الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهو أيضا من رجع إلى الله بقلب مخلص في طاعة الله، ولقي الله عز وجل يوم القيامة بقلب سليم إليه، خاضع لديه.
{اُدْخُلُوها بِسَلامٍ، ذلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ} أي ويقال لهم: ادخلوا الجنة بسلامة من العذاب، ومن زوال النعم، ومن كل المخاوف، أو مسلّما عليكم من الله وملائكته، ذلك اليوم الذي تدخلون فيه هو يوم الخلود الدائم أبدا، الذي لا موت بعده، ولا تحوّل عنه.
{لَهُمْ ما يَشاؤُنَ فِيها، وَلَدَيْنا مَزِيدٌ} أي لهؤلاء المتقين الموصوفين بما ذكر كل ما يريدون في الجنة، وتشتهيه أنفسهم، وتلذ أعينهم، من أنواع الخير، وأصناف النعم بحسب رغبتهم، فمهما اختاروا وجدوا ومن أي أصناف الملاذ طلبوا أحضر لهم. ولدينا مزيد من النعم التي لم تخطر لهم على بال، ولا مرت لهم في خيال، كقوله عز وجل:{لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ} [يونس 26/ 10] جاء في صحيح مسلم عن صهيب بن سنان الرومي: أنها النظر إلى وجه الله الكريم.
فقه الحياة أو الأحكام:
أرشدت الآيات إلى ما يأتي:
1 -
إن في وصف جهنم الملأى بالكفار والفجار والعصاة، وفي وصف الجنة المقربة المرئية للمتقين تثبيتا للإيمان بالبعث وتقوية له، وتحذيرا وتخويفا من عمل أهل النار، وترغيبا في اقتفاء آثار وأعمال المؤمنين الذين يدخلون الجنة، كما أن في تقريب الجنة للمتقين وإدنائها لهم غير بعيدة عنهم إشعارا لهم بتيسير الوصول إليها.
2 -
يؤكد الله تعالى الشعور بالنعمة والاطمئنان في الجنة للمتقين، فتقول
الملائكة لهم: هذا الجزاء الذي وعدتم به في الدنيا على ألسنة الرسل.
3 -
أهل الجنة هم كل أوّاب رجاع إلى الله عن المعاصي، حافظ لحدود الله وشرائعه، فيعمل بها ولا يتجاوزها ولا يتخطاها إلى غيرها، خائف من الله رب العزة، وإن لم يره، وجل منه في سره وعلانيته، يجيء إلى ربه يوم القيامة بقلب منيب أي مقبل على الطاعة، محبّ لها، مرتاح بفعلها، غير متضجّر بها.
4 -
تقول الملائكة للمتقين أهل الجنة: ادخلوها بسلام من العذاب ومن زوال النعم، وبسلام من الله وملائكته عليكم.
5 -
في الجنة للمتقين ما تشتهيه أنفسهم وتلذّ أعينهم، ويجدون لدى ربهم مزيدا من النعم، مما لم يخطر على بالهم، زيادة على النعم: وهو النظر إلى وجه الله تعالى بلا حصر ولا كيف ولا تجسيد.
ذكر ابن المبارك ويحيى بن سلام عن ابن مسعود قال: تسارعوا إلى الجمعة، فإن الله تبارك وتعالى يبرز لأهل الجنة، كل يوم جمعة، في كثيب من كافور أبيض، فيكونون منه في القرب.
وروى الإمام الشافعي في مسنده عن أنس بن مالك قريبا من ذلك، وجاء فيه:«.. فإذا كان يوم الجمعة أنزل الله تعالى ما شاء من الملائكة، وحوله منابر من نور، عليها مقاعد النبيين، وحفت تلك المنابر من ذهب مكللة بالياقوت والزبرجد، عليها الشهداء والصديقون، فجلسوا من ورائهم على تلك الكثب، فيقول الله عز وجل: أنا ربكم، قد صدقتكم وعدي، فسلوني أعطكم، فيقولون: ربنا نسألك رضوانك، فيقول: قد رضيت عنكم، ولكم علي ما تمنيتم، ولدي مزيد. فهم يحبون يوم الجمعة لما يعطيهم فيه ربهم تبارك وتعالى من الخير، وهو اليوم الذي استوى فيه ربكم على العرش، وفيه خلق آدم، وفيه تقوم الساعة» .