الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَهُوَ ابْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ - حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي عَامِرُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ سَعْدٍ أَنَّهُ قَالَ:«أَعْطَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَهْطًا وَأَنَا جَالِسٌ فِيهِمْ، قَالَ: فَتَرَكَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْهُمْ رَجُلًا لَمْ يُعْطِهِ، وَهُوَ أَعْجَبُهُمْ إِلَيَّ، فَقُمْتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَسَارَرْتُهُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ مَا لَكَ عَنْ فُلَانٍ، وَاللهِ إِنِّي لَأَرَاهُ مُؤْمِنًا قَالَ: أَوْ مُسْلِمًا فَسَكَتُّ قَلِيلًا، ثُمَّ غَلَبَنِي مَا أَعْلَمُ مِنْهُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ مَا لَكَ عَنْ فُلَانٍ، فَوَاللهِ إِنِّي لَأَرَاهُ مُؤْمِنًا قَالَ: - أَوْ مُسْلِمًا - فَسَكَتُّ قَلِيلًا، ثُمَّ غَلَبَنِي مَا أَعْلَمُ مِنْهُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ مَا لَكَ عَنْ فُلَانٍ، فَوَاللهِ إِنِّي لَأَرَاهُ مُؤْمِنًا قَالَ: أَوْ مُسْلِمًا قَالَ: إِنِّي لَأُعْطِي الرَّجُلَ، وَغَيْرُهُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْهُ خَشْيَةَ أَنْ يُكَبَّ فِي النَّارِ عَلَى وَجْهِهِ» وَفِي حَدِيثِ الْحُلْوَانِيِّ تَكْرَارُ الْقَوْلِ مَرَّتَيْنِ.
(000)
حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، (ح) وَحَدَّثَنِيهِ زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَخِي ابْنِ شِهَابٍ، (ح) وَحَدَّثَنَاهُ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ قَالَا: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، - كُلُّهُمْ - عَنِ الزُّهْرِيِّ بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَلَى مَعْنَى حَدِيثِ صَالِحٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ،
(000)
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ صَالِحٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ سَعْدٍ يُحَدِّثُ بِهَذَا الْحَدِيثِ يَعْنِي: حَدِيثَ الزُّهْرِيِّ الَّذِي ذَكَرْنَا فَقَالَ فِي حَدِيثِهِ: «فَضَرَبَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدِهِ بَيْنَ عُنُقِي، وَكَتِفِي، ثُمَّ قَالَ: أَقِتَالًا؟ أَيْ سَعْدُ إِنِّي لَأُعْطِي الرَّجُلَ» .
بَابُ إِعْطَاءِ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ عَلَى الْإِسْلَامِ وَتَصَبُّرِ مَنْ قَوِيَ إِيمَانُهُ
(1059)
حَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى التُّجِيبِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ «أَنَّ أُنَاسًا مِنَ الْأَنْصَارِ قَالُوا: يَوْمَ حُنَيْنٍ حِينَ أَفَاءَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَمْوَالِ هَوَازِنَ مَا أَفَاءَ، فَطَفِقَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُعْطِي رِجَالًا مِنْ قُرَيْشٍ الْمِائَةَ مِنَ الْإِبِلِ،
= يطلع عليه غيره صلى الله عليه وسلم (مالك عن فلان؟ ) صرفت عنه العطاء فلم تعطه (والله إني لأراه مؤمنًا) أعتقد أنه مؤمن كامل الإيمان فهو أحق من غيره، وإنما قال له ذلك لأنه ظن أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يعلم حاله وفضله (أو مسلمًا) أي إن الإيمان أمر خفي لا يعرف، وإنما الذي يعرف هو صلاح الرجل وتقواه وقيامه بأمر الله وطاعته، وهو إسلام، فقل: إني لأراه مسلمًا، وحيث إن قوله صلى الله عليه وسلم هذا ليس فيه مايدل على عدم استحقاق ذلك الرجل للعطاء فقد عاد سعد لقوله مرة ثانية وثالثة، ثم بين صلى الله عليه وسلم في الأخير أن إيثاره لمن هو دونه بالعطاء ليس لعدم علمه بفضل هذا الرجل، بل سببه تأليف من أعطاه، وخوف ارتداده ووقوعه في النار إن لم يعطه. فالعطاء ليس على حسب الفضائل في الدين.
