الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المصدر
المصدر هو الحدث المجرد، يستعمل أحيانا استعمال الفعل فيكون له فاعل، ومفعول به، وذلك كقوله تعالى:{أو إطعام في يوم ذي مسغبة يتيما ذا مقربة} [البلد: 14 - 15]، وقوله:{إنكم ظلمتم انفسكم باتخاذكم العجل} [البقرة: 54]، وقوله الشاعر:
ضعيف النكاية اعداءه
…
يخال الفراء يراخي الأجل
وقد يستعمل استعمال الأفعال اللازمة نحو: {وما كيد فرعون إلا في تباب} [غافر: 37].
المصدر الصريح والمؤول:
استعملت العربية نوعين من المصادر: مصادر صريحة ومصادر مؤولة، فمن المصادر الصريحة قولك (أعجبني انطلاقك) ومن المؤولة قولك (أعجبني أن تنطلق).
وهناك اختلاف بينهما في المعنى، والاستعمال فقد يقع المصدر الصريح في مواطن لا يقع فيها المؤول وبالعكس، وقد يؤدي أحدهما معنى لا يؤديه الآخر.
فمن الاختلاف في الاستعمال.
1 -
أن المصدر المؤول قد يسد مسد المسند، والمسند إليه، ونحو (ظننت أنك ذاهب) و {أحسب الناس أن يتركوا} [العنكبوت: 2]، ولا يسد المصدر الصريح مسدهما وذلك أن المصدر المؤول في الأصل جملة لها معناها الحاصل من الإسناد، أوقعها الحرف موقع المفرد بخلاف المصدر الصريح فإنه مفرد أصلا.
2 -
ان المصدر المؤول يسد مسد خبر فعل الرجاء (1). أو مسد فاعله نحو: {وعسى أن
(1) نحن نرى أن (أنْ) ليست مصدرية في هذا الموطن كما ذكرنا
تكرهوا شيئا وهو خير لكم} [البقرة: 216]، و {عسى الله أن يتوب عليهم} [التوبة: 102]، ولا يسد ذلك المصدر الصريح.
3 -
ينوب المصدر الصريح عن ظرف الزمان ولا ينوب عن ذلك المؤول، تقول (جئتك غروب الشمس) أي وقت غروبهما و (جئت قدوم الحاج) أي وقت قدومهم، ولا تقول (جئتك أن تغرب الشمس) ولا (جئت أن قدم الحاج).
4 -
يكثر حذف حرف الجر مع أن وأن نحو {ولا يجرمنكم شنئان قوم أن صدوكم} [المائدة: 2]، أي لأن صدوركم و (عجبت أن أخاك ناجح) أي من أن أخاك ناجح، وهذا قياس إذا اتضح المعنى، وليس الأمر كذلك مع المصدر الصريح.
5 -
يصح وصف المصدر الصريح، ولا يصح وصف المصدر المؤول، تقول: يعجبني انطلاقك السريع، ولا يصح: يعجبني أن تنطلق السريع. (1).
6 -
ينوب المصدر الصريح، عن فعله نحو (صبرًا آل ياسر) و (فضرب الرقاب) أي أصبروا واضربوا، ونحو (سقيا لك) و (اتوانيا وقد جد الناس)؟ ولاينوب عنه المصدر المؤول.
7 -
يؤكد المصدر الصريح فعله (2). ويبين نوعه، وعدده، نحو (انطلقت انطلاقا) و (انطلقت الأنطلاق) و (انطلاق السهم) و (انطلاقتين) ولا يستعمل المصدر المؤول لذلك.
إلى غير ذلك من أوجه الخلاف في الاستعمال.
ثم إن لكل من المصدرين (الصريح والمؤول) غرضا لا يؤديه الآخر، فمن ذلك.
1 -
أن المصدر المؤول يفيد الدلالة على الزمن، بخلاف المصدر الصريح، تقول (أعجبني أن قمت) و (أن تصبر خير لك) فهذا يفيد الدلالة على الماضي، او الحال، أو الاستقبال، بحسب الفعل بخلاف المصدر الصريح، فإنك إذا قلت (صبرك خير لك)
(1) انظر المغني 2/ 679، الهمع 1/ 151 - 152، الأشباه والنظائر 2/ 195
(2)
حاشية الصبان 1/ 176
أحتمل المضي والحال والاستقبال لأنه ليس في صيغته ما يدل على تحديد زمن (1).
