الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تفسير أبى العباس المرسى
لم يكتب أبو العباس المرسى تفسيرا للقرآن، يبتدئ فيه من أوله وينتهى فيه بنهايته، ولم يكتب مريدوه وتلاميذه تفسيره ولم يجعلوا له تفسيرا، وإنما اكتفوا بأن تفسيره مبثوث هنا وهنالك فى كتب الشاذلية.
وننقل هنا بعض نماذج من هذا التفسير الذى يسير فيه- طبيعيا- على المنهج الصوفى، ففي سورة الفاتحة أم الكتاب:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ، الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ، الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ، مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ، اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ، صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ.
(سورة الفاتحة أم الكتاب) قال الله سبحانه: الحمد الله رب العالمين:
قال الشيخ رضى الله عنه: علم الله عجز خلقه عن حمده، فحمد نفسه بنفسه فى آزاله فلما خلق الخلق اقتضى منهم ان يحمدوه بحمده، فقال الحمد لله رب العالمين، أى قولوا الحمد الله رب العالمين، أى أن الحمد الله الذى حمد نفسه بنفسه، هو له لا ينبغى أن يكون لغيره، فعلى هذا تكون الألف واللام للعهد.
يقول ابن عطاء الله: وسمعته يقول فى قوله عز وجل:
إِيَّاكَ نَعْبُدُ، وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ.
إياك نعبد، شريعة.
وإياك نستعين، حقيقة.
إياك نعبد، إسلاما.
وإياك نستعين، احسانا.
إياك نعبد، عباده.
وإياك نستعين، عبودية.
إياك نعبد، فوق.
وإياك نستعين، جمع.
ثم قال سبحانه وتعالى: «اهدنا الصراط المستقيم» .
فقال الشيخ رضى الله عنه: بالتثبيت فيما هو حاصل، والارشاد لما ليس بحاصل وهذا الجواب ذكره ابن عطية فى تفسيره، وبسطه الشيخ رضى الله عنه، فقال: عموم المؤمنين يقولون:
اهدنا الصراط المستقيم، أى بالتثبيت فيما هو حاصل والارشاد لما ليس بحاصل، فإنهم حصل لهم التوحيد، وفاتهم درجات الصالحين.
فيما هو حاصل، والارشاد لما ليس بحاصل، فإنه قد حصل له رتبة القطبانية، وفاته علم إذا شاء الله ان يطلعه عليه، اطلعه.
2 -
قال الله تعالى:
سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا.
(سورة الإسراء الآية 1) ولم يقل بنبيه ولا برسوله وهو نبيه ورسوله، وإنما كان كذلك لأنه أراد أن يفتح باب السريان للاتباع، فاعلمنا بأن الاسراء، من بساط العبودية، فالنبى صلى الله عليه وسلم كان له كمال العبودية فكان له كمال الإسراء، اسرى بروحه وجسمه وظاهره وباطنه.
فالأولياء لهم قسط من العبودية، فلهم قسط من الاسراء، يسرى بأرواحهم لا بأشباحهم.
3 -
يقول الله تعالى:
لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ.
(سورة الحشر الآية 21) قال رضى الله عنه فى هذه الآية: مدح لسيد المرسلين صلى الله عليه وسلم، أى أن هذا القرآن لا تثبت له الجبال لو أنزل عليها، وأنت يا محمد ثبت لنزوله بالقوة الربانية، التى أودعناها فيك.
وفيها ذم للكافرين، أى أن هذا القرآن لو أنزل على جبل لخشع وتصدع، وأنتم ما خشعتم ولا تصدعتم.