الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إِنَّ اللهَ أَرْسَلَنِي مُبَلِّغًا،
وَلَمْ يُرْسِلْنِي مُتَعَنِّتًا. قَالَ قَتَادَةُ: {صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} : مَالَتْ قُلُوبُكُمَا.
بَابُ الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا لَا نَفَقَةَ لَهَا
(1480)
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ يَزِيدَ مَوْلَى الْأَسْوَدِ بْنِ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ «أَنَّ أَبَا عَمْرِو بْنَ حَفْصٍ طَلَّقَهَا الْبَتَّةَ وَهُوَ غَائِبٌ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا وَكِيلَهُ بِشَعِيرٍ فَسَخِطَتْهُ، فَقَالَ: وَاللهِ مَا لَكِ عَلَيْنَا مِنْ شَيْءٍ، فَجَاءَتْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: لَيْسَ لَكِ عَلَيْهِ نَفَقَةٌ فَأَمَرَهَا أَنْ تَعْتَدَّ فِي بَيْتِ أُمِّ شَرِيكٍ، ثُمَّ قَالَ: تِلْكَ امْرَأَةٌ يَغْشَاهَا أَصْحَابِي، اعْتَدِّي عِنْدَ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ، فَإِنَّهُ رَجُلٌ أَعْمَى تَضَعِينَ ثِيَابَكِ، فَإِذَا حَلَلْتِ فَآذِنِينِي، قَالَتْ: فَلَمَّا حَلَلْتُ ذَكَرْتُ لَهُ أَنَّ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ وَأَبَا جَهْمٍ خَطَبَانِي، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: أَمَّا أَبُو جَهْمٍ فَلَا يَضَعُ عَصَاهُ عَنْ عَاتِقِهِ، وَأَمَّا مُعَاوِيَةُ فَصُعْلُوكٌ لَا مَالَ لَهُ، انْكِحِي أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ. فَكَرِهْتُهُ، ثُمَّ قَالَ: انْكِحِي أُسَامَةَ فَنَكَحْتُهُ، فَجَعَلَ اللهُ فِيهِ خَيْرًا وَاغْتَبَطْتُ» .
(000)
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ - يَعْنِي: ابْنَ أَبِي حَازِمٍ -،
36 - قوله: (طلقها البتة) أي الطلاق الثالث والأخير الذي بت به النكاح، وقطع به علاقة الزوجية، وليس المراد أنه طلقها بلفظ البتة، كما سيأتي (وهو غائب) كان أنطلق إلى اليمن (فسخطته) أي لم ترض به لكونه أخسأ وأردأ مما كانت تستحقه حسب زعمها (ليس لك عليه نفقة) فيه نفي النفقة عمن طلقت الطلاق الثالث والأخير (فأمرها أن تعتد في بيت أم شريك) وهذا دليل على إسقاط السكنى عن تلك المطلقة، إذ بيت أم شريك غير بيت زوجها، وقد تواردت الأحاديث الآتية على نفي النفقة والسكنى عنها، ويدل سياق معظمها على أن سبب ذلك إنما هو كونها قد طلقت الطلاق الثالث، وليس سبب آخر، وأصرح من ذلك ما رواه النسائي بإسناد صحيح لا مطعن فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها:"إنما النفقة والسكنى للمرأة إذا كان لزوجها عليها الرجعة" وفي لفظ له وللدارقطني: "إنما السكنى والنفقة لمن يملك الرجعة" وإسنادهما صحيح (تلك امرأة يغشاها أصحابي) أي يزورونها ويكثرون التردد إليها (تضعين ثيابك) سيأتي أن المراد به وضع الخمار، وليس وضع عامة الثياب (فإذا حللت) من عدتك وقضيتيها (فآذنيني) من الإيذان، أي أعلميني وأخبريني، وفيه تعريض خفيف بالخطبة، قالوا: ويجوز ذلك إذا كانت بائنًا (فلا يضع عصاه عن عاتقه) أي عن منكبه، ويفسر معناه ما سيجيء في الحديث رقم 47 من قوله صلى الله عليه وسلم:"وأما أبو جهم فرجل ضراب للنساء"(وأما معاوية فصعلوك) بضم الصاد واللام بينهما عين ساكنة، أي فقير في غاية الفقر، وسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء، فقد صار معاوية هذا فيما بعد سادس خلفاء المسلمين، وكان ينثر عليهم المال نثرًا (واغتبطت) بالبناء للمفعول من باب الافتعال من الغبطة، وهي تمني مثل نعمة المغبوط من غير إرادة زوالها عنه، فهى ليس بحسد، والمعنى أن النساء تمنين أن يكون لهن حظ من أزواجهن مثل ما كان لي من أسامة. وهذا يدل على غاية حظوتها عنده. وفي الحديث عدا ما يدل على معنى الباب، جواز الخطبة على خطبة الغير إذا لم يحصل من المرأة وكون أو اتفاق، وجواز بيان ما في الإنسان من العيب أو سوء الخلق وسوء المعاملة، ولكن لا على سبيل الغيبة، بل لنصح من يريد معه معاملة. أما مسألة الباب فقد اختلف العلماء فيها على ثلاثة أقوال. فقال الإمام أحمد وعامة أهل الحديث: إن المطلقة ثلاثًا لا سكنى لها ولا نفقة، وقال الإمام أبو حنيفة وآخرون: لها السكنى والنفقة، وقال الإمام مالك والشافعي: تحب لها السكنى، ولا نققة لها. وسيأتي الكلام على متمسكًا لهم في موضعه.
