الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تفسير ابن عطية
يمثل هذا التفسير لونا من التفاسير المحررة الموجزة الجامعة فى معانيها، المختصرة فى تعبيرها، ويظهر ذلك واضحا من تسمية مؤلفه له: المحرر الوجيز فى تفسير القرآن العزيز.
وقد بهر ابن عطية بتفسيره العلماء فى عصره وفيما بعد عصره، يقول ابن عميرة الضبى المتوفى سنة 599 هـ.
«ألف- يعنى ابن عطية- فى التفسير كتابا ضخما اربى فيه على كل متقدم» . ويقول ابن الآبار:
«وتأليفه فى التفسير جليل الفائدة، كتبه الناس كثيرا وسمعوه منه واخذوه عنه» . أما ابن جزى فإنه يقول:- «وأما ابن عطية فكتابه فى التفسير أحسن التأليف واعدلها، فإنه اطلع على تآليف من كان قبله فهذبها ولخصها، وهو مع ذلك حسن العبارة، مسدد النظر، محافظ على السنة» . ويقول ابن تيمية:
وتفسير ابن عطية خير من تفسير الزمخشرى، واصح نقلا وبحثا، وابعد عن البدع،
…
بل هو خير منه بكثير، بل لعله ارجح هذه التفاسير.
ويقول ابن خلدون- عما امتاز به تفسيره من حذر من الاسرائيليات وتثبت فى نقل الاخبار.
«وتساهل المفسرون فى مثل ذلك- النقل عن أهل الكتاب الذين دخلوا فى الإسلام مثل كعب الاحبار ووهب بن منبه وعبد الله بن سلام وامثالهم- وملئوا كتب التفسير بهذه المنقولات، واصلها كما قلنا عن أهل التوراة الذين يسكنون البادية، ولا تحقيق عندهم بمعرفة ما ينقلونه من ذلك،
إلا أنهم بعد صيتهم وعظمت اقدارهم لما كانوا عليه من المقامات فى الدين والله، فتلقيت بالقبول من يومئذ، فلما رجع الناس إلى التحقيق والتمحيص، وجاء أبو محمد بن عطية من المتأخرين بالمغرب، فلخص تلك التفاسير كلها، وتحرى ما هو أقرب إلى الصحة منها، ووضع ذلك فى كتاب متداول بين أهل المغرب والاندلس حسن المنحى وتبعه القرطبى فى تلك الطريقة على منهاج واحد فى كتاب آخر مشهور بالمشرق ا. هـ.
والناظر فى هذا التفسير يجد أنه يذكر الآية ثم يفسرها تفسيرا سهلا شاملا مختصرا ثم يورد بعض ما يتصل بالآية مما ينتقيه من المأثور، وأكثر ما يختار منه من تفسير الطبرى، وقد يعرج بالرد على رواية والانتقاد لمنقول ..
ويظهر فى تفسيره الاهتمام باللغة العربية، والعناية باستخراج المعانى على اساس منها، كما أنه يذكر فى أحيان كثيرة القراءات المختلفة ويستخرج المعانى المستنبطة على أساسها.
وقد تأثر تفسير ابن عطية كثير من مشاهير المفسرين كالقرطبى وابن حيان والثعالبى فاستفادوا منه ونقلوا عنه، وكان له فى تفاسيرهم الأثر المحمود فيما يتصل بالمنهج، وفيها يتصل بالمضمون.
ومع الأهمية المتزايدة لهذا التفسير فما زال مخطوطا متنافر الأجزاء بين المكتبات المختلفة ويوجد منه فى دار الكتب المصرية اربعة أجزاء من مجموع الكتاب ويقع فى عشر مجلدات كبار ..
وقد استفاد ابن عطية فى تفسيره بالإضافة إلى تفسير الطبرى بتفسير المهدوى المسمى (التفصيل الجامع لعلوم التنزيل) الذى قال عنه فى مقدمة تفسيره: إنه متقن التأليف، وانتقد اسلوبه فى عدم تتبع الألفاظ، بأنه مفرق للنظر، مشعب للفكر.
أما عن مصنف هذا التفسير فهو القاضى أبو محمد عبد الحق بن غالب بن عبد الرحمن بن غالب، ابن عطية المحاربى.
امتاز بالفهم وسرعة التحصيل والطموح العلمى، والمثابرة والاجتهاد، قال السيوطى فى طبقات المفسرين: كان يتوقد ذكاء.
وقال فى بغية الوعاة: كان فاضلا من بيت علم وجلاله، غاية فى توقد الذهن، وحسن الفهم، وجلالة التصرف ..
وقال الفتح بن خاقان: ادمن التعب فى السؤدد جاهدا، حتى تناول الكواكب قاعدا، وما اتكأ على ارائك ولا سكن إلى راحات بكره وأصائله ..
وقال: سما إلى رتب الكهول صغيرا، وشن كتبه على العلوم مغيرا، فسباها معنى وفصلا، وحواها فرعا وأصلا ..
ولد سنة 481 فى أول عهد المرابطين بغرناطة وكان له شغف بالعلم عمل على اروائه فتتلمذ على شيوخ من أهمهم والده وكان اماما فى الحديث وحافظا للسنة- أو كما قال الفتح بن خاقان شيخ العلم وحامل لوائه، وحافظ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وكوكب سمائه شرح الله لحفظه صدره، وطاول به عمره.
ومن أهم شيوخه الحافظ أبو على الحسين بن محمد الغسانى المتوفى سنة 498 هـ وكان من أهم تلاميذ الحافظ أبو عمر يوسف بن عبد البر، له مؤلفات قيمه وآثار مشهورة فى مجال خدمة السنة.
ومنهم الحافظ أبو على الحسين بن محمد الصدفى المتوفى سنة 514 هـ، والفقيه أبو عبد الله محمد بن على ابن حمد بن التغلبى المتوفى سنة 508.
كان ابوه يتعهده بالعناية والرعاية، ويشجعه على إعداد تفسيره، والعمل على إتمامه فكان ربما ايقظه فى الليل مرتين بقوله: قم يا بنى اكتب كذا وكذا فى موضع كذا من تفسيرك.
وكان له فى سبيل العلم رحلات مختلفة واسفار متعددة، فرحل فى طلب العلم إلى قرطبة واشبيليه ومرسية وبلنسية.