الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهو ذروة سنام الإسلام، وسبيل إلى جنان الخلد، والشهداء أحياء عند ربهم يرزقون، وهم في درجة الأنبياء والصدّيقين، وحسن أولئك رفيقا.
جزاء أهل بيعة الرضوان
البلاغة:
{إِذْ يُبايِعُونَكَ} التعبير بصيغة المضارع المفيد للحال عن الماضي لاستحضار صورة المبايعة.
المفردات اللغوية:
{رَضِيَ} الرضى: ما يقابل السخط {عَنِ الْمُؤْمِنِينَ} أهل الحديبية، ورضي الله عنهم لمبايعتهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان عددهم على الأصح ألفا وأربع مائة {إِذْ يُبايِعُونَكَ} يبايعون الرسول صلى الله عليه وسلم على أن يقاتلوا قريشا، ولا يفرّون منهم، ولا يخشون الموت {تَحْتَ الشَّجَرَةِ} هي سمرة (وهي شجرة الطلح أو السنط){وَأَثابَهُمْ} كافأهم على عملهم.
{فَعَلِمَ ما فِي قُلُوبِهِمْ} علم الله ما في قلوبهم من الصدق والوفاء وإخلاص البيعة {فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ} الطمأنينة والأمن وسكون النفس بالتشجيع أو الصلح {وَأَثابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً} جازاهم على بيعة الرضوان بفتح خيبر، بعد انصرافهم من الحديبية.
{وَمَغانِمَ كَثِيرَةً} أي وأثابهم أيضا مغانم خيبر يأخذونها، وكانت خيبر ذات بساتين نخيل ومزارع، قسمها رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أهل الحديبية المقاتلة، فأعطى الفارس سهمين، والراجل سهما {عَزِيزاً حَكِيماً} أي كان الله وما يزال غالبا قويا، مراعيا مقتضى الحكمة في تدبير خلقه.
سبب النزول:
أخرج ابن أبي حاتم وابن جرير وابن مردويه عن سلمة بن الأكوع قال:
«بينا نحن قائلون
(1)
، إذ نادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم، يا أيها الناس، البيعة البيعة، نزل روح القدس، فسرنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو تحت شجرة سمرة، فبايعناه، فأنزل الله:{لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ} الآية.
فبايع لعثمان بإحدى يديه على الأخرى، فقال الناس: هنيئا لك لابن عفان، يطوف بالبيت ونحن هنا،
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لو مكث كذا وكذا سنة، ما طاف حتى أطوف» .
وروي أنه صلى الله عليه وسلم لما نزل الحديبية بعث حراش بن أمية الخزاعي إلى أهل مكة، فهمّوا به، فمنعه الأحابيش، فرجع، فبعث عثمان بن عفان رضي الله عنه، فحبسوه، فأرجف بقتله، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه، وكانوا ألفا وثلث مائة أو أربع مائة أو خمس مائة، وبايعهم على أن يقاتلوا قريشا ولا يفرّوا منهم، وكان جالسا تحت سمرة أو سدرة.
وأخرج الشيخان عن يزيد بن عبيد قال: قلت لسلمة بن الأكوع: «على أي شيء بايعتم رسول الله؟ قال: على الموت» .
وأخرج مسلم عن معقل بن يسار قال: «لقد رأيتني يوم الشجرة-التي كانت تحتها بيعة الرضوان بالحديبية-والنبي صلى الله عليه وسلم يبايع الناس، وأنا رافع غصنا من أغصانها عن رأسه، ونحن أربع عشرة مائة، قال: لم نبايعه على الموت، ولكن بايعناه على ألا نفرّ» .
ووفّق العلماء بين الروايتين، فجماعة كانت مع سلمة، وجماعة مع معقل.
وأرى أن الغاية من الحديثين واحدة هي الثبات في مواجهة قريش، لذا قال جابر بن عبد الله: بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت الشجرة على الموت، وعلى ألا
(1)
نائمون نوم القيلولة.