الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ: إِمَّا أَنْ يُفْدَى، وَإِمَّا أَنْ يُقْتَلَ، فَقَالَ الْعَبَّاسُ: إِلَّا الْإِذْخِرَ يَا رَسُولَ اللهِ؛ فَإِنَّا نَجْعَلُهُ فِي قُبُورِنَا وَبُيُوتِنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: إِلَّا الْإِذْخِرَ، فَقَامَ أَبُو شَاهٍ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ فَقَالَ: اكْتُبُوا لِي يَا رَسُولَ اللهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: اكْتُبُوا لِأَبِي شَاهٍ». قَالَ الْوَلِيدُ: فَقُلْتُ لِلْأَوْزَاعِيِّ: مَا قَوْلُهُ: اكْتُبُوا لِي يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: هَذِهِ الْخُطْبَةَ الَّتِي سَمِعَهَا مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
(000)
حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ شَيْبَانَ، عَنْ يَحْيَى، أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ:«إِنَّ خُزَاعَةَ قَتَلُوا رَجُلًا مِنْ بَنِي لَيْثٍ عَامَ فَتْحِ مَكَّةَ بِقَتِيلٍ مِنْهُمْ قَتَلُوهُ، فَأُخْبِرَ بِذَلِكَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَرَكِبَ رَاحِلَتَهُ، فَخَطَبَ فَقَالَ: إِنَّ اللهَ عز وجل حَبَسَ عَنْ مَكَّةَ الْفِيلَ، وَسَلَّطَ عَلَيْهَا رَسُولَهُ وَالْمُؤْمِنِينَ، أَلَا وَإِنَّهَا لَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ قَبْلِي، وَلَنْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ بَعْدِي، أَلَا وَإِنَّهَا أُحِلَّتْ لِي سَاعَةً مِنَ النَّهَارِ، أَلَا وَإِنَّهَا سَاعَتِي هَذِهِ حَرَامٌ، لَا يُخْبَطُ شَوْكُهَا، وَلَا يُعْضَدُ شَجَرُهَا، وَلَا يَلْتَقِطُ سَاقِطَتَهَا إِلَّا مُنْشِدٌ، وَمَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ: إِمَّا أَنْ يُعْطَى - يَعْنِي: الدِّيَةَ - وَإِمَّا أَنْ يُقَادَ - أَهْلُ الْقَتِيلِ -، قَالَ: فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ يُقَالُ لَهُ: أَبُو شَاهٍ، فَقَالَ: اكْتُبْ لِي يَا رَسُولَ اللهِ، فَقَالَ: اكْتُبُوا لِأَبِي شَاهٍ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ: إِلَّا الْإِذْخِرَ؛ فَإِنَّا نَجْعَلُهُ فِي بُيُوتِنَا وَقُبُورِنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: إِلَّا الْإِذْخِرَ» .
بَابُ النَّهْيِ عَنْ حَمْلِ السِّلَاحِ بِمَكَّةَ بِلَا حَاجَةٍ
(1356)
حَدَّثَنِي سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَعْيَنَ، حَدَّثَنَا مَعْقِلٌ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «لَا يَحِلُّ لِأَحَدِكُمْ أَنْ يَحْمِلَ بِمَكَّةَ السِّلَاحَ» .
بَابُ جَوَازِ دُخُولِ مَكَّةَ بِغَيْرِ إِحْرَامٍ
(1357)
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ الْقَعْنَبِيُّ، وَيَحْيَى بْنُ يَحْيَى، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ.
448 - قوله: (قتلوا رجلًا من بني ليث) وهو جنيدب بن الأدلع (بقتيل منهم قتلوه) وكان هذا القتيل من أشجع الرجال ففتك به جنيدب وهو نائم، ثم تشاغل الناس بالإسلام قبل أن ينتقم خزاعة، فلما كان بعد الفتح بيوم دخل جنيدب بن الأدلع مكة يرتاد وينظر، والناس آمنون، فاستند إلى جدار من جدر مكة. والناس حوله فجاء خراش بن أمية الخزاعي مشتملا على السيف، ففرج الناس عنه، وهم لا يعلمون قصده، ثم طعن بالسيف في بطنه حتى تسايل حشوته (لا يخبط شوكها) أي لا يقطع. وأصل الخبط إسقاط الورق من الشجر بعصا ونحوها (وإما أن يقاد أهل القتيل) أي يمكن ولي المقتول من القود، وهو القصاص.
449 -
قوله: (لا يحل لأحدكم أن يحمل بمكة السلاح) أي بلا ضرورة عند الجمهور، ومطلقًا عند الحسن، وحجة الجمهور أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل في عمرة القضاء مع السيوف في القرب، وكان قد قاضاهم على ذلك. ففيه دليل على جواز حمل السلاح بمكة للعذر والضرورة.
