الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النيسابورى المتوفى سنة 728 ه
ـ
هو الإمام الكبير، والعالم الشهير، نظام الدين الحسن بن محمد بن الحسين الخراسانى النيسابورى.
ولد نيسابورى وأقام بمدينة «قم» وكان منشؤه وموطنه بديار نيسابور ..
كان ملما بالعلوم العقلية والنقلية، عارفا باللغة العربية، متمكنا من ناحية التعبير عارفا بالتأويل والتفسير، واعيا بالقراءات، وضم إلى ذلك الشهرة العلمية الواسعة على جانب كبير من الورع والتقوى، ومعرفة واسعة بالتصوف وعلوم الاشارات.
كانت له كتب مفيدة، وآثار جيدة، ثلاثة كتب فى التفسير: كبير ومتوسط وموجز ومنها كتاب تعبير التحرير شرح لتحرير المجسطى للطوسي، وتوضيح التذكرة النصيرية فى الهيئة هذا فضلا عما كتبه فى أوقاف القرآن ..
تفسير النيسابورى
ومن أهم كتب النيسابورى تفسيره المشهور: غرائب القرآن ورغائب الفرقان الذى الفه رغبة فى تيسير القرآن للدارسين، ومساعدة الراغبين فى فهمه، والتعرف على ما يمكن التعرف عليه من اسراره ..
وقد بين السبب فى قيامه بتأليفه فقال:
وإذ وفقنى الله تعالى لتحريك القلم فى أكثر الفنون المنقولة والمعقولة، كما اشتهر بحمد الله تعالى ومنه فيما بين أهل الزمان، وكان علم التفسير من العلوم بمنزلة، الانسان من العين والعين من الانسان، وكان قد رزقنى الله تعالى من إبان الصبا وعنفوان الشباب حفظ لفظ القرآن، وفهم معنى الفرقان، وطالما
طالبنى بعض أجلة الاخوان، وأعزة الأخدان، ممن كنت مشارا إليه عندهم بالبنان فى البيان، والله المنان، يجازيهم عن حسن ظنونهم، ويوفقنا لا سعاف سؤلهم وانجاح مطلوبهم، ان اجمع كتابا فى علم التفسير، مشتملا على المهمات، مبينا على ما وقع لنا من نقل الاثبات وأقوال الثقات، من الصحابة والتابعين، ثم من العلماء الراسخين، والفضلاء المحققين المتقدمين والمتأخرين، جعل الله تعالى سعيهم مشكورا، وعملهم مبرورا، فاستعنت بالمعبود وشرعت فى المقصود، معترفا بالعجز والقصور فى هذا الفن وفى سائر الفنون ..
ثم ذكر أهم المراجع التى اعتمد عليها فى اعداد تفسيره فقال:
ولما كان التفسير الكبير المنسوب إلى الإمام الافضل، والهمام الامثل، الحبر النحرير، والبحر الغزير، الجامع بين المعقول والمنقول، الفائز بالفروع والأصول، أفضل المتأخرين، فخر الملة والحق والدين، محمد بن عمر بن الحسن الخطيب الرازى، تغمده الله برضوانه وأسكنه بحبوحة جنانه، اسمه مطابق لمسماه، وفيه من اللطائف والبحوث ما لا يحصى، ومن الزوائد والفنون ما لا يخفى، فإنه قد بذل مجهوده، ونثل موجوده، حتى عسر كتابه على الطالبين، واعوز تحصيله على الراغبين، فحاذيت سياق مرامه، وأوردت حاصل كلامه وقربت مسالك أقدامه، والتقطت عقود نظامه، من غير اخلال بشيء من الفرائد، واهمال لما يعد من اللطائف والفوائد، وضمت إليه، ما وجدت فى الكشاف وفى سائر التفاسير من اللطائف المهمات إذ رزقنى الله تعالى من البضاعة المزجاة، وأثبت القراءات المعتبرات والوقوف المعللات ثم التفسير المشتمل على المباحث اللفظيات والمعنويات، مع اصلاح ما يجب اصلاحه، وإتمام ما ينبغى إتمامه، من المسائل الموردة فى التفسير الكبير والاعتراضات، ومع حل ما يوجد فى الكشاف من المواضع المعضلات، سوى الابيات المعقدات، فان ذلك يوردها من ظن أن تصحيح القراءات وغرائب القرآن انما يكون بالامثال والمستشهدات، كلا فان القرآن حجة على غيره وليس غيره عليه، فلا علينا أن نقتصر فى غرائب القرآن على تفسيرها
بالألفاظ المشتهرات وعلى ايراد بعض المتجانسات، التى تعرف منها أصول الاشتقاقات، وذكرت طرفا من الاشارات المقنعات والتأويلات الممكنات، والحكايات المبكيات، والمواعظ الرادعة عن المنهيات الباعثة على أداء الواجبات ..
ثم قال مبينا منهجه فى التفسير:
«والتزمت ايراد لفظ القرآن الكريم أولا مع ترجمته على وجه بديع، وطريق منيع مشتمل على ابراز المقدرات، واظهار المضمرات، وتأويل المتشابهات، وتصريح الكنايات وتحقيق المجازات والاستعارات، فان هذا النوع من الترجمة مما تسكب فيه العبرات، ويزل المترجمون هنالك إلى العثرات، وقلما يفطن له الناشئ الواقف على متن اللغة العربية، فضلا عن الدخيل القاصر فى العلوم الأدبية، واجتهدت كل الاجتهاد فى تسهيل سبيل الرشاد. ووضعت الجميع على طرف التمام ليكون الكتاب كالبدر فى التمام، وكالشمس فى افادة الخاص والعام، من غير تطويل يورث الملام، ولا تقصير يوعر مسالك السالك ويبدد نظام الكلام، فخير الكلام ما قل ودل، وحسبك من الزاد ما بلغك المحل.
