الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وجاء في المقتضب، ولو كان البدل يبطل المبدل منه لم يجز أن تقول (زيد مررت به أبي عبد الله) لأنك لو لم تعتد بالهاء فقلت (زيد مررت بأبي عبد الله) كان خلفا لأنك جعلت زيدا ابتداء، ولم ترد إليه شيئا، فالمبدل منه مثبت في الكلام
وإنما سمى البدل بدلا لدخوله لما عمل فيه ما قبله على غير جهة الشركة .. والمعنى الصحيح أن البدل والمبدل منه موجودان معا لم يوضعا على أن يسقط أحدها إلا في بدل الغلط فإن المبدل منه بمنزلة ما ليس في الكلام (1).
وقال الرضي: ولا كلام أن المبدل منه ليس في حكم الطرح لفظا لوجوب عود الضمير إليه في بدل البعض والاشتمال (2).
فقولك أعجبني محمد علمه، فيه علمه بدل من محمد فلو كان محمد على نية السقوط لكان القول أعجبني علمه، فلا يعود الضمير على شيء وهو غير صحيح
أقسام البدل
البدل على أقسام هي:
1 -
البدل المطابق ويسمى أيضا بدل كل من كل وذلك نحو: {وقال موسى لأخيه هارون} [الأعراف: 142]، وقوله {إلى صراط العزيز الحميد الله الذي له ما في السماوات وما في الأرض} [إبراهيم: 1، 2]، فالعزيز الحميد هو الله.
وفائدة هذا البدل الإيضاح والتبيين ويؤدي البدل والمبدل منه بإجتماعهما معنى لا يؤدي بانفراد أحدهما عن الآخر، فقد يكون الألو مبهما يوضحه الثاني، وذلك نحو قوله تعالى:{وإذا نجيناك من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب، يذبحون أبناءكم ويستحيون نساءكم} [البقرة: 49]، فقوله {يسومونكم سوء العذاب} مبهم يحتمل أمورا كثيرة فأوضحه البدل {يذبحون ابناءكم ويستحيون نساءكم} ونحو قوله تعالى: {وعلى الذين
(1) المقتضب 4/ 399، 400
(2)
شرح الرضي على الكافية 1/ 375
يطيقونه فدية طعام مسكين} [البقرة: 184]، فالفدية مبهمة ويوضحها (طعام مسكين) وقد يكون الثاني مبينا حقيقة الأول، كقوله تعالى:{واتخذ قوم موسى من بعده من حليهم عجلا جسدا له خوار} [الأعراف: 148]، فحقيقة العجل المتخذ ليست عجلا حقيقا وإنما هو جسد له خوار، ولو ذكرت البدل أو المبدل منه على انفراد لم يتضح الأمر كما أوضحه إجتماعهما.
وقد يكون أحد الطرفين أعني البدل أو المبدل منه متصفا بصفة دالة على المدح أو الذم أو غيرهما، وذلك نحو قوله تعالى:{إلى صراط العزيز الحميد الله الذي له ما في السماوات وما في الأرض} فقوله العزيز الحميد، صفتان لله تعالى دالتان على المدح، ونحوه أن تقول:(مررت بالرجل العالم سالم) فالمبدل منه موصوف بصفة العلم والاكتفاء بإحدهما لا يؤدى معنى الجمع.
ومنه قوله تعالى: {إنك بالواد المقدس طوي} [طه: 12]، فلو قال:{إنك بالواد طوي} لم يعلم أنه مقدس، ولو قال (إنك بالوادي المقدس) ولم يذكر اسمه لم يعلم أي واد هو؟
ونحوه قوله تعالى: {لنسفعا بالناصية ناصية كاذبة خاطئة} [العلق: 15 - 16]، فبين صفة الناصية المسفوعة.
وقد يكون الأول عاما والثاني مخصصا له، وذلك نحو قوله تعالى: } إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب {[الصافات: 6]، فالزينة عامة، وقد خصصت بالكواكب، ونحوه قوله تعالى: {إن الله لا يستحي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها، } [البقرة: 26]، وقوله {ويطاف عليهم بآنية من فضة وأكواب كانت قواريرا قواريرا من فضة} [الإنسان 15 - 16]، فبين جنس القوارير، وقوله: ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنة نعاسًا [آل عمران: 154].