37 -
قوله: (كليهما) بالياء، منصوب بتقدير أعني (نفقة دون) بالإضافة، والدون: الرديء الحقير (لأعلمن) =
وَقَالَ قُتَيْبَةُ أَيْضًا: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ - يَعْنِي: ابْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقَارِيَّ - كِلَيْهِمَا، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ، «أَنَّهُ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَكَانَ أَنْفَقَ عَلَيْهَا نَفَقَةَ دُونٍ، فَلَمَّا رَأَتْ ذَلِكَ، قَالَتْ: وَاللهِ لَأُعْلِمَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَإِنْ كَانَ لِي نَفَقَةٌ أَخَذْتُ الَّذِي يُصْلِحُنِي، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لِي نَفَقَةٌ لَمْ آخُذْ مِنْهُ شَيْئًا، قَالَتْ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: لَا نَفَقَةَ لَكِ، وَلَا سُكْنَى» .
(000)
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ أَبِي أَنَسٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ أَنَّهُ قَالَ: سَأَلْتُ فَاطِمَةَ بِنْتَ قَيْسٍ، فَأَخْبَرَتْنِي «أَنَّ زَوْجَهَا الْمَخْزُومِيَّ طَلَّقَهَا، فَأَبَى أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهَا، فَجَاءَتْ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرَتْهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: لَا نَفَقَةَ لَكِ، فَانْتَقِلِي، فَاذْهَبِي إِلَى ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ، فَكُونِي عِنْدَهُ، فَإِنَّهُ رَجُلٌ أَعْمَى تَضَعِينَ ثِيَابَكِ عِنْدَهُ» .
(000)
وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ يَحْيَى - وَهُوَ ابْنُ أَبِي كَثِيرٍ -، أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ، أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ قَيْسٍ أُخْتَ الضَّحَّاكِ بْنِ قَيْسٍ أَخْبَرَتْهُ، «أَنَّ أَبَا حَفْصِ بْنَ الْمُغِيرَةِ الْمَخْزُومِيَّ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا، ثُمَّ انْطَلَقَ إِلَى الْيَمَنِ فَقَالَ لَهَا أَهْلُهُ: لَيْسَ لَكِ عَلَيْنَا نَفَقَةٌ، فَانْطَلَقَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ فِي نَفَرٍ، فَأَتَوْا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَيْتِ مَيْمُونَةَ، فَقَالُوا: إِنَّ أَبَا حَفْصٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا، فَهَلْ لَهَا مِنْ نَفَقَةٍ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: لَيْسَتْ لَهَا نَفَقَةٌ، وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ، وَأَرْسَلَ إِلَيْهَا أَنْ لَا تَسْبِقِينِي بِنَفْسِكِ، وَأَمَرَهَا أَنْ تَنْتَقِلَ إِلَى أُمِّ شَرِيكٍ، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَيْهَا: أَنَّ أُمَّ شَرِيكٍ يَأْتِيهَا الْمُهَاجِرُونَ الْأَوَّلُونَ، فَانْطَلِقِي إِلَى ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ الْأَعْمَى، فَإِنَّكِ إِذَا وَضَعْتِ خِمَارَكِ لَمْ يَرَكِ، فَانْطَلَقَتْ إِلَيْهِ، فَلَمَّا مَضَتْ عِدَّتُهَا أَنْكَحَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أُسَامَةَ بْنَ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ» .
(000)
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَابْنُ حُجْرٍ قَالُوا: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ - يَعْنُونَ: ابْنَ جَعْفَرٍ -، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ. ح
(000)
وَحَدَّثَنَاهُ أَبُو
= من الإعلام، أي لأخبرن. وفي الحديث نفي النفقة والسكنى عمن طلقت الطلاق الثالث.
(
…
) قوله: (لا نفقة لك، فانتقلي) معنى الأمر بالانتقال أنها ليست لها سكنى كما أنها ليست لها نفقة، ففيه أيضًا نفي النفقة والسكنى عمن طلقت الطلاق الثالث (تضعين ثيابك عنده) أي تضعين خمارك دون أن تخافي أنه يراك.