( .... ) قوله: (أقتالًا يا سعد) أي أتريد أن تصرفني إلى رأيك كرهًا وجدالًا يا سعد. شبه تكراره بالمطالبة بالقتال.
132 -
قوله: (حين أفاء الله
…
إلخ) أي حين جعل الله من أموالهم ما جعله فيئًا على رسوله، والفيء من الغنيمة مالا تلحقه مشقة، وكثيرًا ما يجيء بمعنى الغنيمة مطلقًا، أما هوازن فهي قبيلة مشهورة قاتلت رسول الله يوم حنين مع قبائل أخرى، وكانت أشهرها وأهمها حتى نسبت الحرب إليها، وكانت غزوة حنين في شوال سنة ثمان بعد فتح مكة، وحنين اسم واد وقعت فيه الغزوة (وسيوفنا تقطر من دمائهم) أي قاتلناهم وأرغمناهم على الإسلام حالًا، أي فنحن أحق بالعطاء منهم (من أدمٍ) بفتح الهمزة والدال جمع أديم، وهو الجلد المدبوغ (حديثة أسنانهم) أي =
فَقَالُوا: يَغْفِرُ اللهُ لِرَسُولِ اللهِ، يُعْطِي قُرَيْشًا وَيَتْرُكُنَا، وَسُيُوفُنَا تَقْطُرُ مِنْ دِمَائِهِمْ، قَالَ: أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، فَحُدِّثَ ذَلِكَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ قَوْلِهِمْ، فَأَرْسَلَ إِلَى الْأَنْصَارِ فَجَمَعَهُمْ فِي قُبَّةٍ مِنْ أَدَمٍ، فَلَمَّا اجْتَمَعُوا جَاءَهُمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: مَا حَدِيثٌ بَلَغَنِي عَنْكُمْ، فَقَالَ لَهُ فُقَهَاءُ الْأَنْصَارِ: أَمَّا ذَوُو رَأْيِنَا يَا رَسُولَ اللهِ فَلَمْ يَقُولُوا شَيْئًا، وَأَمَّا أُنَاسٌ مِنَّا حَدِيثَةٌ أَسْنَانُهُمْ قَالُوا: يَغْفِرُ اللهُ لِرَسُولِهِ يُعْطِي قُرَيْشًا، وَيَتْرُكُنَا، وَسُيُوفُنَا تَقْطُرُ مِنْ دِمَائِهِمْ، قَالَ: رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: فَإِنِّي أُعْطِي رِجَالًا حَدِيثِي عَهْدٍ بِكُفْرٍ أَتَأَلَّفُهُمْ أَفَلَا تَرْضَوْنَ أَنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بِالْأَمْوَالِ، وَتَرْجِعُونَ إِلَى رِحَالِكُمْ بِرَسُولِ اللهِ، فَوَاللهِ لَمَا تَنْقَلِبُونَ بِهِ خَيْرٌ مِمَّا يَنْقَلِبُونَ بِهِ، فَقَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ، قَدْ رَضِينَا، قَالَ: فَإِنَّكُمْ سَتَجِدُونَ أَثَرَةً شَدِيدَةً، فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوُا اللهَ وَرَسُولَهُ فَإِنِّي عَلَى الْحَوْضِ، قَالُوا: سَنَصْبِرُ.»
(000)
حَدَّثَنَا حَسَنٌ الْحُلْوَانِيُّ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ قَالَا: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ وَهُوَ ابْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، حَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ:«لَمَّا أَفَاءَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ مَا أَفَاءَ مِنْ أَمْوَالِ هَوَازِنَ، وَاقْتَصَّ الْحَدِيثَ بِمِثْلِهِ غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ أَنَسٌ: فَلَمْ نَصْبِرْ، وَقَالَ: فَأَمَّا أُنَاسٌ حَدِيثَةٌ أَسْنَانُهُمْ»
(000)
وَحَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَخِي ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَمِّهِ قَالَ: أَخْبَرَنِي
أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِمِثْلِهِ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: قَالَ أَنَسٌ: قَالُوا: نَصْبِرُ كَرِوَايَةِ يُونُسَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ.