وقد يأتي للتفصيل، وذلك نحو قوله تعالى:{حتى إذا رأوا ما يوعدون إما العذاب وإما الساعة} [مريم: 75]، ففصل (ما يوعدون).
وقد يكون للتفخيم وذلك كقوله تعالى: {وقضينا إليه ذلك الأمر أن دابر هؤلاء مقطوع مصبحين} [الحجر: 66]، فإنه أبهم الأمر أولا، ثم أوضحه وللإيضاح بعد الإبهام وقع في النفس ليس كما إذا جعل الكلام سردا واحدا.
جاء في الطراز: أعلم أن المعنى المقصود إذا ورد في الكلام مبهما فإنه يفيده بلاغة ويكسبه إعجابا وفخامة، وذلك لأنه إذا قرع السمع على جهة الإبهام فإن السامع له يذهب في إبهامه كل مذهب، ومصداق هذه المقالة، قوله تعالى:{وقضينا إليه ذلك الأمر} ثم فسره بقوله (إن دابر هؤلاء مقطوع مصبحين) وهكذا في قوله تعالى: {إن الله لا يستحي أن يضرب مثلا ما} فأبهمه أولا ثم فسره بقوله (بعوضة فما فوقها) ..
ألا ترى أنك إذا قلت: هل أدلك على أكرم الناس أبا وأفضلهم فعلا، وحسبا وأمضاهم عزيمة وأنفذهم رأيا؟ ثم تقول: فلان، فإن هذا وأمثاله يكون أدخل في مدحته مما لو قلت: فلان الأكرام الأفضل الأنبل (1).
وجاء في شرح الرضي على الكافية، وقد يكون الثاني لمجرد التفسير بعد الإبهام مع أنه ليس في الأول فائدة ليست في الثاني وذلك لأن للإبهام أولا، ثم التفسير ثانيا وقعا وتأثيرا ليس للاتيان بالمفسر أولا، وذلك نحو (برجل زيد) فإن الفائدة الحاصلة من (رجل) تحصل من (زيد) مع زيادة التعريف لكن الغرض ما ذكرنا (2).
وقد يفيد البدل التوكيد وذلك إذا دل على الإحاطة والشمول (3). نحو (جاءوا كبارهم وصغارهم) ونحو قوله تعالى: {تكون لنا عيدا لأولنا وآخرنا} [المائدة " 114].
جاء في كتاب سيبويه: فالبدل أن تقول: ضرب الله ظهره وبطنه وضرب زيد الظهر والبطن، وقلب عمرو ظهره وبطنه، ومطرنا سهلنا وجبلنا، ومطرنا السهل والجبل. وإن شئت كان على الاسم بمنزلة أجمعين توكيدا ..
(1) الطراز 2/ 78 - 79، وانظر البرهان 2/ 455
(2)
شرح الرضي 1/ 370
(3)
انظر ابن الناظم 229
فإن قلت: (ضُرب زيدٌ اليدُ والرجل) جاز على أن يكون بدلاً، وأن يكون توكيدًا (1).
فسيبويه يجوز أن يعربها بدلا أو توكيدًا فإذا أعرب بدلا أفاد معنى التوكيد لما فيه من الإحاطة.
ثم أن قولك: (أقبل أبوك خالد) فيه توكيد لأن أباك هو خالد، غير أنه ذكر مرة فرابته ومرة اسمه، وقد تقول: ولم لا يكون توكيدًا؟
والجواب أن الإسمين ليسا متطابقين تماما، والتوكيد يفيد المطابقة، فإن قولك (أبوك) يفيد القرابة و (خالد) الإسم.
جاء في (شرح الرضي على الكافية): " قوله (فالأول مدلوله مدلول الأول) فيه تسامح إذ مدلول قولك (أخيك) في (بزيد أخيك) لو كان عين مدلول (زيد) لكان تأكيدًا و (أخوك) يدل على أخوه المخاطب ولم يكن يدل عليها (زيد) لكن مراده أنهما يطلقان على ذات واحدة وإن كان أحدهما يدل على معنى فيها لا يدل عليه الآخر (2).