ثم إضافة إلى أنه يستعمل للتمييز بين ما هو واقع، وما سيقع، يستعمل أيضا للدلالة على المأمور، أو المنهى عنه، أو المدعو به، وما إلى ذلك نحو (أشرت إليه بأن قم) أو بأن لا تقم وبأن حفظك الله وهذا يختلف عما سبق، أن ذكرناه من نيابة المصدر الصريح عن فعله فهذا ليس من باب النيابة، وإنما هذا مدلول المصدر المؤول، ولو أبدلت الصريح به لم يفهم المعنى نفسه.
2 -
أن المصدر المؤول ولا سيما مع (أنْ) يدل على مجرد معنى الحدث دون احتمال زائد عليه، ففيها [يعني أن] تحصين من الإشكال، وتخليص له من شوائب الإجمال، بيانه أنك إذا قلت:(كرهت خروجك) و (أعجبني قدومك) احتمل الكلام معاني، منها أن يكون نفس القدوم هو المعجب لك دون صفة من صفاته، وهيآته، وإن كان لا يوصف في الحقيقة بصفات ولكنها عبارة عن الكيفيات، واحتمل أيضا أنك تريد أنه اعجبك سرعته أو بطؤه أو حالة من حالاته فإذا قلت:(اعجبني أن قدمت) كان [دخول] أن على الفعل بمنزلة الطبائع والصواب من عوارض الاجمالات المقصودة في الأذهان (2).
وإيضاح ذلك أنك إذا قلت مثلا (يعجبني مشى محمد) فقد يفيد ذاك أن في مشيه صفة معينة هي التي تعجبك فيه، ويحتمل أيضا أنه يعجبك مجرد المشيء من دون قصد إلى صفة معينة، ولكن إذا قلت (يعجبني أن يمشى) كان ذلك لمجرد المشي، لا لشئ آخر أو صفة خاصة، ونحو ذلك قوله تعالى:{بل زين للذين كفروا مكرهم وصدوا عن السبيل} [الرعد: 33]، فإن قوله (زيد للذين كفروا مكرهم) يحتمل أن مكرهم إنما زيد لهم لما فيه من الدهاء والحيلة والاستدراج، ولو قال:(زيد للذين كفروا أن يمكروا) لكان المعنى أنه زين لهم أن يفعلوا مكرا، لا أن مكرهم له صفة معينة هي التي تزينه لهم. ومثله.
يعجبهم علمهم، ويعجبهم أن يعلموا.
(1) انظر بدائع الفوائد 1/ 92، وانظر المقتضب 3/ 214
(2)
بدائع الفوائد 1/ 92 - 93: زيادة اقتضاها
3 -
إن (أَنْ) والفعل قد تفيد الإباحة، ولا تفيد القطع بحصول الفعل، بخلاف المصدر الصريح، فإنه قد يفيد القطع بحصوله، وذلك نحو أن تقول:(له صراخ صراخ الثكلى) فهذا يختلف عن قولك: (له أن يصرخ صراخ الثكلى) فإن قولك (له صراخ) قطع بحصول الفعل، أي هو يصرخ، أما إذا قلت:(له أن يصرخ) فلا يفيد ذاك أن الصراخ حصل وإنما المعنى يحق له أن يصرخ (1). كما تقول (لك أن تذهب إلى البصرة) أي يحق لك.
4 -
أن المصدر المؤول يبين الفاعل من المفعول من نائب الفاعل ولا يبين ذلك المصدر الصريح تقول (ساءني أن يعاقب محمد) محمد نائر فاعل و (ساءني أن يعاقب محمد) فمحمد فاعل و (ساءني أن يعاقب خالد محمدًا) فمحمدًا مفعول به. فإن قلت: ساءني معاقبة محمد أحتمل أن يكون محمد فاعلا ومفعولا، ولا يبين المصدر الصريح نائب الفاعل، فإذا أردت بيان نائب الفاعل، وجب أن تأتي بالمصدر المؤول تقول: عجبت من أن يضرب عمرو، فعمرو نائب فاعل، فإذا قلت: عجبت من ضرب عمرو تبادر إلى الذهن انه فاعل (2). إلا في تعبيرات محدودة.
5 -
أن لكل حرف من الحروف المصدرية معنى خاصا به، فإذا جئت بالمصدر الصريح لم يتبين المقصود وذلك أن (ان) تفيد التوكيد و (أن) للاستقبال و (ما) للحال إذا دخلت على المضارع ولو للتمنى وكي للتعليل، فإذا جئت بالمصدر الصريح أنتفي التمييز بينها فعلى سبيل المثال أنك تقول:
1 -
يسرني أن تهذب.
2 -
يسرني أن ذهبت
3 -
يسرني أنك ذاهب.
(1) انظر شرح الرضي على الكافية 1/ 131، حاشية يس على التصريح 1/ 333
(2)
حاشية الصبان 2/ 283
4 -
يسرني أنك تذهب.
5 -
يسرني أنك ذهبت.
