الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ونأخذ عليه: أن أسلوبه يعلو على مستوى العامة، حيث حشد مفسره فيه ألوانا من العلوم المتعلقة بالقرآن لا يفهمها إلا من عنده فكرة سابقة عنها .. وفى آية المائدة التى ذكرناها سابقا يذكر آراء عن الحسن وعن وهب وعن غيرهما دون أن يوجه نظره إلى ما رواه الترمذى بسنده عن عمار بن ياسر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(انزلت المائدة من السماء خبزا ولحما .. الخ الحديث) ..
والواقع أنه على الرغم من منزلة الإمام النسفى الكبرى فإن مكانته فى علم الكلام هى مناط شهرته، ومصدر ذيوع صيته، أما تفسيره على ما له من مكانة كبيرة لا تنكر، ومن منزلة سامية لا يشك فيها، فإنه- كان فيه عالة على تفسير الإمام البيضاوى، وعلى تفسير الإمام الزمخشرى، فى مجال معين هو مجال الجوانب البلاغية التى برع فيها جار الله الزمخشرى ولم يجاره فيها مجار والإمام النسفى وإن كان عنى عناية بالغة بالرد على الإمام الزمخشرى فإنه تبنى كل ما كتبه الإمام الزمخشرى تقريبا فى البلاغة القرآنية.
ورحم الله الإمام النسفى رحمة واسعة جزاء زهده ونشره للعلم فقها وأصولا وكلاما وتفسيرا.
نماذج من تفسير النسفى
1 -
يقول الله تعالى:
وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ، وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهارُ، خالِدِينَ فِيها أَبَداً ذلِكَ الْفَوْزُ
الْعَظِيمُ
(سورة التوبة لآية 100)
«والسّابقون» مبتدأ، (الأولون) صفة لهم (من المهاجرين) تبيين لهم وهم الذين صلوا إلى القبلتين، أو الذين شهدوا بدرا، أو بيعة- الرضوان (والأنصار) عطف على المهاجرين، أى ومن الأنصار، وهم أهل بيعة العقبة الأولى، وكانوا سبعة نفر، وأهل العقبة الثانية وكانوا سبعين (والّذين اتبعوهم بإحسان) من المهاجرين والأنصار، فكانوا سائر الصحابة، وقيل:
هم الذين اتبعوهم بالايمان والطاعة إلى يوم القيامة، والخبر (رضى الله عنهم) بأعمالهم الحسنة (ورضوا عنه) بما أفاض عليهم من نعمته الدينية والدنيوية (وأعدلهم) عطف على رضى (جنّات تجرى تحتها الأنهار) من تحتها مكى (خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم).
2 -
يقول الله تعالى:
لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ، فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (سورة التوبة الآية 128 و 129)«لقد جاءكم رسول» محمد صلى الله عليه وسلم (من أنفسكم) من جنسكم، ومن نسبكم، عربى قرشى مثلكم (عزيز عليه ما عنتم) شديد عليه شاق- لكونه بعضا منكم- عنتم لقاؤكم المكروه، فهو يخاف عليكم الوقوع فى العذاب (حريص عليكم) على ايمانكم (بالمؤمنين) منكم ومن غيركم (رءوف رحيم) قيل: لم يجمع الله اسمين من أسمائه لأحد غير رسول الله صلى الله عليه وسلم (فإن تولوا) فإن أعرضوا عن الأيمان بك وناصبوك (فقل حسبى الله) فاستعن بالله وفوض إليه أمورك، فهو كافيك وناصرك عليهم (لا اله إلا هو عليه توكلت) فوضت أمرى إليه (وهو رب العرش) هو أعظم خلق الله، خلق مطافا لأهل السماء، وقبلة للدعاء (العظيم) بالجر وقرئ بالرفع على نعت الرب جل وعز، عن أبى: آخر آية نزلت: لقد جاءكم رسول من أنفسكم، الآية.