الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القحطاني:
على لفظ النسبة إلى قحطان، والمراد قبيلة قحطان.
أسرة صغيرة من أهل بريدة أصلهم رجل واحد اسمه محمد القحطاني.
اشترى له مكانًا في الضاحي في الشرق الجنوبي من بريدة وسكنه.
ومحمد القحطاني هذا إخباري سجل عنه الشاعر عبد الله بن علي الجديعي بعض الحكايات منها.
قصة خربوش قال الجديعي هي عن محمد القحطاني ممن سكن الضاحي في بريدة، قال:
هذا خربوش من أهل الجنوب، وكان يتيم وكان بين جماعته ليس محبوب حيث أنه ليس له حلال ولا زوجة ولا حمولة يلتجي إليها، ولكنه وسيم وتنظر النساء إليه وتقول ياليته مثل الرجال الذي عندهم حلال وله محل يعرف، ولما صار له من العمر ثلاثون عام كان جالس في بيت أحد الأعراب الذي يمنون عليه في عشاه أو غداه أو شربة لبن وكان في هذا البيت رحي، وهذه الرحى سبيل بين العرب.
جات بنت أمير القطين معها عيش تريد طحنه في هذه الرحى وهي لها قصد اسمها وضحا وكان خربوش جالس عندها وصارت تطحن ورمت الغطوة عن وجهها فقالت لها صاحبة البيت وراك ما تغطين عن خربوش يا وضحا؟ قالت: خربوش ما يسوي الغطوة: جرم وزين وبس وصارت تغني بهذه الأبيات:
ترى الولد لا تم عمره ثلاثين
…
ما صار بالميدان يلقى المهمات
ما ينظرنه البنات المزايين
…
يسحب اردونه مثل رصاد الابيات
فرد خربوش على طول على وضحا:
ما ناقصك عقل ولا ناقصك زين
…
ولا انتي من اللي هاكعه بالمحلات
عطيني مهله ثم بعده تشوفين
…
لي بان فعلي صار عندك حشيمات
ماجيتي يا وضحا على شان مدين
…
ولا رميتي غطاك عندي لحيلات
لا شك يا وضحا أوصاتي تحرين
…
لو طالت المدة تبين المغباة
أنتي تمام العقل وأنتي تعرفين
…
إني يتيم ولا بجمعي قرابات
ابنتهز الفرصة وهذا اللي مخلين
…
مع السلامة يا الهنوف المغباة
لي شفتي افعالي صار عندك تثامين
…
واظفيتي الغطوة للعيون الجميلات
يا بنت ساطي ما حسبتك تهزبين
…
وداعة الله منّ لك والسلامات
قام على طول وأخذ السيف مشي من الجنوب إلى الشمال، ولما وصل الأردن إذا هو يلفي على بيت، ولكن البيت ما فيه إلَّا عجوز سلم عليها وقال: أنا ضيف، قالت: أنت من أهل الجنوب، قال: نعم، قالت: اجلس حتى يجي ولدي فازع.
جلس ولما حضر فازع عشاه وبعد العشاء سأله وين يبي يذهب؟ فقال: أنا من أهل الجنوب ولي قصة غريبة ولي شهر وأنا أمشي وأضيف عند العرب، واليوم لما وصلتكم أبي أخبركم في هذه القصة وأخبر فازع بوضعه وأخبره فيما عملت وضحا وما فعلت وما قالت، فقال فازع:
خلاص عندي خيل كثيرة ودائع للناس أو اليها، وأنا أعرف الأصيل منها وخلك معي حتى تعلم ركوب الخيل وتعلم الفروسية.
فرح خربوش بهذه الفكرة وصار يساعد فازع على الخيل حتى عرف الأصيل وعرف ركوب الخيل.
وبعد سنة قال له فازع شف عرب معهم حلال خذ هذا الحصان.
وأغر عليهم لعلك تحصل منهم لك كم بعير.
أخذ الحصان وأغار على العرب ونهب منهم وسلم وباع منها واشترى حصان وصار فارس، ورجع إلى الجنوب ويقول: يا ليتني أجد وضحا الذي تزنبني بقولها ما احتجب عنه.
ولما وصل عربه قالوا منين حصلت هذا الذود يا خربوش؟ قال: حصلتهن غز القنطار، ولكن ما همه إلا وضحا.
سأل عنها ووجدها لم تتزوج وخطبها من أبيها وقال الشور لها لما شاورها، والدها قالت: بعدين حتى يصير له فعل وتعرف شجاعته.
وفي يوم حصل بين جماعته وعرب آخرين قتال وتغلبوا القوم على جماعة خربوش وكان يرعى مع الرعاة وحول ابله، ولما صار بعد العصر جاه خبر أن القوم أخذوا من جماعته ذود من الإبل فركب حصانه ولحق القوم ورد الإبل بالقوة منهم.
وبعد العشاء الأخير وصل إلى جماعته وإذا فيهم المكسور والمجروح ويتلاومون فيما بينهم، وهم لم يعلموا أن خربوش رد الإبل.
سلم عليهم وقال: وراكم يا جماعتي على ها الحال؟
أخبروه الخبر وكانت وضحا تسمع، قال خربوش: خلوا الرعاة يجيبون الإبل تراها ورا ها الحزم.
فقال والد وضحا وهو الأمير من الذي ردها من العدو؟ قال خربوش: أنا رديتها، وراكم ما أخبرتوني بأول المعركة ما جاني الخبر إلا متأخر وشوي وإلا راحت الإبل.
لما حضرت الإبل عند الأمير وقالوا الرعاة: إن الذي فكها الشجاع خربوش، قال والد وضحا: وش تقولين ها الحين يا وضحا، تريدينه أو لا تريدينه؟ قالت: إلَّا أريده.
