الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الدعوات والأذكار المخرجة من صحيح الأخبار.
التنبيه على مذهب الشافعية والحنفية والحنابلة.
تقريب الوصول إلى علم الأصول.
أصول القراء الستة غير نافع.
المختصر البارع فى قراءة نافع.
القوانين الفقهية فى تلخيص مذهب المالكية.
الفوائد العامة فى لحن العامة.
النور المبين فى قواعد عقائد الدين.
ومن معالم شخصيته المميزة حبه للرسول صلى الله عليه وسلم، ويعبر عن ذلك قوله:
أريم امتداح المصطفى فيردنى
…
قصورى عن ادراك تلك المناقب
ولو ان كل العالمين تألفوا
…
على مدحه لم يبلغوا بعض واجب
فأمسكت عنه هيبة وتأدبا
…
وخوفا وإعظاما لا رفع جانب
ورب سكوت كان فيه بلاغة
…
ورب كلام فيه عتب لعاتب
وكان رحمه الله من المجاهدين المحاربين، فكان يحرض الناس يوم معركة طريف، ومات شهيدا فى جمادى الأولى سنة احدى وأربعين وسبعمائة.
تفسيره
قدم ابن جزى للتفسير بمقدمة جليلة فقال بعد الحمد والثناء:
أما بعد، فإن علم القرآن العظيم هو ارفع العلوم قدرا، واجلها خطرا، وأعظمها اجرا واشرفها ذكرا، وان الله انعم على بأن شغلنى بخدمة القرآن وتعلمه وتعليمه، وشغفنى بتفهم معانيه، وتحصيل علومه، فاطلعت على
ما صنف العلماء رضى الله عنهم فى تفسير القرآن من التصانيف المختلفة الأوصاف، المتباينة الاصناف، فمنهم من اثر الاختصار ومنهم من طول حتى كثر الاسفار، ومنهم من تكلم فى بعض العلم دون بعض، ومنهم من اعتمد على نقل أقوال الناس، ومنهم من عمل على النظر والتحقيق والتدقيق، وكل أحد سلك طريقا نحاه، وذهب مذهبا ارتضاه، وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنى (سورة الحديد الآية 10)، فرغبت فى سلوك طريقهم والانخراط فى مساق فريقهم، وصنفت هذا الكتاب فى تفسير القرآن العظيم،- وسائر ما يتعلق به من العلوم وسلكت مسلكا نافعا، إذ جعلته وجيزا جامعا، قصدت به اربعة مقاصد تتضمن اربع فوائد:
الفائدة الأولى: جمع كثير من العلم فى كتاب صغير الحجم، تسهيلا على الطالبين وتقريبا على الراغبين، فلقد احتوى هذا الكتاب على ما تضمنته الدواوين الطويلة من العلم ولكن بعد تلخيصها، وتنقيح فصولها، وحذف حشوها وفضولها، ولقد اودعته من فن من فنون علم القرآن اللباب المرغوب فيه، دون القشر المرغوب عنه، من غير افراط ولا تفريط ثم انى عزمت على ايجاز العبارة، وافراط الاختصار، وترك التطويل والتكرار ..
الفائدة الثانية:- ذكر نكت عجيبة، وفوائد غريبة، قلما توجد فى كتاب، لأنها من نبات صدرى وينابيع ذكرى، ومما أخذته عن شيوخى رضى الله عنهم، أو مما التقطته من مستطرفات النوادر الواقعة فى غرائب الدفاتر ..
الفائدة الثالثة:- ايضاح المشكلات، اما بحل العقد المقفلات، واما بحسن العبارة ورفع الاحتمالات، وبيان المجملات.
الفائدة الرابعة: تحقيق أقوال المفسرين، السقيم منها والصحيح، وتمييز الراجح من المرجوح وذلك ان أقوال الناس على مراتب: فمنها الصحيح الذى يعول عليه، ومنها الباطل الذى لا يلتفت إليه، ومنها ما يحتمل الصحة
والفساد، ثم ان هذا الاحتمال قد يكون مساويا أو متفاوتا والتفاوت قد يكون قليلا أو كثيرا، وانى جعلت لهذه الأقسام عبارات مختلفة،- تعريفها كل مرتبة وكل قول،
فادناها ما صرح بأنه خطأ أو باطل، ثم ما أقول فيه أنه ضعيف أو بعيد، ثم أقول أن غيره ارجح أو اقوى، أو اظهر أو اشهر، ثم ما أقدم غيره عليه اشعارا بترجيح المتقدم او بالقول فيه: قيل كذا قصدا للخروج من عهدته، واما صرحت باسم قائل القول فانى افعل ذلك لاحد امرين:
اما للخروج عن عهدته، واما لنصرته إذا كان قائله ممن يقتدى به.
