الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العطف على المضاف إليه:
قد يعطف على المضاف إليه الذي أضيف إليه اسم الفاعل بالجر، وبالنصب، فتقول (هذا ضارب محمدٍ وخالدٍ) و (هذا ضارب محمدٍ وخالدا).
أما الأول فلا إشكال فيه وهو عند النحاة أجود (1).
وأما العطف بالنصب فهو أما أن يكون المقصود به الزمن الماضي، فيكون على تقدير فعل ماض قبل النصوب عند سيبويه، ومن تابعه (2). ففي قولك (هو ضارب محمد وخالدا) يقدرون (وضرب خالدا) وأما أن لا يقصد به الماض فيقدرون له فعلا مضارعًا أو اسم فاعل منونًا، ففي قولك (هو ضارب محمد وخالدا غدًا) يقدرون (ويضرب خالدا) أو (وضاربٌ خالدا)(3).
والذي يترجح عندي في تفسيره أنه إذا عطفت بالنصب على المجرور ولم تكن ثمة دلالة على أن المقصود به الماضي كان المضاف تعبيرا احتماليا والمنصوب تعبيرا قطعيا، فقولك (هو ضارب محمد وخالدًا) يدل على أن (ضرب محمد) يحتمل المضي والحال والاستقبال والاستمرار (وضرب خالد) يدل على الحال، أو الاستقبال قطعا ولا يحتمل غيرهما كما مر في تفسير المضاف والمنصوب.
أما إذا كانت هناك دلالة تدل على أن ضربهما جميعا حصل في الماضي كقولك (هو ضارب محمدٍ وخالدا أمس) فهو على تقدير فعل ماض كما قدر سيبويه، ومقتضي هذا التقدير أن (ضرب محمد) يفيد الدلالة على الثبوت (وضرب خالد) يفيد الانقطاع ذلك لأن ذلك اسم الفاعل ليست كدلالة الفعل، فقولك (هو ضارب محمد) يحتمل ثبوت الضرب، وتكرر حصوله في الماضي، بخلاف الفعل الماضي، فإنه يدل على أنه حصل وانقطع، تقول (كان سعيد كذب) و (كان سعيد كاذبا) فالفعل الماضي (كذب) يدل على
(1) كتاب سيبويه 1/ 89، شرح الرضي على الكافية 2/ 225
(2)
انظر كتاب سيبويه 1/ 87، شرح الرضي 2/ 225
(3)
انظر كتاب سيبويه 11/ 35، شرح ابن يعيش 6/ 69
أن سعيدًا وقع منه كذب، وأما اسم الفاعل (كاذب) فهو يدل على ثبوت هذه الصفة فيه في الماضي. ونحوه قولك (هو مجتهد وهو اجتهد) و (هو قائم بالأمر وقام بالأمر) و (هو شارب الخمر وهو شرب الخمر).
جاء في (التفسير الكبير): " أن اسم الفاعل يدل في كثير من المواضع على ثبوت المصدر في الفاعل ورسوخه فيه، والفعل الماضي لا يدل عليه كما يقال: فلان شرب الخمر وفلان شارب الخمر، وفلان نفذ أمره، وفلان نافذ الأمر، فإنه لا يفهم من صيغة الفعل التكرار والرسوخ، ومن اسم الفاعل يفهم ذلك (1).
فخلاصة الأمر أن قولك:
(هذا ضارب محمد وخالد) يفيد أن الضرب لهما واحد من حيث الزمن والدلالة. وقولك: (هذا ضارب محمدٍ وخالدا) إذا لم يتعين أنهما للمضي يفيد أن ضرب محمد احتمالي الدلالة فهو يحتمل الماضي، والحال، والاستقبال والاستمرار، و (ضرب خالد) يدل على وقوعه في الحال والاستقبال.
وإذا تعين أن ضربهما كان في الماضي جميعا، فضرب محمد يفيد الدلالة على الثبوت، وقد يحتمل الدوام والتكرار، وضرب خالد يفيد وقوعه وانقطاعه، وهذا الفرق متأت من الفرق بين الفعل واسم الفاعل.
(1) التفسير الكبير للرازي 25/ 29