وجاء في شرح ابن يعيش: " وأعلم أنه قد اجتمع في البدل ما افترق في الصفة والتأكيد لأن فيه إيضاحا للمبدل ورفع لبس كما كان ذلك في الصفة، وفيه رفع مجاز وإبطال التوسع الذي كان يجوز في المبدل منه. ألا ترى أنك إذا قلت (جاءني أخوك) جاز أن تريد كتابه أو رسوله، فإذا قلت (زيد) زال ذلك الإحتمال كما لو قلت (نفسه) أو (عينه) فلذلك قال صاحب الكتاب: وليفاد بمجموعهما فضل تأكيد وتبيين لا يكون في الأفراد، يعني أنه حصل بإجتماع البدل والمبدل منه من التأكيد ما يحصل بـ (النفس) و (العين) ومن البيان ما يحصل بالنعت ولو انفرد كل واحد من البدل والمبدل منه لم يحصل ما حصل بإجتماعهما كما لو أنفرد التأكيد والمؤكد أو النعت والنعوت لم يحصل ما حصل باجتماعهما (3).
(1) كتاب سيبويه 1/ 79 - 80
(2)
شرح الرضي 1/ 371 - 372
(3)
شرح ابن يعيش 3/ 66
وذهب النحاة إلى أن نحو (رأيتك إياك) و (رأيته إياه وفعلت أنت) بدل (1). ولا شك أنه يفيد التوكيد، وقد ذهب آخرون إلى أنه توكيد لا بدل (2).
وذكر بعض النحاة أن التأكيد متأت أيضا من أن البدل على نية تكرار العامل، فإن قولك (جاء أخوك خالد) معناه جاء أخوك، جاء خالد، فكأنك كررت (جاء) مرتين، ومن هنا جاء التأكيد. فالتأكيد حاصل في المجيء.
قال ابن الناظم: أعلم أن الغرض من الإبدال أن يذكر الإسم مقصودا بالنسبة كالفاعلية والمفعولية والإضافة بعد التوطئة، لذكره بالتصريح بتلك النسبة، لإفادة توكيد الحكم، وتقريره لأن الإبدال في قوة إعادة الجملة، ولذلك تسمع النحويين يقولون: البدل في حكم تكرار العامل (3).
وجاء في الإتقان: والقصد به الإيضاح بعد الإبهام، وفائدته البيان والتأكيد، أما الأول فواضح أنك إذا قلت:(رأيت زيدا أخاك) بينت أنك تريد بزيد الأخ لا غير، وأما التأكيد فلأن على نية تكرار العامل فكأنه من جملتين ولأنه دل على ما دل عليه الأول (4).
والذي يبدو لي أن ليس ثمة توكيد في الحكم، وأن العامل غير مكرر، وإنما قد يحصل التوكيد من إجتماع البدل والمبدل منه، كأن يكون البدل دالا على الإحاطة والشمول فيفيد معنى الجميع، أو كأن يكون الإسمان يطلقان على ذات واحدة، فيفيد إجتماعهما فضل توكيد، قوله تعالى:{وقال موسى لأخيه هارون} [البقرة: 87]، فعيسى هو ابن مريم.
(1) كتاب سيبويه 1/ 393، شرح ابن يعيش 3/ 69
(2)
شرح الرضي 1/ 373
(3)
شرح ابن الناظم 226
(4)
الاتقان 2/ 70
2 -
بدل بعض من كل نحو قوله تعالى: {ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض} [البقرة: 251]، وقوله:{ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا} [آل عمران: 97]، فـ (من استطاع) هو بعض الناس ونحو (أعجبني خالد وجهه) و (أكلت الرغيف ثلثه).
3 -
بدل اشتمال: وهو ما دل على معنى في متبوعه وذلك نحو: (أعجبني خالد علمه) ونحو قوله تعالى: {يسئلونك عن الشهر الحرام قتال فيه} [البقرة: 217]، وقوله:{واذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها مكانا شرقيا} [مريم: 16]، فـ (إذ) بدل اشتمال من مريم، وقوله:{قتل أصحاب الأخدود النار ذات الوقود} [البروج: 4 - 5] فـ (النار) بدل اشتمال من (الأخدود) لأن الأخدود أشتمل على النار.
