الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أي مفضضة حلية سيفه، وخشنة تكته و (بسرج خز صفته) أي لينة (1).، فإذا أردت حقيقة هذه الأشياء فالأجود الرفع، بل يوجبه بعض النحاة فتقول:(مررت برجل فضة حلية سيفه وخز صفته).
جاء في (شرح السيرافي): " قال أبو سعيد: أما قولك (مررت بسرج خز صفته) إلى آخر ما مثل به فإنك إن أردت حقيقة هذه الأشياء لم يجز غير الرفع، لأن هذه جواهر، ولا يجوز النعت بها، وإن أردت المماثلة والحمل على المعنى، اختير فيها ما حكي عن العرب فقد سمع منهم:(هذا خاتم طين) أي مطين وإذا سمع منهم (خز صفته) يحمل على لينة كأنه قال هو لين (2).
وقد مر بنا هذا باب التمييز والذي رجحناه أن الأشهر في الاتباع أن يراد به معنى التشبيه، وإذا أردنا الجوهر حقيقة رفعنا، وقد يراد بالاتباع الجوهر، أيضا وهو لغة (3).
وقد مر بنا هذا فلا داعي لتكراره
ومن النعت بالجامد:
النعت بالمصدر
نعت العرب بالمصدر كثيرا نحو قولهم: (هو رجل عدل ورجل فضل وزور) أي عادل وفاضل وزائر، ورجل صوم، أي صائم، قال تعالى: وجاءو على قميصه بدم كذب [يوسف: 18].
(1) انظر كتاب سيبويه 1/ 331، شرح السيرافي 1/ 228، الخصائص 3/ 272، المقتضب 3/ 259
(2)
شرح السيرافي بهامش كتاب سيبويه 1/ 228، وانظر المقتضب 3/ 259، منثور الفوائد 15
(3)
انظر كتاب سيبويه 1/ 231، 230، شرح الرضي على الكافية 1/ 335
وإذا نعت بالمصدر التزم أفراده وتذكيره، أيا كان المنعوت نحو: أقبل رجلان عدل ورجال عدل وفضل وزور (1).
والنحاة في توجيه ذلك على ثلاثة آراء:
أما أن يكون المصدر على التاويل بالمشتق، نحو (هو رجل زور) أي: زائر و (عدل) أي: عدل ورضا أي: مرضي، وهذا رأي الكوفيين
وإما على تقدير مضاف أي ذو عدل، وذو زور، وذو كذب، وهو رأي البصريين.
وقيل: لا تأويل ولا حذف، بل هو على جعل العين نفس المعني، مبالغة (2).
وهذا الأخير هو الأولى، فإن قولهم مررت برجل عدل، معناه أنه مر برجل هو العدل، أي لكثرة ممارسته إياه وإتصافه به، أصبح هو العدل نفسه.
وقد جاء وصف الذات بالمصدر، أو الإخبار بالمصدر عن الذات كثيرا، وإن لم يجعله النحاة قياسا وكله فيما نرجح على قصد المبالغة، على معنى أن الذات تحولت إلى معنى. جاء في (شرح الرضي): " والأولى أن يقال: أطلق اسم الحدث على الفاعل والمفعول مبالغة كأنها من كثرة الفعل تجسما منه (3).
وجاء في (شرح ابن يعيش): " فهذه المصادر كلها مما وصف بها للمبالغة، كأنهم جعلوا الموصوف لك المعنى: لكثرة حصوله منه، وقالوا:(رجل عدل ورضي وفضل) كأنه لكثرة عدله، والرضي عنه، وفضله جعلوه نفس العدل والرضي والفضل (4).
وجاء في الخصائص: : إذا وصف بالمصدر صار الموصوف كأنه في الحقيقة مخلوق من ذلك الفعل، وذلك لكثرة تعاطيه له واعتياده إياه، ويدل على أن هذا معنى
(1) التصريح 2/ 113، شرح ابن يعيش 3/ 50
(2)
التصريح 2/ 113، وشرح الرضي 1/ 334
(3)
شرح الرضي على الكافية 1/ 334
(4)
شرح ابن يعيش 3/ 50
لهم ومتصور في نفوسهم قوله:
ألا أصبحت أسماء جاذمة الحبل
…
وضنت علينا والضنين من البخل
أي كأنه مخلوق من البخل لكثره ما يأتي به منه، ومنه قول الآخر:
وهن من الإخلاف والولعان
وأصل هذا الباب عندي قول الله عز وجل: {خلق الإنسان من عجل} .
وقولك (رجل دنف) أقوى معنى لما ذكرناه، كأنه مخلوق من ذلك الفعل، وهذا معنى لا تجده ولا تتمكن منه مع الصفة الصريحة (1).
وقال: (فهذا كقولك: هو مجبول من الكرم، ومطين من الخير، وهي مخلوقة من البخل .. ، وأقوى التأويلين في قولها: (فإنما هي إقبال وأدبار) أن يكون من هذا أي كأنها مخلوقة من الإقبال والإدبار، لا على أن يكون من باب حذف المضاف، أي ذات إقبال وذات إدبا، ويكفيك من هذا كله قول الله عز وجل:{خلق الإنسان من عجل} ، [الأنبياء: 37]، وذلك لكثرة فعله إياه واعتياده له" (2).
وجاء في (الكشاف) في قوله تعالى: {وجاءو على قميصه بدم كذب} [يوسف: 18]، " ذي كذب، أو وصف بالمصدر مبالغة، كأنه نفس الكذب وعينه، كما يقال للكذاب: هو الكذب بعينه والزور بذاته ونحوه:
فهن به جود وأنتم به بخل (3).
وجاء فيه في قوله تعالى: {وقولوا للناس حسنا} [البقرة: 83]، :" حسنا قولا هو حسن في نفسه لافراط حسنه"(4).
(1) الخصائص 3/ 259 - 260، وانظر 3/ 189
(2)
الخصائص 2/ 203
(3)
الكشاف 2/ 127
(4)
الكشاف 1/ 250، وانظر الكشاف 2/ 101، قوله تعالى:{إنه عمل غير صالح} 1/ 270، قوله تعالى:{كتب عليكم القتال وهو كره لكم} .