38 -
قوله: (طلقها ثلاثًا) تمسك به من يقول بوقوع الطلقات الثلاث دفعة واحدة. وهو تمسك غريب. لأن قوله: "طلقها ثلاثًا" كما يصح أن يقال لمن طلق الثلاث دفعة واحدة كذلك يصح أن يقال لمن طلق الثلاث في أوقات متفرقة، فمن أين عرف هؤلاء المتمسكون أنه طلقها الثلاث دفعة واحدة؟ بينما هي نفسها تصرح بأنه "طلقها آخر ثلاث تطليقات" وأنه كان قد أرسل إليها "بتطليقة كانت بقيت من طلاقها" كما في الحديثين رقم (40، 41)، ثم في الحديث نفي النفقة صراحة لكونها قد طلقت ثلاثًا، ونفي السكنى أيضًا لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمرها بالانتقال إلى بيت أم شريك ثم إلى بيت ابن أم مكتوم، ولو كانت لها السكنى لم يأمرها بالانتقال، وهو صريح في الحديث السابق رقم 37 وقوله:(لا تسبقيني بنفسك) أي لا تقضي في نفسك شيئًا من قبول الخطبة والتزويج قبل أن تخبريني وتشاوريني. وفيه تعريض خفيف بالخطبة. قال النووي: وهو جائز في عدة الوفاة، وكذا عدة البائن بالثلاث. وفيه قول ضعيف في عدة البائن. والصواب الأول لهذا الحديث. انتهى.
39 -
قوله: (قال: كتبت ذلك من فيها كتابًا) أي قال أبو سلمة: كتبت هذا الحديث أخذًا من فم فاطمة بنت =
بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ قَالَ: كَتَبْتُ ذَلِكَ مِنْ فِيهَا كِتَابًا، قَالَتْ:«كُنْتُ عِنْدَ رَجُلٍ مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ فَطَلَّقَنِي الْبَتَّةَ، فَأَرْسَلْتُ إِلَى أَهْلِهِ أَبْتَغِي النَّفَقَةَ، وَاقْتَصُّوا الْحَدِيثَ بِمَعْنَى حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، غَيْرَ أَنَّ فِي حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو: لَا تَفُوتِينَا بِنَفْسِكِ» .
(000)
حَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ جَمِيعًا، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَخْبَرَهُ، أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ قَيْسٍ أَخْبَرَتْهُ «أَنَّهَا كَانَتْ تَحْتَ أَبِي عَمْرِو بْنِ حَفْصِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، فَطَلَّقَهَا آخِرَ ثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ، فَزَعَمَتْ أَنَّهَا جَاءَتْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَسْتَفْتِيهِ فِي خُرُوجِهَا مِنْ بَيْتِهَا، فَأَمَرَهَا أَنْ تَنْتَقِلَ إِلَى ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ الْأَعْمَى، فَأَبَى مَرْوَانُ أَنْ يُصَدِّقَهُ فِي خُرُوجِ الْمُطَلَّقَةِ مِنْ بَيْتِهَا» . وَقَالَ عُرْوَةُ: إِنَّ عَائِشَةَ
أَنْكَرَتْ ذَلِكَ عَلَى فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ.
(000)
وَحَدَّثَنِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا حُجَيْنٌ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِثْلَهُ مَعَ قَوْلِ عُرْوَةَ: إِنَّ عَائِشَةَ أَنْكَرَتْ ذَلِكَ عَلَى فَاطِمَةَ.
(000)
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ - وَاللَّفْظُ لِعَبْدٍ - قَالَا: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ، «أَنَّ أَبَا عَمْرِو بْنَ حَفْصِ بْنِ الْمُغِيرَةِ خَرَجَ مَعَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ إِلَى الْيَمَنِ، فَأَرْسَلَ إِلَى امْرَأَتِهِ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ بِتَطْلِيقَةٍ كَانَتْ بَقِيَتْ مِنْ طَلَاقِهَا، وَأَمَرَ لَهَا الْحَارِثَ بْنَ هِشَامٍ، وَعَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ بِنَفَقَةٍ، فَقَالَا لَهَا: وَاللهِ مَا لَكِ نَفَقَةٌ إِلَّا أَنْ تَكُونِي حَامِلًا، فَأَتَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَتْ لَهُ قَوْلَهُمَا فَقَالَ: لَا نَفَقَةَ لَكِ. فَاسْتَأْذَنَتْهُ
= قيس، وقوله كتابًا مصدر لكتبت (فطلقني البتة) أي الطلاق الثالث الذي يبت النكاح (غير أن في حديث محمد بن عمرو) أي هذا الذي نحن فيه (لا تفوتينا بنفسك) من الفوات، وذلك بأن تفعل فيها شيئًا من النكاح والتزويج قبل أن تخبر النبي صلى الله عليه وسلم.