(000)
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ ابْنُ الْمُثَنَّى: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ قَالَ: سَمِعْتُ قَتَادَةَ يُحَدِّثُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: «جَمَعَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْأَنْصَارَ فَقَالَ: أَفِيكُمْ أَحَدٌ مِنْ غَيْرِكُمْ؟ فَقَالُوا: لَا إِلَّا ابْنُ أُخْتٍ لَنَا فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ ابْنَ أُخْتِ الْقَوْمِ مِنْهُمْ، فَقَالَ: إِنَّ قُرَيْشًا حَدِيثُ عَهْدٍ بِجَاهِلِيَّةٍ، وَمُصِيبَةٍ وَإِنِّي أَرَدْتُ أَنْ أَجْبُرَهُمْ، وَأَتَأَلَّفَهُمْ أَمَا تَرْضَوْنَ أَنْ يَرْجِعَ النَّاسُ بِالدُّنْيَا، وَتَرْجِعُونَ بِرَسُولِ اللهِ إِلَى بُيُوتِكُمْ، لَوْ سَلَكَ النَّاسُ وَادِيًا، وَسَلَكَ الْأَنْصَارُ شِعْبًا لَسَلَكْتُ شِعْبَ الْأَنْصَارِ» .
= أعمارهم، جمع سن (أتألفهم) أي أستميل قلوبهم بالإحسان ليثبتوا على الإسلام رغبة في المال، وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد أعطاهم من الخمس، وكان ربما يعطيهم من الصدقات أيضًا، وكانوا أشراف العرب (إلى رحالكم) أي منازلكم وبيوتكم (أثرة شديدة) الأثرة بفتحتين، قيل: وبضم وسكون أيضًا، والمراد بها الاستبداد بمقاليد الحكومة ومناصبها، وإعطاء تلك المناصب لغيرهم مع كونهم أحق بها وأهلها، ويتبع ذلك لزامًا تفضيل غيرهم عليهم في العطاء من بيت مال المسلمين (فاصبروا حتى تلقوا الله ورسوله) في الآخرة، وحينئذ يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب.
(
…
) (قوله: (قال أنس: فلم نصبر) كأنه يشير إلى ما فرط من بعضهم في الخروج على يزيد ونقض بيعته. وإلا فإنهم صبروا بصفة عامة. رضي الله عنهم ورحمهم وتجاوز عن مسيئهم.
133 -
قوله: (حديث عهد) قال الحافظ: وقع بالإفراد في الصحيحين، والمعروف حديثو عهد، وفعيل يستوي فيه الإفراد وغيره. اهـ ومصيبتهم هي هزيمتهم واحتلال المسلمين ديارهم (أجبرهم) من الجبر والجبور، وهو لم الكسر وضمه وإصلاحه، أي أفعل بهم ما ينجبر به خاطرهم، وينسيهم مصيبتهم (شعبًا) بكر فسكون، هو الطريق أو المكان =
(000)
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ: «لَمَّا فُتِحَتْ مَكَّةُ قَسَمَ الْغَنَائِمَ فِي قُرَيْشٍ فَقَالَتِ الْأَنْصَارُ: إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْعَجَبُ إِنَّ سُيُوفَنَا تَقْطُرُ مِنْ دِمَائِهِمْ، وَإِنَّ غَنَائِمَنَا تُرَدُّ عَلَيْهِمْ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَجَمَعَهُمْ، فَقَالَ: مَا الَّذِي بَلَغَنِي عَنْكُمْ؟ قَالُوا: هُوَ الَّذِي بَلَغَكَ، وَكَانُوا لَا يَكْذِبُونَ، قَالَ: أَمَا تَرْضَوْنَ أَنْ يَرْجِعَ النَّاسُ بِالدُّنْيَا إِلَى بُيُوتِهِمْ، وَتَرْجِعُونَ بِرَسُولِ اللهِ إِلَى بُيُوتِكُمْ، لَوْ سَلَكَ النَّاسُ وَادِيًا، أَوْ شِعْبًا وَسَلَكَتِ الْأَنْصَارُ وَادِيًا، أَوْ شِعْبًا، لَسَلَكْتُ وَادِيَ الْأَنْصَارِ، أَوْ شِعْبَ الْأَنْصَارِ» .
