الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ونحوه قوله تعالى: {عشية أو ضحاها} [النازعات: 46]، لما كانت العشية والضحى طرفي النهار صح إضافة أحدهما إلى الآخر، ونحو كوكب الخرقاء لسهيل (1). ومثل سعيد كرز وجبل الجودي وطور سيناء ومدينة الموصل وحق اليقين، قولهم (رجل صدق ورجل سوء) قال تعالى:{واجعل لي لسان صدق في الآخرين} [الشعراء: 84]، وقال {أمطرت مطر السوء} [السوء: 40] و {إنهم كانوا قوم سوء فاسقين} [الأنبياء: 74]، فهذا كله ليس على تقدير حرف معين وتقدير أي حرف مفسد للمعنى.
إن العرب قد تفيد المعاني - إذا أرادت - باللام أو (من) أو (في) أو غيرها، فإذا أرادت إطلاق المعاني حررتها من ذلك.
فالإضافة تعبير آخر غير مقيد بحرف معين، إنه قد يحتمل تقدير حرف أحيانا، غير أن المعنيين لا يتماثلان، وقد يكون غير ذلك فلا يحتمل معنى حرف ولا تقديره.
نوعا الإضافة:
يقسم النجاة الإضافة على ضربين: محضة وغير محضة.
ف
المحضة:
إضافة غير الوصف نحو (كتاب محمد) أو إضافة الوصف إلى غير معموله نحو (كريم مصر).
وتفيد تعريفا أو تخصيصا بحسب المضاف إليه، فإذا كان المضاف إليه معرفة أفادت تعريفا وإذا كان نكرة افادت تخصيصا، فقولك (غلام محمد) معرفة، وأما قولك (غلام امرأة) فنكرة تفيد التخصيص.
ومعنى التخصيص تقليل الاشتراك، فـ (غلام) أعم من (غلام امرأة) فبالإضافة قل الاشتراك بعد أن كان يشمل كل غلام.
(1) انظر شرح الرضي على الكافية 1/ 299، الصبان 2/ 237
والتعريف بالإضافة كالتعريف بـ (أل)، قد يكون للعهد، وقد يكون للجنس، فمن تعريف العهد، قوله تعالى:{ولا تكلف إلا نفسك} [النساء: 84]، وقوله:{ربي الذي يحيى ويميت} [البقرة: 258]، وقوله:{والذين يؤذون رسول الله لهم عذاب أليم} [التوبة: 61]، وقوله:{هذه ناقة الله لكم آية} [الأعراف: 73]، وقوله:{فاليوم ننجيك ببدنك} [يونس: 92]، فهذا كله من تعريف العهد، لأنه يدل على واحد بعينه.
ومن تعريف الجسن قوله تعالى: {إن الذين يأكلون أموال اليتامي ظلما} [النساء: 10]، فأموال اليتامى تفيد الجنس، ومثله {إن كيد الشيطان كان ضعيفا} ، [النساء: 76]، وقوله:{ولأمرنهم فليبتكن آذان الأنعام} [النساء: 119]، قوله {إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل} [التوبة: 60] فكل هذا من تعريف الجنس، لأنه لا يراد به واحد بعينه بل هو لعموم الجنس، جاء في (شرح الرضي على الكافية): " إذا قلت (غلام زيد راكب) ولزيد غلمان كثيرة فلابد أن تشير به إلى غلام من بين غلمانه له مزيد خصوصية بزيد، أما بكونه أعظم غلمانه أو أشهر بكونه غلاما له، دون غيره، أو يكون غلاما معهودا بينك وبين المخاطب، وبالجملة بحيث يرجع اطلاق اللفظ إليه دون سائر الغلمان .. ثم يقال (جاءني غلام زيد) من غير إشارة إلى واحد معين، وذلك كما أن ذا اللام في اصل الوضع لواحد معين ثم قد يستعمل بلا إشارة إلى معين كما في قوله:
" ولقد أمر على اللئيم يسبني"
وذلك على خلاف وضعه، فلا تظنن من اطلاق قولهم، في مثل (غلام زيد) أنه بمعنى اللام، إن معناه ومعنى (غلام لزيد) سواء، بل معنى (غلام لزيد) واحد من غلمانه غير معين، ومعنى (غلام زيد) الغلام من غلمانه، إن كان له غلمان جماعة، أو ذلك الغلام المعلوم لزيد إن لم يكن له إلا واحد (1).
(1) شرح الرضي 1/ 300
والمضاف يتعرف بالمضاف إليه، سواء أضيف إلى مفرد أم جملة، ومن الإضافة إلى الجملة قولنا (جئت يوم سافر محمد) أي جئت يوم سفر محمد، وهو معرفة.
جاء في (المقتضب): " فإذا قلت: (هذا يوم يخرج زيد) فقد أضفته، إلى هذه الجملة فاتصل بالفعل لما فيه من شبهه وأتبعه الفاعل لأنه لا يخلو منه، وهو معرفة لأن قولك (هذا يوم يخرج زيد) هذا يوم خرج زيد في المعنى و {هذا يوم لا ينطقون} [المرسلات: 35]، هذا يوم منعهم من المنطق"(1).
وجاء في (شرح الرضي على الكافية): " قال صاحب المغنى: يتعرف الظرف المضاف إلى الجمل فيصح أن يقال: جئتك يوم قدم زيد الحار أو البارد، على أن يكون صفة لليوم.
قلت: ومع غرابة هذا الاستعمال وعدم سماعه، ينبغي أن لا يتعرف المضاف إذا كان الفاعل في الفعلية، أو المبتدأ في الإسمية، نكرة نحو يوم قدم أمير، ويوم أمير كبير قدم إذ المعنى يوم قدوم أمير" (2).
وعلى هذا فالمضاف يتعرف أو يتخصص بحسب المضاف إليه، فإن كان معرفة عرف وإن كان نكرة خصص، جملة أو مفردًا.
فإن قلت: ألا ترى أن (يوم) في نحو قوله تعالى: {يوم تبيض وجوه وتسود وجوه} {آل عمران: 106} ، وقوله:{يوم لا ينفع مال ولا بنون} [الشعراء: 88]، معلوم مع تنكير الوجوه والمال، فكيف يكون نكرة؟
(1) المقتضب 3/ 176
(2)
شرح الرضي 2/ 117، وانظر حاشية الصبان 2/ 239