الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وعن الكلبي والحسن وعكرمة: شرط في الاستبدال توليهم، لكنهم لم يتولوا، فلم يستبدل قوما، وهم العرب أهل اليمن أو العجم.
فقه الحياة أو الأحكام:
أرشدت الآيات إلى ما يأتي:
1 -
الدنيا دار لعب ولهو ومشاغل وشهوات، فالسعيد من استخدمها للآخرة، ولم ينس نصيبه منها بقدر الحاجة، فمن آمن بالله وملائكته ورسله وكتبه واليوم الآخر، واتقى ربه بفعل الفرائض وترك النواهي، ظفر بالثواب العظيم في الآخرة دار الخلد.
2 -
المال محبوب الإنسان طبعا، لذا لم يأمر الله لطفا منه ورحمة بإنفاق جميعه في سبيله، كالزكاة والجهاد ووجوه الخير، بل أمر بإخراج البعض من الربح الذي هو من فضل الله وعطائه، لا من رأس المال، ليرجع ثوابه إلى المنفق نفسه، فكانت النسبة تتراوح بين ربع العشر ونصف العشر والعشر فقط، لذا قال تعالى:{لا يَسْئَلْكُمْ أَمْوالَكُمْ} إنما يسألكم أمواله، أي الأرباح التي ييسرها لكم، لأنه المالك لها، وهو المنعم بإعطائها. وقال:{إِنْ يَسْئَلْكُمُوها فَيُحْفِكُمْ} أي يلح عليكم {تَبْخَلُوا وَيُخْرِجْ أَضْغانَكُمْ} أي يخرج البخل أحقادكم.
3 -
أكد تعالى لطفه بعباده في التكاليف المالية، فذكر أنه طلب منهم اليسير من أموالهم، فبخلوا، فكيف لو طلب منهم الكل؟!.
4 -
من بخل بتقديم شيء من ماله في سبيل الله كالجهاد وطرق الخير، فإنما يبخل على نفسه، فيمنعها الأجر والثواب.
5 -
الله هو الغني عن عباده وعن كل ما سواه، فليس بمحتاج إلى أموالهم، ولكن العباد أنفسهم هم الفقراء إلى الله عز وجل، لتحصيل الثواب والفضل
الإلهي، فلا يقولوا: إنا أيضا أغنياء عن القتال وعن معونة الفقراء، فالواقع أنه لا غنى لهم عن ذلك في الدنيا والآخرة، أما في الدنيا، فإنه لولا القتال لقتلوا، بغزو الكفار واجتياح بلاد المسلمين، والمحتاج إن لم تدفع حاجته، قصده الغنيّ وأخذ ماله، لا سيما أن الشارع أباح للمضطر ذلك. وأما في الآخرة فالأمر ظاهر حيث يكون كل إنسان فقيرا إلى فضل الله ورحمته، وفي حال الحساب، وهو موقوف مسئول في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون.
6 -
أنذر الله تعالى عباده وحذرهم من إهمال حمل المسؤولية والقيام بأعباء التكاليف، فهم إن أعرضوا عن الإيمان والجهاد والتقوى، استبدل قوما غيرهم يكونون أطوع لله منهم، ثم يكونون أفضل وأمثل وأحسن منهم، وتلك هي سنة الله في خلقه، وليسوا أمثال المستبدل بهم في البخل بالإنفاق في سبيل الله، كما قال الطبري. والأولى العموم، أي لا يكونوا أمثالكم في الوصف، ولا في الجنس، كما ذكر الرازي. وقال الزمخشري: أي يخلق قوما على خلاف صفتكم راغبين في الإيمان والتقوى، غير متولين عنهما، كقوله تعالى:{وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ} [فاطر 16/ 35].
وقد اختلف المفسرون في تعيين أولئك القوم الجدد، فقيل: هم الملائكة، أو الأنصار، أو التابعون، أو أهل اليمن، أو كندة والنخع، أو العجم، أو فارس والروم. والأولى تفويض ذلك إلى علم الله تعالى.
والخطاب لقريش أو لأهل المدينة، والأولى جعل الخطاب متجددا بتجدد الأجيال والأمم، سواء من كان عند نزول الوحي أم بعد ذلك.
حكي عن أبي موسى الأشعري: أنه لما نزلت هذه الآية، فرح بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال:«هي أحب إلي من الدنيا» .