الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثم يؤكد ذلك مرة أخرى مع زيادة وتوسع فى تفصيل وتوضيح فيقول:
«فيثبت بهذا الطريق أن قولنا: «اعوذ بالله» مشتمل على عشرة آلاف مسألة وأزيد أو أقل من المسائل المهمة المعتبرة».
والكتاب بين يدى القارئ بذلك يعتبر مائدة كبرى حوت أطيب المآكل والمشارب وقطوف الثمرات يشبع ويروى بها أهل العلم ودارسوا القرآن وعلومه أفئدتهم وظمأهم من هذا التفسير المبارك.
رحم الله الرازى ونفع بتفسيره وجزاه عن القرآن وعلوم القرآن ودارسيه خير الجزاء.
نموذج من تفسيره
: قوله تعالى: «لا ريب فيه» فيه مسئلتان:
المسألة الأولى: «الريب» قريب من الشك، وفيه زيادة كأنه ظن سوء
…
تقول: رابنى امر فلان اذا ظننت به سوءا، ومنه قوله عليه السلام:«دع ما يريبك إلى ما لا يريبك» .
فان قيل؛ قد يستعمل الريب فى قولهم ريب الدهر، وريب الزمان أى حوادثه.
قال تعالى: نتربص به ريب المنون. ويستعمل أيضا فى معنى ما يختلج فى القلب من أسباب الغيظ كقول الشاعر:
قضينا فى تهامة كل ريب
…
وخير ثم اجمعنا السيوفا
قلنا: هذان قد يرجعان الى معنى الشك لأن الشك ما يخاف من ريب المنون محتمل فهو كالمشكول، وكذلك ما اختلج بالقلب فهو غير متيقن.
فقوله تعالى: «لا ريب فيه» المراد منه نفى كونه مظنة الريب بوجه من الوجوه، والمقصود أنه لا شبهة فى صحته ولا فى كونه من عند الله ولا فى كونه معجزا.
ولو قلت: المراد لا ريب فى كونه معجزا على الخصوص كان أقرب لتأكيد هذا التأويل بقوله:
وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا (سورة البقرة الآية 23) وهاهنا سؤالان:
السؤال الأول: طعن بعض الملحدة فيه فقال: إن عنى أنه لا شك فيه عندنا فنحن قد نشك فيه، وإن عنى أنه لا شك فيه عنده فلا فائدة فيه ..
الجواب: المراد أنه بلغ من الوضوح إلى حيث لا ينبغى لمرتاب أن يرتاب فيه، والامر كذلك، لان العرب مع بلوغهم فى الفصاحة إلى النهاية عجزوا عن معارضة أقصر سورة من القرآن وذلك يشهد بأنه بلغ هذه الحجة فى الظهور إلى حيث لا يجوز للعاقل أن يرتاب فيه.
السؤال الثانى: لم قال هاهنا: لا ريب فيه، وفى موضع آخر «لا فيها غول .. ؟
الجواب: لانهم يقدمون الاهم فالمهم، وهاهنا الأهم نفى الريب بالكلمة عن الكتاب، ولو قلت: لا ريب فيه لاوهم أن هناك كتابا آخر حصل الريب فيه لا هنا كما قصد فى قوله: لا فيها غول تفضيل خمر الجنة على خمور الدنيا فانها لا تغتال العقول كما تغتالها خمرة الدنيا.
السؤال الثالث: من بين بدل قوله لا ريب فيه على نفى الريب بالكلية.
الجواب: قرأ أبو الشعثاء: لا ريب فيه- بالرفع. واعلم أن القراءة المشهورة توجب ارتفاع الريب بالكلية، والدليل عليه أن قوله: لا ريب فيه نفى لما هية الريب، ونفى الماهية يقتضى نفى كل فرد من افراد الماهية، لأنه لو ثبت فرد من أفراد الماهية لثبتت الماهية، ولهذا السر كان قولنا: لا اله الا الله نفيا لجميع الآلهة سوى الله تعالى.
وأما قولنا: لا ريب فيه- بالرفع فهو نقيض لقولنا: ريب فيه، وهو يفيد ثبوت فرد واحد فذلك النفى يوجب انتفاء جميع الافراد ليتحقق التناقض .... الخ ..