6 -
يسرني أنك ستذهب
7 -
يسرني لو ذهبت.
8 -
يسرني ما ذهبت.
وهذه كلها تؤول. يسرني ذهابك
6 -
التمييز بين الصيغ ومدلولاتها، فإنه في المصادر المؤولة تستطيع أن تأتي بالفعل واسم الفاعل، واسم المفعول، والصفة المشبهة، وصيغ المبالغة، واسم التفضيل، فتفيد كل صيغة دلالتها من حدوث، وثبوت وتكثير وتفضيل، وغيرها في حين لا يتأتي ذلك في المصادر الصريحة، فأنت تقول:(يعجبني أن محمدا ضارب، ومضروب، وضراب وأضرب من غيره) في حين أنها كلها تكون بلفظ واحد في المصدر الصريح، تقول:(يعجبني ضرب محمد) أو تتكلف تعبيرات أخرى لا تؤدي مؤدي الأصل نحو: يعجبني أفضلية ضرب محمد أو كثرته، ونحو ذلك ففي المصدر المؤول من التمييز بين المعاني ما ليس في المصدر الصريح.
7 -
يؤتى بالمصدر المؤول فيما ليس له مصدر صريح من الأفعال، كالأفعال الجامدة نحو:{وأن عسى أن يكون قد اقترب أجلهم} [الأعراف: 185]، و {أن ليس للإنسان إلا ما سعى} [النجم: 39].
8 -
قد يؤتى بالمصدر الصريح لإرادة الحدث وحده، دون إرادة صاحبه، أو إرادة زمنه نحو (الحمد لله رب العالمين) فإنه يراد بالحمد مجرد الحدث، لا صاحبه، ولا زمنه، ونحو:(الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان)[البقرةك 229]، ونحو:{وهم في شقاق} [البقرة: 137]، و {ما يعدهم الشيطان إلا غرورا} [النساء: 120]، و {وما كيد الكافرين إلا في ضلال} [غافر: 25]} فإمساك وتسريح، وشقاق وغرور،
وضلال أحداث مجردة فجيء بها مصادر صريحة، ولا يراد معها أصحابها، ولو قال: وما بعدهم الشيطان إلا أن يغرهم لتغيير المعنى، ولو قال (وما كيد الكافرين إلا في أن يضلوا) لم يكن لذلك معنى.
9 -
إيقاع الجمل المختلفة بدلالاتها المتميزة موقع المصدر في المصدر المؤول ولا يتأتي ذلك في المصدر الصريح وذلك كالجمل الفعلية والإسمية الكبرى، والصغرى، المؤكدة بطرائق التوكيد المختلفة وغير المؤكدة، المثبتة والمنفية بأساليب النفي المختلفة، الشرطية وغيرها وما إلى ذلك من أنواع الجمل مما لا يتأتي في المصدر الصريح نحو {وألو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقا} [الجن: 16]، و (اعلم أن لا إله إلا الله) و (علمت أن محمدا ذو مال كثير) و (علمت أن محمدا ماله كثير) و (علمت أن محمدًا ليس له مال) و (علمت أن محمدًا لا مال له) وغير ذلك.
وإليك مثلا يوضح كيف أن المصادر المؤولة المختلفة ذات الدلالة المتعددة تؤول بلفظ واحد على تباينها:
1 -
يسرني أن محمدا ضرب
2 -
يسرني أن محمدا يضرب
3 -
يسرني أن ضرب محمد
4 -
يسرني أن قد ضرب محمد
5 -
يسرني أن قد يضرب محمد.
6 -
يسرني أن محمدٌ ضرب.
7 -
يسرني أن محمدٌ يضرب
8 -
يسرني أنه محمد ضرب.
9 -
يسرني أنه محمد يضرب.
10 -
يسرني أنه قد ضرب محمد
11 -
يسرني أنه قد يضرب محمد 12 - يسرني أن محمدا سيضرب
13 -
يسرني أن سيضرب محمد
14 -
يسرني أنه سيضرب محمد 15 - يسرني أنه محمد سيضرب.
16 -
يسرني أن محمدًا ضارب 17 - يسرني أنه محمد ضارب
18 -
يسرني أنه ضارب محمد 19 - يسرني أن محمدٌ ضارب
20 -
يسرني أن ضارب محمد 21 - يسرني أن محمدا إنه ضارب
22 -
يسرني أن محمدا إنه لضارب 23 - يسرني أن محمدا أنه هو الضارب
24 -
يسرني أن محمدا ضراب 25 - يسرني أنه محمد ضراب
26 -
يسرني أن محمد ضراب 27 - يسرني أنه ضراب محمد
28 -
يسرني أن ضراب محمد