الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قبل وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بعامين، وهذه السورة مكية، فالجواب عليه-كما ذكر الكلبي-بأن السورة مكية إلا هذه الآية، فإنها مدنية، وكانت الآية تنزل، فيؤمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن يضعها في سورة كذا، فهذه الآية نزلت بالمدينة، وإن الله تعالى أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن يضعها في هذه السورة المكية، في هذا الموضع المعين
(1)
.
فقه الحياة أو الأحكام:
أرشدت الآيات إلى ما يأتي:
1 -
عادى مشركو مكة النبي صلى الله عليه وسلم، فكذبوا كون القرآن نازلا من عند الله، وكذبوا النبوة، ووصفوا القرآن بأنه سحر واضح.
2 -
ولم يكتفوا بوصف القرآن بأنه سحر، بل قالوا ما هو أشنع من ذلك، قالوا: إن محمدا اختلقه وافتراه من عند نفسه، لا من عند الله.
3 -
ردّ الله عليهم افتراءهم بأنه لو افتراه محمد صلى الله عليه وسلم على سبيل الفرض والتقدير لعجّل الله له العقوبة في الدنيا، ولم يقدر أحد أن يرد عنه عذاب الله، والله أعلم بما يتقوّله ويخوض به من التكذيب هؤلاء المشركون، وكفى بالله شاهدا على أن القرآن من عند الله، وأنه يعلم صدق نبيه وأنهم مبطلون.
وبالرغم من ذلك فالله الغفور لمن تاب، الرحيم بعباده المؤمنين، فإذا آمن هؤلاء المشركون، غفر لهم ما قد سلف منهم من الذنوب والمعاصي.
4 -
ليس النبي صلى الله عليه وسلم أول رسول يرسل، بل هو خاتم الرسل الكرام، قد كان قبله رسل، فليست دعوته إلى التوحيد، وإنكار عبادة الأصنام، وعدم علمه بالغيب مقصورا عليه، وتلك دعوة قديمة هي دعوة جميع الرسل.
(1)
تفسير الرازي: 10/ 28
5 -
النبي صلى الله عليه وسلم غير عالم بالغيبيات إلا بطريق الوحي، فلا وجه لطلب إخباره بمغيبات لا يعلم بها، فهو لا يدري بما يفعل به ولا بالناس من أحوال الدنيا وأحوال الآخرة، من الأحكام والتكاليف وما يؤول أمر المكلفين إليه. وبه يعلم أن ما يدّعى من علم بعض الأولياء بالغيب هو أمر باطل وكذب مفترى.
لكن نظرا لأن النبي صلى الله عليه وسلم يعلم كونه نبيا، فهو يعلم أنه لا تصدر عنه الكبائر، وأنه مغفور له، وقد تأكد هذا بقوله تعالى:{لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ} [الفتح 2/ 48] وقوله سبحانه: {لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ جَنّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ} [الفتح 5/ 48] وقوله عز وجل:
{وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللهِ فَضْلاً كَبِيراً} [الأحزاب 47/ 33].
6 -
لا نسخ في آية: {وَما أَدْرِي ما يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ} لما
ذكر الواحدي وغيره عن ابن عباس: لما اشتد البلاء بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى في المنام أنه يهاجر إلى أرض ذات نخل وشجر وماء، فقصّها على أصحابه، فاستبشروا بذلك، ورأوا فيها فرجا مما هم فيه من أذى المشركين، ثم إنهم مكثوا برهة لا يرون ذلك، فقالوا: يا رسول الله، متى نهاجر إلى الأرض التي رأيت؟ فسكت النبي صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله تعالى:{وَما أَدْرِي ما يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ} أي لا أدري أأخرج إلى الموضع الذي رأيته في منامي أم لا، ثم قال:«إنما هو شيء رأيته في منامي، ما أتبع إلا ما يوحى إلي» أي لم يوح إليّ ما أخبرتكم به. قال القشيري: فعلى هذا لا نسخ في الآية.
7 -
دلت آية {قُلْ: أَرَأَيْتُمْ إِنْ كانَ مِنْ عِنْدِ اللهِ.} . على إنذار المشركين الظالمين بعذاب أليم إذا استمروا في تكذيبهم بالقرآن، وتكبروا عن الإيمان به وعن اتباعه وطاعة الرسول المنزل عليه، بالرغم من شهادة رجل منصف عارف بالتوراة بأن القرآن حق، سواء أكان عبد الله بن سلام أم موسى عليه السلام. وعلى كل حال فهذه الآية بشارة بالنبي صلى الله عليه وسلم في التوراة وعلى لسان موسى عليه السلام