الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والحق فيما ذكروه من إضافة المترادفين أنه يجوز إضافة أحدهما إلى الآخر إذا كان بينهما أدنى اختلاف وكانت الإضافة تفيد معنى ما كإضافة الاسم إلى اللقب، والعام إلى الخاص، وما إلى ذلك، فكل ذلك جائز بلا تأويل، وعليه كلام العرب، فالعرب تقول (سعيد كرز) بإضافة الاسم إلى اللقب، ثم إن اللقب في الحقيقة غير الاسم، وليس مرادفا له، وإن كان المسمى واحدا فإن فيه من المدح والذم وغيرهما ما ليس في الاسم.
وكذلك (يوم الخميس) و (شهر رمضان) و (علم النحو) فإن الخميس أخص من (يوم) وليس مرادفا له وكذا ما بعده، فهذا كله جائز وعليه كلام العرب فمنعه تعسف ولا داعي للتأويل فيه.
ولا تمتنع الإضافة إلا إذا كان المتضايفان مترادفين حقا، ولا تحصل في الإضافة فائدة لكيث أسد ومدية سكين وقمح حنطة، وما ورد من ذلك يبقى مسموعا لا يقاس عليه (1).
وأما إضافة الموصوف إلى صفته، فالراجح أنها لا تجوز إلا بتقدير مضاف إليه محذوف، فلا تقول:(رأيت غلام الضاحك) وتعني بالضاحك الغلام نفسه، بل على معنى رأيت غلام الرجل الضاحك، فالضاحك، غير الغلام، ولا تقول (رأيت بنت الجالسة) وتعني بالجالسة البنت، بل يصح على معنى رأيت بنت المرأة الجالسة، وكذلك لا تقول:(اشتريت كتاب الجديد) وتعني بالجديد الكتاب، بل على معنى اشتريت كتاب البحث الجديد، أو العلم الجديد، ونحو ذاك.
إكتساب المضاف التذكير والتأنيث من المضاف إليه:
قد يكتسب المضاف من المضاف إليه التذكير، والتأنيث بشرط أن يكون المضاف صالحا للحذف، وإقامة المضاف إليه مقامه (2). أو أن يكون المضاف كل المضاف إليه أو بعضه أو كبعضه (3). نحو قوله (شرقت صدر القناة من الدم) فـ (صدر) مذكر،
(1) انظر حاشية الخضري 2/ 6
(2)
شرح ابن عقيل 2/ 7، شرح الرضي على الكافية 1/ 302
(3)
الهمع 2/ 49، حاشية الخضري 2/ 7
غير أنه أكتسب التأنيث من المضاف إليه لأنه جزء منه، وقال تعالى:{فظلت أعناقهم لها خاضعين} [الشعراء: 4]، فأخبر عن الأعناق وهي مؤنثة بقوله {خاضعين} وكان القياس أن يقول (حاضعة) ولكنه عاملها معاملة المذكر، وذلك لأن المضاف إليه مذكر والأعناق جزء منهم.
وقال جرير:
لما أتى خبر الزبير تواضعت
…
سوء المدينة والجبال الخشع
وقال العجاج:
طول الليالي أسرعت في نقضي
…
نقضن كلي ونقضن بعضي
وقال الاخر
إنارة العقل مكسوف بطوع هوي
…
وعقل عاصي الهوى يزداد تنويرا
وجاء في كلامهم (ذهبت بعض أصابعه)(1).
فإن لم يكن المضاف صالحا للحذف، ولا كلا أو بعضا، أو كبعض لم يجز فلا تقول:(جاءت غلام زينب) ولا (ذهبت ابن فاطمة).
وإنما يحسن ما ذكرناه إذا كان يؤدى معنى لا يؤديه الأصل.
فما يؤديه التوسع في المعنى، وذلك أنه إذا أجرى حكم المضاف إليه على المضاف في التذكير والتأنيث، فإنه يريد بذلك أن ينتظمهما معا في الحكم، ولا يخص المضاف وحده به.
فمن المعلوم أنك إذا قلت: (جاء غلام سعيد) كان الجيء للغلام وحده، ولكن إذا قلت:(أفنتنا تتابع السنين) كان في تأنيث الفعل إشارة إلى أنك تريد السنين أيضا فكأنك قلت: (أفتنا السنون وتتابعها) وهذا توسع في المعنى، لأنه كسب معنيين في تعبير واحد.
(1) انظر كتاب سيبويه: 1/ 25 - 26، شرح الرضي على الكافية 1/ 302