(000)
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَرْعَرَةَ - يَزِيدُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ الْحَرْفَ بَعْدَ الْحَرْفِ - قَالَا: حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: «لَمَّا كَانَ يَوْمُ حُنَيْنٍ أَقْبَلَتْ هَوَازِنُ، وَغَطَفَانُ، وَغَيْرُهُمْ بِذَرَارِيِّهِمْ، وَنَعَمِهِمْ وَمَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَئِذٍ عَشَرَةُ آلَافٍ، وَمَعَهُ الطُّلَقَاءُ، فَأَدْبَرُوا عَنْهُ حَتَّى بَقِيَ وَحْدَهُ، قَالَ: فَنَادَى يَوْمَئِذٍ نِدَاءَيْنِ لَمْ يَخْلِطْ بَيْنَهُمَا شَيْئًا، قَالَ: فَالْتَفَتَ عَنْ يَمِينِهِ فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ، فَقَالُوا: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ، أَبْشِرْ نَحْنُ مَعَكَ، قَالَ: ثُمَّ الْتَفَتَ عَنْ يَسَارِهِ، فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ قَالُوا: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ
أَبْشِرْ نَحْنُ مَعَكَ قَالَ: وَهُوَ عَلَى بَغْلَةٍ بَيْضَاءَ فَنَزَلَ فَقَالَ: أَنَا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، فَانْهَزَمَ الْمُشْرِكُونَ، وَأَصَابَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم غَنَائِمَ كَثِيرَةً فَقَسَمَ فِي الْمُهَاجِرِينَ، وَالطُّلَقَاءِ، وَلَمْ يُعْطِ الْأَنْصَارَ شَيْئًا، فَقَالَتِ الْأَنْصَارُ: إِذَا كَانَتِ الشِّدَّةُ فَنَحْنُ نُدْعَى، وَتُعْطَى الْغَنَائِمُ غَيْرَنَا، فَبَلَغَهُ ذَلِكَ، فَجَمَعَهُمْ فِي قُبَّةٍ فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ مَا حَدِيثٌ بَلَغَنِي عَنْكُمْ فَسَكَتُوا، فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ أَمَا تَرْضَوْنَ أَنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بِالدُّنْيَا، وَتَذْهَبُونَ بِمُحَمَّدٍ تَحُوزُونَهُ إِلَى بُيُوتِكُمْ قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ، رَضِينَا، قَالَ: فَقَالَ: لَوْ سَلَكَ النَّاسُ وَادِيًا وَسَلَكَتِ الْأَنْصَارُ شِعْبًا، لَأَخَذْتُ شِعْبَ الْأَنْصَارِ قَالَ هِشَامٌ: فَقُلْتُ: يَا أَبَا حَمْزَةَ أَنْتَ شَاهِدٌ ذَاكَ؟ قَالَ: وَأَيْنَ أَغِيبُ عَنْهُ.»
= المنفرج في الجبل.
134 -
قوله: (لما فتحت مكة قسم الغنائم في قريش) فيه اختصار ظاهر، أي لما فتحت مكة ثم حنين قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم غنائم حنين في قريش يعني من الخمس.
135 -
قوله: (بذراريهم) جمع ذرية، أي بأولادهم ونسائهم (ونعمهم) بفتحتين، واحد جمعه الأنعام، أي بمواشيهم من الإبل والغنم (ومعه الطلقاء) أي سوى الآلاف العشرة، وكانوا ألفين، فكان المجموع اثني عشر ألفًا، والطلقاء جمع طليق، وهم الذين أسلموا يوم فتح مكة، سموا بذلك لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم منَّ عليهم يوم الفتح، فلم يأسرهم ولم يقتلهم، بل قال لهم: لا تثريب عليكم اليوم، اذهبوا فأنتم الطلقاء (فأدبروا عنه) أي ولوا أدبارهم، وفروا من ميدان القتال، وتركوا رسول الله صلى الله عليه وسلم (حتى بقي وحده) أي مع بعض من كان معه من البداية، وذلك حين رشقت هوازن المسلمين بالنبال، وشدوا عليهم شدة رجل واحد، بينما كان المسلمون نازلين في حنين في عماية الصبح (فانهزم المشركون) أي بعد أن رجع المسلمون، وكروا عليهم، وحمي الوطيس، أي اشتدت الحرب (غنائم كثيرة) ستة آلاف سبي، وأربعة وعشرون ألف بعير، وأكثر من أربعين ألف غنم، وأربعة آلاف أوقية فضة، على ما يقوله أهل السير (فقسم في المهاجرين والطلقاء، ولم يعط الأنصار شيئًا) أي من الخمس، أما بقية الغنيمة - وهو حق =
(000)
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُعَاذٍ، وَحَامِدُ بْنُ عُمَرَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ ابْنُ مُعَاذٍ: حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: حَدَّثَنِي السُّمَيْطُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ:«افْتَتَحْنَا مَكَّةَ، ثُمَّ إِنَّا غَزَوْنَا حُنَيْنًا فَجَاءَ الْمُشْرِكُونَ بِأَحْسَنِ صُفُوفٍ رَأَيْتُ قَالَ: فَصُفَّتِ الْخَيْلُ، ثُمَّ صُفَّتِ الْمُقَاتِلَةُ، ثُمَّ صُفَّتِ النِّسَاءُ مِنْ وَرَاءِ ذَلِكَ، ثُمَّ صُفَّتِ الْغَنَمُ، ثُمَّ صُفَّتِ النَّعَمُ، قَالَ: وَنَحْنُ بَشَرٌ كَثِيرٌ قَدْ بَلَغْنَا سِتَّةَ آلَافٍ، وَعَلَى مُجَنِّبَةِ خَيْلِنَا خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ قَالَ: فَجَعَلَتْ خَيْلُنَا تَلْوِي خَلْفَ ظُهُورِنَا، فَلَمْ نَلْبَثْ أَنِ انْكَشَفَتْ خَيْلُنَا وَفَرَّتِ الْأَعْرَابُ وَمَنْ نَعْلَمُ مِنَ النَّاسِ، قَالَ: فَنَادَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَالَ الْمُهَاجِرِينَ يَالَ الْمُهَاجِرِينَ ثُمَّ قَالَ: يَالَ الْأَنْصَارِ يَالَ الْأَنْصَارِ قَالَ: قَالَ أَنَسٌ: هَذَا حَدِيثُ عِمِّيَّةٍ قَالَ: قُلْنَا لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ: فَتَقَدَّمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: فَايْمُ اللهِ مَا أَتَيْنَاهُمْ حَتَّى هَزَمَهُمُ اللهُ، قَالَ: فَقَبَضْنَا ذَلِكَ الْمَالَ، ثُمَّ انْطَلَقْنَا إِلَى الطَّائِفِ فَحَاصَرْنَاهُمْ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً، ثُمَّ رَجَعْنَا إِلَى مَكَّةَ، فَنَزَلْنَا قَالَ: فَجَعَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُعْطِي الرَّجُلَ الْمِائَةَ مِنَ الْإِبِلِ، » ثُمَّ ذَكَرَ بَاقِيَ الْحَدِيثِ كَنَحْوِ حَدِيثِ قَتَادَةَ، وَأَبِي التَّيَّاحِ، وَهِشَامِ بْنِ زَيْدٍ.
(1060)
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُمَرَ الْمَكِّيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعِيدِ
بْنِ مَسْرُوقٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبَايَةَ بْنِ رِفَاعَةَ، عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ قَالَ: «أَعْطَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَبَا سُفْيَانَ بْنَ حَرْبٍ، وَصَفْوَانَ بْنَ أُمَيَّةَ، وَعُيَيْنَةَ بْنَ حِصْنٍ، وَالْأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ كُلَّ إِنْسَانٍ مِنْهُمْ مِائَةً مِنَ الْإِبِلِ، وَأَعْطَى عَبَّاسَ بْنَ مِرْدَاسٍ دُونَ ذَلِكَ، فَقَالَ عَبَّاسُ بْنُ مِرْدَاسٍ:
= المجاهدين - فقد قسم على الجميع (تحوزونه) أي تضمونه (يا أبا حمزة! ) كنية أنس بن مالك رضي الله عنه.
136 -
قوله: (ثم صفت النعم) النعم أكثر ما يطلق على الإبل، وهو المراد هنا (قد بلغنا ستة آلاف) هذا وهم، والصحيح اثنا عشر ألفًا مع الطلقاء (وعلى مجنبة خيلنا) مجنبة بضم ففتح فتشديد مع الكسر، قال شمر: المجنبة هي الكتيبة من الخيل التي تأخذ جانب الطريق الأيمن، وهما مجنبتان: ميمنة وميسرة بجانبي الطريق، والقلب بينهما (فجعلت خيلنا تلوي خلف ظهورنا) أي فجعلت فرساننا يعطفون أفراسهم خلف ظهورنا (أن انكشفت خيلنا) أن انهزمت (ومن نعلم من الناس) يعني عامة الجيش (يال المهاجرين
…
إلخ) هكذا في جميع النسخ في المواضع الأربعة: يال بلام مفصولة مفتوحة، والمعروف وصلها بلام التعريف التي بعدها. قاله النووي. وهي لام الجر تفتح في المستغاث به فرقا بينها وبين لام المستغاث له، فيقال: يالزيد لعمرو. بفتح في الأولى وكسر في الثانية (هذا حديث عمية) قال النووي: هذه اللفظة ضبطوها في صحيح مسلم على أوجه. أحدهما عمية بكسر العين والميم، وتشديد الميم والياء، وفسر بالشدّة. والثاني عمية كذلك إلا أنه بضم العين. والثالث عميه بفتح العين وكسر الميم المشددة وتخفيف الياء، وبعدها هاء السكت: أي حدثني به عمي، وقال القاضي على هذا الوجه: معناه عندي: جماعتي. أي هذا حديثهم. قال صاحب العين: العم: الجماعة. قال القاضي: وهذا أشبه بالحديث. الوجه الرابع كذلك إلا أنه بتشديد الياء، ومعناه: عمومتي. أي هذا الحديث حدثني به أعمامي، كأنه حدث بأول الحديث عن مشاهدة. ثم لعله لم يضبط لتفرق الناس، فحدثه به من شهده من أعمامه أو جماعه، ولهذا قال بعده: قلنا لبيك يا رسول الله. انتهى كلام النووي باختصار.
137 -
قوله: (وعيينة بن حصن) بن حذيفة بن بدر الفزاري رئيس بني غطفان (والأقرع بن حابس) التميمي رئيس بني تميم (عباس بن مرداس) السلمي رئيس بني سليم (ونهب العبيد) النهب هنا الغنيمة، والعبيد بالتصغير: اسم فرس عباس بن مرداس (فما كان بدر) جد عيينة، وعند ابن إسحاق:"وما كان حصن" وهو والد عيينة (ولا حابس) والد الأقرع (يفوقان مرداس) والد عباس القائل لهذه الأبيات.
أَتَجْعَلُ نَهْبِي، وَنَهْبَ الْعُبَيْدِ
…
... بَيْنَ عُيَيْنَةَ، وَالْأَقْرَعِ
فَمَا كَانَ بَدْرٌ، وَلَا حَابِسٌ
…
... يَفُوقَانِ مِرْدَاسَ فِي الْمَجْمَعِ
وَمَا كُنْتُ دُونَ امْرِئٍ مِنْهُمَا
…
... وَمَنْ تَخْفِضِ الْيَوْمَ لَا يُرْفَعِ
قَالَ: فَأَتَمَّ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِائَةً.»
