي بل أهو خالد؟ وذلك أنك كنت ترى أن القادم محمد، ثم ظهر لك أنه غير محمد، فظننت أنه خالد فقلت مستفهما (أم هو خالد)؟ أي: بل أهو خالد؟ فصدر الكلام يقين وآخره سؤال.
والاستفهام الذي تفيده (أم) قد يكون حقيقيا كما في المثال السابق، وقد يكون غير حقيقي بل يراد به الإنكار والتوبيخ والتعجب، ونحو ذلك، وذلك نحو قوله تعالى:{أم عندهم خزائن ربك أم هم المصيطرون} [الطور: 37]، وقوله:{أم له البنات ولكم البنون} [الطور: 39]، أي بل أله البنات ولكم البنون منكرا عليهم أعتقادهم هذا، ونحو {أم تسئلهم خرجا فخراج ربك خير وهو خير الرازقين} [المؤمنون: 72]، والمعنى أنك لا تسألهم مالا على هدايتهم، ونحوه قوله تعالى:{أم تسئلهم أجرا فهم من مغرم مثقلون} [القلم: 46].
جاء في (المقتضب): " والموضع الثاني أن تكون منقطعة مما قبلها خبرا كان أو إستفهاما وذلك قولك فيما كان خبرا: (أن هذا لزيد أم عمرو يا فتى) وذلك أنك نظرت إلى شخص فتوهمه زيدا فقلت على ما سبق إليك، ثم أدركك الظن أنه عمرو فانصرفت عن الأول فقلت (أم عمرو) مستفهما، فإنما هو أضراب عن الأول على معنى (بل) إلا أن ما يقع بعد (بل) يقين وما يقع بعد (ام) مظنون مشكوك فيه وذلك أنك تقول (ضربت زيدا) ناسيا أو غالطا ثم تذكر أو تنبه فتقول (بل عمرا) مستدركا مثبتا للثاني،
(1) المغني 1/ 41، حاشية الخضري 2/ 63
تاركا للأول. فـ (بل) تخرج من غلط إلى استثبات ومن نسيان إلى ذكرن و (أم) معها ظن أو استفهام واضراب عما كان قبله ..
فأما قول الله عز وجل: {ألم تنزيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين أم يقولون افتراه} [السجدة: 1 - 3]، وقوله:{أم تسألهم أجرا} وما كان مثله نحو قوله عز وجل: {أم اتخذ مما يخلق بنات} [الزخرف: 16]، فإن ذلك ليس على جهة الاستفهام، لأن المستخبر غير عالم، إنما يتوقع الجواب فيعلم به، والله عز وجل منفي عنه ذلك، وإنما تخرج هذه الحروف في القرآن مخرج التوبيخ والتقرير (1).
وجاء في (شرح ابن يعيش): " فإنما قيل لها منقطعة، لأنها انقطعت مما قبلها خبرا كان او استفهاما إذا كانت مقدرة بـ (بل) والهمزة على معنى (بل كذا) وذلك نحو قولك فيما كان خبرا (إن هذا لزيد أم عمرو) كأنك نظرت إلى شخص فتوهمته زيدًا فأخبرت على ما توهمت. ثم أدركك الظن أنه عمرو فانصرفت عن الأول، وقلت (أم عمرو) مستفهما على جهة الإضراب، ومثل ذلك قول العرب (أنها لإبلٌ أم شاء) أي (بل أهي شاء)، فقوله (انها لإبلٌ) أخبار وهو كلام تام وقوله (أم شاء) استفهام عن ظن وشك عرض له بعد الأخبار. فلابد من إضمار هي لأنه لا يقع بعد (أم) هذه إلا الجملة لأنه كلام مستأنف إذ كانت (أم) في هذا الوجه تعطف جملة على جملة إلا أن فيها إبطالا للأول، وتراجعا عنه من حيث كانت مقدرة بـ (بل) والهمزة على ما تقدم، فـ (بل) للإضراب عن الأول والهمزة للاستفهام عن الثاني وليس المراد أنها مقدرة بـ (بل) وحدها ولا بالهمزة وحدها لأن ما يقع بعد (بل) متقق وما بعد (أم) مشكوك فيه مظنون، ولو كانت مقدرة بالألف وحدها لم يكن بين الألو والآخر علقة، والدليل على أنها ليست بمنزلة (بل) مجردة من معنى الإستفهام قوله تعالى:{ام اتخذ مما يخلق بنات} [الزخرف: 16]، وقوله تعالى:{أم له البنات ولكم البنون} [الطور: 39]، إذ يصير ذلك متحققا تعالى الله عن ذلك (2).
(1) المقتضب 3/ 288 - 292
(2)
شرح ابن يعيش 8/ 98
وقد تكون بمعنى (بل) فقط من دون استفهام، وجعلوا منه قوله تعالى:{أم أنا خير من هذا الذي هو مهين ولا يكاد يبين} [الزخرف: 52]، قالوا لأنه لا معنى للاستفهام هنا، وكذا إذا جاءت بعدها أداة استفهام، نحو:{قل هل يستوي الأعمي والبصير أم له يستوي الظلمات والنور} [الرعد: 16]، ونحو:{أمن جعل الأرض قرارا وجعل خلالها أنهارا} [النمل: 61]، وقوله:{أمن هذا الذي هو جند لكم ينصركم من دون الرحمن} [الملك: 20](1). لأن الاستفهام لا يدخل على الاستفهام.
جاء في (المغنى): ومعنى: (أم) المنقطعة - الذي لا يفارقها - الإضراب. ثم تارة تكون له مجردًا وتارة تتضمن مع ذلك أستفهاما طلبيا، فمن الأول:{قل هل يستوي الأعمى والبصير أم هل تستوي الظلمات والنور أم جعلوا لله شركاء} أما الأولى فلان الاستفهام لا يدخل على الاستفهام، وأما الثانية فلأن المعنى على الأخبار عنهم باعتقاد الشركاء، ومن الثاني {أم له البنات ولكم البنون} إذ لو قدرت للأضراب المحض لزم المحال.
ومن الثالث قولهم (أنها لإبل أم شاء) التقدير (بل أهي شاء)(2).
والذي يبدو لي أن (أم) لا تستعمل إلا في الاستفهام. جاء في (المقتضب): فأما أم فلا تكون إلا استفهاما (3). وهي أما أن تفيده بنفسها أو تقترن به ولا تكون كـ (بل) لليقين والتقرير.
قال تعالى: {وجعلوا لله شركاء قل سموهم أم تنبئونه بما لا يعلم في الأرض أم بظاهر من القول بل زين للذين كفروا مكرهم} [الرعد 33]، فجاء بـ (أم) للاستفهام الإنكاري، وفي التقرير والإثبات بـ (بل)، ومثله قوله تعالى:{أم يقولون به جنة بل جاءهم بالحق وأكثرهم للحق كارهون} [المؤمنون: 70]، وقوله:{ام يقولون افتراه بل هو الحق من ربك} [السجدة: 3]، وقوله:{أم يقولون تقوله بل لا يؤمنون} [الطور: 33]، وقوله: {أم خلقوا
(1) شرح الرضي على الكافية 2/ 414
(2)
المغنى 1/ 44 - 45
(3)
المقتضب 3/ 286 - وانظر الجمل 31، كتاب سيبويه 1/ 482