المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وتأتي الكاف اسمًا بمعنى مثل كما في قوله: أتنتهون ولي ينهى - معاني النحو - جـ ٣

[فاضل صالح السامرائي]

فهرس الكتاب

- ‌حروف الجر

- ‌نيابة حروف الجر بعضها عن بعض

- ‌التضمين

- ‌معاني حروف الجر

- ‌إلى

- ‌الباء

- ‌التاء

- ‌حتى

- ‌رب

- ‌ربّه:

- ‌حذفها:

- ‌عن

- ‌ في

- ‌الكاف

- ‌اللام

- ‌ على

- ‌ من

- ‌منذ ومذ

- ‌الواو

- ‌المعاني المشتركة

- ‌التعليل:

- ‌الظرفية:

- ‌زيادة (ما)

- ‌ما الكافة

- ‌ما غير الكافة:

- ‌التقديم والتأخير

- ‌تعلق الجار والمجرور

- ‌الإضافة

- ‌معنى الإضافة:

- ‌نوعا الإضافة:

- ‌المحضة:

- ‌الأسماء الموغلة في الإبهام:

- ‌الإضافة غير المحضة:

- ‌إضافة المترادفين والصفة والموصوف

- ‌إكتساب المضاف التذكير والتأنيث من المضاف إليه:

- ‌الظروف المعرفة بالقصد:

- ‌حذف المضاف:

- ‌حذف المضاف إليه:

- ‌المصدر

- ‌المصدر الصريح والمؤول:

- ‌الحروف المصدرية

- ‌(أن

- ‌ما

- ‌لو

- ‌كي

- ‌اسم المصدر

- ‌الأتباع على محل المضاف إليه

- ‌اسم الفاعل

- ‌إضافة اسم الفاعل:

- ‌العطف على المضاف إليه:

- ‌صيغ المبالغة

- ‌اسم المفعول

- ‌الصفة المشبهة

- ‌النعت

- ‌النعت الجامد

- ‌النعت بالمصدر

- ‌الوصف بالجملة

- ‌النعت المقطوع

- ‌تعاطف النعوت

- ‌حذف النعت

- ‌البدل

- ‌أقسام البدل

- ‌البدل وعطف البيان

- ‌العطف

- ‌حروف العطف

- ‌الواو:

- ‌أحكام الواو:

- ‌الفاء

- ‌الفاء مع الصفات:

- ‌ثم:

- ‌حتى:

- ‌أم

- ‌أو

- ‌أم وأو:

- ‌لكن

- ‌بل

- ‌لا بل:

- ‌أحرف الأضراب

- ‌ لا

- ‌العطف على اللفظ والمعنى:

- ‌المتعاطفان:

- ‌حذف أحد المتعاطفين:

- ‌حذف حرف العطف:

- ‌العدد

- ‌أحد وواحد:

- ‌اسم الفاعل من العدد:

- ‌تمييز العدد:

- ‌الممنوع من الصرف

- ‌سبب المنع من الصرف:

- ‌رأي الأستاذ إبراهيم مصطفى:

- ‌العلم:

- ‌ الصفات

- ‌التأنيث:

- ‌منتهى الجموع:

- ‌الغرض من التنوين:

- ‌الفعل

- ‌ الفعل الماضي

- ‌أزمنته:

- ‌استعمالاته

- ‌الفعل المضارع

- ‌أزمنته:

- ‌استعمالاته:

- ‌حروف النصب

- ‌أن

- ‌زيادة (لا) بعدها:

- ‌إذن

- ‌كي

- ‌لام التعليل

- ‌التعليل بـ (كي) واللام:

- ‌لن

- ‌لن ولا:

- ‌حروف أخرى ينتصب بعدها الفعل

- ‌أو

- ‌ حتى

- ‌فاء السببية

- ‌واو المعية

الفصل: وتأتي الكاف اسمًا بمعنى مثل كما في قوله: أتنتهون ولي ينهى

وتأتي الكاف اسمًا بمعنى مثل كما في قوله:

أتنتهون ولي ينهى ذوي شطط

كالطعن يهلك فيه الزيت والفتل

للإسناد إليه، وقوله:(يضحكن عن كالبرد المنهم) لدخول حرف الجر عليه (1).

وهي ليست بمعنى (مثل) تمامًا، وإنما هي أقل منها درجة في التشبيه، فقولك (يضحكم عن مثل البرد) أقرب إلى المشبه به من الكاف كما ذكرنا فكذلك حالها في الإسمية.

‌اللام

معنى اللام الاختصاص، أما بالملكية نحو الدار لخالد، أو بغيرها نحو الجل للفرس (2). وذكر سيبويه أن معناها الملك والاستحقاق (3). وفصل المتأخرون فذكروا لها معاني يرجع اكثر إلى الاختصاص أو الاستحقاق، فما ذكر لها من معان:

الملك نحو: له دار و {لله ما في السماوات وما في الأرض} [البقرة: 284].

وشبه الملك نحو (الباب للدار) و (الغلاف للكتاب) لأن الكتاب والدار لا يملكان.

والتمليك نحو (وهبت لك مالا).

وشبه التمليك نحو (فهب لي من لدنك وليا)[مريم: 5]، لأن الولي وهو الولد لا يملك حقيقة، وكلها تفيد الاختصاص.

(1) شرح الرضي 2/ 380، وانظر المغنى 1/ 180، شرح ابن يعيش 8/ 42 - 43

(2)

شرح الرضي 2/ 364

(3)

كتاب سيبويه 2/ 304، وانظر شرح ابن يعيش 8/ 25

ص: 64

وأن تكون بمعنى من، نحو (سمعت له صراخًا)(1). والظاهر أنها للاختصاص.

والتبليغ وهي الجارة لاسم السامع لقول أو ما في معناه، نحو قلت له وأذنت له وفسرت له (2). وهي للاختصاص أيضا.

والتعليل: كقوله تعالى: {إنما نطعمكم لوجه الله} [الإنسان: 9]، وجئت للاستفادة، وهي تفيد الاختصاص أيضا إذ الأطعام مختص بذلك، والمجيء مختص بذلك (3).

وموافقه إلى نحو قوله تعالى: {بأن ربك أوحي لها} [الزلزلة: 5]، والظاهر أنها للاختصاص أيضا، ونحو قوله تعالى:{إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار} [إبراهيم: 42]، وهو للتعليل كما تقول (أنا أعدك لذلك اليوم)، وأدخرك له، أي لأجله.

وذكروا منه قوله تعالى: {كل يجري لأجل مسمى} [الرعد: 2]، بدليل قوله تعالى:{كل يجري إلى أجل مسمى} [لقمان: 29].

والظاهر أن ما ورد باللام بفيد التعليل، بمعنى كل يجري لبلوغ الأجل، أي كل يجري لهذه الغاية كما تقول: كلهم يجري لوصول الهدف ولبلوغه، وأما ما جاء بـ (إلى) فهو يفيد الانتهاء. جاء في (درة التنزيل): قوله تعالى: {ألم تر أن الله يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل وسخر الشمس والقمر كل يجري إلى أجل مسمى وأن الله بما تعملون خبير} [لقمان: 29].

وقال في سورة الزمر: {يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى} [الزمر: 5].

للسائل أن يسأل عن اختصاص ما في سورة لقمان، بقوله {كل يجري لأجل مسمى} وما سواه إنما هو {يجري لأجل مسمى} .

(1) انظر المغني 1/ 208 - 209، 213

(2)

المغنى 1/ 213

(3)

شرح الرضي على الكافية 2/ 364

ص: 65

والجواب أن يقال: أن معنى قوله: {يجري لأجل مسمى} يجري لبلوغ أجل مسمى، وقوله:{يجري لأجل مسمى} معناه لا يزال جاريا، حتى ينتهي إلى آخر وقت جريه المسمى له.

وإنما خص ما في سورة لقمان بـ (إلى) التي للانتهاء واللام، تؤدي نحو معناها لأنها تدل على أن جريها لبلوغ الأجل المسمى، لأن الآيات التي تكتنفها آيات منبهة على النهاية والحشر والإعادة، فقبلها {ما خلقك ولا بعثكم إلا كنفس واحدة} وبعدها {يأيها الناس اتقوا ربكم واخشوا يوما لا يجزي والد عن ولده} فكان المعنى: كل يجري إلى ذلك الوقت وهو الوقت الذي تكور فيه الشمس، وتنكدر فيه النجوم، كما أخبر الله تعالى.