ولابد في هذين البدلين أعني البدل الذي هو بعض، وبدل الاشتمال، من ضمير يربطهما بصاحبهما ظاهر أو مقدر، فالظاهر نحو قولك (أعجبني محمد علمه) والمقدر نحو (النار ذات الوقود) أي النار فيه (1).
ولا يشترط في البدل الواقع في الاستثناء ضمير، وذلك نحو (ما أقبل الرجال إلا خالد) وفائدة هذين البدلين هو الإيضاح بعد الإبهام.
جاء في (شرح الرضي على الكافية): " والفائدة في بدل البعض والاشتمال البيان بعد الإجمال والتفسير بعد الإبهام لما فيه من التأثير في النفس. وذلك أن المتكلم يحقق بالثاني بعد التجوز والمسامحة بالأول تقول (أكلت الرغيف ثلثه) فتقصد بالرغيف ثلث الرغيف ثم تبين ذلك بقولك (ثلثه)، وكذا في بيان الاشتمال، فإن الأول فيه يجب أن يكون بحيث يجوز أن يطلق ويراد به الثاني نحو (أعجبني زيد علمه) و (سلب زيد ثوبه) فإنك قد تقول (أعجبني زيد) إذا أعجبك علمه و (سلب زيد) إذا سلب ثوبه على حذف المضاف ولا يجوز أن تقول:(ضربت زيدا) وقد ضربت غلامه (2).
(1) انظر المغني 2/ 506، شرح الرضي 1/ 374
(2)
شرح الرضي 1/ 371
4 -
البدل المغاير: وهو بدل الغلط والإضراب والنسيان: فبدل الغلط نحو قولك (أقبل محمدٌ خالدٌ) فإنك عندما قلت (أقبل محمد) تبني لك أنك غلطت بذكر (محمد) وإنما أردت (خالدا) فجئت بكلمة (خالد) صححت بها غلطك فهي بدل الغلط أي جئت بها مكان الغلط لا أنها غلط.
وأما الاضراب فيكون إذا ذكرت شيئا، ثم بدا لك أن تضرب عنه، بذكر آخر بدله كأن تقول:(سأذهب إلى المقهى الكلية) فحين ذكرت أنك سيذهب إلى المقهي بدا لك أن تترك ذهابك إليها وأن تذهب إلى الكلية بدلها. قال تعالى: {ويعبدون من دون الله ما لا يملك لهم رزقا من السماوات والأرض شيئا ولا يستطيعون} [النحل: 73]، فأخبر أولا أنهم لا يملكون رزقا، ثم أضرب عن ذلك، فقال: بل لا يملكون شيئا، والذي عليه النحاة أن (شيئا) مفعول به لـ (رزقا) وكل صواب فيما أرى.
وأما بدل النسيان فيكون بأن تنسى فتذكر أمرا على غير حقيقته ثم تتذكر الأمر المنسي فتذكره بدل الأول كأن تقول: (زارني سعدٌ إبراهيم) فإن الذي زارك هو إبراهيم لا سعد، ولكنك نسيت فذكرت سعدا، ثم تذكرت الشخص الذي زارك وهو إبراهيم.
جاء في الكتاب: هذا باب المبدل من المبدل منه، والمبدل يشرك المبدل منه في الجر وذلك قولك:(مررت برجل حمار) فهو على وجه محال وعلى وجه حسن.
فأما المحال فأن تعني أن الرجل حمار، وأما الذي يحسن، فهو أن تقول (مررت برجل) ثم تبدل الحمار مكان الرجل، فتقول (حمار) أما أن تكون غلطت أو نسيت فأستدركت، وأما أن يبدو لك أن تضرب عن مرورك بالرجل وتجعل مكانه مرورك بالحمار، بعد ما كنت أردت غير ذلك، ومثل ذلك قولك:(لا بل حمار)، ومن ذلك قولك:(مررت برجل بل حمار) وهو على تفسير (مررت برجل حمار)، ومن ذلك (ما مررت برجل بل حمار) وما مررت برجل ولكن حمار أبدلت الآخر من الأول، وجعلته مكانه" (1).
