المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الإمام أبو العباس المرسى وتفسيره - مناهج المفسرين

[منيع عبد الحليم محمود]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة فى تعريف التفسير وانواعه

- ‌الإمام سفيان الثورى وتفسيره

- ‌الإمام ابن قتيبة وتفسيره

- ‌معانى القرآن لأبى زكريا الفراء

- ‌الإمام سهل بن عبد الله التسترى وتفسيره

- ‌تفسير سهل بن عبد الله التسترى

- ‌الإمام الطبرى وتفسيره

- ‌معانى القرآن للزجّاج

- ‌تحصيل نظائر القرآن للحكيم الترمذى

- ‌شيخ الحنفية ببغداد الجصاص وتفسيره

- ‌مؤلفاته

- ‌أحكام القرآن

- ‌منصب قضاء القضاة

- ‌تلاميذ الجصاص

- ‌تفسير الجصاص «أحكام القرآن»

- ‌نموذج من أحكام القرآن

- ‌الحاكم النيسابورى وتفسيره

- ‌الامام السلمى وتفسيره

- ‌متشابه القرآن للقاضى عبد الجبار بن أحمد الهمدانى

- ‌الإمام القشيرى وتفسيره لطائف الإشارات

- ‌شيخ الشافعية ببغداد الكيا الهراس وتفسيره

- ‌وأنشد الشريف

- ‌فتاويه

- ‌مؤلفاته

- ‌أحكام القرآن

- ‌نموذج من «أحكام القرآن»

- ‌الواحدى النيسابورى وأسباب النزول

- ‌الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل فى وجوه التأويل

- ‌رحلته

- ‌ابن العربى وتفسيره (أحكام القرآن)

- ‌مؤلف هذا التفسير هو

- ‌تفسير ابن العربى: أحكام القرآن

- ‌تفسير الإمام ابن الجوزى «زاد المسير»

- ‌تقديره

- ‌حياته

- ‌شيوخه

- ‌الواعظ

- ‌مؤلفاته

- ‌ومن تفسيره

- ‌تفسير ابن عطية

- ‌واليك نماذج من تفسير ابن عطية

- ‌تفسير الإمام البغوى

- ‌المفردات فى غريب القرآن للراغب الأصفهانى

- ‌الفخر الرازى وتفسيره

- ‌مؤلفاته

- ‌تلامذة الرازى

- ‌نموذج من تفسيره

- ‌الإمام الطبرسى وتفسيره مجمع البيان لعلوم القرآن

- ‌تفسير الإمام أبو الحسن الشاذلى رضى الله عنه

- ‌الإمام أبو العباس المرسى وتفسيره

- ‌تفسير أبى العباس المرسى

- ‌أبو حيان الأندلسى وتفسيريه (البحر المحيط) و (النهر الماد)

- ‌مؤلفاته

- ‌شعره

- ‌تفسير أبى حيان البحر المحيط، والنهر الماد- ومنهجه فيهما

- ‌نموذج من تفسيريه البحر المحيط، والنهر الماد (أولا: من البحر المحيط):

- ‌البرهان الكاشف عن إعجاز القرآن لابن الزملكانى

- ‌الإمام ابن تيمية ومنهجه فى التفسير

- ‌جهاده السياسى

- ‌نقد ابن تيمية

- ‌(تفسير ابن تيمية)

- ‌ منهجه فى التفسير

- ‌ابن جزى وكتابه التسهيل

- ‌تفسيره

- ‌الإمام النسفى وتفسيره

- ‌ مؤلفاته

- ‌صفاته

- ‌وفاته

- ‌تفسير النسفى

- ‌ما يؤخذ على تفسيره

- ‌نماذج من تفسير النسفى

- ‌الإمام ابن كثير وتفسيره

- ‌بصائر ذوى التمييز فى لطائف الكتاب العزيز للفيروز بادى

- ‌المقصد الأول:

- ‌«بصيرة» - أنا انزلناه

- ‌المتشابهات

- ‌فضل السورة

- ‌بصيرة فى الرزق

- ‌النيسابورى المتوفى سنة 728 ه

- ‌تفسير النيسابورى

- ‌الإمام البيضاوى ومنهجه فى التفسير

- ‌الدر المنثور فى التفسير بالمأثور

- ‌الإمام أبو السعود وتفسيره

- ‌السراج المنير للخطيب الشربينى

- ‌روح البيان فى تفسير القرآن لاسماعيل حقى

- ‌فتح القدير للإمام الشوكانى

- ‌الإمام الألوسي وتفسيره روح المعانى

- ‌التفسير

- ‌حاشية الإمام الصاوى على الجلالين

- ‌الإمام جمال الدين القاسمى وتفسيره محاسن التأويل

- ‌طريقته فى التأليف

- ‌تفسير القاسمى

- ‌نموذج من تفسير القاسمى

- ‌الإمام محمد عبده وتفسيره

- ‌تفسيره

- ‌الأستاذ رشيد رضا وتفسيره

- ‌مؤلفاته وآثاره

- ‌الخلافة

- ‌منهجه فى تفسيره

- ‌نموذج من تفسيره

- ‌تفسير ابن باديس

- ‌تفسير جزء تبارك للشيخ عبد القادر المغربى

- ‌التحرير والتنوير للشيخ محمد الطاهر بن عاشور

- ‌الشيخ المراغى وتفسيره

- ‌تفسير الشيخ محمود شلتوت

- ‌تاج التفاسير لكلام الملك الكبير للامام محمد عثمان الميرغنى

- ‌ضياء الاكوان للشيخ أحمد سعد العقاد

- ‌تفسير محمد فريد وجدى

- ‌ملامح من حياته

- ‌ومن نماذجه

- ‌تفسير الألفاظ

- ‌تفسير المعاني

- ‌التفسير الواضح للشيخ محمد محمود حجازى

- ‌المفردات

- ‌المعنى

- ‌ونموذج آخر

- ‌المفردات

- ‌المعنى

- ‌المنتخب في تفسير القرآن

- ‌مميزات هذا التفسير

الفصل: ‌الإمام أبو العباس المرسى وتفسيره

‌الإمام أبو العباس المرسى وتفسيره

لم يكن أبو العباس معنيا بالحديث عن نفسه، ولم يكن مهتما بالتاريخ لحياته انه لم يتحدث عن اسرته، ولم يتحدث عن نفسه، ولم يشد بأفعاله، لقد فنى فى أبى الحسن، فلم يكن فى آفاقه فراغ للحديث عن نفسه، ثم فنى فى الدعوة إلى الله بعد أبى الحسن، فلم يكن فى آفاقه فراغ للحديث عن نفسه.

ويحدثنا التاريخ أنه ولد فى الاندلس «مرسية» التى ينسب إليها، ولد سنة- 616 هـ 1219 م، ويتصل نسبه بالانصار الذين أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن حبهم من علامات الايمان، ان نسبه يتصل بسعد بن عبادة، سيد الخزرج.

ولد فى «مرسية» ونشأ بها، حيث كان والده يعمل فى التجارة، ويبدو أن حالة الوالد كانت من اليسر بحيث مكنته من ارسال ابنه إلى مؤدب لتعلم القرآن، والتفقه فى أمور الدين، يقول أبو العباس:- «كنت وأنا صبى، عند المؤدب، جاء رجل فوجدنى اكتب فى لوح، فقال الصوفى لا يسود بياضا، فقلت: ليس الأمر كما زعمت، ولكن لا يسود الصحائف بسود الذنوب» .

هذه القصة تدل دلالة واضحة على ذكاء غير عادى، وعلى مهارة وفهم لا يوجدان فى المستوى العام، فى اطفال المكاتب، وترسم أيضا اتجاها إلى الصلاح، والتقوى منذ هذه السن المبكرة.

وعن بعض حوادثه مع المؤدب يقول: عمل إلى جانب دارنا خيال خيال الستار، وأنا اذ ذاك صبى فحضرته، فلما أصبحت اتيت إلى المؤدب، وكان من أولياء الله تعالى، فأنشد حين رآنى.

ص: 175

يا ناظرا صور الخيال تعجبا

وهو الخيال بعينه لو أبصرا

فخجل أبو العباس، وعزم فى نفسه أن يأخذ فى حياته مسلك الجد.

وأعظم حادث فى حياة أبى العباس هو صلته بأبى الحسن الشاذلى وعن بدء هذه الصلة يقول: فلما نزلت بتونس، وكنت اتيت من «مرسية» - وأنا إذ ذاك شاب- سمعت بذكر الشيخ أبى الحسن الشاذلى، فقال لى رجل:

تمضى بنا إليه، فقلت حتى استخير الله فنمت تلك الليلة، فرأيت كأنى أصعد إلى رأس جبل، فلما علوت فوقه، رأيت هنالك رجلا، عليه برنس أخضر، وهو جالس، وعن يمينه رجل، وعن يساره رجل فنظرت إليه، فقال:

عثرت على خليفة الزمان، قال: فانتبهت.

فلما كان بعد صلاة الصبح، جاءنى الرجل الذى دعانى إلى زيارة الشيخ فسرت معه فلما دخلنا عليه، رأيته بالصفة التى رأيته بها فوق الجبل، فدهشت .. فقال لى: عثرت على خليفة الزمان، ما اسمك؟ فذكرت له اسمى، ونسبى، فقال لى:- رفعت لى منذ عشر سنين، وبهره أبو الحسن بهره بحديثه المنطلق، والهاماته المندفعة وسلوكه الربانى، فلازمه أبو العباس ملازمة المريد الصادق لشيخه العارف.

ورأى الشاذلى فيه فطرة طاهرة، ونفسا خيرة، واستعدادا طيبا، للاقبال على الله: فمنحه وده، وغمره بعنايته، وأخذ فى تربيته تربية تؤهله ليكون خليفة من بعده.

