المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

لأنها تشغل عن غيرها {وَتَتَّقُوا} الله بامتثال أوامره واجتناب نواهيه - التفسير المنير - الزحيلي - جـ ٢٦

[وهبة الزحيلي]

فهرس الكتاب

- ‌سورة الأحقاف

- ‌تسميتها:

- ‌مناسبتها لما قبلها:

- ‌ما اشتملت عليه السورة:

- ‌إثبات وجود الله تعالى ووحدانيته ووقوع الحشروالرد على عبدة الأوثان

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌شبهات المشركين حول الوحي والنبوة والقرآن-1

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌شبهات أخرى للكفار-2

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الوصية ببر الوالدين

- ‌1 -وصف الولد البار بوالديه

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌2 -وصف الولد العاقّ لوالديه منكر البعث

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌قصة هود عليه السلام مع قومه عاد

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فأجابه قومه قائلين:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌إيمان الجن بالقرآن

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب نزول الآية (29):

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌إثبات البعث والأمر بالصبر

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌سورة محمّد عليه الصلاة والسلام

- ‌تسميتها:

- ‌مناسبتها لما قبلها:

- ‌ما اشتملت عليه السورة:

- ‌فضل السورة:

- ‌بيان الفرق بين الكفار والمؤمنين

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌أحكام القتال والأسرى والقتلى في سبيل الله ونصرة الإسلام

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌النظر في آثار الأمم السابقة والتأمل في أحوال المؤمنين والكافرين

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌نزول الآية (11):

- ‌نزول الآية (13):

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌صفة نعيم الجنة وعذاب النار

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌أوصاف المنافقين والمؤمنين

- ‌1 -حال المنافقين والمهتدين عند استماع آيات العقيدة

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌2 -حال المنافقين والمؤمنين عند نزول الآيات العملية

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌3 -حال المنافقين بعد ردتهم وعند قبض أرواحهموالتذكير بحكمة الجهاد

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌حال بعض كفار أهل الكتاب وبعض المؤمنين في الدنيا والآخرة

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌نزول الآية (32):

- ‌نزول الآية (33):

- ‌نزول الآية (34):

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌تأكيد الحث على الجهاد بالتزهيد في الدنيا

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌سورة الفتح

- ‌تسميتها:

- ‌مناسبتها لما قبلها:

- ‌ما اشتملت عليه السورة:

- ‌فضلها:

- ‌أضواء من السيرة على سبب نزول السورة (صلح الحديبية وبيعةالرضوان):

- ‌فضائل صلح الحديبية على النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌نزول الآية (1):

- ‌نزول الآية (2):

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌آثار صلح الحديبية في المؤمنين والمنافقين والمشركين

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌وظائف النّبي صلى الله عليه وسلم وفائدة بعثته ومعنى بيعته في الحديبية

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌أحوال المتخلفين عن الحديبية

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب نزول الآية (17):

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌جزاء أهل بيعة الرضوان

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌مغانم وفتوحات ونعم كثيرة أخرى للمؤمنين

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌ذمّ المشركين وحكمة المصالحة يوم الحديبية

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌تصديق رؤيا الرسول صلى الله عليه وسلم عام الفتح

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام

- ‌أوصاف الرسول صلى الله عليه وسلم والمرسل إليهم

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌سورة الحجرات

- ‌تسميتها:

- ‌مناسبتها لما قبلها:

- ‌ما اشتملت عليه السورة:

- ‌طاعة الله تعالى والرسول صلى الله عليه وسلم والتأدب في خطاب النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌نزول الآية (1):

- ‌نزول الآية (2):

- ‌نزول الآية (3):

- ‌نزول الآية (4):

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الآداب العامة

- ‌1 -وجوب التثبت من الأخبار

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌2 -وسائل فض المنازعات الداخليةحكم البغاة

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌3 -آداب المؤمن مع المؤمن ومع الناس كافة

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌نزول الآية (11):

- ‌نزول الآية (11) أيضا:

- ‌نزول الآية (11) كذلك:

- ‌نزول الآية (12):

