الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فقه الحياة أو الأحكام:
دلت الآيات على ما يأتي:
1 -
إن شؤم الكفر بالله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم ومحاولة صد الناس عن الإسلام وشرعه ومعاداة الرسول بعد العلم أنه نبي بالحجج والآيات مرده إلى الكفار أنفسهم، وسيبطل الله في الآخرة ثواب ما عملوه، والله منزه عن أن يتضرر بكفر كافر أو فسق فاسق.
2 -
المؤمنون مأمورون على الدوام بلزوم الطاعة في أوامر الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، منهيون عن إبطال حسناتهم بالمعاصي الكبائر، أو بالرياء والسمعة، أو بالمن والأذى، أو بترك طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم.
وفي هذا إشارة إلى أن الكبائر تحبط الطاعات، والمعاصي تخرج عن الإيمان.
3 -
يدل ظاهر نهي المؤمنين عن إبطال أعمالهم على أن من شرع بنافلة، ثم أراد تركها ليس له ذلك، وللعلماء آراء في الموضوع:
فذهب الشافعي إلى أنه يجوز ترك ما شرع فيه من أعمال التطوع، لأن المتطوع أمير نفسه، وإلزامه إياه مخرج عن وصف التطوع:{ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ} [التوبة 91/ 9] والمراد بالآية إبطال ثواب العمل المفروض، فإن الله نهى الرجل عن إحباط ثوابه، فأما ما كان نفلا فلا، لأنه ليس واجبا عليه. فإن قيل: اللفظ عام، فالجواب أن العام يجوز تخصيصه، لأن النفل تطوع، والتطوع يقتصي تخييرا.
وذهب مالك وأبو حنيفة إلى أنه لا يجوز ترك ما بدئ به من تطوع، كصلاة نافلة وصوم تطوع، لأن المتطوع أمير نفسه قبل أن يشرع، أما إذا شرع فقد
ألزم نفسه، وعقد عزمه على الفعل، فوجب عليه أن يؤدي ما التزم، وأن يوفي بما عقد:{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة 1/ 5].
4 -
إن الوفاة على الكفر توجب الخلود في النار، وباب التوبة والمغفرة مفتوح طوال الحياة، فمن مات مصرا على جحوده توحيد الله عوقب بجهنم.
5 -
لا تجوز الدعوة إلى السلم والمصالحة أو المهادنة تذللا وإظهارا للضعف، ما دام المسلمون أقوياء، وإن حدثت الغلبة من الأعداء في الظاهر في بعض الأحوال، فإن الله ناصر المؤمنين، ولن ينتقصهم شيئا من أعمالهم.
فإذا عجز المسلمون لضعفهم عن مقاومة الأعداء، جازت مهادنة الكفار عند الضرورة.
وكذلك إذا رأى الإمام مصلحة في المهادنة، فله أن يفعل ذلك، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم في صلح الحديبية مع المشركين مدة عشر سنين.
أما إن طلب المشركون الصلح بحسن نية من غير خداع، فلا بأس بإجابتهم، لقوله تعالى:{وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ} [الأنفال 61/ 8].
وعلى هذا تكون كل من الآيتين: {فَلا تَهِنُوا} {وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ} محكمة غير منسوخ إحداهما بالأخرى كما قال بعضهم، فهما نزلتا في وقتين مختلفي الحال، فالأولى في حال قوة المسلمين، والثانية حال طلب الأعداء الصلح.