الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تفسير محمد فريد وجدى
مفسرنا هو الاستاذ الجليل محمد فريد بن مصطفى وجدى، من أعلام العصر الحديث ومن مشاهير العلماء والفلاسفة ورجال الصحافة.
برز نشاطه فى كل مجال من المجالات، وثبتت أقدامه على طريق الحياة الطويل فى دنيا الفكر والتأليف الذى قضى فيه ما يزيد على الخمسين عاما.
ولد الاستاذ وجدى بمدينة الاسكندرية، وانتقل منها إلى دمياط فامضى بها فترة الشباب، ثم انتقل إلى السويس فأصدر بها مجلة الحياة، ثم انتقل إلى القاهرة فأنشأ مطبعة فى حياة البحث والتأليف حتى انتهت به الحياة.
كان حار الدفاع عن الحق، شديد التمسك بما يعتقده صوابا، سلس الأسلوب واضح الفكرة، بعيدا بهدفه فى الحياة. ولقد تحدث عن العوامل التى أثرت فى فكره، ورسمت معالم شخصيته فقال:
كنت فى سن السادسة عشرة، طالبا بالمدرسة التحضيرية، وكان أبى (مصطفى وجدى) موظفا فى الحكومة المصرية، وحدث أن اختير وكيلا لمحافظة دمياط، فكان لا بدّ من انتقالى مع عائلتى إلى هذه المدينة التى اشتهر أهلها الدماثة لا خلاق والتفقه فى الدين.
ولما نزلنا هذه البلدة مع أبى أقبل علماؤها وكبار أهلها يرحبون به، فكان يجتمع فى دارنا عدد كبير منهم وكنت إذا ناقشت أحد العلماء فى مسألة تتعلق بالكون والخلق أسرع إلى قفل باب المناقشة، وأمرنى الا أخوض فى المسائل الدينية أو أبدى فيها رأيا فامتعضت لذلك وقلت فى نفسى،: لا بدّ أن يكون ما يدرسونه من الكتب عقيما ومن هنا تزلزلت عقيدتى، وشرع الشك يتسرب إلى نفسى حتى صرت لا أرتاح إلى رأى واحد يتضمنه كتاب، ولا انتصر على
فكرة معينة يجتهد بعض العلماء فى اثباتها بما أدلى من قوة الحجة وساطع البرهان.
وجعلت أتناول بالقراءة والدرس جميع الكتب الدينية والكونية والاجتماعية وسائر ما يتعلق منها بعلم النفس، واكببت على ذلك عدة سنين، فاكتسبت علما غزيرا، واتسع أمامى نطاق الحياة، وجال نظرى فى الكائنات جولات أفادتنى فيما أتناوله بالحديث والدرس حتى صرت لا أقتنع بفكرة دون أن أعتنى بدرسها وتمحيصها معتمدا فى ذلك على تجاربى الذهنية التى مرت بى، وقد أفادنى هذا استقلالا فى الفكر واعتمادا على النفس، ورغبة فى استيعاب ما يقع بين يدى من الكتب على اختلاف أنواعها بمصر كما افادنى دقة فى البحث حتى ازال الشك عنى وارتاحت نفسى إلى عقيدة ثابتة.
وبدأ طريق الحياة العلمية الجادة على أسس قوية من العقل والروية والتفكير وفى سنة 1901 م اصدر كتابه «الاسلام فى عصر العلم» وهو كتاب فى جزءين مناسبين فى وضوح أن الاسلام حث على العلم وأشاد به، ودفع المسلمين إليه وأنه لا تعارض مطلقا بين الاسلام والعلم وما وصل إليه العلم فى العصر الحاضر من آفاق مادية وحضارة صناعية، فان ذلك كله لا يتعارض منه شىء مع الاسلام، بل أن ذلك كله يؤيده الاسلام وكلما تقدم العلم كان تأييدا للاسلام.
وتفرغ للبحث والتأليف فغطى الصحف اليومية الشهيرة بمقالات وبحوث، ومن أبرز هذه الصحف: الاهرام، والجهاد، ثم اشتغل بتحرير مجلة الأزهر وظل رئيسا لتحريرها حتى وافاه الموت فى فبراير سنة 1954 م سنة 1373 هـ.
والناظر فى حياة مفسرنا الجليل يجد أن نشاطه العلمى كان يمثل تيارا دافقا بالحياة، وأنه قضى حياته الطويلة يدافع عن اهداف محدودة يوضحها ويشرحها ويدفع عنها كل تحريف أو اتهام. وهذه الاهداف: هى الاسلام، والدين، والروحية.
ولعل أهم ما شغل فكره وظهر فى نتاجه الكبير قضية الروحية والمادية والدفاع عن الروحية تجاه المادية، واقامة الادلة على الروح، وما إلى ذلك مما هو نابض فى كل مؤلف من مؤلفاته.
ولقد استطاع تطويع اللغة العربية للتعبير عن النواحى الفلسفية والافكار العلمية بأسلوب بارع رشيق، حتى لقد صاغ بعض أفكاره ومناقشاته فى صورة مقامات كمعلقات بديع الزمان الهمذانى ومقامات أبى القاسم الحريرى وغيرهم، وقد جمعت تلك المقامات فى كتاب باسم الوجديات، وقال فى مقدمته بعد أن ذكر بعض من كتب بهذا الاسلوب من الادباء والعلماء فرأينا أن نحتذى مسالكهم ونترسم خطواتهم بوضع مقامات أدبية ترمى لاغراض تعليمية وزدنا على متقدمينا بأن جعلنا الصفة الفلسفية فيها تغلب على سواها حرصا منا على الغرض الرئيسى الذى حدانا لنشرها.
ويبين غرضه من تأليفها فيقول:
تصوير مثل عليا للحياة الفاضلة، وامداد النفوس بالقوى الادبية الضرورية لها.
وقد أثمر كفاحه العلمى الطويل عدة مؤلفات قيمة من ابرزها:
1 -
دائرة معارف القرن العشرين فى عشرين مجلدا، وأتمها فيما يقرب من ثلاث سنين وهو عمل تنوء به طائفة كثيرة من العلماء، ولكنه يدل على هذه العزيمة القوية
النادرة التى تحلي بها وجدى وعلى ما تحلى به أيضا من تنظيم دقيق لوقته وعلى ما تحلى به من ذاكرة واعية لما يقرأ ومن حسن تصرف فيما يقرأ وقدرة على الانتفاع به إلى أكبر مدى من الانتفاع.
2 -
السيرة المحمدية تحت ضوء العلم والفلسفة وهو كتاب جميل حاول به فريد وجدى أن يقرب حقائق السيرة إلى اذهان شبابنا وأن يحببهم فيها ليتخذوها مثلا أعلى يحتذونه وهذا هدف شريف، ولقد قام به فى أسلوب رصين، وفى دراسة تتسم بروح العصر وبأسلوبه.