- ‌نزول الآية (13):

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌أصول الإيمان الصحيح

- ‌ الْأَعْرابُ

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌سورة ق

- ‌تسميتها:

- ‌مناسبتها لما قبلها:

- ‌ما اشتملت عليه السورة:

- ‌فضل السورة:

- ‌أوجه الشبه بين سورة ق وسورة ص:

- ‌إنكار المشركين البعث والرّد عليهم

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌التذكير بحال المكذبين الأولين

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌تقرير خلق الإنسان وعلم الله بأحواله

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الحوار بين الكافر وقرينه الشيطان يوم القيامة

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌حال المتقين

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌تهديد منكري البعث وإثباته لهم مرة أخرىوأوامر للرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

الفصل: لأنها تشغل عن غيرها {وَتَتَّقُوا} الله بامتثال أوامره واجتناب نواهيه

لأنها تشغل عن غيرها {وَتَتَّقُوا} الله بامتثال أوامره واجتناب نواهيه {يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ} يعطكم ثواب الإيمان والتقوى {وَلا يَسْئَلْكُمْ أَمْوالَكُمْ} لا يطلب جميع أموالكم، بل يقتصر على الزكاة المفروضة التي هي جزء يسير، كربع العشر، والعشر.

{فَيُحْفِكُمْ} يبالغ في الطلب، من الإحفاء والإلحاف: بلوغ الغاية في كل شيء، يقال:

ألحف بالمسألة وأحفى وألح بمعنى واحد، {وَيُخْرِجْ} البخل {أَضْغانَكُمْ} أحقادكم أي عداوتكم لدين الإسلام {ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ} أي أنتم يا مخاطبون، هؤلاء الموصوفون. {لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ} ما فرض عليكم من الزكاة ونفقة الجهاد وغيرها {يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ} يقال: بخل عليه وعنه {وَاللهُ الْغَنِيُّ} عن نفقتكم {وَأَنْتُمُ الْفُقَراءُ} إلى الله {وَإِنْ تَتَوَلَّوْا} تعرضوا عن طاعته {يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ} يقم مقامكم قوما آخرين أو يجعل بدلكم {ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثالَكُمْ} في التولي عن طاعته وعن الإيمان، بل مطيعين له تعالى.

‌المناسبة:

بعد أن أمر الله تعالى بالجهاد، ونهى عن الضعف والخور في مواصلة الكفاح وطلب الموادعة والمصالحة مع الأعداء، حث على الجهاد بالنفس والمال والإنفاق في سبيل الله، بتحقير الدنيا في أعين المؤمنين، والترغيب في الإيمان والتقوى، لتعود فائدتها عليهم، وهدد تعالى في ختام السورة بأنه إن أعرضتم عن الإيمان والجهاد والتقوى، يجعل بدلا عنكم قوما آخرين هم أفضل منكم لإقامة دينه، ونصرة دعوته.

‌التفسير والبيان:

{إِنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ وَلَهْوٌ} أي احرصوا أيها المؤمنون على جهاد الأعداء، واسترخصوا الحياة الدنيوية واطلبوا الآخرة، فإنما حاصل الدنيا لعب ولهو، أي باطل وغرور، لا ثبات له ولا اعتداد به إلا ما كان منها لله عز وجل، بسلوك سبيله وطلب رضاه وعبادته وطاعته. وفي هذا تحقير لأمر الدنيا وتهوين لشأنها. واللعب: كل ما لا ضرورة فيه في الحال ولا منفعة في المآل، ولم يشغل عن غيره، فإن شغل عن غيره فهو لهو، ومنه آلات الملاهي، لأنها مشغلة عن غيرها.

ص: 137

وقد جاء ذمّ الدنيا والحرص عليها والتمسك بزينتها وإهمال الآخرة في آيات كثيرة، منها قوله تعالى:{اِعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ وَلَهْوٌ، وَزِينَةٌ وَتَفاخُرٌ بَيْنَكُمْ، وَتَكاثُرٌ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ.} . الآية [الحديد 20/ 57].