(1) كتاب سيبويه 1/ 218 - 219
وبدل الغلط والنسيان لا يكون في قرآن ولا شعر.
جاء في (المقتضب): " فهذا البدل لا يكون مثله في قرآن ولا شعر ولكن إذا وقع مثله في الكلام غلطا أو نسيانا فهكذا إعرابه"(1).
وقد يقع في الشعر على سبيل ادعاء الغلط أو النسيان كقول:
(ألا إنما هند عصا خيزرانةٌ) فذكر أولا أنها عصا، ثم بين أنه غلط بقوله هي عصا فصحح غلطه وذكر أنها خيزرانة.
جاء في (شرح الرضي على الكافية) وهذا الذي يسمى بدل الغلط على ثلاثة أقسام:
أما بداء وهو أن تذكر المبدل منه عن قصد، وتعمد ثم توهم أنك غلطت لكون الثاني أجنبيا وهذا يعتمده الشعراء كثيرا للمبالغة والتفنن، في الفصاحة، وشرطه أن يرتقي من الأدنى إلى الأعلى كقولك (هند نجم بدر شمس) كأنك وإن كنت معتمدا لذكر النجم تغلط نفسك، وترى أنك لم تقصد في الأول، ألا تشبيهها بالبدر، وكذا قولك: بدر شمس.
وأما غلط صريح محقق كما إذا اردت مثلا أن تقول (جاءني حمار)، فسبقك لسانك إلى رجل ثم تداركت الغلط فقلت (حمار).
واما نسيان ..
ولا يجيء الصرف ولا بدل النسيان، في كلام الفصحاء، وما يصدر عن روية وفطانة، فلا يكون في شعر أصلا، وإن وقع في كلام فحقه الإضراب عن الأول المغلوط فيه، بـ (بل)(2).
(1) المقتضب 1/ 28
(2)
شرح الرضي 1/ 372 - 373
5 -
بدل كل من بعض، وأنكره الجمهور واستدل المثبتون له بقوله تعالى:{فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون شيئا جنات عدن} [مريم: 60 - 61]، قالوا:(جنات عدن) بدل كل من (الجنة)، وهي بعض والجمهور على أنها بدل مطابق، لأن الجنة فيها جنات.
واستدل المثبتون أيضا بقول الشاعر:
رحم الله أعظمنا دفنوها
…
بسجستان طلحة الطلحات
فـ (طلحة) كل (والأعظم) بعض، والآخرون على أن (طلحة) مفعول به لفعل محذوف تقديره (أعني).
واستدل المبثبتون بنحو قولهم (لقيته غدوة يوم الجمعة) كل، والغدوة بعض وبقوله:
كأني غداة البين يوم تحملوا
…
لدى سمرات الحي ناقف حنظل
فاليوم كل، والغداة والآخرون على أن (يوم) في البيت بمعنى (وقت)(1). والقول بهذا البدل لابد منه في نحو قولهم (ما قام إلا زيد القوم) إذ لا يكون إلا بدل كل من بعض.
جاء في (شرح ابن عقيل): " وقد روى رفعه فتقول (ما قام إلا زيد القوم). قال سيبويه حدثني يونس أن قوما يوثق بعربيتهم يقولون (مالي إلا أخوك ناصر) وأعربوا الثاني بدلا من الأول على القلب"(2).
ويقصدون بالقلب أن اصل الكلام (مالي ناصرٌ إلا أخوك) فـ (أخوك) بدل بعض من كل ثم قدم البدل على المبدل منه فصار بدل كل من كل (3).، لأن المقصود بالناصر أخوك غير أن هذا لا ينطبق على مثال ابن عقيل، (ما قام إلا زيد القوم) إذ لا يمكن عد زيد عاما والقوم خاصا، فعلى مذهب من يجيز هذا التعبير يجب قبول هذا النوع من البدل.
(1) انظر الهمع 2/ 127، الصبان 3/ 126، حاشية الخضري 2/ 69
(2)
شرح ابن عقيل 1/ 205 - 206
(3)
شرح الأشموني 2/ 148، التصريح 1/ 355، حاشية الخضري 1/ 206