40 -
قوله: (في خروجها من بيتها) أي من بيت زوجها الذي كانت فيه (فأبى مروان أن يصدقه) أي يصدق أبا سلمة بن عبد الرحمن الراوي لهذا الحديث عن فاطمة بنت قيس. ولكن إباء مروان لا يقدم شيئًا ولا يؤخر، وأبو سلمة بن عبد الرحمن تابعي جليل، أحل من مروان وأوثق، لا يجوز توهيمه بغير دليل، وقد تلقى هذا الحديث من فاطمة بنت قيس مشافهة، وكتبه عند تلقيه من فمها كتابة، كما تقدم في الطريق السابق، فأنى للوهم أن يسري إليه حتى لا يصدق (إن عائشة أنكرت ذلك على فاطمة بنت قيس) ولكن عائشة أنكرت ذلك بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بزمان، حينما أثيرت هذه المسألة في زمن إمارة مروان على المدينة، فلم تكن رجعت فيها إلى النبي صلى الله عليه وسلم ولا شافهت القضية، وإنما اعتمدت فيها إما على القياس وإما على بلاغات لا ندري كيف بلغتها. أما فاطمة بنت قيس فهي صاحبة القضية: ودارت حولها المسألة، وهي التي استفتت فيها النبي صلى الله عليه وسلم فتعلمت وعملت، فكيف لا يقبل قولها في نفسها، ويقبل فيها قول الآخرين الذين لم يعرفوا القضية إلا من وراء وراء. أو لم يكونوا ولدوا في زمانها؟ إن هذا لأمر عجاب.
41 -
قوله: (فأرسل
…
بتطليقة كانت بقيت من طلاقها) هذا نص في كونه قد طلق الثلاث متفرقة. وكذا قوله في الحديث السابق رقم 40 "فطلقها آخر ثلاث تطليقات"(فاستأذنته في الانتقال) من بيت زوجها الذي كانت فيه وقت الطلاق (فأرسل إليها مروان) أي زمن إمارته على المدينة (لم نسمع هذا الحديث إلا من امرأة) تعلل بذلك عدم أخذه بحديثها، وهو عذر باطل لا شك فيه. والعلماء قاطبة على خلافه. وكم من سنة تلقاها الأئمة بالقبول عن امرأة =
فِي الِانْتِقَالِ، فَأَذِنَ لَهَا، فَقَالَتْ: أَيْنَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ فَقَالَ: إِلَى ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ، وَكَانَ أَعْمَى، تَضَعُ ثِيَابَهَا عِنْدَهُ وَلَا يَرَاهَا، فَلَمَّا مَضَتْ عِدَّتُهَا أَنْكَحَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا مَرْوَانُ، قَبِيصَةَ بْنَ ذُؤَيْبٍ يَسْأَلُهَا عَنِ الْحَدِيثِ، فَحَدَّثَتْهُ بِهِ، فَقَالَ مَرْوَانُ: لَمْ نَسْمَعْ هَذَا الْحَدِيثَ إِلَّا مِنِ امْرَأَةٍ سَنَأْخُذُ بِالْعِصْمَةِ الَّتِي وَجَدْنَا النَّاسَ عَلَيْهَا. فَقَالَتْ فَاطِمَةُ حِينَ بَلَغَهَا قَوْلُ مَرْوَانَ: فَبَيْنِي وَبَيْنَكُمُ الْقُرْآنُ، قَالَ اللهُ عز وجل:{لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ} الْآيَةَ. قَالَتْ: هَذَا لِمَنْ كَانَتْ لَهُ مُرَاجَعَةٌ، فَأَيُّ أَمْرٍ يَحْدُثُ بَعْدَ الثَّلَاثِ؟ فَكَيْفَ تَقُولُونَ: لَا نَفَقَةَ لَهَا إِذَا لَمْ تَكُنْ حَامِلًا؟ فَعَلَامَ تَحْبِسُونَهَا.؟ »
(000)
حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا سَيَّارٌ، وَحُصَيْنٌ، وَمُغِيرَةُ، وَأَشْعَثُ، وَمُجَالِدٌ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، وَدَاوُدُ، كُلُّهُمْ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ:«دَخَلْتُ عَلَى فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ، فَسَأَلْتُهَا عَنْ قَضَاءِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَيْهَا، فَقَالَتْ: طَلَّقَهَا زَوْجُهَا الْبَتَّةَ، فَقَالَتْ: فَخَاصَمْتُهُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي السُّكْنَى وَالنَّفَقَةِ، قَالَتْ: فَلَمْ يَجْعَلْ لِي سُكْنَى وَلَا نَفَقَةً، وَأَمَرَنِي أَنْ أَعْتَدَّ فِي بَيْتِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ» .
(000)
وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ حُصَيْنٍ، وَدَاوُدَ، وَمُغِيرَةَ، وَإِسْمَاعِيلَ، وَأَشْعَثَ، عَنِ
الشَّعْبِيِّ أَنَّهُ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ بِمِثْلِ حَدِيثِ زُهَيْرٍ عَنْ هُشَيْمٍ.
(000)
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَبِيبٍ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ الْهُجَيْمِيُّ، حَدَّثَنَا قُرَّةُ،
= واحدة من الصحابة. وهذه مسانيد نساء الصحابة لا تشاء أن ترى فيها سنة تفردت بها امرأة منهن إلا رأيتها، فما ذنب فاطمة بنت قيس دون نساء العالمين؟ (سنأخذ بالعصمة) أي بالثقة والأمر القوي الذي (وجدنا الناس عليها) يشير إلى أنهم على إيجاب السكنى للمطلقة على زوجها على وجه الإجمال من غير نظر إلى عدد الطلاق، وأخذا بعموم القرآن، فنأخذ في المطلقة ثلاثًا أيضًا بمجمل ما هم عليه، ولا شك أنه مأخذ ضعيف ولا سيما في مقابلة النص، وقد ردت عليه فاطمة بنت قيس بأن الآية التي تأمر بالسكنى، ويظنها مروان عامة لجميع أنواع المطلقات - بما فيهن المطلقة الثلاثة - ليست بعامة، لأن الله يبين علة الأمر بالإسكان بقوله:{لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} [الطلاق: 1] وليس يرجى إلا الرجعة، فالأمر بالإسكان خاص بمن له حق الرجعة، أما الذي طلق الطلاق الثالث وليس له حق الرجعة فأي أمر يحدث له بعده؟ ويؤيد هذا أن الله تعالى قال فيهن:{فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَو فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} [الطلاق: 2] ومعلوم أن الإمساك بمعروف لا يمكن إلا إذا كان لزوجها عليها الرجعة، فإن الإمساك بمعروف هي الرجعة، فعلم أن الأمر بالإسكان في الرجعيات، وليس في البائنات. ثم استدلت عليهم فاطمة بنت قيس بدليل آخر، وهو أنهم ينفون النفقة عن البائنة، فكيف يحبسونها أي يأمرونها بالسكنى، مع أن النفقة والسكنى معروفتان معًا للمعتدة، فإما تجبان معًا أو تسقطان معًا. وأما قوله تعالى:{وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 6] فلا يختص بالبائن، فلا مفهوم له، يعني ليس معناه أنها إذا لم تكن ذات حمل فلا تنفقوا عليهن، بل هي حالة مسكوت عنها، فإن ثبتت لها النفقة - كما في الرجعية - فإنها تثبت بالدليل، وإن انتفت عنها النفقة - كما في البائن - فإنها تنتفي بالدليل، لا بهذه الآية، فلا دليل فيها.
42 -
قوله: (ومجالد) تكلموا فيه وضعفوه، ولكنه لا يضر، لأنه جاء مقرونا مع آخرين، بل هو غير مقصود في الإسناد، وإنما ذكر ضمن الآخرين (طلقها زوجها البتة) تقدم أن معناه طلقها الطلاق الثالث الذي بت النكاح (فخاصمته) أي رفعت أمره إلى رسول الله - صلي الله عليه وسلم -
…
إلخ.
43 -
قوله: (فأتحفتنا) أي قدمت لنا على سبيل التحفة والضيافة (برطب ابن طاب) نوع جيد من رطب المدينة =
حَدَّثَنَا سَيَّارٌ أَبُو الْحَكَمِ، حَدَّثَنَا الشَّعْبِيُّ قَالَ:«دَخَلْنَا عَلَى فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ، فَأَتْحَفَتْنَا بِرُطَبِ ابْنِ طَابٍ، وَسَقَتْنَا سَوِيقَ سُلْتٍ، فَسَأَلْتُهَا عَنِ الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا؛ أَيْنَ تَعْتَدُّ؟ قَالَتْ: طَلَّقَنِي بَعْلِي ثَلَاثًا، فَأَذِنَ لِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ أَعْتَدَّ فِي أَهْلِي» .
(000)
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَابْنُ بَشَّارٍ قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ - عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم «فِي الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا قَالَ: لَيْسَ لَهَا سُكْنَى، وَلَا نَفَقَةٌ».
(000)
وَحَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، حَدَّثَنَا عَمَّارُ بْنُ رُزَيْقٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ قَالَتْ: - «طَلَّقَنِي زَوْجِي ثَلَاثًا، فَأَرَدْتُ النُّقْلَةَ، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: انْتَقِلِي إِلَى بَيْتِ ابْنِ عَمِّكِ عَمْرِو بْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ، فَاعْتَدِّي عِنْدَهُ» .
(000)
وَحَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ جَبَلَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا عَمَّارُ بْنُ رُزَيْقٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ:«كُنْتُ مَعَ الْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ جَالِسًا فِي الْمَسْجِدِ الْأَعْظَمِ وَمَعَنَا الشَّعْبِيُّ، فَحَدَّثَ الشَّعْبِيُّ بِحَدِيثِ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَجْعَلْ لَهَا سُكْنَى وَلَا نَفَقَةً. ثُمَّ أَخَذَ الْأَسْوَدُ كَفًّا مِنْ حَصًى فَحَصَبَهُ بِهِ، فَقَالَ: وَيْلَكَ تُحَدِّثُ بِمِثْلِ هَذَا؟ ! قَالَ عُمَرُ: لَا نَتْرُكُ كِتَابَ اللهِ وَسُنَّةَ نَبِيِّنَا صلى الله عليه وسلم لِقَوْلِ امْرَأَةٍ لَا نَدْرِي لَعَلَّهَا حَفِظَتْ، أَوْ نَسِيَتْ، لَهَا السُّكْنَى وَالنَّفَقَةُ، قَالَ اللهُ عز وجل: {لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ}» .
= (وسقتنا سويق سلت) بضم السين وسكون اللام، على وزن قفل، نوع من الشعير لا يكون فيه إلا قشر خفيف، كأنه الحنطة.
46 -
قوله: (في المسجد الأعظم) يريد مسجد الكوفة، وأبو إسحاق، والأسود بن يزيد والشعبي كلهم كوفيون (فحصبه به) أي ضربه ورماه به، إنكارًا منه على ذكر هذا الحديث، والعجيب من الأسود شدة إنكاره على ذكر هذا الحديث الصحيح المرفوع مع ضعف ما كان يتمسك به الأسود نفسه، وعسى أن يكون الشعبي أجل من الأسود، وأما قول عمر:(لا نترك كتاب الله وسنة نبينا لقول امرأة) فإنه أراد بكتاب الله قوله تعالى: {لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} [الطلاق: 1] وقد عرفت أنه في الرجعيات وليس في البائنات، ولكنه لم ينتبه لذلك، وظن أن الآية عامة لجميع أنواع المطلقات، وكذلك أراد بسنة النبي صلى الله عليه وسلم ما جرى عليه العرف في زمانه صلى الله عليه وسلم من إيجاب النفقة والكسوة للرجعيات، ولم يطلع رضي الله عنه على الفرق بينهن وبين البائنات، فظن أنها عامة لهن وللبائنات، ويدل على هذا المراد قول عمر:(لا ندري لعلها حفظت أو نسيت) لأن معناه أنه لو علم أنها حفظت لتمسك بقولها، ولا يمكن ذلك إلا إذا لم يكن عند عمر كتاب أو سنة تختص بحكم هذا النوع من المطلقات. قال ابن القيم: وقد أنكر الإمام أحمد رحمه الله هذا من قول عمر، وجعل يتبسم ويقول: أين في كتاب الله إيجاب السكنى والنفقة للمطلقة ثلاثًا؟ . قال: وقال أبو الحسن الدارقطني: بل السنة بيد فاطمة بنت قيس قطعًا. اهـ وأما الشك في حفظها فلا محل له قطعًا. فقد احتج الأئمة بحديثها هذا على عشرات من المسائل، فإن الأئمة كلهم احتجوا بهذا الحديث على جواز خطبة الرجل على خطبة أخيه إذا لم تكن المرأة قد ركنت إلى الخاطب الأول، واحتجوا به على جواز بيان ما في الرجل إذا كان على وجه النصيحة لمن استشاره أن يزوجه أو يعامله أو يسافر معه، وأن ذلك ليس بغيبة، واحتجوا به على جواز نكاح القرشية من غير القرشي، واحتجوا به على وقوع الطلاق في حال غيبة أحد الزوجين عن الآخر وأنه لا يشترط حضوره ولا مواجهته به، واحتجوا به على جواز التعريض بخطبة المعتدة البائن، وكانت هذه الأحكام كلها حاصلة ببركة روايتها وصدق =
(000)
وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ الضَّبِّيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ مُعَاذٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ نَحْوَ حَدِيثِ أَبِي أَحْمَدَ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ رُزَيْقٍ بِقِصَّتِهِ.
