الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال القصيمي فيما نقله عنه الأستاذ عبد الله عبد الجبار:
وقد قامت البينة على أن وجود المرأة في المستشفيات بين المرضى والممرضين والأطباء أيضًا قوة لا تنكر، وأن الحياة في هذه المستشفيات تنشط جدًّا في الجميع: في الطبيب والمريض، والممرض وفي كل شيء حتى الصحة والعافية تنشطان فيها وتسيران سيرا فيه قوة وفيه سرعة، وأنه من المستحيل أن تحصل هذه النتيجة في المستشفى الذي يضم الرجال فقط أو يضم النساء فحسب، وكذلك الأمر في ميادين القتال والبطولة: فهي تعطي المقاتلين والزاحفين إلى الموت ما لا يوصف من الفتوة والصبر والاحتمال
…
" (1).
مشكلة التوكل:
وعالج القصيمي مشكلة التوكل الخاطئ وضرب لنا هذا المثل ليبين لنا أي أثر سيء تركهـ سوء فهم الناس لمعنى التوكل في المجتمع الإسلامي: "أراد أحد سلاطين الأتراك في أواساط القرن الثالث عشر الهجري أن يدخل النظام الجديد الغربي على الجيوش العثمانية، فهاج الشعب - وهاج الانكشارية، يؤيدهم شيخ الإسلام والصدر الأعظم قائلين: إنه لا يجوز أن تكون عساكر الإسلام مشبهة بالكفار".
وقتلوا طائفة من عظماء الدولة الذين ينادون بالنظام الجديد، ثم خرجوا في الطرقات ينادون أيها السلطان المغشوش بهذه التعاليم، نسبت أنك أمير المؤمنين، وعوضًا عن اتكالك على الله القادر العظيم الذي يبدد في دقيقة واحدة الجيوش الكثيرة، أردت أن نشبه الإسلام بالكفار وأغضبت الله، فكيف يسوغ لك أن تكون أمير المؤمنين ومحاميا عن الدين؟
واستفتى العساكر في خلع السلطان فخلعوه "ثم قتلوه وألزموا من جاء بعده
(1) هذه هي الأغلال، ص 101 - 102.
برد النظام الجديد الذي أريد إدخاله في جيوش الدولة".
وساق القصيمي هذه الحادثة "ليدل بها على الهوة السحيقة التي سقط فيها الناس من جراء فهمهم التوكل بحيث صار أحد الأمراض الاجتماعية النفسية الإعتقادية التي تألبت عليهم حتى سلبوا الحول والقوة".
ثم أبان تأثير الفهم الخاطئ للتوكل في العقلية الإسلامية والقوة الإسلامية عامة مؤكدا أن الأمم الجديرة بالكرامة هي التي توجد حياتها بنفسها وأن الإنسانية هي التي بنت الحياة والمجتمع وسخرت الطبيعة دون أن يعينها معين أو يشاركها مشارك، قال:
"تطايرت هذه الآراء والأقوال في الكتب التي خلفها هؤلاء تطايرًا لم يستطع وقفه ولا تحديد مداه، ثم فاضت من الكتب على الألسنة والعقول والأوهام وزخرت بها البيئات والمجتمعات الإسلامية وشدا بها كل لسان وأشربها كل قلب، فأفسدت روح العمل وحبه، والاعتداد بالنفس والتعويل عليها ثم انجلت في النهاية عن أمم اتكالية عاجزة لا تستطيع أن تستقل بأمر من أمورها الصغيرة أو الكبيرة، فهزمت هزائم ساحقة في كل الميادين، وصاروا أتباعا في كل شيء، محتاجين في أقل شئونهم إلى من يكون إليه القيام به وإلى من يتوكلون عليه، مستسلمين لما يقوله ذلك الغير ولما يفعله، معترفين له بالعجز والضعف.
ويضرب لنا القصيمي مثلا علميًّا حيًّا لسوء فهم العامة لمعنى التوكل والأسباب والمسببات فيقول:
"يصادف وأنت تسير في الأحياء الوطنية، الحين بعد الحين، هذان البيتان من الشعر الركيك، مكتوبين على المتاجر والمصانع:
ملك الملوك إذا وهب
…
لا تسألن عن السبب