الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد استنكر كثير منهم استمرار صرف راتبه من الحكومة السعودية، فكتبوا للملك سعود يرجونه أن يقطع الراتب الذي تعطيه الحكومة له، ليمكنه من التفرغ والتأليف عندما كان مستقيم المسلك، جيد العقيدة.
وقد بلغنا أن الملك سعود أرسل إلى السفارة السعودية في القاهرة يسألها رأيها في قطع الراتب الذي كان يصل إلى القصيمي عن طريقها، لأنه كان يقيم في القاهرة، ويعيش هو وأسرته منه، فكان رأي السفارة أنه لا ينبغي قطع راتبه لأنه يدافع عن العقيدة السلفية وقطع الراتب عنه سوف يسعد الذين يرون غير ذلك من أهل مصر وغيرهم، لاسيما أن بعض علماء مصر ومفكريها لم يروا في كتابه:(هذه هي الأغلال) ما رآه أهل نجد فيه، بل رأوا فيه جرأة فكرية، إن لم يكن تجديدًا فكريًا.
وهكذا استمر صرف راتبه رغم استنكار المشايخ وطلبة العلم لذلك، إلا أن الموضوع كان يتم بعيدًا عنهم في مصر، ويومذاك كانت مصر بعيدة يضرب بها المثل في البعد، كما كانوا يقولون: أبعد من مصر.
ابن يابس والقصيمي:
الشيخ عبد الله بن علي اليابس من أهل القويعية هو صديق القصيمي الحميم لسنوات طويلة، بل هو رفيق دربه وزميل كفاحه في الرحلة في طلب العلم والصبر على الغربة من أجل تحصيله.
وعندما انحرف القصيمي بادر الشيخ ابن يابس بالرد عليه، وبيان ما يرى أن القصيمي كان يسره قبل أن يعلن انحرافه عن الطريق الصحيح، وصنف كتابًا في الرد عليه سماه (الرد القويم على ملحد القصيم).
وقد ألف ابن الشيخ عبد الله بن علي اليابس كتابًا في ترجمة والده طبع فرأيت
فيه إشارات إلى حالة عبد الله القصيمي قبل أن يبدر منه ما بدر من الانحراف عما كان عليه علماء أهل السنة، والغوص في مقالات وفلسفات غريبة عن ذلك.
لذا رأيت نقل بعض الإشارات الواردة في كتاب ترجمة عبد الله بن يابس لابنه محاولًا الاختصار لأن الكتاب مطبوع، ولكنني لم أر من ذكره من طلبة العلم الذين عرفتهم ربما كان ذلك لكونه وزع على نطاق محدود أو في منطقة محددة.
والكتاب اسمه: (من أعلام الإسلام: عبد الله بن علي بن يابس).
قال الشيخ عبد الله بن علي بن يابس بعد أن وصل إلى مدينة دلهي عاصمة الهند فيما نقله عنه ابنه:
في هذا الأثناء التقيت بكل من الشيخ عبد العزيز الراشد وعبد الله بن علي الصعيدي وهما يدرسان على عدد من المشايخ في دلهي، وقد أصيبا ببعض الأمراض المتفشية في هذه المدينة، كما أنهما سئما من الجلوس ورغبا في المغادرة، وكانت وجهتهما مصر، والالتحاق بالأزهر، وبعد دراسة الموضوع فيما بيننا اتفقنا على الالتقاء مرة ثانية في مصر بعد أن سمعنا بأن في الأزهر علماء كبار في جميع العلوم العربية والحديث، مما قوّى عزائمنا في السفر إلى مصر للالتحاق بالأزهر، وكان كل من عبد العزيز الراشد وعبد الله الصعيدي قد أمضيا أكثر من ثلاث سنوات في دلهي وبعض المدن الأخرى، إلا أنهما عزما على السفر بعد وصولي بفترة يسيرة، وكانت وجهة سفرهما إلى البصرة ومن هناك على مركب شراعي أيضًا يتوجهان إلى القاهرة للالتحاق بالأزهر، انتهى كلامه (1).
وذكر ابنه أن الشيخ (ابن يابس) توجه من ميناء ينبع إلى موانئ مصر بواسطة المراكب البحرية أيضًا التي تستغرق رحلتها أيامًا عديدة، وقد سبقه إلى
(1) من أعلام الإسلام: عبد الله بن يابس، ص 40.
مصر زميلان له هما الشيخ عبد العزيز الراشد من بلد المفيجر، وعبد الله بن علي الصعيدي، وبعد وصوله إلى القاهرة التقى بهما فاحتفيا به، وقدما له كل مساعدة نظرًا لما بينهما من الإلفة والصداقة السابقة (1).
وقال المؤلف أيضًا:
وكان فضيلة الشيخ عبد الله بن علي بن يابس قد سكن مع زميله السابق عبد الله بن علي الصعيدي في غرفة واحدة في رباط الأزهر أو كما يسمونه رواق الأزهر، ونظام الأزهر يسير على نظام الأروقة، أي إن كل فئة من الناس لهم سكن خاص ضمن هذا الرواق ومن خصائص هذا الرواق أنه غالبًا يكون عليه وقف، وهؤلاء الطلاب يتعيشون من هذا الوقف، ولكن نجدًا ليس لها رواق، وبالتالي فليس لهم أوقاف يتعيشون منها، ولكنهم يلحقونهم أحيانًا برواق البغداديين وهذا الرواق خالٍ حتى من الماء والكهرباء، ولكن الشيخ عبد الله بن علي بن يابس لم يستمر طويلًا في هذا الرواق، فقد أسكن هو ورفقاه في رواق الحرمين، وأجريت لهم جرايات كغيرهم من الطلاب، وكانت دراسته في القسم العام، وليس في القسم النظامي.
وكان عبد الله الصعيدي في أول أمره متمسكًا بما عليه السلف الصالح من الاعتقاد، محافظًا على أداء ما أوجب الله عليه، وقد ألَّف عدة مؤلفات في الدفاع عن العقيدة السلفية، ولكنه فيما بعد انحرف وألف عدة كتب تدعو إلى الإلحاد، نعوذ بالله من ذلك (2).
ثم عقد المؤلف فصلًا خاصًّا بالخلاف بين والده (عبد الله بن يابس) وبين عبد الله القصيمي، قال فيه:
(1) من أعلام الإسلام: عبد الله بن يابس، ص 75.
(2)
المصدر نفسه، ص 58 - 59
في مقابلة سابقة مع الشيخ أحمد بن علي بن عبد اللطيف المبارك السفير السابق بصحبة الشيخ عبد العزيز بن محمد السدحان، أوضح أنَّ خلاف الشيخ عبد الله بن علي اليابس مع زميله عبد الله الصعيدي يتلخص فيما يلي:
حينما وصل الشيخ عبد الله بن علي اليابس إلى القاهرة في أول عام 1345 هـ سكن مع زميله عبد الله الصعيدي (المعروف بعبد الله القصيمي) في غرفة واحدة في رواق الحرمين، فكان نعم الصديق والزميل، ولم يلاحظ عليه شيء في العقيدة، بل كان جرئيًا في الدفاع عنها جرأة نادرة، بل كان يشتبك مع بعض علماء الأزهر حول هذا الموضوع، ثم حمله العراك في المحاورات والمداورات إلى أن ألف كتابًا سماه (البروق النجدية) وكتاب (شيوخ الأزهر والزيادة في الإسلام).
وكتاب (الفرق الحاسم بين الوهابيين ومخالفيهم) وكتاب (الثورة الوهابية) كل هذه الكتب طبعها الشيخ فوزان السابق السفير السعودي في القاهرة على حسابه الخاص، ونشرتها جمعية أنصار السنة المحمدية، ثم بدأ يفكر في مقاومة بعض الطوائف الذي بهره وأزعجه كثيرًا ما يرى من انتشارهم وأنهم اتخذوا التقيّة سلاحًا لإخفاء مقاصدهم، وبناء على هذه التقيّة التي كانوا ينهجونها كان أمرهم يخفى على الناس، فكان كثير من الناس ينساقون وراءهم، فإذا تورطوا ووقعوا، غالبًا ما يقع إلا من كان على جهل، وهذا مكمن الخطورة، فأحب أن يبين حقيقتهم، فألّف كتابه (الصراع بين الوثنية والإسلام)، وفي أثناء ما هو يكتب الجزء الأول والثاني أخذ يقرأ بعض كتب (غوستاف لوبون) وهو رجل فرنسي من رجال الثورة الفرنسية، وهذا الرجل معروف عنه عداوته للإسلام منذ رضع من لبن أمه، وعند قراءة عبد الله الصعيدي لهذه الكتب تأثر بها وجعله يتجه هذا الاتجاه، وأكثر ما وجد عليه المسلمون من خذلان وذلّه، هو تحكم الغربيين فيهم، فكتب مقدمة ليجعلها مقدمة الكتاب (الصراع) وهي كيف ذل المسلمون؟ بعض الشطحات الكتاب الصراع، هو (كيف ذل المسلمون؟ )، فرد عليه الشيخ حامد