وسائر المواضع التي ذكرت فيها اللام إنما هي في الإخبار عن ابتداء الخلق، وهو قوله:{خلق السماوات والأرض بالحق يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى ألا هو العزيز الغفار خلقكم من نفس واحدة ثم جعل منها زوجها} التي تكتنفها في ذكر ابتداء خلق السماوات والأرض وابتداء جري الكواكب، وهي إذ ذاك تجري لبلوغ الغاية، وكذلك قوله في سورة الملائكة إنما هو في ذكر النعم التي بدأ بها في البر والبحر إذ يقول:{وما يستوي البحران} إلى قوله {ولعلكم تشكرون يولج الليل في النها ويولج النهار في الليل وسخر الشمس والقمر كلٌ يجري لأجل مسمى ذلك الله ربك له الملك والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير} [فاطر: 12 - 13]، فاختص ما عند ذكر النهاية بحرفها واختص ما عند الابتداء بالحرف الدال على العلة التي يقع الفعل من أجلها (1).

وبمعنى على نحو قوله: {يخرون للأذقان سجدا} [الإسراء: 107]، وقوله:{وإن اسألتم فلها} [الإسراء: 7](2).

(1) درة التنزيل 374 - 375

(2)

المغنى 1/ 212

ص: 66

أما قوله (يخرون للأذقان) فليس المعنى - والله أعلم - على الأذقان لأن هناك فرقًا بين قولك خر على وجهه وخر لوجهه، فخر على وجهه معناه سقط على وجهه، وأما خر لذقنه فمعناه: أنه خر حتى بلغ في ذلك الذقن. أو الاختصاص، أي: حتى خص ذقنه بذلك.

وقوله: (وإن اسأتم فلها) معناه أنكم تسيئوا لأحد وإنما أساءتكم أي خصصتم أنفسكم بالإساءة، جاء في (الكشاف) في تفسير هذه الآية: أي الإحسان والإساءة كلاهما مختص بأنفسكم لا يتعدي النفع والضرر إلى غيركم. وعن على رضي الله عنه: ما أحسنت إلى أحد ولا أسأت إليه وتلاها (1).

ومنه قوله تعالى: {دعانا لجنبه} [يونس: 12]، قالوا بمعنى على جنبه.

ولا ارى أنها بمعنى (على) بل هي للاختصاص، وإيضاح ذلك أن (على) وردت في القرآن مع الجنب مرتين قال تعالى:{إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولى الألباب الذين يذكرون الله قياا وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض} [آل عمران: 190 - 191].

وقال: {فإذا قضيتم الصلاة فاذكروا الله قياما وقعودا وعلى جنوبكم فإذا اطمأننتم فأقيموا الصلاة} [النساء: 103]، فجاء بلفظ (على) في هاتين الآيتين.

وجاء باللام في هذه الآية: {وإذا مس الإنسان الضر دعانا لجنبه أو قاعدا أو قائمًا} [يونس: 12].

وسر ذلك والله أعلم، أنه إذا مس الإنسان الضر دعا ربه ملازما لجنبه، أو قاعدا أو قائمًا، فإن الإنسان إذا مسه الضر أكثر ما يلازم جنبه، ثم القعود، ثم القيام، فذكر هذه الحالات بحسب الترتيب فقال (لجنبه او قاعدا أو قائمًا) في حين آخر ذكر الجنب في غير هؤلاء فقال {الذين يذكرن الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم} [آل عمران: 191]،

(1) الكشاف 2/ 225

ص: 67

وقال: {فاذكروا الله قياما وقعودا وعلى جنوبكم} [النساء: 103]، وقال:{فاذكروا الله قياما وقعودا وعلى جنوبكم} فقد القيام في حالة العافية، ثم القعود ثم الاضطجاع، على الجنب فخالف بين حالتي الضر والعافية، فقدم الجنب في حالة الضر وآخر القيام، وقدم القيام في حالة العافية وأخر الاضطجاع على الجنب.

وجاء باللام الدالة على الاختصاص في حالة الضر، بمعنى ملازما لجنبه، وجاء بـ (على) الدالة على الاستعلاء في حالة العافية بمعنى مضطجع على جنبه.