(000)
وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي الْجَهْمِ بْنِ صُخَيْرٍ (*) الْعَدَوِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ فَاطِمَةَ بِنْتَ قَيْسٍ تَقُولُ: «إِنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا، فَلَمْ يَجْعَلْ لَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم سُكْنَى وَلَا نَفَقَةً. قَالَتْ: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا حَلَلْتِ فَآذِنِينِي، فَآذَنَتْهُ، فَخَطَبَهَا مُعَاوِيَةُ، وَأَبُو جَهْمٍ، وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: أَمَّا مُعَاوِيَةُ فَرَجُلٌ تَرِبٌ لَا مَالَ لَهُ، وَأَمَّا أَبُو جَهْمٍ فَرَجُلٌ ضَرَّابٌ لِلنِّسَاءِ، وَلَكِنْ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، فَقَالَتْ بِيَدِهَا هَكَذَا: أُسَامَةُ، أُسَامَةُ! فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: طَاعَةُ اللهِ وَطَاعَةُ رَسُولِهِ خَيْرٌ لَكِ، قَالَتْ: فَتَزَوَّجْتُهُ، فَاغْتَبَطْتُ» .
(000)
وَحَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي الْجَهْمِ قَالَ: سَمِعْتُ فَاطِمَةَ بِنْتَ قَيْسٍ تَقُولُ: «أَرْسَلَ إِلَيَّ زَوْجِي أَبُو عَمْرِو بْنُ حَفْصِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، عَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ بِطَلَاقِي، وَأَرْسَلَ مَعَهُ بِخَمْسَةِ آصُعِ تَمْرٍ وَخَمْسَةِ آصُعِ شَعِيرٍ، فَقُلْتُ: أَمَا لِي نَفَقَةٌ إِلَّا هَذَا؟ وَلَا أَعْتَدُّ فِي مَنْزِلِكُمْ؟ قَالَ: لَا، قَالَتْ: فَشَدَدْتُ عَلَيَّ ثِيَابِي، وَأَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: كَمْ طَلَّقَكِ؟ قُلْتُ: ثَلَاثًا، قَالَ: صَدَقَ لَيْسَ لَكِ نَفَقَةٌ، اعْتَدِّي فِي بَيْتِ ابْنِ عَمِّكِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ فَإِنَّهُ ضَرِيرُ الْبَصَرِ تُلْقِي ثَوْبَكِ عِنْدَهُ، فَإِذَا انْقَضَتْ عِدَّتُكِ فَآذِنِينِي، قَالَتْ: فَخَطَبَنِي خُطَّابٌ مِنْهُمْ مُعَاوِيَةُ، وَأَبُو الْجَهْمِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ مُعَاوِيَةَ تَرِبٌ خَفِيفُ الْحَالِ، وَأَبُو الْجَهْمِ مِنْهُ شِدَّةٌ عَلَى النِّسَاءِ أَوْ يَضْرِبُ النِّسَاءَ، أَوْ نَحْوَ هَذَا وَلَكِنْ عَلَيْكِ بِأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ» .
(000)
وَحَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي الْجَهْمِ قَالَ:«دَخَلْتُ أَنَا وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَلَى فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ، فَسَأَلْنَاهَا، فَقَالَتْ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَمْرِو بْنِ حَفْصِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، فَخَرَجَ فِي غَزْوَةِ نَجْرَانَ، وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِنَحْوِ حَدِيثِ ابْنِ مَهْدِيٍّ، وَزَادَ: قَالَتْ: فَتَزَوَّجْتُهُ فَشَرَّفَنِي اللهُ بِأَبِي زَيْدٍ، وَكَرَّمَنِي اللهُ بِأَبِي زَيْدٍ.»
= حديثها، فاستنبطتها الأمة منها، وعملت بها، فما بال روايتها ترد في حكم واحد من أحكام هذا الحديث، وتقبل فيما عداه؟ فإن كانت حفظته قبلت في جميعه، وإن لم تكن حفظته وجب أن لا يقبل في شيء من أحكامه. (من الهدى مع تصرف).
47 -
قوله: (فآذنيني) من الإيذان أي فأعلميني وأخبريني (فرجل ترب) بفتح التاء وكسر الراء، أي فقير، كأنه لصق بالتراب، وقوله:(لا مال له) تأكيد لكونه فقيرًا، وتنبيه على أن الفقير قد يكون له شيء، ولكن هذا لا مال عنده.
48 -
قوله: (بخمسة آصع) بمد الهمزة وضم الصاد، جمع صاع، وهو أربعة أمداد، ووزن الصاع كيلوغرامين ونصف كيلوغرام تقريبًا.
49 -
قولها: (فشرفني الله بأبي زيد) أبو زيد هو أسامة بن زيد، يكنى بأبي محمد وأبي زيد.
(000)
وَحَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ قَالَ: دَخَلْتُ أَنَا وَأَبُو سَلَمَةَ عَلَى فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ زَمَنَ ابْنِ الزُّبَيْرِ، «فَحَدَّثَتْنَا أَنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا طَلَاقًا بَاتًّا» بِنَحْوِ حَدِيثِ سُفْيَانَ.
