الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفاته:
توفي عبد الله بن علي القصيمي في مصر عام 1417 هـ عن 94 سنة وقد بقي ذهنه صافيًا حتى وفاته، فلم يصب بخرف أو اختلاط ذهني في كبره، وذلك بعد أن شغل العالم المثقف سواء أكان مثقفًا ثقافة دينية أم أدبية فكرية بما نشره من كتب وبما بدا أنه يعتنقه من مبادئ وأفكار.
ولذلك عندما توفي نشرت جريدة (الشرق الأوسط) مع خبر وفاته مقالًا لمحرريها، عن القصيمي ومقالة بقلم الأستاذ جاسر الجاسر، وليست له علاقة نسب بالأستاذ المؤرخ حمد الجاسر، بل هذا من أهل بريدة، والأستاذ حمد الجاسر من (البرود).
ويجدر أن أنقل ما جاء في المقالتين كلتيهما عن القصيمي، وأن أكتفي بذلك عن عشرات المقالات، والقصائد التي ترجمت له أو تكلمت على أحواله بعد وفاته إلا ما كان من البحث الذي قدمته.
قالت الجريدة في عددها (6253) الصادر بتاريخ الخميس 11/ 1/ 1996 م:
شلل جزئي أعاقه عن الحركة في أيامه الأخيرة:
مات القصيمي فيلسوف العبث المتمرد:
يقف المفكر السعودي الراحل الشيخ عبد الله القصيمي في طليعة حملة لواء الفكر الليبرالي العربي.
ورغم تناحر التيارات الفكرية وتنوعها فإن ذلك المفكر الكبير كان على خلاف مع معظمها بسبب عقله النقدي الحاد وشخصيته المستقلة التي دفعته إلى أن يختط لنفسه طريقًا أثار عليه نقمة البعض، وتأييد البعض الآخر، فلم يأبه واستمر يغذي مسيرته الفكرية الخصبة بالعديد من الكتب التي أثار ظهورها ضجة في حينها نظرًا لجراءة ذلك الفكر.
ويشكل كتاب (العرب ظاهرة صوتية) نموذجًا مثاليًا لأسلوب ذلك الكاتب الذي انتقد دون رحمة، وطعم نقده بالكثير من السخرية العميقة والمبطنة، فهو يقول في مقدمة ذلك الكتاب (إن العربي ليرفض الصعود إلى الشمس ممتلكًا لها إذا كان ذلك بصمت).
فالضجيج والإدعاء والخطابية من أخطر أمراض الشخصية العربية التي شرحها عبد الله القصيمي في ذلك الكتاب.
وقبل ذلك الكتاب الذي كان له وقع الصاعقة في السبعينات سبق ذلك المفكر أن بدأ معركته التي كانت صاخبة في معظم فصولها بكتاب (الصراع بين الإسلام والوثنية) والذي هاجم فيه البدع والخرافات، وكذلك كتاب (هذه هي الأغلال) الذي تابع فيه ذلك النهج، وكان له الوقع الطيب على العلماء والعامة الذين لم يسبق لهم سماع آراء صريحة من ذلك الوزن الذي دخل به القصيمي إلى الحياة الثقافية والفكرية في وقت شهد الكثير من الهدوء واللامبالاة بطرح تلك الأسئلة العميقة والمحيرة.
وفي مصر فتح القصيمي معركة أخرى مع الكاتب محمد حسين هيكل حين أصدر كتابًا انتقد فيه منهجه في كتابة حياة الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد انضم عباس محمود العقاد إلى القصيمي وآزره في معركته ثم كتب يثني على أفكاره الجريئة وكذلك فعل طه حسين، وكان الشيخ أبو عبد الرحمن بن عقيل قد أشار إلى حواراته العديدة مع الراحل حول تلك القضايا في كتاب (ليلة في جاردن ستي).
ونظرًا للمشاغبات والمعارك الثقافية التي أثارها القصيمي أطلقوا عليه لقب فيلسوف العبث المتمرد لأنه كان يرفض المهادنة، ويواصل تدعيم آرائه بكتاب تلو كتاب فقد صدر له بعد ذلك (أيها العقل .. من راك) كتاب (كبرياء التاريخ في مأزق)، ثم (هذا الكون ما ضميره) و (فرعون يكتب سفر الخروج).
ولم تنسحب المواقف الحادة على الكتابة وحدها بل على الحياة أيضًا فقد وقف القصيمي معارضا لعبد الناصر أثناء حرب اليمن، فطرده عبد الناصر من مصر، حيث ذهب إلى لبنان وبقي فيه إلى ما بعد وفاة الرئيس المصري الأسبق.
وكان ذلك القصيمي الذي وافته المنية بالقاهرة أمس الأول قد بدأ مسيرته في السعودية حيث ولد في قرية (خب الحلوة) في القصيم عام 1905 م ثم غادرها بعد دراسته الأولية فيها لطلب العلم في الهند والعراق إلى أن استقر به المطاف في الأزهر الذي أخذ عليه علماؤه آنذاك، تطرفه في الدعوة إلى تحرر المرأة.
والمعروف أن الراحل قد دأب في السنوات الأخيرة على عقد ندوة فكرية في منزله بالقاهرة كل يوم جمعة يتردد عليها مجايلوه من المفكرين كرئيس وزراء اليمن السابق أحمد محمد نعمان، والكاتب الإسلامي خالد محمد خالد، وعبد الرحمن الشرقاوي، ومحمد أنعم غالب وغيرهم.
وفي حديث خاص لـ (الشرق الأوسط) مع محمد القصيمي قال ابن المفكر الراحل الذي شكر حكومة خادم الحرمين الشريفين على إرسال مندوب لحضور مراسم الدفن: إنه يفخر بالتراث الذي تركه الأب المفكر وبالآراء التي قرأها عنه في المصادر والمراجع الغربية والعربية، وأكد أن والده كان يقرض الشعر وله العديد من القصائد غير المنشورة.
أما ليلى القصيمي ابنة عبد الله القصيمي، والتي كانت آخر من يلقي عليه نظرة الوداع، فقد قالت إنه كان سعيدًا وهو يموت، وكانت علائم الارتياح تبدو على وجهه الأبيض الطري والجليل، ويؤكد محمد وليلى أن القصيمي كان أبًا مثاليًا وقد عني بتعليمهم العربية وتراثها وحثهم على التمسك بالأخلاق الإسلامية الصحيحة، وكان دمثًا وصبورًا في كافة المواقف الصعبة.
وتضيف الممرضة التي أشرفت على علاجه في الدور الثالث بمستشفى