وبمعنى (في) نحو قوله تعالى: {ونضع الموازين القسط ليوم القيامة} [الأنبياء: 47]، والراجح أنها للتعليل، أي لأجل ذلك اليوم او للاختصاص، ونحو قولهم (مضى لسبيله) (1). قالوا: أي في سبيله.

ويبدو أن هناك فرقا بين قولنا: مضى لسبيله ومضى في سبيله، فإن قولك مضيت في سبيل وامضى في سبيلك معناه سر في الطريق التي أنت سائر فيها. وأما قولك (امض لسبيلك) فمعناه: امض للطريق التي تريدها كما تقول: اذهب، له وامض لعملك أي لأجله.

وبمعنى (عند) كقولهم (كتبته لخمس خلون)(2). أي عند خمس وهي ليست كذلك إذ إنه لم يكتبها عند هذه الخمس بل عند مضيها وقيل هي بمعنى بعد (3).

وهو أولى، غير أن هناك فرقا بين قولك (لخمس خلون) و (بعد خمس) فقولك بعد خمس لا يتعين فيه أنه اليوم السادس، بل ما بعد الخمس يحتمل السادس والسابع والعاشر وغيرهن، لأن ذلك كله بعد كما تقول: تعال بعد منتصف الشهر، وتعالى بعد العيد، وتعال بعد رمضان. كل ذلك يحتمل المباشرة وغيرها. فنحن نقول (محمد بعد عيسى) وبينهما قرون.

(1) المغني 1/ 212 - 213

(2)

المغني 1/ 213

(3)

شرح الرضي 2/ 365

ص: 68

وأما قوله (لخمس خلون) فيتعين أنه كتب بعدهن بلا فاصل أي في اليوم السالدس وهي للاختصاص كما يبدو.

وكذلك قوله (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته) فإنها ليست بمعنى (بعد) تمامًا، كما يقول النحاة (1). فإن كلمة (بعد) تحتمل المدة القصيرة والطويلة بخلاف اللام.

فالظاهر أنها للاختصاص. جاء في (شرح الرضي على الكافية): " وقيل تجيء بمعنى في، وبمعنى بعد، وبمعنى قبل في قوله تعالى:{جامع الناس ليوم} [آل عمران: 9]، أي في يوم وكتبته لثلاث خلون، أي بعد ثلاث بقين، أي قبل، والأولى بقاء الثلاثة على الاختصاص (2).

والصيرورة وتسمى لام العاقبة والمآل نحو: {فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا} [القصص: 8]، فإنهم لم يلتقطوه لذلك وإنما آل الأمر إلى ذلك، وأنكر البصريون هذه اللام (3). وقال الزمخشري إن التعليل فيها وارد على طريق المجاز جاء في (الكشاف) في تفسيره هذه الآية " ليكون هي لام (كي) التي معناها التعليل كقولك (جئتك لتكرمني) سواء بسواء ولكن معنى التعليل فيها وارد على طريق المجاز دون الحقيقة، لأنه لم يكن داعيهم إلى الالتقاط أن يكون لهم عدوا وحزنا ولكن المحبة والتبني، غير أن ذلك لما كان داعيهم إلى الالتقاط أن يكون لهم عدوا وحزنا ولكن المحبة والتبني، غير أن ذلك لما كان نتيجة التقاطهم له وثمرته، شبه بالداعي الذي يفعل الفاعل لأجله وهو الاكرام الذي هو نتيجة المجيء والتأدب، الذي هو ثمرة الضرب في قولك ضربته ليتأدب. وتحريره أن هذه اللام حكمها حكم الأسد، حيث استعيرت لما يشبه التعليل كما يستعار الأسد لمن يشبه الأسد (4).

(1) المغنى 1/ 213

(2)

شرح الرضي 2/ 365، وانظر حاشية الشمنى على المغنى 2/ 31

(3)

المغنى 1/ 214

(4)

الكشاف 2/ 466

ص: 69

وقال الرضي إنها فرع لام الاختصاص (1).

والتعجب، نحو يا للماء ويا للعشب إذا تعجبوا من كثرتهما، ونحو: لله دره فارسًا (2).

