الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والوجه الآخر أن تحذف التنوين، وتخفض وأنت تريد الحال والاستقبال، فتقول:(هذا ضارب زيد غدا)(1).
وجاء في (المفصل): " ويشترط في أعمال اسم الفاعل أن يكون في معنى الحال، أو الاستقبال، فلا يقال: (زيد ضارب عمرا أمس) ولا (وحشي قاتل حمزة يوم أحد) بل يستعمل ذلك على الإضافة"(2).
وذكر: لو أن قائلا قال (هذا قاتل أخي) بالتنوين، وقال آخر:(هذا قاتل أخي) بالإضافة لدل التنوين على أنه لم يقتله، ودل حذف التنوين على أنه قتله (3).
إضافة اسم الفاعل:
ذكرنا آنفا أن اسم الفاعل لا يتعدى إلا إذا كان دالا على الحال أو الاستقبال، فإن لم يدل على الحال أو الاستقبا بأن كان ماضيا أضيف، تقول:(هذا ضارب محمد) إذا ضربه و (ضارب محمدا) إذا كان يضربه أو ينوي ضربه.
جاء في (كتاب سيبويه): " فإذا أخبر أن الفعل قد وقع وانقطع، فهو بغير تنوين البتة .. وذلك قولك (هذا ضارب عبد الله وأخيه) وجه الكلام وحده الجر. لأنه ليس موضعا للتنوين، وكذلك قولك: (هذا ضارب زيد فيها وأخيه) وهذا قاتل عمرو أمس وعبد الله"(4).
وجاء في (المقتضب): " تقول (هذا ضارب زيد أمس) و (هما ضاربا زيد) و (هم ضاربو عبد الله) .. كل ذلك إذا أردت به معنى الماضي لم يجز إلا هذا، لأنه اسم بمنزلة قولك (غلام زيد) و (أخو عبد الله).
(1) الجمل 95 - 99، وانظر المقتضب 4/ 30
(2)
المفصل 2/ 121
(3)
تأويل مشكل القرآن لابن قتيبة 11، وانظر في الأشباه والنظائر للسيوطي 3/ 224، المناظرة بين الكسائي والقاضي أبي يوسف
(4)
كتاب سيبويه 1/ 87
فإن جعلت اسم الفاعل في معنى ما أنت فيه ولم ينقطع أو ما تفعله بعد ولم يقع جرى مجرى الفعل المضارع في عمله وتقديره .. وذلك: (زيد آكل طعامك الساعة) إذا كان في حال أكل و (زيد آكل طعامك غدا) كما تقول: (زيد يأكل الساعة) إذا كان في حال أكل وزيد يأكل غدا (1).
ولا يفهم من هذا أن الإضافة لا تصح إلا إذا كان اسم الفاعل دالا على المضي، بل الإضافة جائزة سواء كان اسم الفاعل دالا على المضي أم غيره، تقول (هو ضارب محمد أمس) و (هو ضارب محمد غدا) إلا أن النصب لا يصح إلا إذا دل على الحال أو الاستقبال (2).
وقد مر بنا في باب الإضافة غير المحضة أن ما كان من اسم الفاعل دالا على الحال أو الاستقبال فاضافته غير محضة بخلاف ما إذا كان دالا على المضي.
فالفرق بين الإضافة والنصب، ان النصب دلالته قطعية إذ هو لا يدل إلا على الحال أو الاستقبال، أما الإضافة فدلالتها إحتمالية فهي تحتمل.
1 -
المضي كقوله تعالى: {الحمد لله فاطر السماوات والأرض} [فاطر: 1]، وكقولك:(أنا ضارب خالد أمس).
2 -
الحال والاستقبال كقوله تعالى: {ربنا إنك جامع الناس ليوم لا ريب فيه} [آل عمران: 9]، وقوله:{إن الله جامع المنفقين والكافرين في جهنم جميعا} [النساء: 140] وقوله: {كل نفس ذائقة الموت} [العنكبوت: 57]، وقوله:{إنهم ملاقوا ربهم} [هود: 29]، وهذا كله إستقبال.
وقوله: {وهذا كتاب أنزلناه مبارك مصدق الذي بين يديه} [الأنعام: 92]، وهذا حال.
(1) المقتضب 4/ 148 - 149
(2)
انظر كتاب سيبويه 1/ 83، الجمل 95 - 99، شرح ابن يعيش 2/ 119، شرح ابن عقيل: 2/ 27
3 -
الدلالة على الاستمرار كقوله تعالى: {إن الله فالق الحب النوى يخرج الحي من الميت ومخرج الميت من الحي ذلكم الله فأني تؤفكون فالق الإصباح} [الأنعام: 95 - 96]، فهو في كل حين يفلق الحب والنوى ويخرج الميت من الحي، وفي لك يوم يفلق الإصباح.
4 -
ثم إن الإضافة قد تفيد تغليب جانب الذات على الحدث في اسم الفاعل، بخلاف النصب، فإنه يفيد دلالته على الحدث، فنحن نستعمل اسم الفاعل للدلالة على الحدث أحيانا، وأحيانا نقصد به الدلالة على الاسم، وذلك كالحارس والكاتب والسائق، فقد يراد بالحارس صفته. وقد يقصد به شخصه وكذلك الكاتب والسائق.
جاء في (الكتاب): " هذا ما كان من ذلك عملا وذلك قلوك (مررت برجل ضارب أبوه رجلا) و (مررت برجل ملازم أبوه رجلا) .. فالمعنى فيه على وجهين. إن شئت جعلته يلازمه ويخالطه فيما يستقبل، وإن شئت جعلته عملا كائنا في حال مرورك، وإن القيت التنوين وأنت تريد معناه جري مثله إذا كان منونا.
فإذا جعله اسما لم يكن فيه إلا الرفع على كل حال، تقول:(مررت برجل ملازمة رجل)، أي مررت برجل صاحب ملازمته رجل، فصار هذا كقولك (مررت برجل أخوه رجل) وتقول: على هذا الحد (مررت برجل ملازموه بنو فلان) فقولك (ملازموه) بذلك على أنه اسم ولو كان عملا لقلت: (مررت برجل ملازمه قومه)(1).
فبالإضافة قد يراد الاسم، وأما النصب فالدلالة على الحدث فقط، وذلك لأن الإضافة من خصائص الأسماء تقول (هذا سائق السيارة) و (لا يحرس حارس المدرسة) وتقصد به شخصيهما ولو كان المقصود به الحدث لتناقض القول إذ كيف لا يسوق وهو يسوق، ولا يحرس وهو يحرس؟ ولكن المقصود به الشخص كما ذكرنا.
(1) كتاب سيبويه 1/ 226 - 228