الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جاء في الكتاب: " وتقول: (ما عبد الله خارجًا ولا معنٌ ذاهبٌ) ترفعه على ألا تشرك الإسم الآخر في (ما) ولكن تبتدئه كما تقول: (ما كان عبد الله منطلقا ولا زيد ذاهب) إذا لم تجعله على (كان) وجعلته غير ذاهب الان"(1).
ومنه ما يسميه النحاة العطف على التوهم، نحو (ما زيد قائمًا ولا قاعد) فقاعد مجرور على توهم الباء في خبر (ما) وهو في الحق عطف على المعنى، وذلك أن الخبر غير مؤكد والمعطوف مؤكد.
وجعلوا من هذا الضرب قوله تعالى: {فيقول رب لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق وأكن من الصالحين} [المنافقون: 10]، عطف (أكن) المجزوم على (أصدق) المنصوب هو عطف على المعنى، وذلك أن المعطوف عليه يراد به السبب، والمعطوف لا يراد به السبب فإن (أصدق) منصوب بعد فاء السبب، وأما المعطوف فليس على تقدير الفاء ولو أراد السبب لنصب، ولكنه جزم لأنه جواب الطلب، نظير قولنا (هل تدلني على بيتك أزرك) كأنه قال: إن تدلني على بيتك أزرك، فجمع بين معني التعليل والشرط، ومثل ذلك أن أقول لك:(احترم أخاك يحترمك) و (احترم أخاك فيحترمك) فالأول جواب الطلب والثاني سبب وتعليل، وتقول في الجمع بين معنيين:(أكرم صاحبك فيكرمك ويعرف لك فضلك) وهو عطف على المعنى وليس توهمًا بمعنى الغلط (2).
المتعاطفان:
المتعاطفان يكونان على أقسام هي:
1 -
عطف الشيء على مغايره، وهو الأصل نحو:(رأيت محمدًا وخالدًا).
2 -
عطف الشيء على مرادفه، نحو:(هذا كذب وافتراء) و (عملك غي وضلال).
3 -
عطف العام على الخاص كقوله تعالى: {ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم} [الحجر: 87]، فالقرآن العظيم عام عطف على الخاص وهو السبع المثاني، ونحو ذلك أن تقول (أشتريت رمانا وفاكهة).
(1) كتاب سيبويه 1/ 29
(2)
البرهان 4/ 112، وانظر الهمع 2/ 142، الاتقان 1/ 199
4 -
عطف الخاص على عام، كقوله تعالى:{من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال} [البقرة: 98]، فجبريل وميكال خاص عطف على عام، وهو الملائكة، وذلك للاهتمام بما أفرد ذكره.
5 -
عطف الشيء على نفسه لزيادة فائدة، نحو {نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم واسماعيل} [البقرة: 133]، فاله آبائه هو إلهه.
6 -
عطف الصفات بعضها على بعض والموصوف واحد، نحو (مررت برجل فقيه وشاعر وكاتب) وكقوله تعالى:{سبح اسم ربك الأعلى الذي خلق فسوى والذي قدر فهدى والذي أخرج المرعى} [الأعلى: 1 - 4].
7 -
عطف الاسم على الفعل وبالعكس: الأصل أن يعطف الاسم على الاسم نحو: (هو لبيب وحذر) والفعل على الفعل نحو: (هو يهين ثم يندم).
وقد يعطف الاسم المشبه للفعل كاسم الفاعل، ونحوه على الفعل وبالعكس، ونحو قوله تعالى:{أولم يروا إلى الطير فوقهم صافات ويقبضن} [الملك: 19]، فعطف الفعل (يقبضن) على (صافات) ونحو قوله تعالى:{إن الله فالق الحب والنوى يخرج الحي من الميت ومخرج الميت من الحي} [الأنعام: 95]، فعطف اسم الفاعل (مخرج) على (يخرج)، وقوله:{فالمغيرات صبحا فأثرن به نقعا} [العاديات: 3، 4]، وهذه المغايرة سببها اختلاف الدلالة وذلك أن دلالة الفعل غير دلالة الاسم فالفعل يدل على الحدوث، والتجدد والاسم يدل على الثبوت كما ذكرنا في أكثر من موضع، فإذا اقتضي المقام الحدوث جيء بالفعل، وإذا اقتضي الثبوت جيء بالاسم، فجاء بـ (صافات) في قوله:(صافات ويقبض) على صيغة الإسم للدلالة على الثبوت، وذلك أن الطير يصف جناحه عند الطيران، وهي الحالة الثابتة، وجاء بـ (يقبضن) على الفعل لأن القبض حالة ليست ثابتة، ثم أن (القبض) حالة حركة وتجدد والصف حالة ساكنة، ثابتة فجاء بالقبض على صيغة الفعل الدالة على الحركة والتجدد، وجاء بـ (صافات) على صيغة الاسم الدالة على الثبوت.
ونحوه قوله تعالى: {يخرج الحي من الميت ومخرج الميت من الحي} فجاء بقوله [يخرج الحي] على صيغة الفعل لأن من إبرز صفات الحي الحركة والتجديد فجاء بالفعل