ثم قال: وسميته «كتاب التسهيل لعلم التنزيل» وقدمت فى أوله مقدمتين: إحداهما: فى أبواب نافعة، وقواعد كلية جامعة، والأخرى فيما كثر دوره من اللغات الواقعة ثم قدم لكتابيه مقدمات:
المقدمة الأولى: فيها اثنا عشر بابا.
الباب الأول: فى نزول القرآن على رسول الله صلى الله عليه وسلم من أول ما بعثه الله بمكة وهو ابن اربعين سنة إلى ان هاجر إلى المدينة ثم نزل عليه بالمدينة إلى ان توفاه الله.
الباب الثانى:- فى السور المكية والمدنية.
الباب الثالث:- فى المعانى والعلوم التى تضمنها القرآن.
الباب الرابع:- فى فنون العلم التى تتعلق بالقرآن.
الباب الخامس:- فى أسباب الخلاف بين المفسرين، والوجوه التى يرجح بها بين أقوالهم.
الباب السادس:- فى ذكر المفسرين.
الباب السابع:- فى الناسخ والمنسوخ.
الباب الثامن:- فى جوامع القراءة.
الباب التاسع:- فى الوقف.
الباب العاشر:- فى الفصاحة والبلاغة وادوات البيان.
الباب الحادى عشر:- فى اعجاز القرآن واقامة الدليل على انه من عند الله عز وجل.
الباب الثانى عشر:- فى فضل القرآن.
المقدمة الثانية:- فى تفسير معانى اللغات أى الكلمات التى يكثر ورودها فى القرآن أو تقع فى موضعين فأكثر من الأسماء والأفعال والحروف.
وكان فى كل ذلك سالكا سبيل الاختصار، مكتفيا بالتركيز عن الاطالة، ممهدا الطريق لبدء تفسير الآيات، فاشتملت المقدمة على كثير مما حال الاختصار دون ذكره فى تفسير الآيات، وحقق بها ما يمكن ان يضم إلى الكتب المؤلفة فى كل فن من الفنون التى اشتملت عليها.
ومن نماذجه: قال تعالى:
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّساءَ كَرْهاً وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ ما آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً (سورة النساء الآية 19) لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّساءَ قال ابن عباس:
كانوا فى الجاهلية إذا مات الرجل كان اولو الحق بامرأته ان شاءوا تزوجها أحدهم وان شاءوا زوجوها من غيرهم، وان شاءوا منعوها التزوج، فنزلت الآية فى ذلك، فمعنى الآية على هذا: لا يحل لكم ان تجعلوا النساء يورثن عن الرجال كما يورث المال.
وقيل: الخطاب للازواج الذين يمسكون المرأة فى العصمة ليرثوا مالها من غير غبطة بها.
وقيل الخطاب للاولاد الذين يمنعون امهاتهم من التزوج ليرثوهن دون الزوج.
ولا تعضلوهن: معطوف على ان ترثوا أو نهى، والعضل المنع، قال ابن عباس: هى أيضا فى أولياء الزوج الذين يمنعون زوجته من التزوج بعد موته، إلا أن قوله «ما آتيتموهنّ» على هذا معناه ما اتاها الرجل الذى مات.
وقال ابن عباس: هى فى الأزواج الذين يمسكون المرأة ويسيئون عشرتها حتى تفتدى صداقها وهو ظاهر اللفظ فى قوله «ما آتيتموهن» وبقوله «وعاشروهنّ بالمعروف» فإن الاظهر فيه ان يكون فى الأزواج، وقد يكون فى غيرهم .. وقيل للأولياء ..
إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ: قيل الفاحشة هنا الزنا، وقيل نشوز المرأة وبغضها فى زوجها، فإذا نشزت جاز له ان يأخذ ما آتاها من صداق أو غير ذلك من مالها، وهذا جائز على مذهب مالك فى الخلع إذا كان الضرر من المرأة، والزنا أصعب على الزوج من النشوز فيجوز له أخذ الفدية ..
فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ الآية
…
معناها ان كرهتم النساء لوجه فاصبروا فعسى ان يجعل الله الخير فى وجه آخر ..
وهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم: لا يترك مؤمن مؤمنة، ان سخط منها خلقا رضى آخر ..
***