ثم أعاد الله تعالى الوعد بالثواب وتأكيده والترغيب في الآخرة قائلا:

{وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلا يَسْئَلْكُمْ أَمْوالَكُمْ} أي إن تؤمنوا بالله ورسوله حق الإيمان، وتتقوا ربّكم حق التقوى بأداء فرائضه واجتناب نواهيه، يؤتكم ثواب أعمالكم وطاعاتكم في الآخرة، ولا يأمركم بإخراج جميع أموالكم في الزكاة وسائر وجوه الطاعات، بل أمركم بإخراج القليل منها، والمعنى: أن الله غني عنكم، لا يطلب منكم شيئا، وإنما فرض عليكم صدقات الأموال، مواساة لإخوانكم الفقراء، ليعود نفع ذلك عليكم، ويرجع ثوابه إليكم.

ثم بيّن الله تعالى سبب الحرض على الدنيا، فقال:

{إِنْ يَسْئَلْكُمُوها فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا وَيُخْرِجْ أَضْغانَكُمْ} أي إن يطلب ربكم أموالكم كلها، فيجهدكم ويلح في الطلب عليكم، تشحوا وتبخلوا، وتمتنعوا من الامتثال، ويظهر عندئذ أحقادكم.

قال قتادة: قد علم الله تعالى أن في إخراج الأموال إخراج الأضغان. وهذا كما ذكر ابن كثير حق وصدق، فإن المال محبوب إلى النفس، ولا يصرف إلا فيما.

هو أحب إلى الشخص منه.

ثم أبان تعالى ما سلف وأكده بقوله:

{ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ} أي أنتم أيها المؤمنون المخاطبون مدعوون للإنفاق في سبيل الله، أي في الجهاد والزكاة وفي طريق الخير.

ص: 138

{فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ، وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّما يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ، وَاللهُ الْغَنِيُّ، وَأَنْتُمُ الْفُقَراءُ} أي فبعضكم يبخل باليسير من المال ولا يجيب لدعوة الإنفاق، فكيف لا تبخلون بالكثير وهو جميع الأموال؟ ومن يبخل في الإنفاق، فإنما يمنع نفسه الأجر والثواب ببخله، ويعود وبال ذلك عليه، فإنه بالبخل يتغلب العدو عليكم، فيذهب عزكم وأموالكم، وربما أنفسكم.

والله هو صاحب الغنى المطلق المتنزه عن الحاجة إلى أموالكم، فهو الغني عن كل ما سواه، وكل شيء فقير إليه دائما، لذا قال:{وَأَنْتُمُ الْفُقَراءُ} أي أنتم أيها العباد الفقراء بالذات إلى الله، وإلى ما عنده من الخير والرحمة، فهو سبحانه لا يأمر بالإنفاق لحاجته، ولكن لحاجتكم وفقركم إلى الثواب.

ثم أبان الله تعالى سنته في الاستبدال بقوم قوما آخرين أفضل منهم إن أعرضوا عن حمل الأمانة، فقال محذرا ومذكرا ومهددا:

{وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ، ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثالَكُمْ} أي إن تعرضوا عن الإيمان والتقوى وعن طاعة الله واتباع شرعه، يستبدل قوما آخرين يكونون مكانكم هم أطوع لله منكم، أي يكونون سامعين مطيعين لله ولأوامره، وليسوا أمثالكم في التولي عن الإيمان والتقوى، وفي البخل بالإنفاق في سبيل الله.

روى ابن أبي حاتم وابن جرير وعبد الرزاق والبيهقي والترمذي وغيرهم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم تلا هذه الآية: {وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ، ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثالَكُمْ} قالوا: يا رسول الله، من هؤلاء الذين إن تولينا، استبدل بنا، ثم لا يكونوا أمثالنا؟ قال: فضرب بيده على كتف سلمان الفارسي رضي الله عنه، ثم قال:«هذا وقومه، ولو كان الدين عند الثريا لتناوله رجال من الفرس» لكن تكلم به بعض الأئمة رحمهم الله، كما قال ابن كثير، وقال الترمذي: حديث غريب في إسناده مقال.

ص: 139