وحدث فى تونس سوء التفاهم بين الشاذلى، وقاضى القضاة ابن البراء، هذا الخلاف الذى سبق ان فصلناه فى كتابنا عن «المدرسة الشاذلية» وكانت نتيجته ان غادر الشاذلى تونس، ميمها شطر الديار المصرية، ورافقه فى هذا السفر جماعة كان على رأسهم أبو العباس.

ص: 176

واستمر أبو العباس مع الشاذلى يسير فى ضوء تربيته، ومنهج طريقه لا يحيد عنه قيد شعره إلى ان كانت وفاة الشاذلى.

لقد بشر الشاذلى بأنه سيموت ويدفن بأرض لم يعص الله عليها قط، فلما كان فى طريقه إلى الحج ووصل إلى حميثرة، وقد خيم الركب للمبيت جمع أصحابه وأوصاهم بأشياء وأوصاهم حزب البحر، وقال لهم: حفظوه لأولادكم، فإن فيه اسم الله الأعظم.

وخلا بأبى العباس وحده رضى الله عنهما وأوصاه بأشياء، واختصه بما اختصه الله به من البركات.

وقال لأصحابه: إذا أنامت فعليكم بأبى العباس المرسى: فإنه الخليفة من بعدى، وسيكون له بينكم مقام عظيم، وهو باب من أبواب الله سبحانه يقول صاحب كتاب درة الأسرار نقلا عن نجل الشيخ أبى الحسن: وبات تلك الليلة متوجها إلى الله سبحانه، ذاكرا، أسمعه يقول: الهى، الهى.

فلما كان السحر سكن فظننا أنه نام، فحركناه فوجدناه ميتا، رحمه الله.

واستدعينا سيدى أبا العباس المرسى، فغسله وصلينا عليه، ودفناه بحميثرة، وهذا الموضع ببرية عيذاب، فى واد على طريق الصعيد.

يقول صاحب «درة الأسرار» وقد شربت من مائها، وزرت ضريحه، ورأيت له البركات نفع الله به فى الدنيا والآخرة.

وقال: ولما دفناه، اختلف اصحابه فى الرجوع، أو التوجه، فقال لهم سيدى أبو العباس: الشيخ أمرنى بالحج ووعدنى بكرامات، وتوجهنا، ورأينا تهوينا، وبركات، ورجعنا فى صحبته.

وظهر أبو العباس من بعد الشاذلى ظهورا عظيما، وظهرت له كرامات كثيرة على أنه كان يبدو واضحا من مواقف أبى الحسن مع أبى العباس ومن

ص: 177

حديثه عنه أنه: كان يعده للخلافة، بل لقد اقامه فيها بصورة تشبه أن تكون صريحة حينما استدعاه، وقال له: يا أبا العباس، تكلم بين الناس. فجلس فى جامع العطارين بالاسكندرية فعاصره بالكلام والتدريس والدعوة إلى الله عن اذنه وبأمر منه، وحمل أبو العباس لواء الدعوة إلى الله طيلة حياته متفانيا فيها، باذلا كل ما يستطيع فى سبيلها حتى انتهت به الحياة راضيا عن الله، مرضيا عنه من الله وكان ذلك فى الخامس والعشرين من ذى القعدة سنة 685 هـ- 1287 م، وكان يبلغ تقريبا سبعين عاما، رحمه الله رحمة واسعة.

ويروون له كرامات كثيرة منها على سبيل المثال: إن السلطان يعقوب، أمر بذبح دجاجة وخنق أخرى، وطبخها، وقدمها إليه، وجلس ليأكل معه، فلما نظر الشيخ أبو العباس إليهما، أمر الخادم برفع المخنوقة، وقال:

هذه جيفة، وقال: لولا تنجس الأخرى بالمرق النجس لأكلت منها، وقاله الشعرانى، قال المناوى، وقدم إليه رجل طعاما فيه شبهة يمتحنه فرده وقال كان الحاسبى، إذا مد يده إلى طعام فيه شبهة ضرب عرق باصبعه فأنا فى يدى ستون عرقا تضرب.

ومن كراماته التى انفرد بها عن غالب الأولياء تسليكه لنحو ثلاثين قاضيا، وكان يقول للعرشى: ليس الشأن أن تسلك كل يوم ألفا من العوام، بل ان تسلك فقيها واحدا فى مائة عام.

وقال الشيخ حسن العدوى فى كتابه «شرح البردة البوصيرية» .

قال بعضهم: صليت خلف الشيخ أبى العباس فشهدت الأنوار ملأت بدنه، وانبثقت من وجوده، حتى أنى لم استطع النظر إليه.

مات سنة 686 هـ بالاسكندرية، رحمه الله ا. هـ.

ومع ذلك فقبل ان ننتهى من الكرامات نقول انه رضى الله عنه كان يقول هذه الكلمة المخلصة.

«والله ما جلست حتى جعلت جميع الكرامات تحت سجادتى» .

ص: 178