الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب: القبس على موطأ مالك.
عارضة الأحوذى على كتاب الترمذى.
القواصم والعواصم.
المحصول فى أصول الفقه وكتاب القانون فى تفسير الكتاب العزيز.
وكتاب الانصاف فى مسائل الخلاف- عشرون مجلدا- وغير ذلك كثير- ومما يجدر بالذكر ما قاله ابن العربى فى كتابه (القبس): إنه ألف كتابه المسمى «انوار الفجر فى تفسير القرآن» فى عشرين سنة ثمانين ألف ورقة، وتفرقت فى أيدى الناس- وبا لجملة فقد خلف ابن العربى رحمة الله كتبا كثيرة انتفع الناس بها بعد وفاته، كما نفع هو بعلمه من جلس إليه فى حياته.
وقد كانت وفاته بعد هذه الحياة العلمية الكريمة سنة 543 هـ فى مراكش وحمل ميتا إلى مدينة فاس، ودفن بها رضى الله عنه وارضاه.
تفسير ابن العربى: أحكام القرآن
يتعرض هذا التفسير لآيات الأحكام فى القرآن الكريم كما يظهر من اسمه- وطريقه فى تفسيره: أن يذكر السورة- ثم يذكر عدد ما فيها من آيات الاحكام، ثم يأخذ فى شرحها آية آية قائلا: الآية الأولى وفيها خمس مسائل مثلا
…
والآية الثانية وفيها سبع مسائل مثلا
…
وهكذا حتى يفرغ من آيات الاحكام الموجودة فى السورة كلها.
وكتاب احكام القرآن يعتبر مرجعا مهما للتفسير الفقهى عند المالكية، وذلك لان ابن العربى كان مالكى المذهب كثير التعصب له والدفاع عنه.
غير إنه- والحق يقال- لم يكن مشتطّا فى تعصبه إلى الدرجة التى يتغاضى فيها عن كل زلة علمية تصدر من مجتهد مالكى، ولم يبلغ به التعسف إلى الحد الذى يجعله ينقد كلام مخالفه إذا كان وجيها ومقبولا.
والذى يتصفح هذا التفسير يلمس منه روح الانصاف لمخالفيه أحيانا- كما يلمس منه روح التعصب المذهبى التى تستولى على صاحبها فتجعله احيانا كثيرة يرمى مخالفيه، وان كان اماما له قيمته ومركزه بالكلمات المقذعة اللاذعة، تارة بالتصريح، وتارة بالتلميح.
فإذا أضيف إلى ذلك ما ذكرناه من قبل إنه جمع آداب الاخلاق وحسن المعاشرة وكثرة الاحتمال، وكرم النفس وحسن العهد وثبات الود .. إذا أضيف ذلك علمنا أن ما كتبه ابن العربى فى كتبه كلها انما هو محوط بسياج الروح العلمية الاسلامية الكريمة من عالم جمع إلى العلم وفضله العمل به والسير على منواله. رحم الله ابن العربى واجزل له المثوبة ونفع الله بعلمه أنه سميع مجيب.
وهاك نموذج من تفسيره: قوله تعالى وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ فيها ست مسائل:
المسألة الأولى: قوله تعالى (أمه) كلمة ذكر لها علماء اللسان خمسة عشر معنى رأيت من بلغها إلى أربعين، منها أن الأمة بمعنى الجماعة، ومنها أن الأمة الرجل الواحد الداعى إلى الحق.
المسألة الثانية: فى هذه الآية إلى بعدها وهى قوله:
كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ (سورة آل عمران الآية 110) دليل على أن الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر فرض كفاية ومن الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر نصرة الدين باقامة الحجة على المخالفين، وقد يكون فرض عين إذا عرف منه.
المسألة الثالثة: فى مطلق قوله تعالى:
وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ (سورة آل عمران الآية 102)
دليل على أن الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر فرض يقوم به المسلم، وإن لم يكن عدلا، خلافا للمبتدعة الذين يشترطون فى الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر العدالة.
وقد بينا فى كتب الأصول أن شروط الطاعات لا تثبت إلا بالادلة، كل أحد عليه فرض فى نفسه أن يطيع، وعليه فرض فى دينه أن ينبه غيره على ما يجهله من طاعة أو معصية، وينهاه عما يكون عليه من ذنب، وقد بيناه فى الآية الأولى قبلها.
المسألة الرابعة- فى ترتيب الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر: ثبت عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال:
«من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان» وفى هذا الحديث من غريب الفقه أن النبى صلى الله عليه وسلم بدا فى البيان بالأخير فى الفعل، وهو تغيير المنكر باليد، وإنما يبدأ باللسان والبيان فإن لم يكن فباليد.
يعنى أن يحول بين المنكر وبين متعاطيه بنزعه عنه وبجذبه منه فإن لم يقدر إلا بمقاتلة وسلاح فيتركه، وذلك إنما هو إلى السلطان، لأن شهر السلاح بين الناس قد يكون مخرجا إلى الفتنة وآئلا إلى فساد أكثر من الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، مثل أن يرى عدوا يقتل عدوا فينزعه منه ولا يستطيع الا بدفعه ويتحقق أنه لو تركه قتله، وهو قادر على نزعه ولا يسلمه بحال وليخرج السلاح.
المسألة الخامسة: فى هذه الآية دليل على مسالة اختلف فيها العلماء، وهى إذا رأى مسلم فحلا يصول على مسلم فإنه يلزمه أن يدفعه عنه، وإن أدى إلى قتله ولا ضمان على قاتله حينئذ، سواء كان القاتل له هو الذى صال عليه الفحل أو معينا له من الخلق وذلك إنه إذا دفعه عنه فقد قام بفرض يلزم جميع المسلمين فناب عنهم فيه، ومن جملتهم مالك الفحل فكيف يكون نائبا عنه فى قتل الصائل ويلزمه ضمانه؟
وقال أبو حنيفة: يلزمه الضمان، وقد بيناها فى مسائل الخلاف.
المسألة السادسة: فى هذه الآية دليل على تعظيم هذه الأمة وكذلك فى قوله سبحانه:
كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ.