الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الكافرين، كما قال تعالى:{هذا بَلاغٌ لِلنّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ} [إبراهيم 52/ 14] وقال سبحانه {إِنَّ فِي هذا لَبَلاغاً لِقَوْمٍ عابِدِينَ} [الأنبياء 106/ 21]. والبلاغ:
بمعنى التبليغ.
ولا يهلك بعذاب الله إلا القوم الخارجون عن الطاعة، والواقعون في معاصي الله، فلا يهلك على الله إلا هالك مشرك، وهذا من عدل الله تعالى ألا يعذب إلا من يستحق العذاب. وهذه الآية أقوى آية في الرجاء.
فقه الحياة أو الأحكام:
أرشدت الآيات إلى ما يأتي:
1 -
دلت الآية الأولى: {أَوَلَمْ يَرَوْا} على كونه تعالى قادرا على البعث، لأنه خلق السموات والأرض، ولا شك أن خلقها أعظم من إعادة الشخص حيا بعد أن صار ميتا، والقادر على الأقوى الأكمل، لا بد من أن يكون قادرا على الأقل والأضعف.
ثم إن الله تعالى قادر على كل شيء، وتعلق الروح بالجسد أمر ممكن، إذ لو لم يكن ممكنا لما وقع أولا، والله تعالى قادر على كل الممكنات، فوجب كونه قادرا على تلك الإعادة.
2 -
ذكر الله تعالى الكفار حين تعذيبهم بالنار، حيث يقال لهم توبيخا وتهكما على استهزائهم بوعد الله ووعيده: أليس هذا العذاب حقا؟ فذوقوا العذاب بكفركم.
3 -
أمر الله نبيه والمؤمنين بالصبر في تبليغ الدعوة ومشاق الحياة، كصبر أصحاب الشرائع الكبرى: وهم نوح، وإبراهيم، وموسى، وعيسى، على نبينا وعليهم الصلاة والسلام. وسبب هذا الأمر: أن الكفار كانوا يؤذون النبي صلى الله عليه وسلم،
ويضايقونه ويوغرون صدره الشريف، فتكون كلمة من للتبعيض.
وفي قول آخر: إن كل الرسل أولو عزم، ولم يبعث الله رسولا إلا إذا كان ذا عزم وحزم، ورأي وكمال وعقل، فتكون كلمة من للتبيين لا للتبعيض.
وفي قول: كل الأنبياء أولو عزم إلا يونس بن متّى، لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهي أن يكون مثله، لخفة وعجلة ظهرت منه حين ولّى مغاضبا لقومه.
وهل الأمر بالصبر منسوخ؟ قال بعض المفسرين: الآية منسوخة بآية السيف، وقيل: محكمة، قال القرطبي: والأظهر أنها منسوخة، لأن السورة مكية. وذكر مقاتل: أن هذه الآية نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد، فأمره الله عز وجل أن يصبر على ما أصابه، كما صبر أولو العزم من الرسل، تسهيلا عليه وتثبيتا له.
والراجح لدي أنها غير منسوخة، لأن فضيلة الصبر ذات قيمة أدبية رفيعة، ومبدأ أخلاقي ضروري وسام في كل وقت، ومثل هذا لا يصلح للنسخ. والصبر لا يمنع الجهاد ورد العدوان وقتال الأعداء من المشركين وغيرهم، فهو أمر مطلوب في السلم والحرب.
4 -
أمر الله نبيه والمؤمنين أيضا من بعده بعدم الاستعجال في الدعاء على الكفار، فلكل شيء أو ان بعلم الله وحكمته، والعذاب منهم قريب، وأنه نازل بهم لا محالة، وإن تأخر. والسنة في الدعاء طلب الوقاية من السوء والأذى،
أخرج الطبراني عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو: «اللهم إني أسألك موجبات رحمتك، وعزائم مغفرتك، والسلامة من كل إثم، والغنيمة من كل برّ، والفوز بالجنة، والنجاة من النار، اللهم لا تدع لي ذنبا إلا غفرته، ولا همّا إلا فرّجته، ولا دينا إلا قضيته، ولا حاجة من حوائج الدنيا والآخرة إلا قضيتها برحمتك يا أرحم الراحمين» .
5 -
إن أجل الدنيا قصير، والآخرة خالدة دائمة، ويحسب الكفار حين يرون أهوال عذاب الآخرة أنهم لم يلبثوا في الدنيا إلا مقدار ساعة من ساعات النهار.
6 -
في القرآن والسنة البلاغ والكفاية في إنذار الناس من العذاب، وتحذيرهم من العقاب بسبب الكفر والعصيان.
7 -
من عدل الله ورحمته ألا يعذب إلا من فسق بأن خرج من طاعة الله تعالى، ولم يعمل بأمره ونهيه.
قال ابن عباس: إذا عسر على المرأة ولدها، تكتب هاتين الآيتين والكلمتين في صحيفة، ثم تغسل وتسقى منها، وهي: بسم الله الرحمن الرحيم، لا إله إلا العظيم:{كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَها لَمْ يَلْبَثُوا إِلاّ عَشِيَّةً أَوْ ضُحاها} [النازعات 46/ 79].
{كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ ما يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلاّ ساعَةً مِنْ نَهارٍ، بَلاغٌ، فَهَلْ يُهْلَكُ إِلاَّ الْقَوْمُ الْفاسِقُونَ} صدق الله العظيم.