(000)
وَحَدَّثَنِي حَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، حَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ صَالِحٍ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنِ الْبَهِيِّ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ قَالَتْ:«طَلَّقَنِي زَوْجِي ثَلَاثًا، فَلَمْ يَجْعَلْ لِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم سُكْنَى، وَلَا نَفَقَةً» .
(1481)
وَحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ:«تَزَوَّجَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ بِنْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَكَمِ فَطَلَّقَهَا، فَأَخْرَجَهَا مِنْ عِنْدِهِ، فَعَابَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ عُرْوَةُ، فَقَالُوا: إِنَّ فَاطِمَةَ قَدْ خَرَجَتْ، قَالَ عُرْوَةُ: فَأَتَيْتُ عَائِشَةَ فَأَخْبَرْتُهَا بِذَلِكَ، فَقَالَتْ: مَا لِفَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ خَيْرٌ فِي أَنْ تَذْكُرَ هَذَا الْحَدِيثَ» .
(1482)
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ قَالَتْ: - «قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، زَوْجِي طَلَّقَنِي ثَلَاثًا، وَأَخَافُ أَنْ يَقْتَحِمَ عَلَيَّ، قَالَ: فَأَمَرَهَا فَتَحَوَّلَتْ» .
50 - قولها: (طلاقًا باتًّا) أي قاطعًا للنكاح والزوجية، وهو الطلاق الثالث.
51 -
قوله: (عن السدي) بضم السين وتشديد الدال، إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي كريمة، أبو محمد الكوفي، صدوق يهم، رمي بالتشيع، مات سنة سبع وعشرين ومائة (عن البهي) بفتح فكسر فتشديد، عبد الله بن يسار مولى مصعب بن الزبير، صدوق يخطىء.
52 -
قوله: (بنت عبد الرحمن بن الحكم) اسمها عمرة، فيما قيل، وعبد الرحمن بن الحكم هو أخو مروان بن الحكم أمير المدينة (ما لفاطمة بنت قيس خير في أن تذكر هذا الحديث) إنما قالت ذلك عائشة لأنها كانت تعتقد أن هذا الحديث سبب لقطع حق المطلقة البائنة في السكنى - وهو حق ثابت في الشرع حسب زعمها - ولأن فيه غضاضة على فاطمة بنت قيس، لأنها أخرجت من سكناها لبذاءة لسانها، ولكن كلا الزعمين غير صحيح، لأننا قدمنا في أول حديث الباب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها:"إنما النفقة والسكنى للمرأة إذا كان لزوجها عليها الرجعة" فليس للبائنة حق النفقة والسكنى حتى يقطعه حديث فاطمة، وعلم بذلك أيضًا أن فاطمة بنت قيس إنما خرجت من بيت زوجها لأنها لم يكن لها حق السكنى، لا لفحش لسانها أو لسبب آخر، فليس في ذلك أي غضاضة عليها. بل ذِكرها لهذا الحديث هو الذي فيه خير، حتى يأخذ الناس بالسنة. قال ابن القيم ردًّا على من يقول: إد خروجها كان لفحش من لسانها وبذاءة على أهلها. قال: ما أبرده من تأويل وأسمجه، فإن المرأة - أي فاطمة بنت قيس - من خيار الصحابة رضي الله عنهم وفضلائهم، ومن المهاجرات الأول، وممن لا يحملها رقة الدين وقلة التقوى على فحش يوجب إخراجها من دارها، وأن يمنع حقها الذي جعله الله لها، ونهى عن إضاعته، فيا عجبًا كيف لم ينكر عليها النبي صلى الله عليه وسلم هذا الفحش ويقول لها: اتقي الله، وكفى لسانك عن أذى أهل زوجك، واستقري في مسكنك، وكيف يعدل عن هذا القول إلى قوله:"لا نفقة لك ولا سكنى" وإلى قوله: "إنما النفقة والسكنى للمرأة إذا كان لزوجها عليها رجعة"، فيا عجبًا كيف يترك هذا المانع الصريح الذي خرج من بين شفتي النبي صلى الله عليه وسلم، ويعلل بأمر موهوم لم يعلل به رسول الله - صلي الله عليه وسلم - البتة، ولا أشار إليه ولا نبه عليه؟ هذا من المحال البين. اهـ (زاد المعاد 5/ 538).
53 -
قولها: (أن يقتحم علي) بصيغة المجهول، أي يدخل عليّ رجل غريب بنية فاسدة، وهذا يقتضي أن سقوط السكنى والإذن بالانتقال كان لخوف الاقتحام، ولكن دلت الأحاديث السابقة أن سبب سقوط السكنى إنما هو كونها بائنة، فيجمع بينها وبين حديث الاقتحام بأن خوف الاقتحام لم يكن سببًا لإسقاط السكنى كما أنه لم يكن سببًا=