(000)
وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ الضَّبِّيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَسَمَ غَنَائِمَ حُنَيْنٍ فَأَعْطَى أَبَا سُفْيَانَ بْنَ حَرْبٍ مِائَةً مِنَ الْإِبِلِ، وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِنَحْوِهِ، وَزَادَ وَأَعْطَى عَلْقَمَةَ بْنَ عُلَاثَةَ مِائَةً.
(000)
وَحَدَّثَنَا مَخْلَدُ بْنُ خَالِدٍ الشَّعِيرِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ سَعِيدٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الْحَدِيثِ عَلْقَمَةَ بْنَ عُلَاثَةَ، وَلَا صَفْوَانَ بْنَ أُمَيَّةَ، وَلَمْ يَذْكُرِ الشِّعْرَ فِي حَدِيثِهِ.
(1061)
حَدَّثَنَا سُرَيْجُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى بْنِ عُمَارَةَ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ زَيْدٍ «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا فَتَحَ حُنَيْنًا قَسَمَ الْغَنَائِمَ، فَأَعْطَى الْمُؤَلَّفَةَ قُلُوبُهُمْ، فَبَلَغَهُ أَنَّ الْأَنْصَارَ يُحِبُّونَ أَنْ يُصِيبُوا مَا أَصَابَ النَّاسُ، فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَخَطَبَهُمْ فَحَمِدَ اللهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ أَلَمْ أَجِدْكُمْ ضُلَّالًا فَهَدَاكُمُ اللهُ بِي، وَعَالَةً فَأَغْنَاكُمُ اللهُ بِي، وَمُتَفَرِّقِينَ فَجَمَعَكُمُ اللهُ بِي، وَيَقُولُونَ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَمَنُّ فَقَالَ: أَلَا تُجِيبُونِي؟ فَقَالُوا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَمَنُّ. فَقَالَ: أَمَا إِنَّكُمْ لَوْ شِئْتُمْ أَنْ تَقُولُوا كَذَا، وَكَذَا، وَكَانَ مِنَ الْأَمْرِ كَذَا، وَكَذَا لِأَشْيَاءَ عَدَّدَهَا - زَعَمَ عَمْرٌو أَنْ لَا يَحْفَظُهَا - فَقَالَ: أَلَا تَرْضَوْنَ أَنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بِالشَّاءِ، وَالْإِبِلِ، وَتَذْهَبُونَ بِرَسُولِ اللهِ إِلَى رِحَالِكُمُ
الْأَنْصَارُ شِعَارٌ، وَالنَّاسُ دِثَارٌ، وَلَوْلَا الْهِجْرَةُ لَكُنْتُ امْرَأً مِنَ الْأَنْصَارِ، وَلَوْ سَلَكَ النَّاسُ وَادِيًا، وَشِعْبًا لَسَلَكْتُ وَادِيَ الْأَنْصَارِ، وَشِعْبَهُمْ، إِنَّكُمْ سَتَلْقَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً، فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي عَلَى الْحَوْضِ».
138 - قوله: (علقمة بن علاثة) العامري، أحد أكابر بني عامر بن صعصعة، كان يتنازع الرياسة هو وغامر بن الطفيل، لكن عامرًا توفي كافرًا.
(
…
) قوله: (مخلد بن خالد) بن يزيد (الشعيري) منسوب إلى الشعير الحب المعروف، أبو محمد العسقلاني، نزيل طرسوس ثقة من العاشرة.
139 -
قوله: (عالة) جمع عائل، وهو الفقير (متفرقين) يعادي بعضكم بعضًا ويقاتله. قال تعالى:{وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا} [آل عمران: 103](أمن) أفعل تفضيل من المن، أي أكثر فضًلا وإحسانًا (أما إنكم لو شئتم أن تقولوا كذا وكذا، وكان من الأمر كذا وكذا) هذا المبهم جاء مبينا عند البخاري وغيره. وهو أنه صلى الله عليه وسلم قال: أما والله لو شئتم لقلتم فلصدقتم ولصدقتم: أتيتنا مكذبًا =