وقد قدم لتفسيره بمقدمات هامة:
المقدمة الاولى: فى فضل القراءة والقارئ وآداب القراءة وجواز اختلاف القراءات وذكر القراء المشهورين المعتبرين.
المقدمة الثانية: فى الكلام على الاستعاذة المندوب إليها فى قوله عز من قائل: (فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم).
المقدمة الثالثة: فى فوائد مهمة تتصل بتواتر القراءات السبع، والكلام على نزول القرآن على سبعة أحرف.
المقدمة الرابعة فى كيفية جمع القرآن ..
المقدمة الخامسة فى معانى المصحف والكتاب والقرآن والسورة والآية والكلمة والحرف وغير ذلك.
المقدمة السادسة: فى ذكر السبع الطوال والمثانى والمئين والطواسيم والحواميم والمفصل والمسبحات وغير ذلك.
المقدمة السابعة: فى ذكر الحروف التى كتب بعضها على خلاف بعض فى المصحف وهى فى الأصل واحدة المقدمة الثامنة: فى أقسام الوقف.
المقدمة التاسعة: فى تقسيمات يعرف منها اصطلاحات مهمة المقدمة العاشرة: فى أن كلام الله تعالى قديم أولا المقدمة الحادية عشرة: فى كيفية استنباط المسائل الكثيرة من الألفاظ القليلة.
ويبدأ بعد ذلك فى تفسيره على ما رسمه فى مقدمته.
أنه يبدا بكتابة مجموعة من الآيات ثم يتحدث عما فيها من القراءات، وما تشتمل عليه من الوقوف ثم يبدأ التفسير، وغالبا ما يعقب بالتأويل.
ولتعرض نموذجا صغيرا من تفسيره فى قول الله تعالى:
يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ. وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً وَلا يُقْبَلُ مِنْها شَفاعَةٌ وَلا يُؤْخَذُ مِنْها عَدْلٌ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ.
(سورة البقرة الآية 48) القراءات:
ولا تقبل بالتاء الفوقانية (قراءة) ابن كثير وأبو عمرو وسهل ويعقوب
الوقوف:
العالمين (.)(أى آخر آية) ينصرون (.)
التفسير (ولطول الكلام فيه سنوجزه فيما يأتى):
إنما أعاد سبحانه هذا الكلام توكيدا للحجة، وتحذيرا من ترك اتباع محمد صلى الله عليه وسلم، كأنه قال: ان لم تطيعونى لاجل سوالف نعمتى عليكم، فاطيعونى للخوف من عقابى فى المستقبل.
والمراد بالعالمين هاهنا: الجم الغفير من الناس، كقوله بارَكْنا فِيها لِلْعالَمِينَ سورة الانبياء (71) ويمكن أن يكون المراد: فضلتكم على عالمى زمانكم، لان الشخص الذى سيوجد بعد ذلك لا يكون من جملة العالمين ويحتمل ان يكون لفظ العالمين عاما للموجودين ولمن سيوجد، لكنه مطلق فى الفضل، والمطلق يكفى فى صدقه صورة واحدة.
2 -
قال تعالى: إِنَّا أَرْسَلْناكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلا تُسْئَلُ عَنْ أَصْحابِ الْجَحِيمِ (سورة البقرة: 119) القراءات:- «ولا تسئل» على النهى نافع ويعقوب، للباقون بضم التاء، ورفع اللام على الخبر.
الوقوف:- «ونذيرا ولا» للعطف: أى نذيرا، وغير مسئول إلا لمن قرأ (ولا تسأل) على النهى لاختلاف الجملتين (الجحيم) تمام الآية.
التفسير:
لما بين غاية اصرارهم على العناد، وتصميمهم على الكفر بعد نزول ما يكفى فى باب الاقتداء والاهتداء من الآيات البينات، اراد أن يسلى
ويسرى عن رسوله لئلا يضيق صدره فقال: إِنَّا أَرْسَلْناكَ يا محمد (بالحق) والصواب ما تقتضيه الحكمة، وهو أن لا يكون لك أن تجبرهم على الايمان بل لا يتجاوز حالك عن أن تكون (بشيرا) لمن اتبعك بكل خير (ونذيرا) لمن خالفك بكل سوء فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَراتٍ (سورة فاطر: 8) انك غير مسئول عَنْ أَصْحابِ الْجَحِيمِ «سورة
البقرة: 119» وهو من أسماء النار وكل نار عظيمة فى مهواة فهى جحيم، من قوله تعالى:- قالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْياناً فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ.
(سورة الصافات: 77) والجاحم: المكان الشديد الحر، وهذا كقوله فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسابُ (سورة الرعد: 40) وأما قراءة النهى، فيروى أنه قال: «ليت شعرى ما فعل أبواى؟ «فنهى عن السؤال عن أحوال الكفرة والاهتمام بأعداء الله، وفى هذه الرواية بعد «لان سياق الكلام ينبو عن ذلك ولانه صلى الله عليه وسلم مع علمه الاجمالى بحال الكفار كيف يتمنى ذلك؟
والاقرب أن معناه تعظيم ما وقع فيه الكفار من المحن كما إذا سألت عمن وقع فى بلية، فيقال لك. لا تسأل عنه، فكأن المسئول يحرج أن يجرى على لسانه ما هو فيه لفظاعته، أو يرى أنك لا تقدر على استماع خبره، لانه يورث الوحشة والضجر ..