فقال والدها: يا خربوش توكل على الله وضحا تريدك، فقال: ذاك أمس اليوم ما أريدها، وكانت وضحا تسمعه وهو يقول: ما أريدها وما كان منها إلا أنها رمت نفسها عليه وصارت تقبل قدميه وتبكي.
فقام واحد من كبار القوم يقال له نافع وكان خربوش يعزه وقال: يا خربوش خذها إكراما لوالدها ولي وأنت على طلبك للذي تريد، كل بنات الحي يبنك، فقال خربوش: قومي يا وضحا خلاص على شأن والدك، وعلى شأن العم نافع يتم الزواج، فقالت وضحا هذه الأبيات:
بانت فعايلك يا خربوش
…
عقب زمان يردِّي بك
حر إلى صك بالمريوش
…
قامت تخابر مناديبك
كم فارس ما تعدى الغوش
…
دلا يسولف ويسمي بك
خربوش تستاهل المنقوش
…
اليوم ارحب وأهلِّي بك
اللي يحوش الظفر محيوش
…
تستاهل اليوم من طيبك
فرد عليها خربوش يقول:
وضحا نسيتي أفعال أهموش
…
على الرحى وين قولي بك
طرحتي الغدفه عن المخشوش
…
وجرحت قلبي عذاريبك
بانت افعالي وانا خربوش
…
يوم انه عجزوا معازيبك
وصار خربوش يعد من الشجعان في قحطان من الجنوب بالمملكة.
فقال يوم لوضحا ودي اروح لم الأردن حتى أني أكافي راع الحصان الذي
أكرمني سنة وعلمني على ركوب الخيل، ولكن حطي بالك على الإبل وأنا إن شاء الله شهرين وأنا راجع.
ركب ذلوله ومشى إلى الأردن ولما وصل رفيقه سلم عليه وأخبره في ما تم بينه وبين وضحا، فقال: هلحين أنت تحبها وإلا ما تحبها، قال: إلَّا أحبها وهي جيدة وراعية حلال فقال خلاص خلك ترتاح يوم حصلتها.
رجع إلى الجنوب وفي غيابه عدا على جماعته قوم من العتبان وأخذوا منهم جملة إبل، فقالت وضحا هذه الأبيات:
يوم غاب عنها طير شلوى سروا به
…
قوم من العتبان نقوة وشجعان
لو القطامي حاضر ما غدوا به
…
عيال غزو شَرَّعوا به وعدوان
لو أحسايف ذود عمي وجلوبه
…
مافذ غير الزرق وعيال حيران
خربوش يا مشكاي وان اعتزوا به
…
ذود الحبيب اللي تقفوه عتبان
دموع ليما واصلات اجبوبه
…
تبكي على ذود حلايب وقعدان
ولما وصل إلى أهله أخبرته وضحا بما جرى وقال: خوذي من والدك الدربيل عطيني إياه، أخذ الدربيل وصار يتطلع إلى الذين أخذوا بعارين جماعته وفي يوم رأى إبل جماعته وتأكد منهن، ولما قرب إليهن وجد عندهن واحد من الفريس يجنب لهن فأغار عليهن وقابلة الفارس فقال: جنب عن الإبل، فقال: الحق كان عندك ظفر وتناطح هو والفارس العتيبي وضرب العتيبي وكسر يده وطاح من على الحصان، ولحق الراعي وانزله من الجمل يخاف يفزع أهل الإبل ورجع إلى الفارس المكسور وإذا هو يحاول ركوب حصانه وعقر الحصان واستاق الإبل وصار يجلدهن حتى ما وصل على جماعته إلا في آخر الليل.
خلى الإبل بعيد عن البيوت ودخل بيته وجد وضحا راقدة، فقال: يا وضحا شوفي إبل عمك قريب البيت خليهم يحفظونها عن السرق، وأعطيني عشاي تراي
جايع، ولكن وضحا ما صدقته وقامت وأعطته العشاء.
وقالت: تراي ما فهمت منك شيء فقال فاهمه، ولكن ما انتي مصدقة وأنا خربوش قومي للذي أنا قلت لك، لا يجيك علم ما ترضينه دائم وأنتي تلحقينني بالردا.
تعذرت منه وراحت وهي لم تصدق أنه يجيب الإبل من عتيبة لأنهم شجعان، وكانت الإبل بعيدة عن البيوت والليل قد مضى أكثره وذهبت وضحا إلى عمها وأيقظته من النوم وقالت: يا عمي خربوش جاب الإبل من الأعداء ويقول: تراهن ورا الحزم، فقال العم: ما جابهن إلا خربوش؟
حيثه غالي عليك تبين تلعبين علي بهذا الليل، وقام وراحت معه (وضحى) ولما وصل الإبل، وإذا هي بكاملها ومعها زود من إبل العتبان، وصار عمها عند الإبل، ورجعت (وضحى) إلى بيتها وهي تقول:
يا عم يا صطام، جاب البعارين
…
يوم ان شجعان القحاطين خَلَّوه
طلع شجاع يوم عدَّى الثلاثين
…
من قبل ما عمرهم يوم عَدّوْه
خربوش يوم انتخى للقحاطين
…
كلِّ على فعله بعمره تجلووه
جابه، وقال: ألبل بالحزم مَزيَّن
…
مصَدِّق عمي ولا هم تحروه
وصار خربوش من فريس قحطان، وصار أولاده من (وضحي) هم الأمراء في قحطان.
انتهت القصة على خير.
هذا وقد اشتغل محمد القحطاني بتجارة العقار وبخاصة الأراضي فلم تنجح تجارته، بل ركبه دين ثقيل مات قبل أن يستطيع إيفاءه جزاه الله خيرًا، فدفعه عنه الأمير سلطان بن عبد العزيز إلى العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء.