الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثم أن ما فيه علامة التأنيث ليس مؤنثا دائما، بل قد يكون مذكرا، وذلك نحو حمامة ذكر، وبطة ذكر، وكصيغ المبالغة نحو علامة وراوية، والجمع نحو صياقلة، وصيارفة، أو علما لمذكر مثل طلحة وحمزة.
وكذلك ما فيه ألف التأنيث نحو أسرى، وجرحى وحمقي، وسكارى، وعطاشي وأنبياء وعلماء فلو كانوا يهتمون بالتأنيث، هذا الإهتمام الكبير لوضعوا لكل مؤنث علامة، حتى لا يغلط الناس فيه، ولكان ما فيه علامة التأنيث مؤنثا دائمًا.
فدل ذلك على أن التأنيث لا يثير أهتمامهم كثيرا بخلاف التنوين الذي ألزموه كل اسم متمكن، فدل ذلك على أن اهتمامهم بالتنوين أكبر من اهتمامهم بالتأنيث، وهذا فقط من قبيل الحجاج، وليس من قبيل الحقائق اللغوية.
منتهى الجموع:
وذهب إلى أن عدم صرف منتهى الجموع سببه تعريف هذا الجمع، فسنابل وطواحين معرفة على رأيه، قال: " وإنما حذف التنوين منه - يعني منتهى الجموع - عندنا لما فيه من معنى التعريف، وقد بينا من قبل أن العرب تريد بالمنكر الفرد الشائع، والواحد من المتعدد، فإذا قصدت إلى الإحاطة والشمول جعلته من مواضع التعريف، وهذا واضح في الجمع، إذا أريد به الاستغراق، وشمول جميع الأفراد، والنحاة يقولون أن هذه صيغة منتهى الجموع، ففيها معنى الاستغراق وتمام الإحاطة.
والذي نرى هنا انه إذا قصد بالجمع الاستغراق، والدلالة على الإحاطة منع التنوين لما فيه من معنى التعريف على طبيعة العربية ومجراها في التعريف والتنكير فإذا لم يقصد إلى الاستغراق والإحاطة فالاسم منون" (1).
(1) إحياء النحو 191 - 192
وهذا باطل من وجوه منها:
1 -
أن ينبغي على حد قوله أن يكون كل ما يدل على الإحاطة والشمول مفردًا، أو غيره معرفة، وعليه يجب منعه من الصرف، وليس أعم من كلمة (شيء) فهي أعم كلمة ومع ذلك هي منصرفة قال تعالى:{ليس كمثله شيء} [الشوري: 11]، وقال:{ندمر كل شيء بأمر ربها} [الأحقاف: 25].
ومثل ذلك ألفاظ العموم، نحو أحد، وعريب، وديار، نحو (ما فيها أحد)، وكل ما يفيد العموم نحو (قوة خير من ضعف)، و (جِد خير من عبث) فهذا كله يدل على الإحاطة فينبغي أن يمنع من الصرف
2 -
ثم من قال أن صيغة منتهى الجموع تدل على الإحاطة والشمول والإستغراق؟
أن النحاة ذكروا أن القصد بمصطلح (منتهى الجموع) أنه نهاية جمع التكسير، فلا يكسر هذا الجمع مرة أخرى، وأنه جمع لا نظير له في الواحد، كما ذكرنا، ولم يقل أحد إن المقصود به الإحاطة، يدل على ذلك جعله تمييزا لأدني العدد، قال تعالى:{كمثل حبة أنبتت سبع سنابل} [البقرة: 261] وقال: {سبع طرائق} [المؤمنون: 17]، وتقول (ثلاثة مساجد) فكيف يكون دالا على الإحاطة والشمول؟
3 -
ويرد ذلك استعمال العرب والتنزيل العزيز، قال تعالى:{سيروا فيها ليالي وأياما آمنين} [سبأ: 18]، فمنع صرف الليالي وصرف الأيام، فهل أراد استغراق الليالي دون الأيام؟
وقال: {لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد} [الحج: 40]، فمنع صرف الصوامع والمساجد وصرف البيع، فهل أراد استغراق الصوامع والمساجد دون الصلوات والبيع؟
ثم من يقول أنه أراد هدم جميع المساجد والصوامع، على سبيل الاستغراق؟
وقال: {وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا} [الحجرات: 13]، فصرف الشعوب دون القبائل، فهل أراد استغراق القبائل دون الشعوب؟