وقد يكون مع التعجب القسم، نحو (الله لا يؤخر الأجل)، ويعنون بذلك الأمر العظيم " الذي يستحق أن يتعجب منه فلا يقال: لله لقد قام زيد، بل يستعمل في الأمور العظام نحو لله لتبعثن (3).

وزائدة وهي أنواع منها:

اللام المعترضة بين الفعل المعتدي مفعوله كقوله:

وملكت ما بين العراق ويثرب

ملكا أجار لمسلم ومعاهد (4).

والمعنى أجاز مسلما ومعاهدا، وهي ليست قياسية فليس لك أن تقول: ضربت لخالد وأكرمت لمحمد، وهي زائدة للاختصاص.

واختلف في اللام في نحو: {يريد الله ليبين لكم} ، [النساء: 26]، ونحو:{وأمرنا لنسلم لرب العالمين} [الأنعام: 71]، فقيل زائدة داخلة على مفعول الإرادة والأمر، والمعنى، يريد الله أن يبين لكم، وأمرنا أن نسلم لرب العالمين.

وقيل: بل اللام في نحو هذا للتعليل. والتقدير مثلا يريد الله إنزال هذه الآيات ليبين لكم.

وعند سيبويه والخليل أن التقدير إرادتي للتبيين أي أن المجرور باللا خبر لمبتدأ هو مصدر مقدر من الفعل (5). جاء في (كتاب سيبويه): " وسألته عن معنى قوله: أريد لأن

(1) شرح الرضي (2/ 364)

(2)

المغنى 1/ 214 - 215

(3)

شرح الرضي 2/ 365

(4)

المغنى 1/ 215

(5)

انظر المغني 1/ 216، المتقضب 2/ 36، التفسير الكبير 10/ 66، قوله تعالى:{يريد الله ليبين لكم} .

ص: 70

تفعل فقال: إنما يريد أن يقول إرادتي لهذا كما قال عز وجل {وأمرت لأن أكون أول المسلمين} [الزمر: 12]، إنما هو أمرت لهذا (1).

والراجح فيما أرى أن اللام في نحو هذا داخلة على المفعول وهي زائدة زيادة قياسية في مفعول هذين الفعلين، والغرض منها توكيد الاختصاص، ودخول اللام على المفعول له نظائر في الساميات كما سنذكر في خاتمة هذا الحرف.

تقول: (أريد لأنسى ذكرها) بمعنى أريد أن أنسى ذكرها، وتقول:(اريد لأذهب إليه) على معنى أريد أن أذهب إليه. قال تعالى في سورة التوبة: {فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم إنما يريد الله ليعذبهم بها في الحياة الدنيا وتزهق أنفسهم وهم كافرون} [التوبة: 55].

وقال في سورة التوبة أيضا: {ولا تعجبك أموالهم وأولادهم إنما يريد الله ان يعذبهم بها في الدنيا وتزهق أنفسهم وهم كافرون} [التوبة: 85].

فجاء في الآية الأولى باللام (ليعذبهم بها) ولم يأت في الآية الثانية: {إنما يريد الله أن يعذبهم بها} وزيادة اللام في الأولى يقتضيه السياق، وذلك أنها في سياق إنفاق الأموال والخطاب للمنافقين. قال تعالى:{قل أنفقوا طوعا أو كرهًا لن يتقبل منكم إنكم كنتم قومٍا فاسقين} [التوبة: 53]، {وما منعهم أن تقبل منهم نفقاتهم إلا أنهم كفروا بالله وبرسوله ولا ياتون الصلاة إلا وهم كسالي ولا يفقون إلا وهم كارهون} [التوبة: 54]، فلا تعجبك أموالهم ولا اولادهم .. ، وبعدها:{ومنهم من يلمزك في الصدقات} وبعدها: {إنما الصدقات للفقراء .. } .

فالسياق في انفاق الأموال والكلام على المنافقين وأموالهم، ثم وجه الخطاب للرسول قائلا:{ولا تعجبك أموالهم وأولادهم إنما يريد الله أن يعذبهم بها} فزاد (لا) النافية توكيدا (فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم) وزاد اللام في (ليعذبهم) لزيادة الاختصاص وتوكيده.

(1) كتاب سيبويه 1/ 479

ص: 71

في حين أن السياق مختلف في الآية الأخرى، قال تعالى:{فإن رجعك الله إلى طائفة منهم فاستئذنوك للخروج فقل لن تخرجوا معي أبدًا ولن تقاتلوا معي عدوا إنكم رضيتم بالقعود أول مرة فاقعدوا مع الخالفين} [التوبة: 83]، {ولا تصل على أحد منهم مات ابدا ولا تقم على قبره إنهم كفروا بالله ورسوله وماتوا وهم فاسقون} [التوبة: 84]، {ولا تعجبك اموالهم وأولادهم إنما يريد الله أن يعذبهم بها في الدينا}

فسياق الآيات الأولى في إنفاق الأموال، فأكد ذلك زيادة (لا) واللام ولما اختلف السياق في الآيات الأخرى خالف في التعبير، فلم يذكر (لا) ولا اللام، لأن المقام لا يقتضي التوكيد ههنا.

ومثل ذلك قوله تعالى في سورة التوبة: {يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبي الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون} [التوبة: 32].

وقوله في سورة الصف: {يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون} [الصف: 8].

فقال في آية التوبة (يريدون أن يطفئوا) وقال في آية الصف (يريدون ليطفئوا) بزيادة اللام في المفعول للتوكيد، وذلك أن السياق مختلف في الآيتين، فالسياق في سورة الصف في تكذيب النصارى للبشارات بمجيء محمد:{وإذ قال عيسى ابن مريم يابني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقا لما بين يدي من التوراة ومبشرا برسول يأتي من بعدي إسمه أحمد، فلما جاءهم بالبينات قالو هذا سحر مبين ومن أظلم ممن افترى على الله الكذب وهو يدعى إلى الإسلام والله لا يهدي القوم الظالمين يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم} [الصف: 6 - 8].

ونور الله هو الإسلام فتكذيب النصارى للبشارة الواردة في كتبهم، القصد منه إطفاء نور الله فجاء باللام الدالة على التوكيد.

وأما في آية التوبة فالسياق مختلف، وقد ذكرت الآية في سياق آخر لا يحتاج إلى مثل هذا التوكيد قال تعالى: {وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن

ص: 72

الله ذلك قولهم بأفواههم يضاهون قول الذين كفروا من قبل قاتلهم الله أنى يؤفكون اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح ابن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم} [التوبة: 30 - 32].

فالسياق في آيات الصف متجه إلى النبوة ومحاولة تكذيبها فجاء باللام، واسياق في آيات التوبة في النعي على معتقدات اليهود والنصارى في عزير والمسيح والأحبار والرهبان، فجاء باللام الزائدة في الآية الأولى لأن الكلام على نبوة محمد والإسلام ولم يأت بها في الآية الثانية لأن السياق مختلف.

ثم ألا ترى من ناخية ثانية انه في موطن الرد على اليهود والنصارى في شركهم بالله جاء باللام، لأن الأمر يقتضي التوكيد فقال:{وما أمروا إلا لبعبدوا إلها وحدا} .

فانظر كيف جاء باللام الزائدة للاختصاص في قوله: {يريدون أ، يطفئوا نور الله} ، وقوله:{وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا} ، لأن السياق يقتضي ذلك وحذفها في الموطن الذي لا يقتضيه؟

ومن اللام الزائدة اللام التي يسميها النحاة لام التقوية " وهي المزيدة لتقوية عامل ضعف أما بتأخره نحو: {هدى ورحمة للذين هم لربهم يرهبون} [الأعراف: 154]، ونحو:{إن كنتم للرءيا تعبرون} [يوسف: 43]، أو يكون فرعا في العمل نحو:{مصدقا لما معهم} [البقرة: 91]، {فعال لما يريد} [البروج: 16]، {نزاعة للشوى} [المعارج: 16] (1).

فهم يرون أنها لتقوية العامل الذي ضعف بتأخره، لأن أقوى حالات العمل أن يتقد العامل، أو ضعف بكونه فرعا لأنهم يرون أن الأصل أقوى من الفرع، كأن يكون اسم فاعل أو صيغة مبالغة.

(1) المغني 1/ 217، شرح الرضي 2/ 364

ص: 73