450 -
قوله: (مغفر) بكسر فسكون ففتح على وزن منبر، زرد ينسج من الدروع على قدر الرأس، يلبس تحت القلنسوة، أو كل ما غطى الرأس من السلاح كالبيضة وشبهها، من حديد كان أو غيره، وروى غير واحد من الرواة عن مالك:"وعليه مغفر من حديد"(ابن خطل) كان اسمه عبد العزى، فلما أسلم سماه النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله، وكان ممن أهدر دمه يوم الفتح، وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم بعثه مصدقا، وبعث معه رجلا من الأنصار، وكان معه مولى يخدمه، وكان=
أَمَّا الْقَعْنَبِيُّ فَقَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، وَأَمَّا قُتَيْبَةُ فَقَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ. وَقَالَ يَحْيَى وَاللَّفْظُ لَهُ: قُلْتُ لِمَالِكٍ: أَحَدَّثَكَ ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ مَكَّةَ عَامَ الْفَتْحِ، وَعَلَى رَأْسِهِ مِغْفَرٌ، فَلَمَّا نَزَعَهُ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: ابْنُ خَطَلٍ مُتَعَلِّقٌ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ، فَقَالَ: اقْتُلُوهُ» ؟ فَقَالَ مَالِكٌ: نَعَمْ.
(1358)
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ الثَّقَفِيُّ. قَالَ يَحْيَى: أَخْبَرَنَا، وَقَالَ قُتَيْبَةُ: حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمَّارٍ الدُّهْنِيُّ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْأَنْصَارِيِّ، «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ مَكَّةَ، وَقَالَ قُتَيْبَةُ: دَخَلَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ بِغَيْرِ إِحْرَامٍ» ، وَفِي رِوَايَةِ قُتَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ، عَنْ
جَابِرٍ.
(000)
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَكِيمٍ الْأَوْدِيُّ، أَخْبَرَنَا شَرِيكٌ، عَنْ عَمَّارٍ الدُّهْنِيِّ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ، وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ» .
(1359)
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَا: أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ، عَنْ مُسَاوِرٍ الْوَرَّاقِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ، عَنْ أَبِيهِ، «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم خَطَبَ النَّاسَ، وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ» .
(000)
وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَالْحَسَنُ الْحُلْوَانِيُّ قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ مُسَاوِرٍ الْوَرَّاقِ قَالَ: حَدَّثَنِي، وَفِي رِوَايَةِ الْحُلْوَانِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ جَعْفَرَ بْنَ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ:«كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْمِنْبَرِ وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ قَدْ أَرْخَى طَرَفَيْهَا بَيْنَ كَتِفَيْهِ» ، وَلَمْ يَقُلْ أَبُو بَكْرٍ: عَلَى الْمِنْبَرِ.
= مسلما، فنزل منزلا، فأمر المولى أن يذبح تيسًا ويصنع له طعامًا، فنام واستيقظ، ولم يصنع له شيئًا، فعدا عليه، فقتله، ثم ارتد مشركًا، ولحق بمكة، وكانت له قينتان تغنيان بهجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقتله كان أولا، قودًا من دم مسلم ثم لأجل ردته وما ارتكب من الجرائم (متعلق بأستار الكعبة) جمع ستر، وهو كسوتها. ذكر الواقدي أنه خرج إلى الخندمة ليقاتل على فرس، وبيده قناة، فلما رأى خيل الله والقتل دخله رعب، حتى ما يستمسك من الرعدة، فرجع حتى انتهى إلى الكعبة، فنزل عن فرسه، وطرح سلاحه، ودخل تحت أستارها، فأخذ رجل من الركب سلاحه وفرسه فاستوى عليه، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك (فقال: اقتلوه) زاد الوليد بن مسلم عن مالك: فقتل. أخرجه ابن عائذ وصححه ابن حبان.
451 -
قوله: (وعليه عمامة سوداء) هذا لا ينافي ما تقدم، لإمكان أن المغفر فوق العمامة، وهي تحته، وقاية لرأسه من صدء الحديد، أو كانت العمامة السوداء ملفوفة فوق المغفر، ويحتمل أن يكون أول دخوله على رأسه المغفر، ثم كان بعد ذلك على رأسه العمامة بعد إزالة المغفر، بدليل قوله في الحديث الآتي: أنه خطب الناس وعليه عمامة سوداء لأن الخطبة إنما كانت عند باب الكعبة بعد تمام فتح مكة.
453 -
الظاهر أن الحديث متعلق بخطبته صلى الله عليه وسلم يوم الفتح، ولم يكن خطب ذلك اليوم على المنبر. بل قام على الباب، فكأنه أراد بالمنبر موضعًا عاليًا.